الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه وجزاه الله خيرًا، لكن من حيث الرئاسة العامة التي أنا عليها، لا نستطيع أن نعطي إنسانًا بطاقة على أن يقوم بالدعوة، إلا إذا كان قد تأهل لها فيما نعتقد من جهة تخرجه من كلية الشريعة أو كلية أصول الدين أو ما في حكمها، أو وجود شهادة بيده من العلماء، تشهد له بأنه أهلٌ للدعوة وأهلٌ للفتوى، لكن المدرسين والقضاة في الغالب، هؤلاء عندهم ما يعينهم على ذلك، ويمكنهم من ذلك؛ لأنهم مدرسون من خريجي كلية الشريعة وكلية أصول الدين، من العلماء المعروفين يستطيعون أن يقوموا بالدعوة، وإن كان ما معهم بطاقة، وإذا أرادوا بطاقة أعطيناهم بطاقة، لكن العالم المشهور ما يحتاج بطاقة في المملكة، لكن لو أراد بطاقة أعطيناه بالنسبة إلى بعض المساجد التي قد تجهله.
257 -
حكم قصد أماكن المعاصي للدعوة والتوجيه
س: هل لنا أن نرتاد الأماكن المحرمة التي نعرف أنها يرتادها أناس مسلمون للدعوة إلى الله؟ (1)
ج: نعم، بل يشرع أن يقصدها الدعاة، كالمقهاي التي يكون فيها
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (126).
من يتعاطى ما حرم الله، أو المجالس التي يكون فيها أخلاط، فإذا قصدهم ودعاهم إلى الله، ورغبهم في الخير وحذرهم من محارم الله، كالخمر والتدخين وحلق اللحى، واختلاط النساء بالرجال، فإذا فعل هذا يكون قد أحسن؛ لأنه ما قصدها ليتخذها محلاً له، أو لمشاركتهم في أعمالهم القبيحة، أو اتخاذهم أصحابًا لا، إنما قصد ذلك ليعظهم، يذكرهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، هو محسن وله الأجر العظيم، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه توجه ذات يوم إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج رضي الله عنه، ليعوده وهو مريض، فمر على مجلس فيه أخلاط من اليهود ومن المسلمين ومن عبدة الأوثان، وهو على حمار فنزل عن دابته، عليه الصلاة والسلام ووقف عليهم، وتلا عليهم القرآن، ودعاهم إلى الإسلام، وذكرهم بالله عز وجل، وهم بهذه الصفة فيهم الأخلاط، فدل ذلك على أن قصد هذه المجالس التي فيها الأخلاط، للدعوة والتوجيه أمر مطلوب، وأن فيه خيرًا كثيرًا، ومصالح جمة، ولأن كثيرًا منهم لا يتحرى حلقات العلم، ولا مجالس العلم، وقد تمر عليه الشهور أو الأعوام، ما سمع المواعظ؛ لأنه ليس من أهل الصلاة، وليس من أهل حلقات العلم، فقد يكون كافرًا، ليس من أهل الإسلام، فإذا سمع النصيحة هداه الله، وانشرح
قلبه، وصار لهذا الداعي مثل أجره، وقد يكون عاصيًا فاسقًا فيهديه الله، بسبب هذه النصيحة، فيدع ما هو عليه من الباطل، وأنا أرى أن زيارة هذه الأماكن لقصد الدعوة أمر مطلوب.
وكذلك في العزاء إن كان الداعي إذا زارهم للنصحية والتوجيه فلا بأس بذلك، وهكذا لو أتى احتفالاً في الأعياد بالموالد، عند أناس يحتفلون بالمولد مثلاً، مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو مولد البدوي أو مولد الحسين، أو مولد فاطمة في بعض البلدان التي تقيم هذه الاحتفالات، إذا اختلط بهم لقصد الدعوة والتوجيه، فقط لا لأجل الرضاء بعملهم، أو تكثير سوادهم على وجه لا يفهم منه أنه يوافقهم ولا يظهر عند أحد أنه موافق على هذه البدعة، ولكن على وجه يعلم منه أنه أراد النصيحة، ويصرح بذلك ويقول: أنا جئتكم للنصيحة فقط، لا لأني موافق على هذا الاحتفال، بل أنا أنصحكم ألَاّ تعودوا إليه، وأن تعتاضوا عنه بالاحتفال الشرعي، بحلقات العلم وبدروس العلم والمواعظ، أما إيجاد احتفالات لا يشرعها الله في هذه الموالد، فهذا شيء لا أصل له، وهو من البدع، فأنا جئتكم ناصحًا ومذكرًا، لا موافقًا ولا مؤيدًا لهذا العمل، الذي يخالف شرع الله، وقد قال سبحانه:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (1) يعني فهو مردود، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام البخاري رحمه الله، في صحيحه تعليقًا، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام في خطبة يوم الجمعة، «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (2) وزاد النسائي بإسناد صحيح:«وكل ضلالة في النار» (3) النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة يحذر الناس من هذه البدع؛ لأن البدع متى ظهرت في الناس ضيعوا بأسبابها السنة، وماتت قلوبهم وصاروا بهذا معترضين على شرع الله، كأنه سبحانه لم يكمل هذا الشرع، وكأن رسوله لم يبلغ، والله يقول جل وعلا:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فليس لهذه البدع محل، فقد أكمل الله الدين، وأتم النعمة، فالاحتفال
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).
(3)
أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم (1578).