الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول هجرة في الإسلام
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما يصيب أصحابه من البلاء وأنه لا يقدر على أن يحميهم ويمنعهم مما هم فيه، قال لهم:«لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإنّ بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» .
فخرج عند ذلك المسلمون إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام. وكان في مقدمة المهاجرين: عثمان بن عفان وزوجته، رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو حذيفة وزوجته، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف
…
حتى اجتمع في أرض الحبشة من أصحابه صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانون رجلا «11» .
فلما رأت قريش ذلك، أرسلت إلى النجاشي عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص (ولم يكن قد أسلم بعد) بهدايا مختلفة كثيرة، إليه وإلى حاشيته وبطارقته، رجاء أن يرفض قبول هؤلاء المسلمين في جواره ويسلمهم مرة أخرى إلى أعدائهم.
فلما كلّما النجاشي في ذلك- وكانا قد كلّما من قبله بطارقته وقدّما إليهم ما جاءا به من الهدايا- رفض النجاشي أن يسلم أحدا من المسلمين إليهما حتى يكلمهم في شأن دينهم الجديد هذا.
فجيء بهم إليه، ورسولا قريش عنده، فقال لهم:«ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل؟» .
فسأله النجاشي أن يتلو عليه شيئا مما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله.
فقرأ عليه جعفر صدرا من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلّت لحيته، ثم قال لهم:
(11) هذا هو الصحيح كما ذكره ابن هشام في سيرته: 1/ 330 وانظر فتح الباري: 7/ 130