الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالتجريد إذن يعني افتراض الحكم الكلي عند تقريره منزلا في الأذهان مجردا عن الأشخاص والأعيان بذواتهم، وإنما يربط الحكم بالأشخاص والوقائع والنوازل بصفاتها المحددة، لا بذواتها وأشخاصها، بل للمعاني القائمة بها مهما اختلفت زمانا أو مكانا، وإنما يجري تشخيص الأحكام الكلية على الأعيان والصور والأشخاص والوقائع عند تطبيقها وتنزيلها على الوقائع المعينة، والقاضي أو المفتي عند هذا التنزيل يكون قد شخص ووصف هذه الواقعة أو هذه الصورة أو هذا الشخص المعين بهذا الحكم الكلي العام، فصار منزلا على الأعيان بدلا من افتراضه في الأذهان (1).
(1) المراجع السابقة، البهجة في شرح التحفة 1/ 36.
المطلب الثالث: تحديد الحكم الكلي وبناؤه على الأصول
.
العلم بالحق مقدمة للحكم به، والقاضي لا يستطيع أن يحكم فيما يقع إلا بعد العلم بما يجب، فعلى القاضي إذا أراد تنزيل الحكم على الواقعة تحديد الحكم الكلي الفقهي الملاقي لها، وذلك بتمييز الحكم الكلي من عدة أحكام مشابهة له أو متداخلة معه حال اتباع عالم سبق أن قرر حكم المسألة بدليلها، أو حال التقليد، أو باستنباطه بالاجتهاد بناء على أصوله الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع وغيرها من أدلة مشروعية الأحكام، جاء في الاختيارات:
" ويجب أن ينصب - يعني القاضي - على الحكم دليلا، وأدلة الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع، وما تكلم الصحابة والعلماء به إلى اليوم ".
فإذا حدد القاضي الحكم الكلي المبني على أصوله تحديدا سليما، فقد حقق أحد الأسس التي يبنى عليها الحكم القضائي الصحيح.
وعلى القاضي عند تحديد الحكم الكلي الملاقي للواقعة لتنزيله عليها الرجوع إلى نصه، والتحقق من الشروط والأوصاف المقتضية له من مظانها، ولا يكتفي القاضي بحفظه للنص؛ لأنه ربما فاته قيد أو وصف مؤثر.
والأصل في ترتيب الآراء الفقهية للعمل بها أن تتم حسب التالي:
1 -
ما وافق المنصوص في الكتاب والسنة والإجماع المحكم.
2 -
وفي مسائل الخلاف على الترتيب التالي:
أ - المعمول به في المحاكم.
ب - المشهور من المذهب.
ج - ويجوز الأخذ بالمرجوح إذا كان يحقق مصلحة أو حاجة عهد في الشرع الاعتداد بها وبشروط مقررة شرعا (1).
(1) انظر العمل بالمرجوح وشروطه في كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " 1/ 369 - 382.