الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحجة هؤلاء: أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج جارية، ولم يعرف الصحابة زواجه بها إلا عندما حجبها (1)؛ فدل ذلك على صحة عقد النكاح بدون حضور الشهود، إذ لو كان واجبا لفعله صلى الله عليه وسلم عند زواجه بهذه الجارية (2).
وأجيب: بأن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من غير ولي وشهود من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك تشريعا لجميع الأمة، فلا يلحق به غيره في ذلك (3).
(1) صحيح مسلم 2/ 1045 - 1046 حديث 1365.
(2)
الإشراف 4/ 46.
(3)
المغني 6/ 451.
المسألة الثانية: تزويج الوليين المرأة:
إذا كان للمرأة وليان، فأذنت لكل منهما أن يزوجها من يرضاه لها، فعقد كل منهما لرجل، فأي الوليين يكون نكاحه صحيحا وتكون المرأة زوجة له؟ للعلماء في ذلك مذهبان:
المذهب الأول: وبه قال جمهور العلماء: أنه إن عرف من عقد له على المرأة أولا فهي له، وهو الأحق بها، سواء دخل بها الثاني أم لا (1).
وحجتهم على ذلك: أن هذا مروي عن علي بن أبي
(1) مصنف عبد الرزاق 6/ 231، الإشراف 4/ 41، المبسوط 4/ 226، المغني 6/ 510.
طالب (1)، ولأن الزوج الثاني تزوج امرأة قد أصبحت في عصمة رجل آخر، فكان زواجه بها باطلا، كما لو علم أن لها زوجا (2).
المذهب الثاني: إن عرف الزوج الأول ولم يدخل بها الثاني فهي للأول، وإن دخل بها الثاني فهي له.
وهذا مذهب عطاء، ومالك (3).
وحجة هؤلاء: أن هذا قول عمر بن الخطاب (4).
(1) مصنف عبد الرزاق 6/ 231.
(2)
المبسوط 4/ 226.
(3)
المدونة 3/ 168، الإشراف 4/ 41.
(4)
المدونة 3/ 169.
وأجيب: بأن عمر قد خالفه علي، ولا يقدم قول صحابي على آخر دون دليل، فسقط الاستدلال به حينئذ (1).
الراجح:
الذي يبدو أن قول الجمهور هو الأولى؛ لأن نكاح الثاني على المرأة قد صادف امرأة قد أصبحت متزوجة، فعقده عليها باطل، كما لو علم أنها متزوجة، ودخوله بها لا يغير حقيقة الأمر، كما لو دخل بها وهو يعلم أنه قد عقد عليها غيره قبله، والله أعلم.
ويجب لها المهر على الثاني بدخوله عليها، لاستمتاعه بها في قول: قتادة، والشافعي، وأحمد،
(1) المغني 6/ 510.
وابن المنذر (1).
فإن جهل من عقد له على المرأة أولا فإن للعلماء في ذلك ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أن النكاح باطل. وبه قال أبو حنيفة (2) والشافعي (3)، وابن المنذر (4).
وحجة هؤلاء: أن وقوع العقدين معا لا يمكن تصحيحهما، ولأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر، فتعينت جهة البطلان فيهما.
المذهب الثاني: يفسخ الحاكم نكاحهما جميعا، ثم تتزوج المرأة من شاءت منهما أو من غيرهما. وبه قال مالك (5)، وأحمد (6).
(1) الإشراف 4/ 42، المغني 6/ 511.
(2)
مختصر الطحاوي، ص 174، المبسوط 4/ 226.
(3)
الإشراف 4/ 42.
(4)
الإشراف 4/ 42.
(5)
المدونة 3/ 168.
(6)
المغني 6/ 511 - 512.
وحجة هؤلاء: أنه تعذر إمضاء العقد الصحيح منهما للجهالة بالأول منهما، وليس لكونه باطلا في حد ذاته، فوجب إزالة الضرر بالفسخ والتفريق (1) من قبل الحاكم؛ لأن رفع الضرر موكول إليه.
ونتيجة هذين المذهبين هي: إبطال هذا النكاح، واختيار المرأة في التزوج بأي منهما أو من غيرهما، غير أن لكل من المذهبين وجهة نظر في إبطاله.
المذهب الثالث: أن المرأة تخير بينهما، فأيهما اختارت فهو زوجها.
روي هذا المذهب عن: شريح، وحماد بن أبي سليمان، وعمر بن عبد العزيز (2)، ولم أجد من ذكر لهذا المذهب حجة.
(1) المغني 6/ 511 - 512.
(2)
الإشراف 4/ 42.