الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للشاك، فذاك أمر له بالتحري إذا أمكنه فيزول الشك. والثاني أمر له إذا لم يزل الشك ماذا يصنع، وهو كما يقال للحاكم: احكم ببينة، واحكم بالشهود، ونحو ذلك، فهذا مع الإمكان، فإذا لم يمكن ذلك رجع إلى الاستصحاب، وهو البراءة، كذلك المصلي الشاك يعمل بما يبين له الصواب، فإن تعذر ذلك رجع إلى الاستصحاب " (1) اهـ.
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 15.
المبحث الثالث: موضع سجود السهو لمن شك في عدد الركعات:
إذا شك المصلي في عدد الركعات في صلاته، فإنه يجب أن يسجد للسهو، ولكن هل يكون سجوده قبل السلام أو بعده؟ وقبل بيان ذلك لا بد من معرفة أصل المسألة، وهي: مكان وموضع سجود السهو عاما في أي سهو يقع للمصلي واختلاف الفقهاء فيه، ومن ثم نستطيع إلحاق مسألتنا هذه على حسب اختلاف الفقهاء في مسألة الأصل.
اختلاف الفقهاء في موضع سجود السهو: اختلف
الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن سجود السهو كله قبل السلام، سواء أكان عن النقصان أم الزيادة. قال بهذا أبو هريرة وسعيد بن المسيب والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن (1)، والأوزاعي، والليث بن سعد (2)، والشافعية (3)، ورواية عن أحمد بن حنبل (4).
القول الثاني: أن سجود السهو كله بعد السلام، سواء أكان عن النقصان أم الزيادة، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأنس بن مالك، والحسن البصري، والنخعي، وابن أبي ليلى (5)، وإليه ذهب أبو حنيفة (6)، والثوري (7).
(1) المجموع شرح المهذب 5/ 155.
(2)
التمهيد 5/ 32، والمجموع 4/ 155، والمغني 2/ 416.
(3)
الأم 1/ 130، والمجموع 4/ 110، 155.
(4)
المغني 2/ 416، والإنصاف 2/ 154.
(5)
المغني 2/ 416، 417.
(6)
شرح معاني الآثار 1/ 443، وشرح فتح القدير 1/ 498.
(7)
انظر: التمهيد 5/ 31.
القول الثالث: أنه يسجد للسهو كله قبل السلام إلا في موضعين:
الأول: إذا سلم من نقص في صلاته.
الثاني: إذا تحرى الإمام فبنى على غالب ظنه.
فإنه يسجد بعد السلام، وهذا قول أحمد بن حنبل.
القول الرابع: أنه إن كان السهو زيادة فالسجود له بعد السلام، وإن كان نقصانا من الصلاة فالسجود قبل السلام.
قال بهذا مالك (1)، وأبو ثور (2)، ورواية لأحمد بن حنبل (3)، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (4).
فعلى هذا يكون موضع سجود السهو لمن شك في عدد الركعات في الصلاة موضع اختلاف بين الفقهاء بناء على اختلافهم في الأصل.
فعلى هذا يكون سجود السهو لمن شك في عدد الركعات في الصلاة عند أبي حنيفة والثوري بعد السلام.
(1) المدونة 1/ 128، والتمهيد 5/ 29، 30، وقوانين الأحكام الشرعية ص 72.
(2)
انظر: التمهيد 5/ 30، والمغني 2/ 416.
(3)
المغني 2/ 416، والإنصاف 2/ 154.
(4)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 24.