الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الألفاظ التي تطلق على تنزيل الأحكام على الوقائع: توصيف الوقائع، تطبيق الأحكام الكلية على الوقائع، تحقيق المناط بتعيين محل الحكم الشرعي الكلي، إيقاع الحكم الكلي على محله. (1).
(1) كتابنا: توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية1/ 39، 47
مشروعية تنزيل الأحكام على الوقائع:
هو مشروع في كل نازلة تعرض على القاضي أو المفتي، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر (1)» .
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم القاضي بالاجتهاد إذا أراد الحكم، وأخبر بما له من الأجر. (2)، ومن اجتهاد القاضي تنزيل الحكم على الواقعة بتحلية الواقعة بالأوصاف الشرعية المقررة في الحكم الكلي.
يقول ابن سعدي (ت: 1376هـ): في شرح هذا الحديث: " ودل على أنه لا بد للحاكم من الاجتهاد، وهو نوعان: اجتهاد في إدخال القضية التي وقع فيها التحاكم بالأحكام الشرعية، واجتهاد في
(1) متفق عليه واللفظ لهما. فقد أخرجه البخاري 6/ 2676، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم 3/ 1342، كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ
(2)
الجامع لأحكام القرآن 11/ 310
تنفيذ ذلك الحق على القريب والصديق وضدهما
…
" (1)، فإدخال الواقعة في الحكم الشرعي هو تنزيل الحكم على الواقعة، وهو اجتهاد لا بد منه.
إن الاجتهاد في تنزيل الأحكام على الوقائع في القضاء أو الفتوى لا يستغنى عنه بالتقليد، بل هو فريضة في كال نازلة؛ لأن كل واقعة قضائية أو فتوية نازلة مستأنفة لم يسبق لها مثيل، فتحقيق المناط فيها متجدد لا ينضبط بمناط واحد، فلا يمكن التقليد فيها؛ يقول الشاطبي (ت: 790هـ): " لا يمكن أن يستغنى ههنا بالتقليد؛ لأن التقليد إنما يتصور بعد تحقيق مناط الحكم المقلد فيه، والمناط هنا لم يتحقق بعد؛ لأن كل صورة من صور النازلة نازلة مستأنفة في نفسها ولم يتقدم لها نظير، وإن تقدم لها في نفس الأمر فلم يتقدم لنا، فلا بد من النظر فيها بالاجتهاد، وكذلك إن فرضنا أنه تقدم لنا مثلها فلا بد من النظر في كونها مثلها أو لا، وهو نظر اجتهاد أيضا
…
ويكفيك من ذلك أن الشريعة لم تنص على حكم كل جزئية على حدتها، وإنما أتت بأمور كلية، وعبارات مطلقة تتناول أعدادا لا تنحصر، ومع ذلك فلكل معين خصوصية ليست في غيره ولو في نفس التعيين. (2).
(1) بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار 148، وانظر: 240 من المرجع نفسه.
(2)
الموافقات في أصول الشريعة 4/ 91، 92.