الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترجيح:
لعل الراجح - والله أعلم - القول بجواز فتح غير المصلي على المصلي لوجاهة أدلته، في مقابل ضعف دليل من قال بعدم الجواز بما ورد عليه من مناقشة.
المطلب الثالث: أثر الفتح على غير الإمام
.
المسألة الأولى: أثر فتح المصلي على غير الإمام
.
إذا فتح المصلي على غير المصلي، أو على من في صلاة أخرى، أو على من معه في الصلاة فهل يؤثر ذلك الفتح في صلاته، خلاف بين الفقهاء على أربعة أقوال:
القول الأول: أن الفتح يبطل صلاة الفاتح مطلقا.
وهو الصحيح من مذهب الحنفية (1) وقول عند المالكية، (2) ورواية عند الحنابلة، (3).
القول الثاني: أن الفتح يبطل صلاة الفاتح إذا كان كثيرا، أو متكررا، وإن لم يكن كذلك لم يبطل. وهو قول عند الحنفية (4).
القول الثالث: التفصيل وهو أن الفاتح إن نوى بفتحه
(1) انظر: المحيط البرهاني 2/ 156، المبسوط 1/ 193، فتح القدير 1/ 400، البحر الرائق 2/ 6
(2)
انظر: شرح التلقين 2/ 655، مواهب الجليل 2/ 28، المنتقى 2/ 47
(3)
انظر: الفروع 2/ 269، الإنصاف 2/ 100، المبدع 1/ 487
(4)
انظر: المحيط البرهاني 2/ 156، العناية 1/ 104، منية المصلي: 269
التعليم بطلت صلاته وإن نوى القراءة لم تبطل صلاته.
وهو مذهب الشافعية (1) وقول عند الحنفية، (2) ورواية عند الحنابلة (3)
القول الرابع: أن صلاة الفاتح لا تبطل مطلقا.
وهو قول عند الحنفية (4) والمالكية، (5) والمشهور من مذهب الحنابلة (6).
الأدلة والمناقشة:
استدل من قال بأن الفتح يبطل الصلاة مطلقا بما يأتي:
1 -
أن الفتح في هذه الحالة يقدر كالكلام في الصلاة بغير القرآن؛ وذلك أنه لا حاجة إليه، وليس هو من مصلحة الصلاة (7).
2 -
أن قراءة المفتوح عليه - في هذه الحالة - ليست بقراءة للفاتح ولا علاقة بينهما، وإذا كان كذلك أصبحت قراءة الفاتح
(1) انظر: فتح العزيز 2/ 50، المعاني البديعة 1/ 180
(2)
انظر: المحيط البرهاني 2/ 155، العناية 1/ 401، حاشية ابن عابدين 1/ 622
(3)
انظر: الفروع 2/ 269، الإنصاف 2/ 100، المبدع 1/ 487.
(4)
انظر: التجريد للقدوري 2/ 595.
(5)
انظر: النوادر والزيادات 1/ 180، شرح التلقين 2/ 556، مواهب الجليل 2/ 28
(6)
انظر: المغني 2/ 460، الفروع 2/ 269، المبدع 1/ 487، الإنصاف 2/ 100
(7)
انظر: التجريد 2/ 595، شرح التلقين 2/ 655، شرح سنن أبي داود للعيني 4/ 129
كالخطاب له، وهو مما يبطل الصلاة (1).
واستدل من قال بأن الفتح يبطل الصلاة إذا كان كثيرا ولا يبطل بالقليل، أن الفتح في هذه الحالة ليس من أعمال الصلاة، بل من أعمال الناس، فيعفى عن القليل فيه كسائر الأعمال، ويؤثر كثيره، كما يؤثر الكثير من العمل (2).
ونوقش بأن الفتح في هذه الحالة - يعد من الكلام الأجنبي عن الصلاة، وهو مما لا يعفى فيه عن القليل. (3).
ويمكن مناقشته - أيضا - بأن الكثرة والقلة مما لا ينضبط، ثم هو تفريق بين متماثلين.
واستدل من قال بالتفصيل بحسب نية الفاتح بأنه إذا نوى التعليم فقد أدخل في الصلاة ما ليس من أفعالها، وكأنه نصب نفسه معلما، والتعليم ليس من الصلاة في شيء، وإذا كان كذلك فسدت صلاته، أما إذا نوى القراءة فقد خرج الفتح من أن يكون من كلام الناس، فلا تبطل به الصلاة (4).
ويناقش بأنه حتى لو نوى القراءة، فإنها ليست مجردة، بل تتضمن تعليما وتنبيها للغير، لأنه لو لم يخطئ لما قرأ الفاتح، لذلك لا
(1) انظر: الفروق للكرابيسي 1/ 46
(2)
انظر: شرح التلقين 2/ 655، شرح سنن أبي داود للعيني 4/ 129
(3)
انظر: فتح القدير 1/ 400، البحر الرائق 2/ 6
(4)
انظر: المحيط البرهاني 2/ 155، المبسوط 1/ 193
وجه للتفريق بالنية.
واستدل من قال بعدم بطلان صلاة الفاتح مطلقا بما يأتي:
1 -
أنه قرآن وفتح جائز، فلم يبطل الصلاة كالفتح على الإمام (1).
ونوقش بأن قياسه على الفتح على الإمام قياس مع الفارق، ذلك أنه إذا فتح على الإمام فقد تلا القرآن لإصلاح الصلاة، وصلاته مرتبطة بإمامه، أما إذا فتح على غير الإمام فلم يقصد إصلاح الصلاة، فصار كمن تلا يخاطب غيره (2) وأما أن الفتح قرآن فنعم لكن قراءة القرآن للمصلي ليست مشروعة في كل حال.
2 -
أن الفتح - في هذه الحالة - كالتسبيح بالمفتوح عليه لتنبيهه، فلا تبطل به الصلاة (3).
ويناقش بأنه قياس مع الفارق؛ لأن التسبيح إنما يكون لضرورة أو حاجة، أما الفتح فلا حاجة تدعو له.
الترجيح:
لعل الراجح - والله أعلم - القول بأن صلاة الفاتح تبطل في هذه الحالة مطلقا وذلك لوجاهة أدلته، في مقابل ضعف أدلة الأقوال
(1) انظر: التجريد للقدوري 2/ 598، المغني 2/ 460
(2)
انظر: التجريد 2/ 598
(3)
انظر: النوادر والزيادات 1/ 180