الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولئن تكرر علي من مسائل التعزير الكثير، فلقد كنت أقف طويلا عند القول بجواز زيادة الجلد في التعزير على جرائم الحدود، وتشكل علي تلك المرويات فيها من مرفوع وموقوف، فأزمعت أن استوعب بحث هذه المسألة، تحقيقا لها، وعرضا لأقوال الفقهاء فيها، وبيانا للأدلة، وحكما على أسانيدها، وترجيحا لما ينصره الدليل، ويسنده النظر الصحيح والتعليل.
هذا وعلى الله المعتمد، ومنه المعونة أستمد، وإياه أسأل أن يعصم من الزلل، ويوفق لصالح القول والنية والعمل، لا إله إلا هو، عليه توكلت وإليه مثاب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
2 -
التمهيد:
يحسن قبل أن يأخذنا القول في صلب هذا البحث، أن نمهد له بالوقوف على التعزير في لسان أهل العربية، ثم في مصطلح الفقهاء.
فالتعزير لغة: التأديب، والمنع والرد، والتوقير، والنصرة باللسان والسيف، فهو من أسماء الأضداد، مأخوذ من عزره يعزره عزرا. وعزره: رده، وأعانه وقواه ونصره، وفخمه وعظمه. والعزر: النصرة بالسيف، واللوم، والمنع، والرد، ولهذا قيل للتأديب الذي هو دون الحد تعزيرا؛ لأنه يمنع الجاني أن يعاود الذنب (1).
يقول ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: " العين والزاء والراء كلمتان: إحداهما التعظيم والنصر، والكلمة الأخرى جنس من الضرب.
(1) انظر: الصحاح، ج 2، ص744؛ لسان العرب، ج 4، ص 561، 562.