الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرابع مذهب أهل السنة والجماعة وهم بين بين فقالوا: إن الأعمال أيضا لا بد منها لكن تاركها مفسق لا مكفر فلم يشددوا فيها كالخوارج والمعتزلة ولم يهونوا أمرها كالمرجئة، هؤلاء افترقوا فرقتين، فأكثر المحدثين إلى أن الإيمان مركب من الأعمال، وإمامنا الأعظم رحمه الله تعالى وأكثر الفقهاء والمتكلمين إلى أن الأعمال غير داخلة في الإيمان، مع اتفاقهم على أن فاقد التصديق كافر، وفاقد العمل فاسق، فلم يبق الخلاف إلا في التعبير" (1).
(1) فيض الباري على صحيح البخاري 1/ 53، 54.
المبحث الثالث: الفرق بين مذهب أهل السنة ومذهب الوعيدية
حينما يجعل أهل السنة العمل ركنا في الإيمان لا يتم الإيمان إلا به فإنهم لا يوافقهم بهذا مذهب الوعيدية في الإيمان.
أهل السنة يقولون: يزول الإيمان إذا زال العمل جميعه أو الصلاة عند جمهورهم، ومنهم من يقول بزوال الإيمان إذا زالت بعض أركان الإسلام الأخرى الزكاة، الصوم، الحج (1)، لا يقولون بزوال الإيمان بزوال بعض أجزائه مطلقا.
أما أهل الوعيد من الخوارج والمعتزلة وغيرهم، فهم يرون أن الإيمان يزول ببعض أفراده حتى ولو كانت من غير أركان الإسلام،
(1) الفتاوى لشيخ الإسلام 7/ 302، 610.
فعندهم أن من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب مثل السرقة، الزنى، شرب الخمر، أنه يخرج من الإيمان وهذا لا يقول به أحد من أهل السنة والحمد لله.
قال الشيخ حافظ الحكمي مبينا الفرق بين مذهب أهل السنة ومذهب الوعيدية: "والفرق بين هذا ـ أي قول المعتزلة ـ وبين قول السلف الصالح: أن السلف لم يجعلوا كل الأعمال شرطا في الصحة، بل جعلوا كثيرا منها شرطا في الكمال، كما قال عمر بن عبد العزيز فيها: من استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان (1).
والمعتزلة جعلوها كلها شرطا في الصحة، والله أعلم" (2).
فالتعبير الصحيح أن يقال: إن بعض الأعمال شرط صحة كالصلاة، وبعضها شرط كمال كبر الوالدين وصلة الرحم وترك شرب الخمر، فبعضها يزيل الإيمان وبعضها لا يزيله، أما إذا زال العمل كله فلا صلاة ولا صيام ولا زكاة، فهذا له شأن آخر، وإذا كان كثير من أهل السنة يكفرون بترك الصلاة فقط، فكيف إذا انضم إلى ترك الصلاة ترك الزكاة والصوم والحج
…
، فهذا لا شك في زوال الإيمان من قبله.
(1) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:((بني الإسلام عل خمس)).
(2)
معارج القبول 2/ 31.