الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
الحضور المتأخر إلى صلاة الجماعة: فإذا تأخر الإنسان في الحضور إلى صلاة الجماعة فإنه يدخل مباشرة في الصلاة، وربما فاته شيء منها، فيؤدي ذلك إلى الدخول مباشرة في الصلاة وهو لم يتهيأ لها تهيؤا كاملا، فيدخل في الصلاة وما زال تفكيره منشغلا بما كان يفكر فيه قبل الدخول في الصلاة فيجد الشيطان الفرصة المناسبة لإفساد صلاته.
4 -
هناك أسباب أخرى كثيرة تختلف من شخص إلى آخر، ومعرفتها ترجع إلى كل شخص حسب ما يجده من خلال تتبع وسبر هذه الأسباب.
ثانيا: علاج هذه المشكلة:
بعدما عرفنا أسباب وقوع هذه المشكلة، فإن من المناسب أن نحاول أن نوجد العلاج الناجع لكل سبب من أسباب هذه المشكلة، حتى نقضي عليها - بإذن الله - ونؤدي صلاتنا على الوجه الأكمل كما شرعها الله دون لبس أو نقصان.
1 -
الشيطان: أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى علاج ناجع لمشكلة دخول الشيطان على الإنسان في صلاته وهو الالتجاء إلى الله والاحتماء به والاستعاذة بذكره من الشيطان. عن أبي العلاء «أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب (1)، فإذا أحسسته
(1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة (ح 2203)، 2/ 1728. والتفل الوارد في هذا الحديث معناه: نفخ معه أدنى بزاق، وهو أكثر من النفث. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 192.
فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني».
قال النووي (1) رحمه الله: " وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا، ومعنى يلبسها: أي: يخلطها ويشككني فيها. ومعنى: حال بيني وبينها، أي: نكدني فيها ومنعني لذتها والفراغ للخشوع فيها " اهـ.
كما وردت الآيات في القرآن العظيم الدالة على مدافعة ما يجده الإنسان من وساوس الشيطان عموما بالالتجاء إلى الله سبحانه والاستعاذة به من الشيطان. قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (2). وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (3). وقال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (4){وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (5).
(1) في شرحه لصحيح مسلم 14/ 190.
(2)
سورة الأعراف الآية 200
(3)
سورة فصلت الآية 36
(4)
سورة المؤمنون الآية 97
(5)
سورة المؤمنون الآية 98
فنزغات الشيطان هي: وساوسه. والهمز والوسوسة والنزغ سواء.
وقوله تعالى: {هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (1)
الهمز في اللغة: النخس، والدفع، فالشيطان يوسوس فيهمس في وسواسه في صدر بني آدم فيشغله عن ذكر الله (2).
2 -
عدم تسوية الصفوف ووجود الفرج في الصفوف: وعلاجه أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق. . . (3)» الحديث. وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف (4)» .
وتسوية الصفوف والتراص في الصفوف مسئولية مشتركة بين أطراف عديدة:
أولها: المصلي، فينبغي له أن يهتم بذلك ويسعى إليه، لنفسه ولجيرانه في الصف.
(1) سورة المؤمنون الآية 97
(2)
انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 7/ 348، 12/ 148.
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف (ح 667)، 1/ 434، والنسائي في كتاب الإمامة، باب حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها 2/ 92، وأحمد في المسند 3/ 260، وصححه الألباني. انظر: صحيح سنن أبي داود باختصار السند 1/ 131. والحذف: غنم صغار سود. انظر: عون المعبود 2/ 367.
(4)
جزء من حديث جابر بن سمرة، أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة. . . إلخ، (ح 430)، 1/ 322.
وثانيها: الإمام، فعليه مسئولية الاهتمام بذلك، ببيان الأحاديث الدالة عليه وشرحها وبيان معانيها وما تدل عليه وتفقد الصفوف والاجتهاد في ذلك والاهتمام به ولا يكون ذلك من قبيل العادة فقط، وكلمات تردد قبل الشروع في الصلاة والصفوف معوجة وغير متراصة، فإن الإمام يقع عليه جزء من هذه المسئولية.
وثالثها: الداخل المسبوق في الصلاة، فإذا دخل المسجد ووجد شيئا من ذلك فتقع عليه مسئولية التعديل ومراصة الصفوف، فإن ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن التعاون على البر والتقوى.
3 -
الحضور المتأخر إلى صلاة الجماعة: وعلاجه بالتبكير إليها، فيتحقق بالتبكير عدة فوائد عظيمة، منها الأجر والثواب العظيم، فإن قدر الأجر والمثوبة يكون على قدر المجيء إلى الصلاة، ومنها ما يحصل له من الخير والأجر بفعل نوافل وطاعات وقربات إلى الله، كصلاة النافلة وقراءة القرآن وذكر الله، ومنها أنه لا تفوته تكبيرة الإحرام ولا يفوته شيء من الصلاة، ومنها وهو علاج مشكلتنا هذه أن كل هذا الوقت الذي يقضيه في هذه الطاعات يكون فيه استعداد واستقبال لصلاة الفريضة، فيكون قد اشتغل بطاعة الله قبل الدخول في الفريضة؛ فيكون متهيئا لأدائها وقلبه منصرفا إليها، بخلاف المتأخر، فإنه إذا دخل في الصلاة - إلا من رحم الله - فإنه قد يفكر ويشتغل ذهنه بما كان يشتغل به قبل الصلاة؛ فيجد الشيطان مدخلا لوساوسه وإشغال