الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طواف الوداع، فإن لم يفعل فعليه الفدية؛ يعني دمًا يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء في أصح قولي العلماء، والفدية من استمر في السفر، فإن فدى كفى، وإن رجع وطاف الوداع نرجو أن يكفيه ذلك، كما قاله بعض أهل العلم، وهذا في الحج. أما العمرة فأمرها أوسع، ليس الوداع فيها واجبًا على الصحيح، وهو قول الجمهور، ومِمَّن نقله، أبو عمر بن عبد البر رحمه الله نقل إجماع أهل العلم بأنه لا وداع للعمرة، ليس فيها وداع واجب، وذهب بعض أهل العلم بأن فيها وداعًا، والأقرب والأظهر أنه ليس بواجب الوداع فيها؛ لأن الله شرعها في جميع السنة، ورغب في تكرارها، ومما يعين على ذلك عدم وجوب الوداع فيها؛ ولأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه ودع لمّا اعتمر في عمرة القضاء، فدل ذلك على أن المراد بالوداع في الحج خاصة، أما العمرة فأمرها أوسع، إن ودع فحسن؛ لأنها حج أصغر، وإن لم يودع فلا شيء عليه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح والأقوى في هذه المسألة.
80 -
بيان ما يلزم من ترك رمي الجمرات في أيام التشريق
س: ما حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بدون عذر أو بعذر؟ (1)(2)
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (33).
(2)
السؤال الأول من الشريط رقم (33). ') ">
ج: أما من ترك الرمي لغير عذر فهذا عاصٍ لربه، وهو على خطر من عاقبة هذه المعصية، وعليه التوبة إلى الله عز وجل، والإنابة إليه صادقًا بالندم على ما مضى منه، والعزيمة ألا يعود في ذلك، وعليه دمٌ أيضًا مع التوبة، دم يذبحه في مكة للفقراء؛ لأن الرمي واجب، وقد تركه، فعليه أن ينحر عن هذا دمًا يوزع بين الفقراء في مكة، والدم المراد به إذا أطلق رأس من الغنم، ثني المعز، أو جذع الضأن، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، هذا هو المراد بالدم، وأما المعذور فهذا لا إثم عليه، وعليه أن يوكل كالمريض ونحوه، لا حرج عليه ولكن يلزمه أن يوكل من يرمي عنه.
س: يقول السائل إني شاب أبلغ من العمر ما يقارب ثمانية وعشرين عامًا، وقد حججت والحمد لله تعالى، إلا أني عندما أردت مغادرة مكة المكرمة لم آخذ طواف الوداع، وفي الحقيقة ما أدري ما يترتب عليّ في هذه الحالة، أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
ج: إن الله عز وجل شرع للحاج أن يودع البيت قبل خروجه إلى وطنه، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال «لا ينفرن أحد
منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (1) رواه مسلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (2). متفق عليه. والصحيح أن ذلك واجب؛ لأن الأمر أصله الوجوب فوجب على كل حاج رجل أو امرأة أن يودع البيت قبل أن يغادر من مكة إلى وطنه بعد الانتهاء من مناسك الحج بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر إذا تعجل، أو في اليوم الثالث عشر إذا لم يتعجل، فإنه بعد ذلك يطوف الوداع سبعة أشواط بالبيت، وليس فيه سعي، فإذا غادر إلى بلاده، ولم يطف هذا الطواف فإن عليه دمًا؛ أي ذبيحة يذبحها في مكة وتوزع بين الفقراء يذبحها بنفسه، أو يوكل من يذبحها، فإن رجع وطاف الوداع أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكن ذبحه للهدي وتوزيعه بين الفقراء أولى وأحوط خروجًا من خلاف من قال: لا يجزئه العودة مع التوبة والاستغفار، فإن تارك طواف الوداع قد ترك واجبًا، وترك الواجب معصية، فالواجب التوبة والاستغفار والندم وعدم العودة لمثل هذا مع الفدية المذكورة وهي
(1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).