الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها، والبيئات التي تأثروا بها، يبين لهم أن هذه البيئات أو هذه الطرق أو هذه الجمعيات أو هذه الآثار، التي اكتسبتموها من كذا وكذا، ينقصها كذا وكذا، وعليكم أن تعرضوها على الميزان، على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما حصَّلتم من كذا، أو تعلمتم من كذا، أو تخلقتم به وبسبب البيئة، أو بسبب الاختلاط بآل فلان أو آل فلان، عليكم أن تعرضوا ذلك على الميزان: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مثل ما يعرض العلماء مسائل الفقه على الأدلة، فما وافق الشرع وجب أن يبقى، وما خالف الشرع وجب أن يطرح، ولو كان من خلق الآباء والجيران والأسلاف والمشايخ وغير ذلك، المهم أن يبقى الخلق الصالح، الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألاّ يتعصب لسيرة أبيه أو جده، أو بيئته أو بيئة بلده أو ما أشبه ذلك، بل يكون عنده الحكم الذي لا يجوز أن يخالف، هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، أو إجماع الأمَّة.
261 -
بيان أن أسلوب الدعوة يختلف باختلاف المدعوين
س: لو تكرمتم: أن تعرضوا ما ينبغي للداعية أن يفعله، تجاه ثقافته ومما
يستمد ثقافته، حتى تكون دعوته مؤثرة ومستجابة بإذن الله؟ (1)
ج: إن الدعوة إلى الله عز وجل من أهم المهمات، ومن أفرض الفرائض والناس في أشد الحاجة إليها كل مجتمع في أشد الحاجة إليها سواء كان مجتمعًا مسلمًا أو مجتمعًا كافرًا، فالمجتمع المسلم في حاجة إلى تنبيهه إلى ما قد يقع من أغلاط ومنكرات، حتى يتدارك ما وقع منه من الخطأ، وحتى يستقيم على طاعة الله ورسوله، وحتى ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله، والكافر يُدعى إلى الله ويبين له أن الله خلقه لعبادته، وأن الواجب عليه الدخول في الإسلام، والالتزام بما جاء به نبي الهدى: محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن الداعي إلى الله يلزمه أمور لا بد من مراعاتها، حتى تكون دعوته ناجحة، وحتى تكون لها العاقبة الحميدة، أعظمها وأهمها العلم، فلا بد أن يكون عنده علم، والعلم إنما يؤخذ من كتاب الله العظيم، وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} قال أهل العلم معناها: على علم؛ لأن العالم بالنسبة إلى المعلومات، كالبصير بالنسبة
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (90).
للمرئيات، فهو يعلم كيف يأمر وكيف ينهى، وكيف يدعو إلى الله، كما أن الرائي المبصر يرى ما أمامه حتى يتجنب ما يضره، من حفر وأشواك ونحو ذلك، فالحاصل أن الداعي إلى الله يلزمه أن يعتني بالعلم، وأن تكون ثقافته ثقافة إسلامية مستخرجة ومستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويستعين بكتب أهل العلم المعروفين بالاستقامة والعلم والفضل وحسن العقيدة، حتى يكون على بصيرة فيما يدعو إليه، وعلى بصيرة فيما ينهى عنه، هذا هو الواجب على جميع الدعاة، ثم أمر آخر هو أن يتحرى في دعوته ألاّ يعجل، وأن يرفق في دعوته، لا بد من كونه يتحرى في دعوته حتى يضع الأمور في مواضعها، فإن كان المدعو ممن يفهم العلم، وممن يمكن أن يستجيب من دون حاجة إلى موعظة، ولا جدال وضَّحَ له الحق، ودلَّه عليه، بالأدلة الشرعية، وبالكلام الطيب والرفق والأسلوب الحسن، فإذا تقبل ذلك انتهى الموضوع، وحصل المطلوب، فإن كان ممن لديه جفاء وإعراض وغفلة وعدم مبالاة، نصحه ووعظه بالتي هي أحسن، وذكره بالله لعله يستجيب، لعله ينقاد للحق، فإن كان ذا شُبهٍ وذا مجادلة، رفق به وجادله بالتي هي أحسن، حتى يزيل شبهته، وحتى يوضح الحق الذي أشكل عليه، وحتى لا تبقى شبهة يتشبث بها في ترك الحق، أو في
الاستمرار على الباطل، وهذه المعاني كلها قد تضمنها قوله سبحانه:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ، ومما يلزمه الإخلاص لله، وأن يحذر الرياء، وأن يكون في دعوته يقصد وجه الله والدار الآخرة، لا رياء الناس ولا حمد الناس، ولا قصد مدحهم له، أو قصد عرض من الدنيا، فالمؤمن إنما يريد وجه الله والدار الآخرة، ولهذا قال سبحانه:{أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} وقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ، وهناك أمر آخر، وهو التحري بالألفاظ المناسبة، والرفق في الكلام، وعدم الغلظة، إلا عند الضرورة إليها، كما قال تعالى:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هيَ أَحْسَنُ} وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وهم كفار اليهود والنصارى