الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معذور لجهله (1).
الراجح:
من خلال عرض آراء الفقهاء وأدلتهم يتضح لي أن ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن كلام الجاهل لا يبطل الصلاة هو القول الراجح.
وذلك لما يلي:
1 -
دلالة السنة الصحيحة الثابتة في ذلك.
2 -
أن الجهل عذر من الأعذار المعتبرة في الشريعة الإسلامية.
(1) انظر: المغني 2/ 446، وسبل السلام 1/ 285.
المبحث الثالث: حكم كلام المكره في الصلاة:
اختلف الفقهاء في ذلك إلى قولين:
القول الأول: أنه يبطل الصلاة. وبه قال جمهور الفقهاء من الحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية في الصحيح (3)، والحنابلة في المذهب (4).
القول الثاني: أن كلام المكره لا يبطل الصلاة. وبه قال الشافعي في وجه (5)، والحنابلة في رواية (6).
(1) انظر: الهداية 1/ 61، والمبسوط 1/ 170.
(2)
انظر: الإشراف 1/ 91، وعقد الجواهر 1/ 161.
(3)
انظر: المجموع 4/ 80، ومغني المحتاج 1/ 196.
(4)
انظر: الفروع 1/ 487، والإنصاف 2/ 136.
(5)
انظر: الروضة 1/ 290، ومغني المحتاج 1/ 196.
(6)
انظر: المغني 2/ 448، والإنصاف 2/ 136.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 -
استدلوا بعموم الأحاديث السابقة الدالة على تحريم الكلام في الصلاة، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه:«إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس (1)» . وحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه قال: «أمرنا بالسكوت في الصلاة ونهينا عن الكلام (2)» .
2 -
أنه فعل ما يفسد الصلاة عمدا فتفسد صلاته قياسا على ما لو أكره على صلاة الفجر أربعا (3).
3 -
أن وقوع ذلك نادر فتبطله الصلاة لندوره (4).
أدلة أصحاب القول الثاني:
استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (5)» .
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة 1/ 381، 382 حديث رقم 537.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب أبواب العمل في الصلاة، باب ما ينهى عن الكلام في الصلاة 1/ 402 حديث رقم 1142، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة 1/ 383 حديث رقم 539 واللفظ له.
(3)
انظر: المغني 2/ 448.
(4)
انظر: المجموع 4/ 81.
(5)
أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق، باب المكره والناسي 1/ 659 حديث رقم 2045، وابن حبان وصححه. انظر: الإحسان 16/ 202. والحاكم 2/ 198 وقال: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي في التلخيص 2/ 198، وقال البوصيري: ((هذا إسناد جيد إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع))، وحسنه النووي، وصححه الألباني. انظر: مصباح الزجاجة 2/ 126، والمجموع 6/ 521، وصحيح سنن ابن ماجه 1/ 348.
وجه الدلالة:
أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المكره والناسي في العفو يقتضي صحة صلاة المكره على الكلام في صلاته؛ إذ لا ينسب إليه ذلك الكلام حقيقة كما لو أكره على إتلاف مال لم يضمنه (1).
اعترض عليه من وجهين:
1 -
أن الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته يحمل على رفع الإصر والإثم، لا على نفي الفساد بالإكراه أو نحو ذلك (2).
2 -
أن قياس الإكراه على النسيان قياس مع الفارق ولا يصح؛ لأن النسيان يكثر ولا يمكن التحرز منه بخلاف الإكراه (3).
وأجيب عن الاعتراض: بأن الحديث صحيح، وأن رفع الخطأ والنسيان والإكراه يقتضي رفع حكم كل منهما من الإثم وغيره (4).
الراجح:
من خلال ما سبق بيانه يتضح لي أن رأي الجمهور هو القول الراجح في هذه المسألة وذلك:
1 -
لقوة ما استدلوا به، وهو عموم الأحاديث السابقة الدالة على تحريم
(1) انظر: المغني 2/ 448.
(2)
انظر: المبسوط 1/ 171.
(3)
انظر: المغني 2/ 448.
(4)
انظر: الحاوي 2/ 178.