الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المركزية التي هي آنس منها. 4 - إننا لما ذكرنا لهما بدلين أردنا أن نبين إن للعربية سعة لقبول المعاني الجديدة بألفاظ تؤخذ من المباني السابقة الوضع بحيث أنه يجوز أن يقال إن العربية حية على الدوام لما فيها من عوامل التجدد فهي كالماء العد الجاري الذي لا يزال يتدفق من ينابيعه وهو هو لا يفسد ولا ينضب. فسبحان من أبدعها على هذه الصورة العجيبة وأبقاها شابة غضة بضة على ممر الأيام.
فوائد لغوية
1 -
استلم الشيء بمعنى تسلمه غير فصيح
خذ أي جريدة شئت، وتصفح أي مجلة بدت لك، وطالعها بترو، ترها تقول:(استلمت الشيء، حينما تريد أن تقول: تسلمته أي تناولته (هذا إذا جرت فيها عبارة أدمجت فيها هذه اللفظة؛ وإلا فلا يعقل أن جميع الصحف تذكر في جميع أعدادها هذه الكلمة لمجرد النطق بها). وقد بحثنا عن هذه الكلمة في ما وصلت إليه أيدينا من أسفار الكتاب واللغويين فلم نعثر عليها. والذي وجدناه هو هذا: (قال الجوهري: استلم الحجر لمسه أما بالقبلة أو باليد. لا يهمز، لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر كما تقول: استنوق الجمل: وقال سيبويه: استلم من السلام لا يدل على معنى الاتخاذ. وقال الليث: استلام الحجر: تناوله باليد وبالقبلة ومسحه بالكف. قال الازهري: وهذا صحيح كاستلامه من باب الاستفعال. نقله الفراء وابن السكيت وهو المراد من قول الجوهري. وبعضهم يهمزه. ونقل ابن الانباري في كتابه الزاهر الوجهين. ونقله الشهاب في شرح الشفاء. ثم قال: ولم يقف الدماميني على هذا فذكره في حاشية البخاري على طريق البحث. قلت: قول الجوهري مأخوذ من السلام أي بالكسر والمراد منها الحجارة وقول سيبويه من السلام أي بالفتح والمراد منه التحية، ويكون معناه أللمس باليد تحرياً لقبول السلام منه تبركاً به). (عن التاج) وفي هذا كله لا ترى معنى تسلم الشيء.
نعم إننا لا ننكر إن الاستلام بمعنى التسلم وجهاً في العربية يجيز لنا هذا التعبير سواء من باب ورود افتعل بمعنى تفعل أو بالعكس وسواء من معنى التسلم الذي
لا يخلو من استلام اليد للشيء. على أن هذا كله من باب التوجيه والتخريج الذي لا يخلو من تكلف وتمحل. والكلام هنا ليس من هذا القبيل لأنك إذا سرت في طريق التأويل لم يبق هناك غلط لا في اللحن بل ولا في لغة العوام إذ يجوز لك حينئذ أن تقول: جاء زيداً (بالنصب) وجاء زيد (بالجر) إذ رفع زيد في الأول على الفاعلية، ونصب في الثاني على تقدير محذوف وهو قولك: جاء رجل يعرف بزيد. - واللغة العربية من هذا الوجه لا تضاهيها لغة إذ توجه كل غلط على وجه معقول ومنقول. وإنما كلامنا هنا على اللغة الفصحى وعلى ما سمع منهم ونقل عنهم مما وصل لينا من ألفاظهم المودعة في أشعارهم والواردة في مؤلفات بلغائهم.
فإذا اعتمدنا عليها واتخذناها علماً أو مناراً نهتدي بها في ظلمات كلامنا نقول: لم يرد استلم الشيء بمعنى تسلمه أي تناوله. وإلا فإن وجده أحد الأدباء في كلام فصيح قديم فليتذكره لنا ونحن له من أعظم الشاكرين.
2 -
قائم مقام لا تجمع على قائمقامون أو قائمقاميون أو
قائمقامات أو نحوها.
من جملة ما أفسدته علينا اللغة التركية تصرفها في كلام العرب على غير وضعه وفي غير وجهه من ذلك جمع كلمة قائم مقام فإن من الكتاب من شابهوا الترك في إفساد اللغة فقالوا: قائمقامون أو قائمقاميون أو قائمقامات أو نحو ذلك وليس لهذا كله وجه صحيح في لغتنا الشريفة وإنما يقال قائمو مقامات أو قوام مقامات أو قيمو مقامات لأن اللفظة مركبة من مضاف ومضاف إليه أي من قائم أو قيم ومن مقام. ومن قواعد جمع المركب المضاف جمع الصدر والعجز معاً أي المضاف والمضاف إليه كما نص عليه النحاة. اللهم إلا أن يكون المضاف إليه مصدراً أو علماً لا يجمع فحينئذ يبقى على إفراده ويجوز جمع المضاف إليه المصدر إذا كان من المصادر التي لا يعتبر فيها معنى المصدرية بل مطلق الاسمية فيقال مثلاً في جمع دار العلم (دور العلم أو دور العلوم) معاً، وكلا الاستعمالين مستعمل فصيح فتبصر.
3 -
النزل بمعنى الفندق (أو اللوكندة أو الأوتيل خطأ عظيم
ومن باب وضع الألفاظ في غير محلها.
أكثر الكتاب من استعمال النزل بمعنى الفندق وهذا خطأ. والذي في دواوين أهل اللغة: ما هيئ للضيف أن ينزل عليه ويريدون بذلك ما يعد له من