الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أي حالة فقد، إذا رفعت زوجته أمرها للحاكم ضرب لها مدة أربع سنوات من حين رفعها، فإن جاء فذاك، وإلا اعتدت عدة المتوفى عنها، ثم يباح لها الزواج (1).
الراجح:
الذي يبدو أن المذهب الأخير هو الأولى؛ لأنه ليس مع أحد من أصحاب هذه المذاهب دليل، لا من الكتاب ولا من السنة، فبقي الأمر في ذلك عائدا إلى الاجتهاد والنظر في المصلحة، والمصلحة للمرأة الزواج؛ لأن عدم زواجها ومنعها منه إلى أن تعلم وفاته بيقين بقيام بينة أو مضي مدة لا يمكن أن يعيش بعدها - فيه ضرر بالغ وظاهر بالمرأة، فترجح مذهب من قال: إنها تنتظر أربع سنوات، فإن جاء وإلا اعتدت عدة الوفاة، ثم يباح لها الزواج، ولأن هذا مذهب خمسة من الصحابة، منهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين، فاتباعهم أولى. والله أعلم.
(1) مصنف عبد الرزاق 7/ 85، الإشراف 4/ 103، المحلى 10/ 139.
المسألة الثانية عشرة: التطليق للعجز عن النفقة:
إذا عجز الزوج عن الإنفاق على الزوجة لعسره بها، أو كان غنيا ولم يقدر الحاكم على أخذ النفقة منه، لصبره على الحبس وإخفاء ماله، فهل يجوز للحاكم أن يطلق زوجته منه بعد طلب الزوجة ذلك؟ للعلماء في ذلك مذهبان:
المذهب الأول: وبه قال جمهور العلماء: يجوز للحاكم تطليق الزوجة من زوجها للإعسار بالنفقة إذا طلبت ذلك من الحاكم (1).
(1) المغني 7/ 573 - 576، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 518 - 519، مغني المحتاج 3/ 442 - 444.
وحجتهم على ذلك:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (1). وإمساك المرأة بدون إنفاق عليها إضرار بها.
2 -
قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (2). وليس الإمساك مع ترك الإنفاق إمساكا بمعروف؛ فيتعين التسريح.
3 -
أن سعيد بن المسيب سئل عن رجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: يفرق بينهما. فقيل له: سنة؟ قال: نعم سنة. يقصد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 -
ولأن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا (3).
5 -
ولأنه يجوز لها الفسخ بالعجز عن الوطء - بالجب والعنة - وهو أقل ضررا فيجوز لها بالعجز عن النفقة من باب أولى؛ لأن البدن لا يقوم بدونها، بخلاف الوطء (4).
المذهب الثاني: وبه قال الأحناف: لا يجوز التفريق بعدم النفقة. وحجتهم على ذلك: أن الزوج إن كان معسرا فلا ظلم منه
(1) سورة البقرة الآية 231
(2)
سورة البقرة الآية 229
(3)
مسند الشافعي 2/ 65، وعنه البيهقي 7/ 469، وهو صحيح، إرواء الغليل 7/ 228.
(4)
المغني 7/ 547، مغني المحتاج 3/ 442.