الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيها الأمل
رأى ناظم هذه الموشحة البديعة فقيراً في أحد أزقة بغداد وقد أنهكه المرض فأشرف على الهلاك وهو يئن وفي خلال أنينه كانت تبدو منه كلمات تفتت الأكباد وتلين الجماد وهو لا يزال يرددها. ومحصلها: (لولا الأمل الذي عشت به لمت قبل خمسين سنة). وبعد أن سمع الشاعر تلك الكلم أخذ ينقب عن أمر الفقير فقيل إنه من البيوتات القديمة وكان لقومه حظ عظيم من الغنى ثم انقلب بهم الدهر حتى أدبر عنهم بتاتاً وانتهى بهم إلى أسوا حال. فقال:
(لغة العرب)
ضحكت فأشرقت يوم الجزع
…
فيالك من ضاحك مبتسم
هو العيش ليل وأنت القمر
ألا لا ولكن بك المستقر
فأنت الصفاء وأنت الكدر
وأنت المصادي إذا ما فجع
…
زمان يجور بخطب ملم
لوجهك تعنو صروف الحياة
فمن رائحات ومن غاديات
ولسن وإن جرت بالعاتيات
ولا بللواتي يزن الخدع
…
فيذهبن عنك ذهاب الأصم
بنورك يبتهج العالمون
وبالجد ينتعش الميتون
فما لا يكون وما قد يكون
إليك انتهى وإليك انقطع
…
فأنت الحكيم وأنت الحكم
كأنك روح لهذا الوجود
فمنك النحوس ومنك السعود
وفيك النزول وفيك الصعود
وأنت الشهود وأنت الجمع
…
وأنت الوجود وأنت العدم
فلولاك ما نهض العالم
ولا قام من بينهم قائم
ولا كان ظلم ولا ظالم
ولا كان صنع ولا مصطنع
…
ولا كان عزم ولا كان هم
ولا بلغوا غاية الاكتشاف
ولا أكثروا بانقضاء الطواف
كأنهم فيه طير صواف
تروح إلى حيث لا مرتفع
…
ولا النسيم الرياح نسم
ولا استخدموا بالبخار الحديد
ولا قربوا كل مرمى بعيد
ولا دخل الناس طورا جديد
فما في أخلاقهم من طبع
…
ولا في نفوسهم من قزم
ولولاك لم يسع في الأرض ساع
ولا بلغ الناس طور النزاع
فهذا مريع وهذا مراع
وقد جعلتهم في البدع
…
وخالفت ما بينهم في الشيم
ولولاك مات عديم الثراء
ومات السخي ومات السخاء
ومات العلاء ومات الإباء
ومات المسود والمتضع
…
ومات الفخار كموت الهمم
بك انتظمت ماربات الورى
فمن تجره أنت منهم جرى
قليل ألانى مستحث السري
يضيع بعزمته أو يضع
…
إلى حيث يبلغ بعض النعم
خفيت فما تمتري في وضوح
ولم يدر كنهك يوما سطيح
ولا كان شق يقول الصحيح
ولكنه خبر منقطع
…
يعدونه من ضعيف الكلم
إليك العوالم تلقى المراس
لأنك في كل أمر أساس