الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منزلة العمل
من الإيمان عند أهل السنة
فضيلة الدكتور / صالح بن محمد العقيل (1).
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن معرفة الإيمان بالله عز وجل والعمل بها سعادة الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة، وكلما حقق مسائل الإيمان بالله وعمل بها على الوجه الشرعي زادت سعادته ولذته، فلا سعادة ولا طمأنينة إلا بالإيمان بالله عز وجل.
فالإيمان بالله عز وجل أصل الدين، وبه يخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويفرق بين السعداء والأشقياء، ومن يعادى ومن يوالى، والدين كله تابع لهذا، وكل مسلم محتاج إلى معرفة هذا (2).
وتأتي أهمية معرفة مسائل الإيمان من أمور عدة منها:
(1) عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قسم العقيدة.
(2)
انظر الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 7/ 289.
1 -
أن الإيمان هو أصل الدين.
2 -
أن الخلاف في الإيمان أول خلاف ظهر في الإسلام.
وكان الخوارج وهم أول الفرق ظهورا قد أظهروا المخالفة فسلبوا الإيمان عن مستحقيه، فكفروا خيار المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، زعموا أن مرتكب الكبيرة فاقد الإيمان، ثم قابلهم آخرون، زعموا أن إيمان أصحاب الكبائر كإيمان أبي بكر وعمر وأن زوال جميع عمل الجوارح لا يزيل الإيمان، وهؤلاء هم المرجئة القدماء ثم ازداد الإرجاء غلوا بإخراج عمل القلب من الإيمان كما تقوله الجهمية.
وهدى الله أهل السنة والجماعة فسلكوا الطريق القويم والصراط المستقيم، تمسكوا بما جاء عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يأخذوا بقول الخوارج ولا بقول المرجئة.
ولهذا كانت مسائل الإيمان جديرة بالاهتمام والعناية ودراستها وإيضاحها للناس كما دل عليها الكتاب والسنة أمر مطلوب شرعا.
فالخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث، ولا كالخطأ في غيره من الأسماء إذ كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق (1).
ومن المسائل المهمة في الإيمان ولها شأن عظيم فيه: مسألة منزلة
(1) انظر الفتاوى لشيخ الإسلام 7/ 395.
العمل من الإيمان، وتزداد أهميتها لمخالفة بعض أهل السنة فيها.
فمعتقد أهل السنة في الإيمان أنه قول وعمل، واعتقاد، هذه أركان الإيمان لا يتم إلا بها، فإذا تخلف واحد منه لم يصح الإيمان.
ووجوب العمل عند أهل السنة والجماعة ـ القائلين بأن الإيمان قول وعمل ـ وأنه ركن لا بد منه ظاهر بين لكل أحد، مبين في مصنفاتهم التي صنفوها في معتقدهم، وفي أقوالهم التي نقلت عنهم في هذا الشأن.
ومع هذا فقد أخطئ عليهم ونسب إليهم ما ليس من مذهبهم فقيل:
إن العمل عندهم شرط كمال لا شرط صحة، من فقد العمل جميعه وجاء بقول اللسان وعمل القلب فقط فهو مؤمن وليس بكافر.
قال الحافظ ابن حجر: السلف قالوا: اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله.
والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد، والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطا في صحته، والسلف جعلوها
شرطا في كماله.
والحديث عن صلة العمل بالإيمان، وبيان مذهب أهل السنة فيه، والجواب عن شبه المرجئة وإبطال مذهبهم طويل، وهو مدون في كتب أهل السنة، وخصوصا كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وفي هذا البحث أتطرق إلى ثلاث مسائل فقط.
الأولى: بيان بطلان نسبة قول "العمل شرط كمال في الإيمان" إلى أهل السنة.
الثانية: أوضح أن هذا القول هو: قول المرجئة القدماء.
الثالثة: أذكر الفرق بين قول أهل السنة، وقول الوعيدية.
وقد جعلته في ثلاثة مباحث وخاتمة، وسميته:
منزلة العمل من الإيمان عند أهل السنة والجماعة
والله أسأل التوفيق والسداد؛؛؛