الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلح، من التحلل والنحر والحلق، على أن المحصر يجوز له أن يتحلل، وذلك بأن يذبح شاة حيث أحصر أو ما يقوم مقامها ويحلق ثم ينوي التحلّل مما كان قد أهلّ به، سواء كان حجّا أو عمرة.
كما دلّ ذلك على أن المتحلّل لا يلزم بقضاء الحج أو العمرة إذا كان متطوعا، وخالف الحنفية فرأوا أن القضاء بعد المباشرة واجب. بدليل أن جميع الذين خرجوا معه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية خرجوا معه في عمرة القضاء التي سيأتي ذكرها، إلا من توفي أو استشهد منهم في
غزوة خيبر
.
غزوة خيبر
ثم سار النّبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، في أواخر المحرم للسنة السابعة من الهجرة، وخيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع تقع على بعد مئة ميل شمال المدينة جهة الشام.
وكان مع النّبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة ألف وأربع مئة مقاتل ما بين فارس وراجل. قال ابن هشام: «فلما أشرف النّبي صلى الله عليه وسلم على خيبر قال لأصحابه قفوا، ثم قال:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما، لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل، فرآه عمال خيبر وقد خرجوا بمساحيهم وفؤوسهم ومكاتلهم، يقصدون مزارعهم، فلما رأوه صلى الله عليه وسلم، صاحوا: محمد والخميس، ثم ولّوا هاربين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» «15» .
قال ابن سعد: «فوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، وفرق بينهم الرايات، وابتدأت المعارك بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل خيبر- وقد تحصّنوا بحصونهم- وأخذ المسلمون يفتحونها حصنا حصنا:
إلا الحصنين الأخيرين: الوطيح، والسّلالم، فقد حاصرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة» .
روى أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بن الخطيب، قال: «لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء، فرجع ولم يفتح له، فلما كان الغداة أخذه عمر، فرجع ولم يفتح له، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم لأدفعنّ لوائي غدا إلى رجل يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله. قال:
فبات الناس يدوكون ليلتهم (أي يتساءلون ويختلفون) : أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس، غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها. فقال أين علي بن أبي طالب؟ فقيل هو
(15) متفق عليه.
يا رسول الله يشتكي عينيه، قال فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا، فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع. فأعطاه الراية، فقال عليّ يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا (أي مسلمين) ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. ثم خرج فقاتل، فكان الفتح على يديه «16» ، وغنم المسلمون كل ما في تلك الحصون من الأموال.
أما ذانك الحصنان، فقد ظل المسلمون يحاصرونهما، حتى إذا أيقن من فيه بالهلاك، سألوه صلى الله عليه وسلم أن يخرجهم ويجليهم ويحقن دماءهم ويتركوا له الأموال، فوافقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك.
ثم إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبقى خيبر تحت أيديهم يعملون فيها ويزرعونها لأنهم أعرف بأراضيهم وأعمر لها. ولهم شطر ما يخرج منها، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال لهم: على أنّا إن شئنا أن نخرجكم أخرجناكم» «17» .
والذي جزم به الزهري وسليمان التيمي في مغازيه أنها أسلمت. واختلفوا بعد ذلك، هل قتلها النّبي صلى الله عليه وسلم قصاصا عن بشر أم لا، فأخرج ابن سعد بأسانيد متعددة أنه صلى الله عليه وسلم دفعها إلى أولياء بشر فقتلوها، غير أن الصحيح ما رواه مسلم أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال لها:«ما كان الله ليسلّطك على ذاك (أي على قتلي) ، قالوا: ألا نقتلها يا رسول الله؟ قال: لا» .
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم خيبر بين المسلمين، للراجل سهم وللفرس سهمان، وفسّر ذلك
(16) الحديث متفق عليه ابتداء من قوله: لأدفعن لوائي غدا
…
إلخ.
(17)
متفق عليه.
(18)
سياق القصة بهذه الصيغة لابن إسحاق، والقصة متفق عليها عند البخاري ومسلم.