الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توافرها في الداعية إلى الله؟
ج: يدعو إلى الله في بذل النصيحة للناس من طريق المكاتبة، أو من طريق الخطابة، أو من طريق الوعظ في المجلس، أو من طريق المحادثة في التليفون، أو ما أشبه ذلك، بشرط أن يكون على علم لقول الله سبحانه:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} ، ولأن الله سبحانه حرم القول عليه بغير علم، فالواجب على طالب العلم أن يتقي الله، وأن لا يتكلم إلا عن علم وعن بصيرة، وبالأسلوب الحسن والعبارات الحسنة، لا بالفحش والشدة، ولكن بالعبارات الحسنة التي يرجى من ورائها أن ينتفع المدعو، ويستفيد ويتحرى الأوقات المناسبة، والألفاظ المناسبة التي يفهمونها، فيتكلم مع كل قوم باللغة التي يفهمونها، وعن علم بالأدلة الشرعية، وعن رفق وحكمة بأسلوب حسن.
183 -
بيان كيفية الجمع بين الرفق والحكمة في الدعوة إلى الله
س: سائل يقول: كيف الجمع بين الرفق بالناس في الدعوة إلى الله والحكمة في ذلك مع تطبيق هذه الآيات،
{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ، {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ} وهل البغض في الله يكفي بالقلب أم لا بد من إظهاره في كل الظروف والأحوال في مجال الدعوة إلى الله؟ (1)
ج: الرفق في الدعوة لا ينافي هذا، الله جل وعلا قال في كتابه:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} ، وعن إبراهيم أنه قال لقومه:{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ، فالإنسان إذا علم ودعا إلى الله وأرشد ولم يستجب له يصرح لهم بالعداوة والبغضاء، وهذا ما ينفي الحكمة لا يسبهم ولا يلعنهم، ولكن يدعوهم إلى الله ويدعو لهم بالهداية، وإذا صرح لهم بالعداوة والبغضاء؛ لأن هذا ديننا يوجب البغضاء والعداوة من المسلم للكافر، كما أمر الله نبيه وخليله إبراهيم أن
(1) السؤال من الشريط رقم (418).
يقول ذلك، ويقول تبًا لآلهتكم إذا كانت من الأصنام ونحوها، تبًا لها، وإذا كان من الأموات الكفار تبًا لهم، وإذا كان المعبودون أنبياء أو صالحين لا، لا يقول هذا، يقول: هم برآء منكم، الأنبياء والصالحون، بَرَاء مما يعبدون من دون الله، هم يتبرؤون من عابدهم، فالواجب على الداعي إلى الله أن يكون عنده حكمة، يرفق في دعوته ويرشد إلى الله بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، مع بيان بطلان عبادة غير الله، وأن الكفار أعداء للمسلمين وبينهم العداوة والبغضاء هذا واجبهم.
184 -
بيان الكتب التي ينبغي للداعية الاعتناء بقراءتها
س: يقول السائل هل من كتب معينة ينصح بها الشيخ عبد العزيز بن باز، لكل من يود أن يعمل في مجال الدعوة إلى الله؟ (1)
ج: نعم، أعظم كتاب وأشرف كتاب، كتاب الله، وأنصح كل داعٍ إلى الله، وكل آمر بمعروف وناهٍ عن منكر، وكل معلم ومدرس ومرشد، أنصحه بالعناية بالقرآن، وأن يعتني بقراءته وتدبر معانيه، والإكثار من ذلك، فهذا أصل كل خير، وهو المعلم والهادي إلى الخير، كما قال عز
(1) السؤال من الشريط رقم (90).
وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ، وهو يهدي بهداية الله إلى الطريق الأقوم، وإلى سبيل الرشاد، فأنفع كتاب وأصلح كتاب وأشرف كتاب، وأغلى كتاب هو كتاب الله، فالواجب على الدعاة وعلى الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر والمعلمين، أن يعتنوا بهذا الكتاب العظيم، وأن يجتهدوا في الإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، فإنهم بذلك يستفيدون الفائدة العظيمة، ويتأهلون بذلك للدعوة والتعليم بتوفيق الله عز وجل، ثم أنصح بالسنة، أن يعتني بالسنة، وما جاء في الباب من الأحاديث، ويراجع كتب الأحاديث، وما ألفه الناس في ذلك، حتى يستفيد؛ مثل: صحيح البخاري وصحيح مسلم، كتاب الإيمان وكتاب العلم من رياض الصالحين، وما جمع في ذلك من كتاب بلوغ المرام، عمدة الحديث، جامع بيان العلم وفضله، كذلك كتاب ابن عبد البر التمهيد، كذلك كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب، هذه الكتب وأشباهها، تفيده فائدة عظيمة، وهكذا ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد، وإعلام المعوقين، وفي طريق الهجرتين، والطرق الحكمية، ذكر في هذه الكتب شيئًا كثيرًا حول الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فينبغي للمؤمن أن يستفيد منها؛ لأنها كتب عظيمة من أئمة وعلماء، لهم القدح المُعَلَّى في هذا السبيل، مع حسن العقيدة، ومع التجارب الكثيرة، وهكذا ما كتبه أبو العباس ابن تيمية في السياسة الشرعية، وفي كتاب الحسبة، وفي الفتاوى، وفي منهاج السنة، فهو من أئمة الدعوة، الذين جربوا هذا الأمر وعنوا به، وابتلوا في سبيله كثيرًا، وصابروا فيه كثيرًا، وجدوا بالدعوة، وصبروا على أذاها، وابتلوا بخصوم كثيرين، أعانه الله على كبح جماحهم، وعلى بيان الحق لهم، وعلى إزاحة ما عندهم من الشبه، فأنا أنصح كل داعية وكل متعلم، وكل مرشد، وكل آمر بالمعروف، وناهٍ عن المنكر، أن يعتني بهذه الكتب المفيدة بعد العناية بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكذلك السياسة الشرعية التي كتب فيها خلق كثير مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كذلك الكتب المؤلفة في هذا الباب، من المذاهب الأخرى، كمذهب المالكية والشافعية والحنفية، وما جمع في مذهب الحنابلة، لغير ابن القيم وشيخ الإسلام.
المقصود أنه يستعين بكتب أهل العلم، التي ألفت في هذا الباب، لأنها ترشده إلى ما قد يجهله، مع عنايته بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.