الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
220 -
حكم صلة وزيارة الأقارب الذين لديهم منكرات
س: هذه سائلة رمزت لاسمها أ. أ. تقول: بأنها فتاة في الثلاثين من العمر، متزوجة وأم لأطفال، من زوج ملتزم بالشرع الإسلامي، وتحمد الله على ذلك، تقول ولكن مشكلتي هي أن لي إخوانًا وأخوات، يوجد في بيوتهم منكرات، وزوجي ينكر ويمنعني من زيارتهم، ويقول: لا يجوز لك أن تقومي بزيارتهم، أو تذهبي إليهم، ويقول لي: بأنه سمع من المشايخ بأنه لا يجوز الذهاب إلى من لديه منكرات في بيوتهم، ولا صلة لرحمهم في ذلك إلا بالتليفون؟ (1)
ج: لا شك أن وجود المنكرات في البيت إذا كانت ظاهرة غير مستورة يستحق أهلها الهجر، من أبدى المعاصي وأظهر المعاصي، يستحق الهجر، إما سنة وإما واجبًا، اختلف العلماء، هل الهجر سنة أو واجب؟ قال بعضهم: يجب إذا كان يترتب عليه ترك المنكرات، أما إذا لم يترتب عليه ترك المنكرات فهو سنة مؤكدة. وقال بعضهم: بل يجب مطلقًا، قد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة، تخلفوا عن الغزو بغير عذر، هجرهم خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم،
(1) السؤال من الشريط رقم (379).
وهجرهم الصحابة، فالذي يبدي المعاصي، ويظهرها ولا يبالي يستحق الهجر، سواء كان أخًا أو عمًا أو غير ذلك، وهكذا من تكون في بيته المعاصي الظاهرة، من شرب الخمر ظاهرًا، وتعاطى الزنا ظاهرًا وما أشبه ذلك ممن يتعاطى المعاصي الظاهرة، فيستحق الهجر، أما من يستتر، ولا يبدي المعاصي ويخفيها، فأمره إلى الله جل وعلا، ولكن يتعلق بمن يظهر المعاصي، يقول ابن عبد القوي رحمه الله في هذا المعنى:
وهجران من أبدى المعاصي سنة
…
وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا
…
ولاقه بوجه مكفهر مربد
فالمقصود أن إظهار المعاصي في البيت أو الأسواق لا شك أن هذا منكر، فإذا كان يظهرها عند الناس ولا يبالي أي فرد يراه من الزوار وغيرهم، هذا يستحق الهجر، أما إذا كان لا يظهر منه ولا يرى ولا يدرى عنه، مختفيًا به فهذا أمره إلى الله جل وعلا، الله يتولى حسابه جل وعلا، فالمرأة إذا كانت تراهم يظهرون المنكرات، ويشاهدونها فلا حرج عليها ألَاّ تذهب إليهم، خوفًا على دينها، وهكذا الرجل إذا كان إخوانه يظهرونها، أو أعمامه أو أخواله في مجالسهم، فلا حرج أن يترك
الذهاب إليهم، بل يشرع ترك الذهاب إليهم، وغيرهم، إلا إذا كانت الزيارة يترتب عليها نصيحة، وتوجيه، وإنكار المنكر، هذا طيب، إذا زارهم، ينكر عليهم، ويعظهم ويخوفهم من الله، لعل الله يهديهم بأسبابه، فهذا مطلوب، مشروع أن يذهب إليهم للنصيحة، والتوجيه، إلا الوالدين، فالوالدان لهما شأن، فالوالدان لا، لا يهجر الوالدين، بل يزور الوالدين، ويعتني بالوالدين، وينصح الوالدين ولا يهجرهما؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم في حق الوالدين:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ، أمره أن يصحبهما في الدنيا بالمعروف، وإن جاهداه على الشرك يدعو الله أن يهديهما بأسبابه؛ لأن حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، فلا يهجرهما، ولكن يتلطف فيهما، وقد اجتهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه مع أنه مشرك، معلن بالشرك، مع ذلك اجتهد إبراهيم في دعوة أبيه عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو