الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيهم وإنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم، وما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنائه عليهم، وفضائلهم ومناقبهم وحبهم، ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور، والوسائط من المنقول والطعن في الوسائط طعن في الأصل، والازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول هذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق ومن الزندقة والإلحاد في عقيدته " (1).
(1) الكبائر - الذهبي. ص237
الخاتمة:
والسؤال الآن: ما الموقف الذي ينبغي على المسلم أن يقفه في كل العصور تجاه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حدث بينهم؟ وما دور المسلمين في الدفاع عن الصحابة وإظهار حقيقة ما حدث بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وبيان أن هذا لا يقلل من مكانتهم؟ وما الواجبات التي يتحتم على المسلم في عصرنا بل في كل العصور القيام بها؟
لقد لخص الإمام ابن تيمية الموقف الأمثل الذي ينبغي على المسلم أن يقفه في كل العصور تجاه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حدث بينهم فقال إن المؤمنين: "يمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو
كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم. وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان
قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتي بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور. ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله (1).
وعلى المسلم في عصرنا أن يدرك "أن عامة الأئمة المجتهدين يصرحون بأنه ليس لنا أن نخرج عن أقاويل الصحابة"(2).
ويستخلص من كلام الإمام ابن تيمية عدة واجبات يتحتم على المسلم في عصرنا بل في كل العصور القيام بها، تتمثل فيما يلي:
(1) ابن تيمية، العقيدة الواسطية، ج 1، ص 44، 45
(2)
ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ج 3، ص 406
1 -
الإمساك عما شجر بين الصحابة.
2 -
العلم بأن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه.
3 -
ينبغي عذرهم بما وقع منهم من أحداث جاءت في الصحيح من الآثار المروية عنهم؛ فهم إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون.
4 -
لا يعتقد المسلم أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.
5 -
معرفة أن للصحابة من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.
6 -
معرفة أنه إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتي بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
7 -
وجوب التنبه إلى أن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح.
8 -
العلم اليقين بأنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمهم على الله.
9 -
ينبغي عدم الخروج عن أقوال الصحابة إذا لم تخالف نصا من الكتاب والسنة.
ولاشك أن عدم معرفة هذه الحقائق في زماننا هذا نتج عنه أخطار على المسلمين، لعل من أهمها ضياع مفهوم القدوة، وعدم الاقتداء بالصحابة العظام. ومن ثم البحث عن قدوة مخالفة، وهي غالبا ما تكون من الغرب المليء بالإباحية والفحش.
بل في بعض الأحيان يؤدي عدم معرفة قدر الصحابة إلى الشك في الدين، والابتعاد عن مفهوم المجتمع الإسلامي.
ولذا لا بد من التحذير من جهل الناس بهذه المسألة المهمة، وتبصير عامة المسلمين بحقيقة مكانة الصحابة الكرام ومعرفة فضلهم، وهذه أو خطوة نحو إقامة المجتمع المسلم الذي يقتدي بالصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا يشكلون المجتمع المسلم الأول، وهو خير
المجتمعات على وجه الإطلاق.
ولذا فإننا نوصي أنفسنا وغيرنا بعدة أمور:
1 -
على المسلمين أن يفهموا جيدا حياة الصحابة وأن يقتدوا بهم إذا أرادوا العودة إلى سالف مجد المسلمين وقوتهم.
2 -
على المفكرين الغربيين والعلمانيين العرب أن يعيدوا النظر في تاريخ الصحابة بأعين مجردة عن الهوى إذا أرادوا تحقيق مصلحة البشرية ومعرفة الطريق الأمثل لحياة الإنسان الفاضل.
3 -
لا بد من زيادة الجهود الإعلامية: مرئية ومسموعة ومكتوبة، التي تظهر عظمة الصحابة ومواقفهم المثالية، وأن يكون الجزء الأكبر من هذه الجهود باللغات الأجنبية لتعريف الغرب بحقيقة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
4 -
على الدول العربية والإسلامية أن تتخلى عن إظهار شخصيات الغرب بشكل مثالي، فقد أثبتت التجارب أنها لا تصلح لأن تكون قدوة لنا، كما أثبتت التجارب نجاح الصحابة في إقامة أفضل مجتمع عرفته الإنسانية.
5 -
يجب توعية الناس المتأثرين بالشخصيات الغربية في بعض البلدان بخطورة ذلك، وأن من الضروري العودة لحياة الصحابة للأخذ منها والاقتداء بها.
صفحة فارغة
الفتح في الصلاة
لفضيلة الدكتور/ زيد بن سعد الغنام (1).
المقدمة:
الحمد لله الذي شرع الصلاة للمؤمنين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، خير من صلى وصام وعبد ربه حتى أتاه اليقين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين. . وبعد:
فإن الصلاة عمود الإسلام، وأحد أركانه العظام، وأول ما يحاسب عليه العبد، وهي أكثر العبادات البدنية التي يؤديها المسلم، ولاحظ في الإسلام لمن تركها، وتتميز الصلاة - فرضا كانت أو نفلا - بكثرة مسائلها ومعرفتها حتى يعبد المسلم ربه على بصيرة، ومن مسائل الصلاة المتعلقة بالقول الفتح بالقراءة على الإمام وعلى غيره، وما يترتب عليه من آثار، ولقد رأيت مستعينا بالله الكتابة في هذا الموضوع الفقهي " الفتح في الصلاة "، وذلك لأسباب آلاتية:
1 -
أنه من مسائل الصلاة التي هي أهم أركان الإسلام بعد
(1) عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الشهادتين، ولذا كان جديرا بالبحث.
2 -
الحاجة لمعرفة أحكام الفتح في الصلاة، وذلك لكثرة وقوعه، وبخاصة الفتح على الإمام في صلاة الجماعة، وقيام رمضان.
3 -
تعدد فروع هذا الموضوع، وكون بعضها يحتاج للتخريج الفقهي، مما يعطي دافعا قويا لبحثه.
4 -
أن هذا الموضوع لم يفرد ببحث مستقل - فيما أعلم - حتى إن الكتب والرسائل المؤلفة في الصلاة عموما أو في بعض مسائلها كالإمامة، والقراءة ونحوها لم تتعرض لهذا الموضوع إلا مجرد إشارات موجزة لبعض مسائله كما في بيان حكم الفتح على الإمام فقط.
منهج البحث:
اتبعت في كتابة هذا البحث المنهج الآتي:
1 -
تصوير المسألة وتحرير محل الخلاف الفقهي - إن وجد -.
2 -
الاقتصار على رأي المذاهب الفقهية الأربعة، وربما ذكرت رأي غيرهم أحيانا، فإن كانت المسألة محل اتفاق ذكرت اتفاقهم وأتبعته بالأدلة، وإن كانت المسألة خلافية ذكرت الأقوال ثم الأدلة ووجه الاستدلال، والمناقشات الواردة ثم الترجيح مع بيان سببه وربما اجتهدت في الاستدلال والمناقشة، وبحث بعض المسائل المعاصرة.
3 -
توثيق أقوال المذاهب من مصادرهم الأصلية، وإذا لم أجد قولا صريحا لمذهب في مسألة سلكت مسلك التخريج الفقهي.
4 -
التركيز على موضوع البحث، وتجنب الاستطراد، مع العناية بضرب الأمثلة الواقعية عند المناسبة.
5 -
ترقيم الآيات وذكر اسم السورة، وتخريج الأحاديث النبوية والآثار من كتب السنة مع بيان ما ذكره أهل الاختصاص في درجتها والحكم عليها - إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما - فإن كانت اكتفيت بذلك.
6 -
لم أترجم للأعلام مراعاة للاختصار. 7 - وضعت خاتمة تعطي فكرة عامة عما تضمنه البحث وأبرز نتائجه.
8 -
وضعت فهرسا للمصادر وآخر للموضوعات.
خطة البحث:
انتظم هذا البحث في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة:
المقدمة: وفيها أهمية الموضوع وسبب اختياره، والمنهج المتبع في بحثه، والخطة.
التمهيد: وفيه ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: تعريف الفتح وأسماؤه.
المطلب الثاني: حال المصلي وهيئته.
المطلب الثالث: تعاهد القرآن.
البحث الأول: الفتح على الإمام، وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: حكم الفتح على الإمام.
المطلب الثاني: وقت الفتح على الإمام.
المطلب الثالث: إلجاء الإمام المأمومين للفتح عليه.
المطلب الرابع: تعدد الفاتحين على الإمام.
المطلب الخامس: الفتح من المرأة على الإمام.
المطلب السادس: أثر الفتح على الإمام.
المبحث الثاني: الفتح على غير الإمام وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: فتح المصلي على غير إمامه.
المطلب الثاني: فتح غير المصلي على المصلي.
المطلب الثالث: أثر الفتح على غير الإمام.
المبحث الثالث: محل الفتح، والفتح من المصحف، واثر الفتح في اليمين "مسائل متفرقة في الفتح"
المطلب الأول: محل الفتح، وما يكون فيه.
المطلب الثاني: الفتح من المصحف في الصلاة.
المطلب الثالث: أثر الفتح في اليمين.
الخاتمة: وفيها أهم نتائج وفوائد البحث.
وبعد فأحمد الله تعالى إلي إتمام هذا البحث، فما كان فيه من
صواب فمن الله سبحانه، وما فيه من نقص أو خطأ فمني وأستغفر الله من ذلك وأسأله - جل وعلا - أن يجعله عملا مقبولا نافعا، إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.