الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل القائلون بفساد صلاة الإمام أن الفتح في هذه الحالة تلقين وتلقن من غير ضرورة أو حاجة (1).
ويناقش بأنه حتى لو لم يكن هناك ضرورة فالقول بفساد صلاته حكم يحتاج إلى دليل، ولا دليل صريح، ثم إن الأصل الصحة.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - القول بصحة صلاة الإمام وعدم فسادها لوجاهة أدلة هذا القول في مقابل ضعف القول الآخر بما ورد على دليله من مناقشة.
(1) انظر: العناية 1/ 401، شرح سنن أبي داود للعيني 4/ 129.
المبحث الثاني: الفتح على غير الإمام
وفيه ثلاث مطالب:
المطلب الأول: فتح المصلي على غير إمامه
.
لهذه المسألة ثلاث صور:
الصورة الأولى: فتح المصلي على غير المصلي "على من ليس في صلاة" كما لو كان مصل وبجانبه شخص يقرأ، فهل يفتح المصلي عليه إذا أخطأ؟
الصورة الثانية: فتح المصلي على مصل آخر ليس معه في الصلاة. كما لو كانا يصليان النافلة مثلا بجانب بعض، وجهر أحدهما بالقراءة وسمعه الآخر وفتح عليه.
وقد اختلف الفقهاء في هاتين الصورتين على ثلاثة أقوال:
القول الأول: عدم جواز الفتح في هاتين الصورتين.
وهو مذهب الحنفية (1)، والمشهور من مذهبي المالكية (2)، والحنابلة (3).
القول الثاني: كراهة الفتح.
وهو قول للمالكية (4)، والحنابلة (5).
القول الثالث: جواز الفتح.
وهو مذهب الشافعية (6) واختيار الشوكاني (7)، والذي يفهم من كلام ابن القيم (8) - رحمهما الله -.
الأدلة والمناقشة:
استدل القائلون بعدم الجواز بما يأتي:
(1) انظر: المبسوط 1/ 193، بدائع الصنائع، 1/ 36، فتح القدير، 1/ 400، الدر المختار 1/ 622.
(2)
انظر: الكافي 1/ 244، التفريع 1/ 227، البيان والتحصيل 1/ 463، والنوادر والزيادات 1/ 180.
(3)
انظر: المغني 2/ 460، الإنصاف 2/ 100، كشاف القناع 1/ 379.
(4)
انظر: شرح التلقين 1/ 655، مواهب الجليل 2/ 28
(5)
انظر: الفروع 2/ 270، المبدع 1/ 487، شرح منتهى الإرادات 1/ 201.
(6)
انظر: فتح العزيز 2/ 50، المعاني البديعة 1/ 180.
(7)
انظر: نيل الأوطار 2/ 340.
(8)
انظر: إعلام الموقعين 1/ 275، 276.
1 -
أنه يوجب انشغال المصلي بالاستماع إلى غير من يشرع الاستماع إليه (1)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن في الصلاة لشغلا (2)» .
أنه لا ارتباط بين المصلي وبين غيره، بخلاف ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه (3).
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل جالس بين يدي المصلي يقرأ فإذا أخطأ فتح عليه المصلي فقال: كيف يفتح إذا أخطأ هذا؟! وتعجب من هذه المسألة (4).
واستدل من قال بالكراهة بما يأتي:
1 -
أنه لا حاجة إلي هذا الفتح. (5).
2 -
أن الفاتح لم يقصد إصلاح صلاته، فهو كالمخاطبة (6).
3 -
للاختلاف في بطلان صلاة الفاتح في هاتين الصورتين (7).
(1) انظر: المغني 2/ 460، الشرح الممتع على زاد المستقنع 3/ 206.
(2)
رواه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، فتح الباري 3/ 72، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، 2/ 78.
(3)
انظر: الشرح الممتع على زاد الستقنع 3/ 206.
(4)
انظر: المغني 2/ 460.
(5)
انظر: كشاف القناع 1/ 379
(6)
انظر: التجريد للقدوري 2/ 598
(7)
انظر: حاشية الروض المربع لابن قاسم 2/ 106.
ويمكن مناقشتها بأنها أدلة فيها وجاهة، لكنها توجب القول بعدم الجواز وليس مجرد الكراهة.
واستدل من قال بالجواز بأن فتح المصلي على الإمام ثبتت مشروعيته بالأدلة فيقاس عليه غير الإمام، بجامع أن الفتح فيهما تلاوة (1).
ويناقش بعدم التسليم بهذا القياس؛ لأنه مخالف للأصل وهو المنع من الفتح مطلقا، وإنما اقتصر فيه على الفتح على الإمام لوجود الأدلة المخصصة لذلك.
ثم إنه لا وجه لقياس غير المصلي على الإمام؛ لأنه لا علاقة للفاتح به بعكس علاقته بإمامه وارتباط صلاته بصلاته.
الترجيح:
لعل الراجح - والله أعلم - القول بعدم جواز فتح المصلي على غير إمامة لوجاهة أدلة هذا القول، في مقابل ضعف أدلة القولين الآخرين بما ورد عليهما من مناقشة، وقد اختار هذا القول الشيخ محمد العثيمين (2) رحمه الله.
الصورة الثالثة: فتح المصلي على من معه في الصلاة نفسها.
ويتصور ذلك فيما لو جهر مأموم بالقراءة، وسمعه من بجانبه
(1) انظر: إعلام الموقعين 1/ 275، نيل الأوطار 2/ 340
(2)
انظر: الشرح الممتع على زاد المستنقع 3/ 206.
وفتح عليه وهذه الصورة - نادرة الوقوع فيما يبدو.
وقد اختلف فيها الفقهاء على قولين:
القول الأول: عدم جواز الفتح في هذه الصورة.
وهو مذهب الحنفية (1)، وقول عند المالكية (2)، ومقتضى مذهب الحنابلة، لأنهم يرون تحريم فتح المصلي على غير إمامه - مطلقا - كما تقدم في الصورتين السابقتين.
القول الثاني: جواز فتح المصلي في هذه الصورة.
وهو قول للمالكية (3)، ومقتضى مذهب الشافعية؛ لأنهم يرون جواز فتح المصلي على غير المصلي - كما تقدم - وهذه الصورة أولى بالجواز.
الأدلة والمناقشة
استدل من قال بعدم الجواز بأن الفتح - في هذه الحالة - تعليم من غير حاجة ولا مصلحة (4).
ولم أجد دليلا لمن قال بالجواز في هذه الصورة، وقد يكون دليلهم هو دليل من قال بجواز الفتح في الصورتين السابقتين، ويناقش
(1) انظر المبسوط 1/ 193، بدائع الصنائع 1/ 236، شرح العناية /401، البحر الرائق 2/ 6.
(2)
انظر: مواهب الجليل 2/ 28
(3)
انظر: مواهب الجليل 2/ 28.
(4)
انظر: بدائع الصنائع 1/ 236، البحر الرائق 2/ 6.