الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحتجبت، وابتعدت عن أسباب الشر، وحافظت على الصلاة، واطمأنت فيها وأدتها في أوقاتها، كل هذا يجب التشجيع عليه، والثناء على من فعله، وعدم تثبيطه، ونسأل الله للجميع الهداية.
230 -
بيان الميزان الشرعي في شأن السنة والبدعة
س: يقول السائل: بعض الأعمال ظاهرة الفضل، وقد يستنكر بعض الناس، إذا قلت إن هذا العمل غير مشروع، ولا يجوز، وإنه بدعة، كيف نوجه الناس والحالة هذه، سماحة الشيخ؟ (1)
ج: قد تقرر في الأصول أن الشرع هو ما شرعه الله ورسوله، وأن الدين هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، فمن قال قولاً أو ادعى دعوى فعليه البرهان، وهو الدليل، فإذا قال: هذا بدعة أو هذا مشروع، فعليه الدليل الذي يدل على شرعية هذا، أو بدعة هذا، وليست أقوال الناس حجة، إذا لم تستند على نص من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من إجماع أهل العلم، فإذا قلت أنا أو غيري هذا بدعة فعلي الدليل، وإذا قال غيري، أو أنا: هذا مشروع فعلي الدليل، فإذا قلنا: إن الأذان عند القبور والإقامة عند القبور والقراءة عند القبور، والصلاة عندها بدعة، فحجتنا أن الرسول صلى الله عليه
(1) السؤال من الشريط رقم (75).
وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (1) وقال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا» (2) ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، والله سبحانه يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، فلم يقرأ عند القبر، لا هو ولا أصحابه، ولم يؤذن عند القبر لا هو ولا أصحابه، ونحن مأمورن بالاتباع، والله سبحانه يقول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ، ويقول سبحانه وتعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ، فالمتبع بإحسان هو الذي
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، برقم (1390) ومسلم في كتاب المساجد وموضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777).
يسير على نهجهم ولا يزيد عليهم، ولا ينقص بل يتبعهم ويسير على نهجهم وطريقهم، فعلى من زعم أنه يؤذن في القبر، يقام أو يقرأ في القبر، أو يلقن الميت، عليه الدليل، ونحن بيَّنا أنه لا دليل معه، بل الدليل مع خصمه، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم لقن الميت، ولا أمر بتلقينه، والميت انقطع عمله بعد الممات، الميت ما ينفعه الكلام، انقطع عمله، يقول صلى الله عليه وسلم:«إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (1) فالقبر ليس محل عمل، هو محل مساءلة، ومحل جزاء، هذه حجة من قال في هذه الأمور: إنها بدعة وإذا قلنا: إنه يشرع للمؤمن أن يصلي على الميت، ويتبع الجنازة، ويدعو للميت، فإذا دفن يدعو له بالمغفرة والثبات؛ لأن الرسول فعل ذلك وأمر بذلك، وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، يقف عليه ويقول عليه الصلاة والسلام:«استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل» (2)
(1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، برقم (3221).
فنحن إذا قلنا يوقف عليه، ويستغفر له ويدعى له بالثبات، هذا حق؛ لأن الرسول فعل ذلك، وأمر به عليه الصلاة والسلام، فهكذا بقية الأمور، كل من ادعى شيئًا أنه مشروع يقال: هات البرهان؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ومن ادعى أن هذا بدعة، يقال: هات البرهان، هذا هو الميزان:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} ، يقول سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ولولا هذا لقال كل أحد ما شاء، وبهذا عرفنا أن البناء على القبور والقباب واتخاذ المساجد عليها بدع؛ لأن الرسول أكد هذا، عليه الصلاة والسلام، وقال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (1) وقال عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، والبناء، عليها والقعود عليها» (2)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، برقم (1390) ومسلم في كتاب المساجد وموضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6/ 121).