الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلغه من غيركم، فالمقصود أن نصيحته مهمة، والدعاء له، تدعون له بالتوفيق في السجود وفي آخر الصلاة، وفي غير ذلك، تدعون له أن الله يهديه، وأن الله يعيذه من الشيطان، ومن جلساء السوء، هذا أمر مطلوب، والوالد له حق عظيم، تدعون له أن الله يوفقه ويهديه، وأن يكفيه شر جلساء السوء، ويعينه من شر نفسه والشيطان، كل هذا طيب.
225 -
حكم مجالسة من يتعاطى الخمر والمخدرات
س: يقول السائل: ما حكم الأكل مع الإنسان شارب الخمر أو المخدرات وما إلى ذلك؟ (1)(2)
ج: ينبغي لمن عرف إنسانًا يشرب الخمر، أو أي شيء من المنكرات الأخرى أن ينصحه وأن يوجهه إلى الخير، ويرشد إلى ما أوجب الله عليه من ترك هذه المحرمات والقاذورات، فإن أصرَّ ولم يقبل النصيحة، فينبغي أن يهجر، وهجره سنة لعله يتوب، ولعله ينيب إلى الله عز وجل، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، وهم كعب بن مالك الأنصاري، وصاحباه هجرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه خمسين ليلة، لما وقعت
(1) السؤال من الشريط رقم (25).
(2)
السؤال من الشريط رقم (25). ') ">
منهم هذه المعصية بدون عذر شرعي، وهي التخلف عن الغزو بعد أمر الرسول بذلك عليه الصلاة والسلام، واستنفاره الناس لغزوة تبوك، ومن هذا ومن أحاديث أخرى، أخذ العلماء شرعية هجر من أبدى المعاصي، وأظهرها، أو أظهر البدع، حتى قال ابن عبد القوي رحمه الله تعالى في منظومته المشهورة في الآداب:
وهجران من أبدى المعاصي سنة
…
وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا
…
ولاقه بوجه مكفهر مربد
المقصود أن هجر من أظهر المعاصي، أو البدع سنة مؤكدة، قال بعض أهل العلم بأن ذلك واجب مطلقًا، وقال بعضهم: يجب إن حصل به الردع في البدع والمعاصي، فإن لم يحصل به الردع صار سنة لا واجبًا، وبكل حال، من أظهر شرب الخمر أو التدخين أو غير ذلك من المعاصي، كالزنا والربا وأشباه ذلك، فإنه يستحق أن يهجر بعد النصيحة، وبعد التوجيه والإرشاد؛ لأنه قد يكون جاهلاً لا يعلم تحريم هذه الأمور، ممن نشأ في بلاد بعيدة عن المسلمين، أو التبس عليه في ذلك، فدعوته ونصيحته فيها إقامة حجة، وفيها تذكيره بالله وتحذيره من
مغبة هذه المعاصي، و «الدين النصيحة» (1) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصر ولم يبال بالنصيحة، فإنه ينبغي أن يهجر، لكن إذا رأى المسلم أن هجره قد يزيده شرًا، ورأى أن يستمر معه بالنصيحة بين وقت وآخر، لا لمحبة ماله أو طعامه، ولكن لقصد نصحه وتوجيهه إلى الخير، ورحمته لعله ينيب إلى الله، ولعله يتوب، فلا حرج أن يكرر عليه النصيحة، ولو زاره لذلك، وإذا ترك أكل الطعام معه، ونحوه فهذا أنسب حتى لا يظنه جاء من أجل الطعام، فيتصل به للنصيحة والتوجيه، ويدع الأكل معه، ومجالسته التي ليس فيها مناصحة، حتى لا ينسب إليه أنه مقر للمنكر، وحتى لا يظن صاحب المنكر أنه راضٍ عنه، وأنه لا يرى إنكار هذا المنكر، والمؤمن يفعل ما هو الأصلح، ويجتهد في بيان ما هو الأصلح، وهو الأقرب للردع عن الباطل، وجلب الخير، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام، هو الهجر لمن أظهر المعاصي، وعدم مجالسته، وعدم مواكلته إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يجالسه للنصيحة، ويكرر ذلك للنصيحة، والتوجيه، وأن هذا أصلح من هجره؛ لأن هجره يزيده شرًا، ويزيده بلاءً وشرورًا، وتماديًا في المعاصي، أو
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).
في إيذاء الناس، ودعوتهم إلى الشر، فإنه في هذه الحال تنبغي معاودته ومراجعته بالنصيحة، لعله يتوب ولعله ينيب.
س: تقول السائلة: لي زوج أخت يتعاطى الخمر، وحاولت مع كثيرين، أنا وبعض الأقارب منعه من شرب الخمر، إلا أنه لم يقبل النصح، وكان عنيفًا معنا، وهو يضرب زوجته التي هي أختي، ويهيننا بالعبارات وفي بعض الأحيان يخرجها وأولادها إلى الشارع، فما هو أفضل حل نتخذه مع هذا الرجل؟ (1)
ج: عليكم مداومة النصيحة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة، واستعينوا بالله ثمَّ ببعض إخوانكم الطيبين الذين يعظمهم ويقدرهم هو، حتى يعينوكم على نصيحته وتوجيهه إلى الخير، ولا تيأسوا، لا تيأسوا وادعوا له بظهر الغيب، قولوا: اللهم اهدِ فلانًا، اللهم أصلحه، اللهم أعذه من شر نفسه وشيطانه، واصبروا وعليكم بالحلم والصبر والكلام الطيب، والأسلوب الحسن؛ لعل الله يهديه بأسبابكم، فيكون لكم مثل أجره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على
(1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (362). ') ">
خير فله مثل أجر فاعله» (1) ولا تيأسوا عليكم بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والتعاون مع إخوانكم الطيبين، في زيارته ونصحه وتوجيهه إلى الخير، لعل الله يهديه بأسبابكم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (2) وأنتم مشكورون ومأجورون، وإذا كان هناك في البلد محكمة شرعية، ولم يستجب ارفعوا فيه إلى المحكمة فيما يتعلق بإقامة الحد عليه، وفيما يتعلق بأمر زوجته، أما إذا كان ليس هناك محكمة تحكم بالشرع، فعليكم النصح المستمر والتوجيه والتعاون مع إخوانكم الطيبين الذين يقدرهم ويرى لهم الفضل، تعاونوا معهم في إرشاده وتوجيهه لعل الله يهديه بأسبابكم.
س: سائلة تقول: إذا كان لي أولاد أخ، أو أولاد أخت، ولكن لا أرى أن أهلهم يهتمون بهم، من حيث التربية الإسلامية الصحيحة، فهم لا يأمرونهم بالصلاة مع أن كثيرًا منهم قد بلغ العاشرة، فهل يجب علي أن أقوم بهذا الدور، أم كيف أتصرف علمًا بأنهم ربما يغضبون من ضربي لهم، إذا اقتضى الأمر الضرب؟ (3)
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893).
(3)
السؤال من الشريط رقم (362). ') ">
ج: عليك المناصحة لهم ولآبائهم وأمهاتهم حتى يقوموا بالواجب، أنت لا تضربينهم، لكن انصحي، انصحي آباءهم وأمهاتهم حتى يقوموا بالواجب، عليك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والضرب على غيرك؛ لأن الرسول قال:«مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين» (1) فالمأمور الآباء والأمهات، وأنت إن شاء الله تنصحين وترشدين وترغبين وتحذرين.
س: يقول السائل: أعمل في شركة مواد غذائية، وأرى بعض العمال يأكلون ويشربون من البضاعة الموجودة في الشركة، فهل أنكر عليهم ذلك أم لا؟ وهل يعتبر ما يفعلونه من المحرمات؟ جزاكم الله خيرًا.
ج: نعم لا يجوز لهم أن يأكلوا ولا يأخذوا منها إلا بإذن المسؤول، إذا كانت البضاعة للبيع أو الفواكه للبيع أو غيرها من الأطعمة، ليس لهم أن يأخذوا منها إلا بإذنه، بإذن المسؤول عن هذه الشركة، أو هذه البقالة، وليس لهم أن يقدموا على الأكل منها؛ لأن هذا
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717).