المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: تفسير الواقعة القضائية - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌شرب دم الضب للسعال الديكي

- ‌من الضرورات التي تبيح نقل الدم

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم قول أهل الميت للناس:(حللوا أخاكم) أو (أبيحوه) ونحوهما

- ‌حكم توزيع أوراق يبين فيها مكان الصلاة والعزاء

- ‌حكم القصائد التي فيها رثاء للميت

- ‌حكم الصبر والشكر والرضا عند المصيبة

- ‌حكم النياحة على الميت

- ‌حكم من أوصى بعدم النياحة فناحوا عليه

- ‌دمع العين وحزن القلب لا بأس به

- ‌الميت يعذب بالنياحة

- ‌ وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم

- ‌من بدع الجنائز

- ‌ الاهتمام بالزكاة كباقي أركان الإسلام

- ‌إخراج زكاة الفطر نقدا

- ‌النصاب من شروط وجوب الزكاة

- ‌إذا بلغ الباقي بعد النفقة نصابا ففيه زكاة

- ‌كلما حال الحول على المال ففيه زكاة

- ‌كيفية ضبط الحول

- ‌حكم زكاة أموال الصدقة

- ‌حكم زكاة أموال الصناديق الخيرية

- ‌المال المجموع من عدة أفراد للتعاون على الخير لا يزكى

- ‌حكم الزكاة في المبالغ المرصودةتعويضا عن نزع ملكيات العقار

- ‌حكم زكاة المال الموصى به

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌تناول دواء لإيقاف العادة الشهرية في شهر رمضان

- ‌ السهر ليالي رمضان

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ كشف المنكبين في الصلاة

- ‌ الصلاة في النظارات الطبية

- ‌ حكم صلاة من يحمل صورة

- ‌ حكم الصلاة على الفرش المحتوية على الرسوم

- ‌منزلة العملمن الإيمان عند أهل السنة

- ‌المبحث الأول: بطلان نسبة هذا القول لأهل السنة

- ‌المبحث الثاني: هذا القول هو قول المرجئة القدماء

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين مذهب أهل السنة ومذهب الوعيدية

- ‌الخاتمة:

- ‌القول المبين في الصحابةوحقوقهم على المسلمين

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: التعريف بالصحابة وأشهر المصنفات فيهم

- ‌المطلب الأول: التعريف بالصحابة:

- ‌المطلب الثاني: أشهر المصنفات المطبوعة في الصحابة:

- ‌المبحث الثاني: فضائل الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الأول: فضائل الصحابة رضي الله عنهم إجمالا:

- ‌المطلب الثاني: فضائل بعض الصحابة بأعيانهم:

- ‌المطلب الثالث: ترتيب الصحابة في الفضل:

- ‌المبحث الثالث: حقوق الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الأول: احترامهم والثناء عليهم:

- ‌المطلب الثاني: الدعاء لهم

- ‌المطلب الثالث: النهي عن الإساءة إليهم أو سبهم

- ‌المبحث الرابع: منزلة فضائل الصحابة وحقوقهم من الدين

- ‌المطلب الأول: محبتهم دين وإيمان

- ‌المطلب الثاني: محبتهم من محبة الله ورسوله

- ‌المطلب الثالث: التعريف بحقوقهم وفضائلهم من حق المسلم على أخيه

- ‌الخاتمة:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: الفتح على الإمام وفيه ستة مطالب

- ‌المطلب الأول: حكم الفتح على الإمام

- ‌المطلب الثاني: وقت الفتح على الإمام

- ‌المطلب الثالث: إلجاء الإمام المأمومين للفتح عليه

- ‌المطلب الرابع: تعدد الفاتحين على الإمام:

- ‌المطلب الخامس: الفتح من المرأة على الإمام

- ‌المطلب السادس: أثر الفتح على الإمام

- ‌المسالة الأولى: أثر الفتح على الموالاة في قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الثانية: أثر الفتح على الإمام في صلاة المأموم

- ‌المسألة الثالثة: أثر فتح المأموم في صلاة الإمام

- ‌المبحث الثاني: الفتح على غير الإمام

- ‌المطلب الأول: فتح المصلي على غير إمامه

- ‌المطلب الثاني: فتح غير المصلي على المصلي

- ‌المطلب الثالث: أثر الفتح على غير الإمام

- ‌المسألة الأولى: أثر فتح المصلي على غير الإمام

- ‌المسألة الثانية: أثر فتح غير المصلي على المصلي

- ‌المبحث الثالث: محل الفتح، والفتح من المصحف، وأثر الفتح في اليمين، مسائل متفرقة في الفتح

- ‌المطلب الأول: محل الفتح وما يكون فيه

- ‌المطلب الثاني: الفتح في الصلاة من المصحف

- ‌المطلب الثالث: أثر الفتح في اليمين

- ‌الخاتمة:

- ‌تنزيل الأحكام على الوقائع القضائية والفتويةفي الفقه الإسلامي

- ‌المقدمة:

- ‌التمهيد:

- ‌ تعريف تنزيل الأحكام على الوقائع

- ‌مشروعية تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌حكم تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌ضوابط تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌الاجتهاد في تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌درجة الاجتهاد المطلوبة عند تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌ما يلزم للقاضي والمفتي عند الاجتهاد في تنزيل الأحكام على الوقائع:

- ‌تأهيل القاضي والمفتي بالخبرة والتجربة:

- ‌المبحث الأول: الحكم الكلي

- ‌المطلب الأول: أقسام الحكم الكلي وتحليله

- ‌المطلب الثاني: صفات الحكم الكلي

- ‌المطلب الثالث: تحديد الحكم الكلي وبناؤه على الأصول

- ‌المطلب الرابع: تفسير الحكم الكلي

- ‌المبحث الثاني: الواقعة القضائية

- ‌المطلب الأول: أهمية الواقعة القضائية وأقسامها

- ‌المطلب الثاني: تعريف الواقعة القضائية المؤثرة، وشروطها

- ‌المطلب الثالث: تنقيح الواقعة القضائية المراد به ووسيلته ومراحله المراد به:

- ‌المطلب الرابع: إثبات الواقعة القضائية

- ‌المطلب الخامس: تفسير الواقعة القضائية

- ‌المبحث الثالث: أصول تنزيل الأحكام على الوقائع

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الرابع: وسائل تنزيل الأحكام على الوقائع القضائية وطريقة تقريره، ومراحله

- ‌المطلب الأول: وسائل تنزيل الأحكام على الوقائع القضائية

- ‌المطلب الثاني: طريقة تقرير تنزيل الأحكام على الوقائع القضائية

- ‌المطلب الثالث: مراحل تنزيل الأحكام على الوقائع القضائية

- ‌الخاتمة:

- ‌المبحث الأول: التفرد

- ‌المبحث الثاني: حكم المرسل والاحتجاج به

- ‌المبحث الثالث: تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد

- ‌المبحث الرابع: قاعدة: فلان لا يروي إلا عن ثقة غالبية

- ‌خاتمة:

- ‌بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءفي حكم الذهاب إلى السحرة من أجل المعالجة

الفصل: ‌المطلب الخامس: تفسير الواقعة القضائية

‌المطلب الخامس: تفسير الواقعة القضائية

.

المراد بتفسير الواقعة القضائية:

المراد بلفظ (التفسير) في اللغة: الكشف، والبيان، والإيضاح (1).

والمراد بتفسير الواقعة القضائية هنا: بيان معاني ودلالات الأقوال والأفعال، والسكوت والأحوال الواقعة في التصرفات، والواردة في الدعوى والإجابة، وطرق الحكم والإثبات من الشهادة ونحوها من الأوصاف والوقائع المؤثرة في الحكم القضائي (2).

أهمية تفسير الواقعة القضائية ومشروعيته:

لا بد لكل واقعة قضائية من تصورها، وتنقيحها، وبيان تأثيرها، وثبوتها بطرق الحكم، وبيان وجه الدلالة منها وانتفاء معارضها، وكل ذلك لا يتحقق إلا بعد تفسيرها، وفهمهما بالطرق المقررة (3).

وما ذلك إلا لأنه كما يقول القرطبي (ت 671هـ): " الأحكام تختلف باختلاف العبارات، والدعاوى، والإقرارات، والشهادات، والشروط التي تتضمن حقوق المحكوم له "(4).

(1) مقاييس اللغة 5/ 504، مختار الصحاح 503، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 2/ 472.

(2)

كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " 2/ 141.

(3)

فتاوى السبكي 2/ 122، 123، شرح عماد الرضا ببيان أدب القضا 1/ 59.

(4)

الجامع لأحكام القرآن 15/ 180.

ص: 285

والمكلف وهو يتكلم بأمر أو نهي أو إقرار أو عقد، قد يطلق الكلام ولا يقيده أو يفسره، بل إن تفييده أحيانا يعد إعياء في الكلام، فيتعين على من ينفذ كلامه أو يحاكمه فيه أن يحمله على وجوه تفسير الكلام المقررة، يقول ابن مفلح (ت: 763هـ): " ومن قصد بيان تعليق الحكم بالوصف، رتبه عليه، ولم يتعرض لجميع شروطه وموانعه (1)؛ لأنه عسر؛ إذ القصد بيان اقتضاء السبب للحكم، فلو قال: اعط هذا للفقراء أو نحوهم، استأذنه في عدوه وفاسق، ولو قال: إلا أن يكون أحدهم كذا وكذا، عد لكنه وعيا، وكذا قول الطبيب: اشربه للإسهال، فعرض له ضعف شديد أو إسهال. . . ذكر ذلك شيخنا (يعني ابن تيمية)(2).

ففهم الواقعة وتفسيرها أمر لا بد منه للحكم القضائي، وقد أثنى الله عز وجل على سليمان عليه السلام لفهمه الواقعة ووجه الحكم فيها، كما في قوله تعالى:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} (3){فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (4).

فثناء الله عز وجل على سليمان عليه السلام

(1) في الأصل: " ومواثقه "، والتصويب اقتضاه السياق.

(2)

الفروع 4/ 376.

(3)

سورة الأنبياء الآية 78

(4)

سورة الأنبياء الآية 79

ص: 286

لفهمه الواقعة ووجهه الحكم فيها (1) يؤكد أهمية تفسير الواقعة وتصورها للحكم فيها.

كما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على خالد بن الوليد رضي الله عنه قتله لبعض بني جذيمة؛ لعدم استفساره لهم عن مرادهم من كلمة مشكلة أطلقوها، فعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال:«بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر. . . حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين (2)» فقد حمل خالد رضي الله عنه معنى قولهم: " صبأنا " على خروجهم من دين إلى دين غير الإسلام، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليه الأخذ بهذا الظاهر قبل الاستفسار عن المراد به (3)، قال ابن حجر (ت: 852 هـ): قوله: «اللهم إني

(1) أحكام القرآن لابن العربي 3/ 270، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام 1/ 2.

(2)

أخرجه البخاري 4/ 1577، كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، 6/ 2628، كتاب الأحكام، باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8/ 56، 13/ 181.

ص: 287

أبرأ إليك مما صنع خالد (1)» يعني من قتله الذين قالوا: " صبأنا " قبل أن يستفسرهم عن مرادهم بذلك القول "، فدل على أنه لا بد من تفسير الواقعة وفهمها قبل الحكم فيها.

وقد أوصى عمر رضي الله عنه القضاة بفهم الواقعة وتفسيرها في كتابه الذي بعثه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: " فافهم إذا أدلى إليك "، وقال: " الفهم الفهم

(1) صحيح البخاري المغازي (4339)، سنن النسائي آداب القضاة (5405)، مسند أحمد (2/ 151).

ص: 288

فيما يختلج في صدرك " (1).

فلا بد لفهم الواقعة وتصورها من تفسيرها، فالمطلوب من الحاكم كما يقول ابن القيم (ت: 751 هـ): " أن يعلم ما يقع، ثم يحكم فيه بما يجب "(2).

وقد ذكر الفقهاء جملة من الآداب للقاضي تعود لفهم الواقعة وتصورها وتفسيرها، من ذلك: كون القاضي عارفا بلغة ولهجات البلد التي يلي الحكم فيها (3)، يقول ابن المناصف (ت: 620هـ) في شروط الكمال في القاضي: " أن يكون عارفا بما لا بد منه من

(1) سبق تخريجه.

(2)

إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 105.

(3)

دقائق أولي النهى لشرح المنتهى 3/ 468، المجموع شرح المذهب 1/ 82.

ص: 289

العربية، واختلاف المعاني للعبارات، فإن الأحكام تختلف باختلاف العبارات في نحو الإقرار والدعوى والشهادات. . " (1).

الوسائل الدالة على الإرادة:

القصد والإرادة عماد التصرفات والالتزامات التي يجريها المكلف، ولكن القصد والإرادة مكنونة لا تظهر بنفسها، بل لا بد لها من وسيلة تبرزها وتدل عليها، والوسائل الدالة على الإرادة ثلاث، هي: اللفظ، والفعل، والسكوت.

فهذه هي الوسائل الدالة على الإرادة، وما عداها فهو يعود لها، فالكتابة تعود للفظ، والإشارة تعود للفعل (2).

يقول ابن القيم (ت: 751هـ): " فمن عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب اتباع مراده، والألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم، فإذا ظهر مراده ووضح بأي طريق كان عمل بمقتضاه، سواء كان بإشارة، أو كتابة، أو إيماءة، أو دلالة عقلية، أو قرينة حالية، أو عادة له مطردة لا يخل بها "(3).

الأصل في تفسير لفظ المكلف:

الأصل أن ما يجري على تفسير النصوص الشرعية من أصول

(1) تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام 34.

(2)

السكوت ودلالته على الأحكام الشرعية 251.

(3)

إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 218، وانظر في المعنى نفسه: أحكام أهل الذمة 1/ 308.

ص: 290

وقواعد يجري في الجملة على تفسير كلام المكلف في تصرفاته، وإقراراته، ودعاواه، ودفوعه، وبيناته، ففيها الواضح من نص وظاهر، وفيها المجمل الذي يلزم تفسيره وبيانه بطرقه المقررة، وفيها المؤول الذي يصرف عن ظاهره بدليل راج، وفيها العام والخاص، والمطلق والمقيد، وما دلالته منطوق، ومفهوم موافقة أو مخالفة، وفيها ما يقع فيه التعارض.

وللقرائن الحالية والمقالية والأعراف في الدلالة على الكلام وغيرها أثر كبير في تفسير الوقائع ودفع التعارض. (1).

وثم اختلاف في بعض ذلك بين دلالتها في نصوص الشرع وكلام المكلفين استدعاه أن كلام الشارع نحتاج إلى تعديته من واقعة منصوص عليها إلى غيرها لتقرير حكمها.

أما كلام المكلف فإنما جعل للكشف عن إرادته وتصرفاته، ولا يستدعي الأمر تعديته، بل الأصل قصره، والاحتياط للمكلف بعدم إلزامه بدلالة لم يظهر ما يدل على التزامه بها، قال المارودي (ت: 450هـ): " أحكام الشرع يجمع فيها بين اعتبار الأسامي والمعاني، وأحكام الإيمان معتبرة بالأسامي دون المعاني؛ لأن الضرورة دعت في المسكوت عنه في أحكام الشرع إلى اعتبار المعاني وتجاوز الأسامي، ولم تدع الضرورة في الأيمان إلى اعتبار

(1) كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " 2/ 152.

ص: 291