الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذا يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله عز وجل قد أمر بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون "(1).
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: " أمروا بأن يستغفروا لأصحاب محمد فسبوهم "(2).
قال النووي رحمه الله: " قال القاضي: الظاهر أنها قالت هذا عندما سمعت أهل مصر يقولون في عثمان ما قالوا، وأهل الشام في علي ما قالوا، والحرورية في الجمع ما قالوا. . "(3).
(1) رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة، حديث 18، ج: 1، ص59
(2)
رواه مسلم، كتاب التفسير، باب 15
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم 18/ 158
المطلب الثالث: النهي عن الإساءة إليهم أو سبهم
لقد نال الصحابة رضي الله تعالى عنهم مكانة كبيرة في الدين، ونظرا لهذه المكانة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن سبهم أو الإساءة إليهم بأي وجه؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه (1)» .
(1) رواه مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، حديث، 2540، ج: 4 ص1967، وابن حنبل في فضائل الصحابة، حديث 5، ج: 1 ص50
ولذا فإن من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، فقد بين القرآن الكريم أن المؤمنين يدعون ربهم طالبين سلامة قلوبهم من الغل للذين آمنوا وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (2).
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من سب الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فعن أنس بن مالك قال:«قال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنا نسب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا (3)» .
وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم من حفظني في أصحابي كنت له يوم القيامة حافظا
(1) ابن تيمية، العقيدة الواسطية، ص40
(2)
سورة الحشر الآية 10
(3)
رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة، حديث 8، ج:1، ص52
ومن سب أصحابي فعليه لعنة الله (1)».
ومن متطلبات عدم الإساءة إليهم وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه، وقد أجمع أهل السنة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عما كان بين الصحابة رضي الله عنهم، كما أجمع أهل السنة والجماعة على وجوب الاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم عملا بقول الله عز وجل:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (3).
(1) رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة، حديث 10، ج1، ص54
(2)
رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة، حديث 13، ج1، ص56
(3)
سورة الحشر الآية 10
ويجب الاعتقاد أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم مجتهدون في كل ما اتخذوه من مواقف، إن أصاب أحدهم فله أجران: أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا يقول أهل السنة والجماعة إنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا خطأ في ذلك.
والكثير مما روي من الأحاديث في مساوئهم موضوع، ومنه ما قد حرف بالزيادة فيه أو النقص وغير عن وجهه، أما الصحيح منه فهم فيه معذورون (1).
والقدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل جدا ومغفور في جانب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح. ومن نظر في تاريخهم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمهم على الله عز وجل (2)
ومن ثم لا ينبغي الإساءة إليهم بأي وجه من الوجوه. فالمسيء إليهم قال بكفره كثير من الأئمة استنادا إلى قوله تعالى: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (3).
(1) حافظ حكمي، معارج القبول ج:3، ص 1208
(2)
المرجع السابق، ج: 3، ص1029
(3)
سورة الفتح الآية 29