الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكتسبه من صفات القاضي وآدابه ممن يتدرب على أيديهم.
إن الإفتاء وكذا العمل القضائي يتطلب مهارة تستوعبه حتى لا يفسد المفتي أو القاضي أكثر مما يصلح؛ يقول الشافعي (ت: 204هـ) في المفتي: " المستفتي عليل، والمفتي طبيب، فإن لم يكن ماهرا بالطب، وإلا قتله "(1)، وهكذا القاضي.
(1) الفقيه والمتفقه 2/ 86.
المبحث الأول: الحكم الكلي
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: أقسام الحكم الكلي وتحليله
.
سبق تعريف الحكم الكلي وأنه في الاصطلاح: مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء، أو تخيبرا أو وضعا (1).
أقسام الحكم الكلي:
إن تعريف الحكم الكلي السابق ينبئك عن أقسام الحكم وأنه على قسمين:
الأول: الحكم التكليفي.
الثاني: الحكم الوضعي.
وبيانهما فيما يلي:
القسم الأول: الحكم التكليفي:
وهو مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء،
(1) انظر: التمهيد لهذا البحث.
أو تخييرا (1)، أو صحة، بطلانا.
القسم الثاني: الحكم الوضعي (معرفات الحكم):
وهو مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين وضعا بكون الشيء سببا، أو شرطا، أو مانعا لشيء آخر (2).
ومعنى كونه وضعيا: أن الشرع وضع (أي: شرع) أمورا هي الأسباب، والشروط، والموانع، تعرف عند وجودها بفعلها من المكلف أحكام الشرع من نفي أو إثبات؛ فالأحكام توجد بوجود الأسباب والشروط، وتنتفي بانتفاء الأسباب والشروط أو وجود الموانع (3).
فالشرع هو الذي وضع (شرع) الأحكام عند وجود أسبابها وشروطها وانتفاء موانعها من المكلف؛ ذلك أن التكليف بالشريعة دائم إلى قيام الساعة، وخطاب الشارع غير مستمر الورود؛ إذ إنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحيان، وبقيت دلالتهما
(1) شرح مختصر الروضة 1/ 261، نظرية الحكم ومصادر التشريع في أصول الفقه الإسلامي 32.
(2)
شرح مختصر الروضة 1/ 412، نظرية الحكم ومصادر التشريع في أصول الفقه الإسلامي 123.
(3)
شرح مختصر الروضة 1/ 411.
مستمرة إلى قيام الساعة، ولذلك نصب الشارع أشياء تكون أعلاما على حكمه ومعرفات له يعرف بها حكم الشرع عند نزولها وحدوثها من العباد، ألا وهي الأسباب، والشروط، والموانع، فالشرع هو الذي حكم بكونها أوصافا مؤثرة، وهو الذي حكم بتأثيرها، فأنتجت حكما تكليفيا، فكان ذلك كالقاعدة الكلية في الشريعة تحصيلا لدوام حكمها مدة بقاء المكلفين في دار التكليف، وهذا فيه رد على الذين يحكمون بتأثير الحوادث من الأسباب والشروط والموانع بعقولهم من غير رد إلى الشرع.
تحليل الحكم الكلي إلى شطرين:
إذا كان الحكم التكليفي هو الأصل، وهو المراد بالتكليف، وأن الحكم الوضعي معرف له؛ لأنه الأحكام الوضعية أوصاف وأعلام ومعرفات للحكم التكليفي، ولا قيام له إلا بهذه الأعلام والمعرفات - فإن الحكم الكلي في حقيقته يتحلل إلى شطرين هما: الحكم الوضعي (معرفات الحكم)، والحكم التكليفي.