الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورأس مال ربحه". (1).
وإن من عدم العدل وعدم الأمانة العلمية أن يقال: إن العمل شرط كمال في مذهب أهل السنة، وكثير من السلف ـ بل يحكى إجماعا كما سبق ـ يجعل الصلاة شرطا في الإيمان؟
(1) الصلاة 62.
المبحث الثاني: هذا القول هو قول المرجئة القدماء
هذا القول هو بعينه قول مرجئة الكوفة الذين يقولون: الإيمان قول واعتقاد؛ وذلك للأمور الآتية:
1 -
أن الجميع لا يجعلون إيمان الجوارح لازما لإيمان القلب، حيث يقولون بإمكان وجود الإيمان في القلب ولا يوجد في الجوارح، وهذا من الأصول التي أخطأت فيها المرجئة (1).
2 -
أن كثيرا من العلماء ـ الذين سبقت أقوالهم ـ نصوا على أنه لا بد من العمل مع القول والاعتقاد، وأنه لا يجزي بعضها عن بعض، بل لا بد من الثلاثة جميعا، فلم يسموا من لم يأت بالعمل مؤمنا، وجعلوا هذا هو مذهب أهل السنة.
وهؤلاء يرون أن من لم يأت بالعمل مؤمن موافقين بهذا المرجئة القدماء، ولهذا قال ابن رجب: "إن سفيان بن عيينة وإسحاق بن راهويه جعلا قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان الأربعة مع
(1) انظر الفتاوى لشيخ الإسلام 7/ 204، 363، 582.
الإقرار بها من أقوال المرجئة " ـ كما سبق ـ فلم يفرقا بين من يجعلها من الإيمان ومن لا يجعلها.
فالضابط للمرجئة ـ كما سبق ـ هو من يقول بثبوت الإيمان مع عدم العمل.
3 -
أن هذا التعبير من تعبير المرجئة، ليس من تعبير السلف؛ لأنهم يجعلون الأعمال من الإيمان، فهي جزء منه وليست شرطا؛ لأن الشرط لا يدخل في حقيقة الشيء مثل الوضوء للصلاة بخلاف الركن، فإنه داخل فيه مثل الفاتحة في الصلاة.
لكن قد يعبر بعض أهل السنة بهذا كما عبر ابن القيم به في كتاب الصلاة (1) وحافظ حكمي في معارج القبول كما سبق.
4 -
أن بعض علمائنا المعاصرين وصفوا قول من قال: إن الأعمال شرط كمال في الإيمان بأنه قول المرجئة.
ومن هؤلاء الشيخ د. صالح الفوزان والشيخ عبد العزيز الراجحي.
(1) انظر كتاب الصلاة 61، 62.
ـ قال الشيخ د. صالح الفوزان: في إجابته عن قول بعض الناس: إن عقيدة أهل السنة والجماعة أن العمل شرط في كمال الإيمان وليس شرطا في صحة الإيمان، مع أنه من المعلوم أن الإيمان عند أهل السنة قول وعمل، وأنه لا إيمان إلا بعمل كما صرح بذلك بعض أئمة السلف
…
الجواب: هو قول مرجئة أهل السنة، وهو خطأ، والصواب أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان، فهو اعتقاد وقول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
…
" (1).
- قال الشيخ عبد العزيز الراجحي: في جوابه عن السؤال الآتي: هناك من يقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا: لا كفر إلا باعتقاد، فهل هذا القول من أقوال أهل السنة أم لا؟
الجواب: ليست هذه الأقوال من أقوال أهل السنة، أهل السنة يقولون: الإيمان هو قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالجوارح وعمل بالقلب، ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل، ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل ونية.
فالإيمان لا بد أن يكون بهذه الأمور الأربعة:
1 -
قول اللسان وهو النطق باللسان.
(1) المنقى 2/ 9، 10.
2 -
عمل القلب وهو الإقرار والتصديق.
3 -
عمل القلب وهو النية والإخلاص.
4 -
عمل الجوارح.
فالعمل جزء من أجزاء الإيمان الأربعة، فلا يقال العمل شرط كمال أو أنه لازم له، فإن هذه أقول المرجئة.
ولا نعلم لأهل السنة قولا بأن العمل شرط كمال، وكذا قول من قال: لا كفر إلا باعتقاد فهذا قول المرجئة. " (1).
5 -
أن هذا القول توافق عليه المرجئة المعاصرون من الحنفية وغيرهم، ممن يقول بقول المرجئة القدماء ولا يرونه مخالفا لمذهبهم، ولهذا قال محمد أنور الكشميري الديوبندي ـ أحد علماء الحنفية المعاصرين ـ:
العمل هل هو جزء للإيمان أم لا فالمذاهب فيه أربعة:
قال الخوارج والمعتزلة: إن الأعمال أجزاء للإيمان، فالتارك للعمل خارج عن الإيمان عندهما، ثم اختلفوا، فالخوارج أخرجوه عن الإيمان وأدخلوه في الكفر، والمعتزلة لم يدخلوه في الكفر، بل قالوا بالمنزلة بين المنزلتين.
والثالث مذهب المرجئة فقالوا: لا حاجة إلى العمل ومدار النجاة هو التصديق فقط، فصار الأولون والمرجئة على طرفي نقيض.
(1) أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر السؤال الثالث، وانظر السؤال الخامس.