الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى القاضي الإفادة في النوازل من قرارات المجامع الفقهية المعتد بها، وإلا اجتهد في النازلة وقرر حكمها حسبما يظهر له شرعا وهكذا المفتي في جميع ما سلف.
المطلب الرابع: تفسير الحكم الكلي
.
التفسير في اللغة: الكشف، والبيان، والإيضاح.
والمراد بتفسير الحكم الكلي:
تفسير نصوص الحكم الكلي ببيان معناها ومطلقها ومقيدها ونحو ذلك، سواء كان نصا من كتاب أو سنة، أم من كلام أهل العلم (1).
فالحكم الكلي يتخذ صياغة مشتملة على الحكم التكليفي ومعرفاته، فإذا أراد القاضي والمفتى تنزيل الحكم على الواقعة فلا يمكنه ذلك إلا بعد فهم الحكم الكلي من هذه الصيغة، سواء كانت نصية من كتاب أو سنة، أم فقهية بأن يكون الحكم في صيغة فقهية قد قررها الفقيه واستنبطها من مصادر الاستدلال في الشرع، وسواء كان قاعدة أم فرعا (2).
(1) كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " 1/ 449.
(2)
المرجع السابق 1/ 450.
أهمية تفسير نصوص الأحكام الكلية عند تنزيل الحكم على الواقعة:
لا يكفي في تنزيل الحكم على الواقعة والفصل فيها وجود الحكم وتأثيره، بل لا بد من فهمه وتفسيره؛ إذ إن القاضي والمفتي لا يتمكن من القضاء والفتيا إلا بعد العلم بالواقعة وحكمها الكلي، فهو يعلم بما يقع ثم يحكم بما يجب، ولا يتمكن من تطبيق أحدهما على الآخر إلا بعد تفسيرهما وفهمهما، يقول ابن القيم (ت: 751هـ): (لا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:
أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما.
والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر) (1).
(1) إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 87.
ويقول الشاطبي (ت: 790هـ): " لا بد من نظره - يعنى: المفتي - فيه - أي: فيما يبلغه عن ربه - من جهة فهم المعاني من الألفاظ الشرعية. . . "(1).
فتفسير الحكم الكلي أحد العناصر الرئيسة في تنزيله على الواقعة، يقول ابن القيم (ت: 751هـ) - مبينا أهمية تفسير الحكم الكلي -: " ومعلوم أن الله - سبحانه - حد لعباده حدود الحلال والحرام بكلامه، وذم من لم يعلم حدود ما أنزل الله على رسوله، والذي أنزله هو كلامه، فحدود ما أنزل الله هو الوقوف عند الاسم الذي علق عليه الحل أو الحرمة، فإنه هو المنزل على رسوله وحده بما وضع له لغة أو شرعا بحيث لا يدخل فيه غير موضوعه، ولا يخرج منه شيء من موضوعه "(2).
فالقاضي والمفتي إذا توصلا إلى تفسير الحكم الكلي تفسيرا صحيحا استطاعا تنزيله على الواقعة - بعد تفسيرها وتقرير ثبوتها - تنزيلا مطابقا لذلك الحكم الكلي، وإن أخطأ في ذلك فإنه يخطئ في تنزيل الحكم على الواقعة، وسوف يكون تقريره لحكمه مجانبا للصواب غير ملاق للحكم الكلي. (3).
(1) الموافقات في أصول الشريعة 4/ 246.
(2)
إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 266.
(3)
كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " 1/ 453.