الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدوم قباء
ووصل رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء، فاستقبله من فيها وأقام فيها بضعة أيام نازلا على كلثوم بن هدم، حيث أدركه فيها علي رضي الله عنه بعد أن أدّى عنه الودائع إلى أصحابها. وأسس النبي صلى الله عليه وسلم هناك مسجد قباء، وهو المسجد الذي وصفه الله بقوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ.. الآية [التوبة 9/ 108] .
ثم واصل سيره إلى المدينة فدخلها لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول على ما ذكره المسعودي «58» فالتفّت من حوله الأنصار، كل يمسك زمام راحلته يرجو النزول عنده فكان صلى الله عليه وسلم يقول لهم:«دعوها فإنها مأمورة» ، فلم تزل راحلته تسير في فجاج المدينة وسككها حتى وصلت إلى مربد «59» لغلامين يتيمين من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ههنا المنزل إن شاء الله» . وجاء أبو أيوب فاحتمل الرحل إلى بيته، وخرجت ولائد من بني النجار- فيما يرويه ابن هشام- فرحات بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وجواره لهن، وهنّ ينشدن:
نحن جوار من بني النجار
…
يا حبذا محمد من جار
فقال عليه السلام لهنّ: «أتحببنني؟» فقلن: «نعم» فقال: «الله يعلم أن قلبي يحبكنّ» .
صورة عن مقام النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب
روى أبو بكر بن أبي شيبة وابن إسحاق والإمام أحمد بن حنبل من طرق متعددة بألفاظ متقاربة أن أبا أيوب رضي الله عنه قال وهو يحدث عن أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده: «لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في أسفل البيت وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت له: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في الأعلى، وننزل نحن نكون في السفل. فقال: يا أبا أيوب، إنه لأرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في أسفل البيت.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن، ولقد انكسرت جرّة لنا فيها ماء يوما، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا، ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء، تخوفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء يؤذيه، فنزلت إليه وأنا مشفق، فلم أزل أستعطفه حتى انتقل إلى العلو.
قال: وكنا نضع له العشاء، ثم نبعث به إليه، فإذا ردّ علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب
(58) مروج الذهب: 2/ 279، ط بيروت.
(59)
أرض يجفف فيها التمر.