الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم جعله من كلام الناس الذي يجب تركه في الصلاة (1).
(1) تعليق سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله على فتح الباري 2/ 287.
المبحث التاسع: حكم التسبيح والفتح على الإمام في الصلاة:
اتفق الفقهاء على أن التسبيح مشروع في الصلاة لمن نابه شيء منها، كسهو الإمام وأراد أن يعلمه بسهوه، أو كلمه أحد وهو في الصلاة وأراد أن يعلمه أنه في صلاة.
ودليل ذلك حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء (1)» . فالحديث بعمومه يدل على مشروعية التسبيح للرجال لمن نابه شيء في صلاته والتصفيق للنساء.
أما إذا وقع التسبيح جوابا لمن رأى شيئا أعجبه فاختلفوا في حكمه على قولين:
القول الأول: تبطل به الصلاة. وبه قال الحنفية (2) والحنابلة في رواية (3).
القول الثاني: لا تبطل به الصلاة. وبه قال جمهور الفقهاء من المالكية (4) والشافعية (5) والحنابلة في
(1) أخرجه البخاري. انظر البخاري مع الفتح 3/ 107.
(2)
انظر: المبسوط 1/ 200، وبدائع الصنائع 1/ 235.
(3)
انظر: الإنصاف 2/ 102.
(4)
انظر: المدونة 1/ 100، والإشراف 1/ 89.
(5)
انظر: المجموع 4/ 82، وروضة الطالبين 1/ 291.
المذهب (1).
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول:
1 -
بعموم حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه السابق، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:«إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس (2)» . . . الحديث.
وجه الدلالة منه:
قالوا: الحديث يدل على أن ما خرج مخرج الجواب واحتمله يجعل كلاما ولو كان بصيغة الذكر (3).
2 -
ولأنه قصد بتسبيحه التعجب فكان متعجبا لا مسبحا؛ لأن الكلام مبني على غرض المتكلم (4).
أدلة القول الثاني: استدلوا بما يلي:
1 -
بعموم حديث سهل بن سعد رضي الله عنه السابق.
2 -
حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه السابق.
فدلا على أن التسبيح لا يقطع الصلاة مطلقا (5).
ولأن ما لا يبطل الصلاة ابتداء لا يبطلها إذا أتي به عقب سبب
(1) انظر: المغني 2/ 457، والإنصاف 2/ 102.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة 1/ 381، 382 حديث رقم 537.
(3)
انظر: الهداية 1/ 62.
(4)
انظر: المبسوط 1/ 201.
(5)
انظر: الأوسط 3/ 240.
أصله التسبيح لتنبيه إمامه (1).
الراجح:
من خلال عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم يتضح أن قول الجمهور بأنه لا يبطل الصلاة هو القول الراجح، وذلك لما يلي:
1 -
لقوة ما استدلوا به، وهو حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الذي دل بعمومه على أن من نابه شيء في صلاته فيشرع له التسبيح.
2 -
ولأن النهي عن الكلام لا يشمل التسبيح الواقع جوابا. والله أعلم.
أما فتح المأموم على إمامه إذا ارتج عليه فذهب فقهاء المذاهب الأربعة في المعتمد عندهم إلى أنه مشروع، ولا يعد من الكلام الذي تفسد به الصلاة.
ودليل ذلك:
1 -
حديث المسور بن يزيد الأسدي رضي الله عنه قال: «شهدت
(1) انظر: المغني 2/ 458.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يقرأه، فقال رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا أذكرتنيها (1)».
2 -
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي رضي الله عنه: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك؟ (2)» .
3 -
وبما أثر عن علي رضي الله عنه قال: إذا استطعمك الإمام فأطعمه (3).
4 -
وبما أثر عن أنس رضي الله عنه قال: «كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (4)» .
5 -
ولأنه تنبيه فيها بما هو مشروع أشبه التسبيح (5).
(1) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الفتح على الإمام 1/ 558، وابن خزيمة وصححه 3/ 73 برقم 1648، وقال النووي: إسناده جيد. انظر: المجموع 4/ 241.
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الفتح على الإمام 1/ 558، وابن حبان وصححه. انظر: الإحسان 6/ 13، وقال: الخطابي: إسناده جيد. وقال النووي: إسناده صحيح كامل الصحة. انظر: معالم السنن 1/ 558، والمجموع 4/ 241.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 2/ 143، وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 303.
(4)
أخرجه الحاكم 1/ 276 وصححه ووافقه الذهبي.
(5)
انظر: المبدع 1/ 487.