الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
عبد الله بن منيع
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
فتوى رقم (21026)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عرض عليها من بعض الناصحين كتاب باسم: " الإنصاف في ما جاء في
الأخذ من اللحية وتغيير الشيب بالسواد
من الخلاف " تأليف: دبيان بن محمد الدبيان، انتهى فيه إلى: جواز أخذ ما زاد على القبضة من اللحية، وإلى أن تغيير الشيب بالسواد مكروه وليس محرما.
وبعد الدراسة والتأمل أجابت اللجنة بما يأتي: أن هذا الذي قاله المؤلف في هاتين المسألتين خطأ واضح؛ لأنه من المستقر في الشرع المطهر وجوب إعفاء اللحية بدلالة الفطرة وسنة الأنبياء وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية، والأصل في الأمر أنه للوجوب، والأمر بمخالفة المشركين من
المجوس وغيرهم، والأصل في النهي أنه للتحريم، وأنه يحرم على المسلم التعرض للحيته بحلق أو قص أو نتف؛ لمخالفته الدلائل المذكورة، وأدلة هذا الحكم كما يأتي:
أما دلالة الفطرة: فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك (1)» . . . الحديث. رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.
وأما سنة الأنبياء: فقد «ثبت من صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية،» وفي لفظ: «كثير شعر اللحية (2)» . وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية يعرفها من خلفه باضطراب لحيته، كما في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي معمر رضي الله عنه.
وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: فقد كثرت السنن الصحيحة بذلك صريحة في الأمر بها بلفظ: «أعفوا اللحى (3)» . ولفظ: «أرخوا (4)» ، ولفظ:«وفروا (5)» ، ولفظ:«أوفوا (6)» ، وهذه الألفاظ تعني عدم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف.
وهذا الأمر بإعفاء اللحية قد حكى الإجماع على وجوبه ابن حزم رحمه الله تعالى، كما نقله عنه ابن مفلح رحمه الله تعالى في: الفروع (1/ 131).
لهذا فيجب على كل مسلم إعفاء لحيته إبقاء للفطرة، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في فعله، وامتثالا لأمره صلى
(1) صحيح مسلم الطهارة (261)، سنن الترمذي الأدب (2757)، سنن النسائي الزينة (5040)، سنن أبو داود الطهارة (53)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (293)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 137).
(2)
صحيح مسلم الفضائل (2344)، سنن النسائي الزينة (5114)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 104).
(3)
صحيح البخاري اللباس (5893)، صحيح مسلم الطهارة (259)، سنن الترمذي الأدب (2763)، سنن النسائي الزينة (5046)، سنن أبو داود الترجل (4199)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 16)، موطأ مالك الجامع (1764).
(4)
صحيح مسلم الطهارة (259)، سنن الترمذي الأدب (2764)، سنن النسائي الزينة (5224)، سنن أبو داود الترجل (4199)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 16)، موطأ مالك الجامع (1764).
(5)
صحيح البخاري التعبير (7005)، صحيح مسلم الرؤيا (2261)، سنن الترمذي الرؤيا (2277)، سنن أبو داود الأدب (5021)، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (3909)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 305)، موطأ مالك الجامع (1784)، سنن الدارمي الرؤيا (2142).
(6)
سبق تخريجه.
الله عليه وسلم بإعفائها، ومعلوم أن الأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد صارف لذلك عن أصله، ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك.
وأنه لا يجوز لمسلم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف، فإن ذلك حرام على المسلم فعله، لمخالفته الدلائل المذكورة، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، وأصل النهي للتحريم حتى يوجد صارف له عن أصله، ولا نعلم دليلا يصلح للاحتجاج به يصرفه عن ذلك الأصل.
وبناء على ما ذكر فإن القول بجواز قص ما زاد على القبضة قول معارض لهذه الأدلة الجلية من السنة النبوية، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، ويقول عز شأنه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2)، ويقول عز من قائل:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (3).
فالواجب على المسلم طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك الالتفات إلى ما يخالف الأدلة الشرعية، فإن الواجب هو اتباع المعصوم صلى الله عليه وسلم.
كما أن ما ذهب إليه المؤلف من كراهة الصبغ بالسواد قول مخالف للصواب؛ لأن الأدلة من السنة صحيحة صريحة في النهي عنه، وأصل النهي للتحريم ولم يوجد دليل صارف عنه، وقد
(1) سورة الحشر الآية 7
(2)
سورة الأحزاب الآية 21
(3)
سورة الأحزاب الآية 36
صدرت بهذا عدد من الفتاوى.
لهذا رأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار هذه الفتوى بيانا للسنة ونصرة لها وتحذيرا من الاغترار بالأقوال المهجورة المخالفة للسنة، ومنها ما ذهب إليه صاحب الكتاب المذكور، وننصحه بأن عليه مراجعة الحق، والرجوع إليه، والكف عن نشر مثل هذا الرأي الذي يخالف السنة القولية والفعلية، وما جرى عليه عامة المسلمين من الصدر الأول الصحابة رضي الله عنهم إلى عصرنا، ولما في نشر الآراء المخالفة للأدلة الشرعية من ترقيق الديانة وتجرئة الناس على مخالفة السنة. وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
عضو
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
بكر أبو زيد
…
صالح الفوزان
…
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ