الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد
فيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الفتح وأسماؤه.
الفتح في اللغة العربية: الفاء والتاء والحاء أصل صحيح يدل على خلاف الإغلاق يقال فتح الباب وأزال إغلاقه، ويطلق الفتح في اللغة على الحكم وعلى النصر والظفر، وفتح عليه هداه وأرشده (1).
الفتح في الاصطلاح: عرف بأنه "تلقين الآية عند التوقف فيها أو الخطأ"(2). وقيل هو "الرد عليه إذا غلط"(3).
وقيل فتح عليه "قرأ ما ارتج عليه ليعرفه"(4).
والعلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي ظاهرة؛ لأن من فتح على غيره بالقراءة فقد أزال إغلاقه، ونصره، وأرشده.
وتسميته بالفتح هي الأشهر والغالب فيما ورد في الآثار وإطلاق الفقهاء، ويسمى التلقين (5).، وقد وردت تسميته تلقينا في بعض الآثار - كما سيأتي إن شاء الله - ويسميه بعض الفقهاء الرد (6)، ويسميه
(1) انظر: معجم مقاييس اللغة 4/ 469، بسان العرب 2/ 536، القاموس المحيط: 297، المعجم الوسيط 2/ 671
(2)
شرح الخرشي 3/ 78، معني المحتاج 1/ 158، النهاية في غريب الحديث 3/ 407
(3)
الممتع في شرح المقنع 1/ 463، فتح الملك عبد العزيز بشرح الوجيز 2/ 102
(4)
المصباح المنير:175
(5)
انظر: النوادر والزيادات 1/ 179، المنثور في القواعد 1/ 401، شرح سنن أبي داود للعيني 4/ 129
(6)
انظر: المغني 2/ 454، الممتع في شرح المقنع 1/ 463
بعضهم إفتاء (1)، ولعل ذلك لما فيه من التعليم.
وقد يسمى بالتذكير أخذا من «قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي "فهلا ذكرتنيها (2)» . يعني الآية التي التبست عليه صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.
المطلب الثاني: حال المصلي وهيئته:
الصلاة عبادة عظيمة، وشعيرة جليلة، حيث يقف المسلم بين يدي ربه وخالقه - جل وعلا - وهذا الموقف له من الخصوصية في الأقوال والأفعال والهيئة ما ليس لغيره من العبادات، وقد اتفق الفقهاء رحمهم الله على أنه يشرع للمصلي أن يكون حاضر القلب خاشعا في صلاته ساكن الجوارح متدبرا مبتعدا عن كل قول أو فعل أجنبي عن الصلاة. .
قال الله تعالى في وصف المؤمنين: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (3).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعقلي وعصبي (4)» . . .
(1) انظر: المحلي 4/ 3، النوادر والزيادات 1/ 180
(2)
سنن أبي داود الصلاة (907)، مسند أحمد (4/ 74).
(3)
سورة المؤمنون الآية 2
(4)
رواه مسلم في صحيحه، من كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في الصلاة 1/ 535
ومع اتفاق العلماء على مشروعية ذلك إلا أنهم مختلفون في حكمه من حيث الوجوب وعدمه، ومختلفون - أيضا - فيما يبطل الصلاة من عدم الخشوع والكلام والفعل الأجنبي، وضوابط ذلك مذكورة في مواضعها (1).
ومع هذا الأصل أو القاعدة لهيئة المصلي وما ينبغي أن يكون عليه إلا أن هناك استثناءات من هذا الأصل، ثبتت بالأدلة، كأن يفعل المصلي أو يقول شيئا مخالفا للصلاة، لضرورة أو حاجة أو مصلحة مثل الإشارة باليد، أو تنبيه من يخشى عليه الهلاك، ومثل تنبيه الإمام، والفتح عليه، أو على غيره (2)، من هنا يعلم أن الفتح في الصلاة يعد مما استثني في أحكام الصلاة.
ولهذا يتكلم عنه بعض الفقهاء في صفة الصلاة، وبعضهم يذكره أثناء الحديث عن الخشوع في الصلاة، ومنهم من يتطرق له في باب ما يبطل الصلاة وما يجوز فيها.
كما أن فتح المأموم على إمامه - خاصة - يعد من مسائل ارتباط صلاة المأموم بإمامه، ولهذا يختلف في حكمه وتأثيره عن الفتح على غيره - كما سيأتي - إن شاء الله.
(1) انظر المراجع السابقة
(2)
انظر: المبسوط 1/ 170، شرح الخرشي 1/ 330، المجموع 4/ 85، المغني 2/ 451 وما بعدها
المطلب الثالث: تعاهد (1) القرآن:
يشرع لمن حفظ القرآن أو بعضا منه أن يتعاهد حفظه، ويستذكره حتى لا يتفلت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها (2)»
ويقول عليه الصلاة والسلام: «استذكروا القرآن (3)» ومثل تعاهد الحفظ والعناية بتصحيح التلاوة.
ويتأكد هذا التعاهد والتصحيح في حق من يحتاج إلى حفظه كالمفتي، والعالم، وإمام الصلاة، حيث يلحظ أن بعض الأئمة لا يتعاهدون حفظهم أو يقرأون آيات لم يحفظوها جيدا مما يدعو المأمومين إلى الفتح عليهم، وربما أكثر من مرة، وقد لا يوجد من المأمومين من يستطيع الفتح فيحصل شيء من التشويش، والإرباك، كما هو مشاهد.
(1) التعاهد هو المحافظة على التلاوة، انظر: دليل الفالحين 3/ 496.
(2)
رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، فتح الباري 9/ 79.
(3)
رواه البخاري في الموضوع السابق.