المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الرأي المختار: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌أولا: معنى الخمر لغة وشرعا:

- ‌ثانيا: عقوبة من ثبت عليه شرب الخمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين:

- ‌ثالثا: خلاف العلماء في أن العقوبة في شرب الخمر: هل هي حد أو تعزير

- ‌رابعا: هل تجوز تجزئة عقوبة شارب الخمر

- ‌خامسا: ما يثبت به شربها من شهادة أو رائحة أو قيء ونحو ذلك:

- ‌ نقول عن فقهاء الإسلام في ذلك مع أدلتهم ومناقشتها:

- ‌سادسا: حكم من تكرر منه شربها القتل أو الجلد

- ‌سابعا: نجاسة الخمر:

- ‌ثامنا: هل ينطبق على الكلونيا تعريف الخمر أو لا؟ وما حكم شربها واستعمالها

- ‌الفتاوى

- ‌ الأخذ من اللحية وتغيير الشيب بالسواد

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ التوسل بالموتى وزيارة القبور

- ‌ الاحتفال بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بمناسبة المولد النبوي

- ‌معنى البدعة وإطلاقها في أبواب العبادات

- ‌ الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها

- ‌بدع في شهر رجب

- ‌ حفلات أعياد الميلاد

- ‌ الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌ التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ قراءة سورة يس عند المحتضر

- ‌ وضع المصحف على بطن الميت

- ‌ قراءة القرآن على الأموات

- ‌ وضع الحناء في يد المرأة المتوفاة التي تحتضر

- ‌بعض البدع التي تقال عند المحتضر

- ‌ توجيه المحتضر للقبلة

- ‌كيفية توجيه المحتضر إلى القبلة

- ‌ تقبيل الميت

- ‌تارك الصلاة لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين

- ‌ سؤال المغسل عن حال الميت

- ‌ الأولى بتغسيل الميت

- ‌ غسل أحد الزوجين للآخر بعد الوفاة

- ‌ غسل الرجل لامرأته والبنت الصغيرة

- ‌العلاقة الزوجية لا تنتهي بالموت

- ‌المطلقة طلاقا رجعيا يغسلها زوجها

- ‌عدد من يتولى غسل الميت

- ‌ استخدام السدر في الغسل

- ‌ الأخذ من شارب وإبط وأظفار وعانة الميت

- ‌ نزع أسنان الذهب من الميت

- ‌تطييب الميت وكفنه

- ‌ تسويك الميت

- ‌حث النساء على المشاركة في غسل الميتات

- ‌ إقامة دورات لتعليم تغسيل الأموات

- ‌ تصوير غسل الميت للتذكير أو للتعليم

- ‌تغسيل المحرم إذا توفي

- ‌ تغسيل جريح المعركة إذا مات بعدها

- ‌المظلوم يغسل ويصلى عليه

- ‌كيفية تغسيل من مات في حادث وقد تشوه جسده

- ‌المغسل يخبر بعلامات الخير لا الشر

- ‌ حديث من غسل مسلما فستر عيوبه

- ‌كيفية تكفين الميت

- ‌كيفية تكفين المحرمة

- ‌عدد العقد في الكفن

- ‌حكم جعل كيس بلاستيك على من به جروح

- ‌يغير الكفن أو يغسل إذا خرج دم بعد التكفين

- ‌الصلاة على الجنازةمشروعة للجميع الرجال والنساء

- ‌له بكل جنازة قيراط

- ‌ السفر لأجل الصلاة على الميت

- ‌ تكثير الصفوف

- ‌ قراءة سورة بعد الفاتحة في صلاة الجنازة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ يطالب الورثة بالتعويض عن خسارته الفرصة للتقديم للبنك العقاري

- ‌ صادف يوم عرفة يوم جمعة

- ‌ إقامة الصلاة قبل الإمام الراتب

- ‌ الأب من الرضاعة هل تتحجب عنه زوجة الابن وكذلك زوجة ابن الابن أم لا

- ‌ يتزوج أخت أخيه من الرضاع

- ‌ عمرة المرأة التي تحرم بالبنطال والنقاب

- ‌ أقسم بكلمة " علي الطلاق بالثلاث لا أشرب الخمر ثانية "، وبعد ذلك وقع بالمحظور

- ‌ أفضل الشكوى، الشكوى إلى الله سبحانه وتعالى

- ‌ الرضاعة الصحيحة

- ‌ ينتسب إلي غير قبلته من أجل طلب العلم أو طلب الرزق

- ‌ الفرق بين المتمتع والقارن والمفرد

- ‌ رمي الجمرات عن والدي خوفا من الزحام

- ‌ لبس الإحرام بعد الوضوء في المدينة لأداء العمرة

- ‌ تقديم ذبح هدي التمتع أو القران قبل يوم النحر وقبل يوم عرفة

- ‌ من أهل مكة وأريد الحج فهل يجوز لي الإحرام من منى

- ‌ خطبة عرفة خاصة بإمام المسلمين أو هي عامة

- ‌ انتسب إلى غير قبيلته لأجل المعيشة أو طلب العلم

- ‌عبد العزيز بن باز - عالم فقدته الأمة

- ‌من هو الشيخ:

- ‌أخلاق الشيخ وطبائعه:

- ‌مكانته عند الآخرين:

- ‌وفاته:

- ‌الصور التي ينقض فيها الحاكم النكاح بين الزوجين

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المسألة الأولى: عدم حضور الشهود عند النكاح:

- ‌المسألة الثانية: تزويج الوليين المرأة:

- ‌المسألة الثالثة: إذا تزوج الكافر إحدى محارمه وأسلموا:

- ‌المسألة الرابعة: إسلام أحد الزوجين قبل صاحبه:

- ‌المسألة الخامسة: التفريق للعيب:

- ‌المسألة السادسة: التطليق للشقاق والضرر:

- ‌المسألة السابعة: الخلع:

- ‌المسألة الثامنة: التطليق على المولي:

- ‌المسألة التاسعة: التطليق على المظاهر:

- ‌المسألة العاشرة: التفريق بين المتلاعنين:

- ‌المسألة الحادية عشرة: التطليق على المفقود:

- ‌المسألة الثانية عشرة: التطليق للعجز عن النفقة:

- ‌المسألة الثالثة عشرة: التطليق بالإعسار بالمهر

- ‌الفصل الثاني: الصور التي لم تذكر إلا في مذهب واحد:

- ‌المسألة الأولى: الاختلاف في قدر المهر قبل البناء:

- ‌المسألة الثانية: إذا وطئ بعد الإشهاد على الطلاق:

- ‌الشك في عدد الركعات في الصلاةحكمه، أسبابه، علاجه

- ‌المبحث الأول: في بيان معاني بعض الألفاظ التي لها صلة بالبحث

- ‌أولا: الشك:

- ‌ثانيا: اليقين:

- ‌ثالثا: التحري:

- ‌رابعا: الظن:

- ‌خامسا: غلبة الظن:

- ‌سادسا: الوهم:

- ‌سابعا: الاشتباه:

- ‌المبحث الثاني: خلاف الفقهاء في المسألة:

- ‌المبحث الثالث: موضع سجود السهو لمن شك في عدد الركعات:

- ‌المبحث الرابع: في أسباب وقوع المصلي في الشك والنسيان وعلاجه:

- ‌أولا: أهم أسباب الشك والنسيان في الصلاة:

- ‌ثانيا: علاج هذه المشكلة:

- ‌الخاتمة: وفيها بيان لأهم نتائج وفوائد البحث:

- ‌الفصل الأول:

- ‌المبحث الأول: حكم الكلام الأجنبي المتعمد في الصلاة إذا كان لغير مصلحتها:

- ‌المبحث الثاني: حكم كلام الجاهل في الصلاة:

- ‌المبحث الثالث: حكم كلام المكره في الصلاة:

- ‌المبحث الرابع: حكم كلام الناسي:

- ‌المبحث الخامس: حكم الكلام الأجنبي المتعمد لإصلاح الصلاة:

- ‌المبحث السادس: حكم الكلام الواجب في الصلاة:

- ‌المبحث السابع: حكم رد السلام في الصلاة:

- ‌المبحث الثامن: حكم تحميد العاطس وتشميته في الصلاة:

- ‌المبحث التاسع: حكم التسبيح والفتح على الإمام في الصلاة:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌المبحث الأول: حكم الضحك في الصلاة:

- ‌المطلب الأول: حكم التبسم في الصلاة:

- ‌المطلب الثاني: حكم الضحك قهقهة في الصلاة:

- ‌المبحث الثاني: حكم التنحنح في الصلاة:

- ‌المبحث الرابع: حكم البكاء والأنين والتأوه في الصلاة:

- ‌الخاتمة:

- ‌ التمهيد:

- ‌ أقل التعزير:

- ‌ الزيادة في التعزير على عشر جلدات:

- ‌ أساس الخلاف:

- ‌ إيرادات ابن دقيق العيد:

- ‌الخلاصة:

- ‌ الزيادة في جلد التعزير على الحد:

- ‌ الرأي المختار:

- ‌ الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ الرأي المختار:

ب - ما رواه الأثرم، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، في أمة بين رجلين، وطئها أحدهما: يجلد الحد إلا سوطا واحدا.

ص: 374

9 -

‌ الرأي المختار:

بعد عرضنا لما تقدم من أقوال الفقهاء، وبيان حجة كل فريق، يظهر لي - والله تعالى أعلم - أن ما ذهب إليه فريق

ص: 374

الشافعية والحنابلة من أنه لا يجوز أن يبلغ في التعزير في كل جناية حدا مشروعا في جنسها ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها، هو الأولى بالتقديم، للأوجه التالية:

أحدها: أن ما ذهب إليه الحنفية والشافعية من القول بعدم جواز أن يبلغ الجلد في التعزير الحد فما فوق، قول لا يقوى مع ضعف دليلهم " من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين " كما قدمنا (1). كما أن استدلالهم بما روي عن علي مع النجاشي، فغايته أنه حكاية فعل عن صحابي، فليس فيه تحديد من الخليفة الراشد، أو توقيف في جلد التعزير لا يصح تجاوزه، بل هو اجتهاد رآه في كفاية تأديب من هذه حاله، والله أعلم.

الثاني: أما ما ذهب إليه المالكية، فليس لديهم متمسك تصح المعارضة به (2). ثم إن العقوبة على قدر الإجرام والمعصية، والمعاصي المنصوص على حدودها أعظم من غيرها مما هو من جنسها، فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأمرين عقوبة أعظمها، فإن ما قالوا يؤدي إلى أن من قبل امرأة حراما يضرب أكثر من حد الزنى، وهذا غير جائز؛ لأن الزنى مع عظمه وفحشه، لا يجوز أن يزاد على حده، فما دونه أولى (3). وأما حديث معن (4) فلم يثبت، وعلى تقدير ثبوته فيحتمل أنه كانت له ذنوب كثيرة، فأدب على

(1) ص 365.

(2)

كما تقدم في ص 368.

(3)

انظر: المغني، ج 12 ص 526.

(4)

المتقدم في ص 368.

ص: 375

جميعها، أو تكرر منه الأخذ، أو كان ذنبه مشتملا على جنايات، أحدها: تزويره، والثاني: أخذه لمال بيت المال بغير حقه، والثالث: فتحه باب هذه الحيلة لغيره، وغير هذا. وأما استدلالهم بحديث النجاشي فلا وجه له؛ لأن عليا ضربه الحد لشربه، ثم عزره عشرين لفطره فلم يبلغ بتعزيره حدا (1).

الوجه الثالث: أن التعزير أدب يقصر عن مقدار الحد إذا كانت الجناية الموجبة للتعزير قاصرة عن مبلغ الجناية الموجبة للحد.

قياسه: أرش الجناية الواقعة في بعض العضو، فإنها قاصرة عن الجناية في كمال ذلك العضو، ذلك أن دية العضو إذا كانت معلومة، فوقعت الجناية على بعض، كان معقولا أنه لا يستحق فيه كل ما في العضو (2).

الوجه الرابع: ثم إن في مجاوزة المائة جلدة في التعزير نظرا لا يخفى، فإن الله سبحانه لم يجاوز هذا العدد في أبواب ما يجب به الجلد من الحدود، كالزنى والسكر والقذف، فأشعر ذلك أنه قدر ينبغي أن يراعى في التعزير، فلا يزاد عليه. فهذه جريمة الزنى، كبيرة من كبائر الذنوب، يترتب على فعلها مفاسد لا تحصى، من التعدي على الحرمات، وهتك الأعراض، واختلاط الأنساب، وضياع الأولاد، والتطاول على كرامة الناس، وإلحاق

(1) انظر: المغني، ج 12 ص 526.

(2)

انظر: معالم السنن، ج 6 ص 294.

ص: 376

العار، وتدنيس الشرف، حتى قرن الله شأنها بالشرك بالله، وقتل النفس، بقوله في صفات المؤمنين {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (1). وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها قوله:«ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له (2)» . يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: " الزنى يجمع خلال الشرك كلها، من قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، فلا تجد زانيا معه ورع، ولا وفاء بعهد، ولا صدق في حديث، ولا محافظة على صديق، ولا غيرة تامة على أهله، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته "(3).

ومع ذلك كله لم يرتب الله عليه من الجلد إلا مائة جلدة (4)، الأمر الذي يشعر الناظر في النصوص أن مراد الشارع من الجلد ليس هو العقوبة الجسدية والانتقام من المجرم، بقدر ما هو العقوبة النفسية للفاعل، والتأديب الإصلاحي له. فعقوبة الزنى وغيرها من العقوبات، كما يقول ابن تيمية: " إنما شرعت رحمة من الله تعالى بعباده، فهي صادرة عن رحمة الله بالخلق، وإرادة الإحسان

(1) سورة الفرقان الآية 68

(2)

قال الألباني: " وهذا إسناد مرسل ضعيف ". سلسلة الأحاديث الضعيفة، رقم 1580 ج 4 ص 82.

(3)

روضة المحبين، ص 360.

(4)

للبكر، دون الثيب.

ص: 377

إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض " (1). ولذا كان شرع الجلد بمحضر طائفة من المؤمنين {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (2) ليكون ذلك أبلغ في الردع، وأقوى في التأديب، وأجدى في الإصلاح. كما أن الجلد يكون بسوط وسط، لا جديد فيجرح، ولا خلق فلا يؤلم، وأن يكون الضرب وسطا، لا شديد فيقتل، ولا ضعيف فلا يردع.

الوجه الخامس: ثم إليك عقوبة السرقة فيما لم يبلغ ثمنه النصاب، يجترئ السارق فيها على ضروري من الضروريات الخمس التي تتفق الشرائع على حفظها، وهو المال، ويفسد على الناس معاشهم، ويخل بأمنهم على أموالهم، ويهدر حقوقهم، وينتهك حرمة أموالهم، تلك الحرمة التي لا تقل عن حرمة دمائهم وأموالهم، ولذلك قرنت بها حين قام المصطفى صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الحج الأكبر بمنى، قائلا:«فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا (3)» متفق عليه. كل ذلك ولم يقض

(1) الاختيارات الفقهية، ص 288.

(2)

سورة النور الآية 2

(3)

صحيح البخاري، 3 ك العلم، 9 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رب مبلغ أوعى من سامع، ج 1، ص 24؛ صحيح مسلم، 15 ك الحج، 19 باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 147 - 1218، ج 1 ص 889.

ص: 378

فيه الشارع من العقوبة الجسدية إلا بجلدات يسيرة يحددها القاضي بحسب ما يراه. روى النسائي بسنده (1)، عن عبد الله بن عمر:«أن رجلا من مزينة أتى رسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف ترى في حريسة الجبل، فقال: هي ومثلها والنكال، وليس في شيء من الماشية قطع، إلا فيما آواه المراح، فبلغ ثمن المجن، ففيه قطع اليد، وما لم يبلغ ثمن المجن، ففيه غرامة مثليه، وجلدات نكال، قال: يا رسول الله كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: هو ومثله معه والنكال، وليس في شيء من الثمر المعلق قطع، إلا فيما آواه الجرين، فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن، ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال (2)» .

الوجه السادس: فإن قيل: التعزير قد يصل إلى حد القتل!!

فالجواب: أن للتعزير بالقتل أصلا يرجع إليه، مجاله الجرائم التي شرع في جنسها القتل (3) إذا تكرر ارتكابها، ولم يمكن دفع شر الجاني فيها وكف أذاه عن المجتمع الإسلامي إلا

(1) قال الألباني في سنده: " حسن صحيح " سنن النسائي، ص 1020.

(2)

سنن النسائي، 46 ك قطع السارق، 12 باب الثمر يسرق بعد أن يؤويه الجرين، ج 8 ص 86.

(3)

كالردة، والقتل العمد، والزنى للمحصن، والمحاربة.

ص: 379

بها، كالداعية إلى البدعة، والجاسوس المسلم، ومن تكررت منه اللواطة، والقتل بالمثقل أو خنقا عند الحنفية، ونحو ذلك وليس كذلك الضرب.

الوجه السابع: وفي هذا الوجه أنقل ما ذكره إمام الحرمين، أبو المعالي الجويني، حين تعرض لهذه المسألة فقال: " ثم التعزيرات لا تبلغ الحدود على ما فصله الفقهاء، ثم إن نبغ في الناس داع في الضلالة، وغلب على الظن أنه لا ينكف عن دعوته ونشر غائلته، فالوجه أن يمنعه وينهاه ويتوعده لو حاد عن ارتسام أمره وأباه، فلعله ينزجر وعساه، ثم يكل به موثوقا به من حيث لا يشعر به ولا يراه، فإن عاد إلى ما عنه نهاه، بالغ في تعزيره، وراعى حد الشرع وتحراه، ثم يثني عليه الوعيد والتهديد، ويبالغ في مراقبته من حيث لا يشعر، ويرشح مجهولين. ثم إن انكف، فهو الغرض، وإن تمادى في دعواته أعاد عليه السلطان تنكيله وعقوباته فتبلغ العقوبات مبالغ تربى على الحدود، وإنما يتسبب إلى تكثير العقوبات بأن يبادره بالتأديب مهما عاد، وإذا تخللت العقوبات في أثناء موجباتها، تعددت وتجددت، فلا يبرأ جلده عن تعزير وجلدات نكال، حتى تحل به عقوبة أخرى.

والمسلك الذي مهدناه يتضمن الزجر الأعظم، والردع الأتم واستمرار العقوبات مع تقدير المعاودات. فإن انكف بالقليل -

ص: 380