المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

صلوا صبكم إن الهوى قاتل له … ومنوا عليه بالوصال - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٣

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 25

- ‌سنتنا الثالثة

- ‌صفحة من تاريخ خليج فارس

- ‌الراديوم

- ‌زكاة النصح

- ‌عصام الدين العمري

- ‌رحلة إلى شفاثا

- ‌نظرة في الاحساء

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 26

- ‌البصرة وأنهارها

- ‌بيت علم في العراق

- ‌نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

- ‌رجال السفينة العراقية

- ‌إقامة أتون طاباق عمومي

- ‌سورة الخيل

- ‌مشارفة سد الهندية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 27

- ‌كدرُلعومَر في أقاصيص العرب

- ‌الطريق من الاحساء إلى الرياض إلى مكة

- ‌أسماء الأرياح عند أهل السفن العراقية

- ‌البصرة وأنهارها

- ‌الكلكسة

- ‌تطواف في جوار بغداد والمدائن

- ‌نصرانية غسان

- ‌الفكر سياح

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌ألفاظ عوام العراق

- ‌مريم

- ‌العدد 28

- ‌الجرامقة

- ‌الشيخ عثمان بن سند البصري

- ‌الشيخ السكير

- ‌تصرف العرب في الألفاظ الأعجمية

- ‌رؤية أدبية

- ‌ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 29

- ‌جزيرة العرب

- ‌لغة العرب

- ‌الكرد الحاليون

- ‌خلد أثراً

- ‌أفعال تتعلق بأهل السفن

- ‌أسرة بدروس آغا كركجي باشي

- ‌كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي المصري

- ‌سياحة في النوم

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارقة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 30

- ‌سياسة لا حماسة

- ‌المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك

- ‌أيها العربي

- ‌أمراء السعود في جزيرة العرب

- ‌الشيب والشباب

- ‌مستقبل قضاء الحلة

- ‌الحياة خيال

- ‌الأكراد الحاليون

- ‌حكم

- ‌الهيلاج ومعانيها

- ‌بحر النجف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌الحالة العلمية والحركة الفكرية في النجف

- ‌لا همز في كلامهم

- ‌الدول

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 31

- ‌كتب تواريخ بغداد

- ‌على الأرض وفي السماء

- ‌أقسام إمارة السعود

- ‌الأدب خير نسب

- ‌أربع أسر بلا أثر

- ‌السائح الغربي في العراق العربي

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 32

- ‌طاق كسرى

- ‌خاتمة البحث في إمارة السعود

- ‌برس نمرود

- ‌أيها الأمل

- ‌طوب أبو خزامة

- ‌المال حاكم

- ‌الذرعة

- ‌أربع أسر بلا أثر

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب التقريظ

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 33

- ‌خرافات عوام البغداديين

- ‌الزواج عند يهود بغداد

- ‌الرّماحية

- ‌الطيارون في الشرق

- ‌ارتفع أسعار الأرضين في بغداد

- ‌النخل في العراق

- ‌بقايا بني تغلب

- ‌الكلمات الكردية في العربية الموصلية

- ‌التجارة في بغداد

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المراجعة والمكاتبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 23

- ‌الباب الوسطاني

- ‌نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

- ‌منارة سوق الغزل

- ‌نُبوةُ أديب

- ‌أنا والدنيا

- ‌إمارة الرشيد

- ‌حالة التجارة في بغداد في سنة 1913

- ‌اللسان

- ‌الرطب والارطاب

- ‌صادق وفتحي

- ‌مكتبات النجف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب التقريظ

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 34

- ‌منافع بيع البواخر

- ‌بيت النمنومي أو بيت جرجية

- ‌الحيدرية

- ‌وقفة تجاه السن

- ‌الأسطول الطيار

- ‌نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

- ‌باب المذاكرة والمكاتبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌إصلاح بعض الأغلاط واستدراكها

الفصل: صلوا صبكم إن الهوى قاتل له … ومنوا عليه بالوصال

صلوا صبكم إن الهوى قاتل له

ومنوا عليه بالوصال لكم منا

واسقوه من صهباء تقريبكم له

مثلثة تحكي مذاقتها منا

ومنوا بتكليم له حالة الرضا

ليرجع بالمن الذي لم يشب منا

إلى غير ذلك من أشعاره الكثيرة.

وقد توفى كما هو مذكور في ظهر كتابه سبائك العسجد في بغداد سنة 1242هـ - 1826م ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي قرب مرقد زبيدة زوج الرشيد وقد قرأت في بعض المجاميع أنه توفى في سنة 1240هـ وقال مختصر كتابه مطالع السعود توفى سنة 1250هـ وهما خلاف والأول أصح كما تقدم من تاريخ تصنيف كتابه مطالع السعود ولو كان على زعم الأخير لأتم سيرة الوزير داود وأتى بذكر بقية أيامه ولما ترك تصنيفه هذا ناقصاً والله اعلم.

كاظم الدجيلي

‌الشيخ السكير

قطعت من عمرك جل الطريق

بمعصيات الله هلا تفيق

تثنيك عن نهج النهى خمرة

كما انثنى عطف القوام الرشيق

خدر أعصابك خمر الهوى

فرحت منه في سبات عميق

ولهان عن غيك لا تنثني

سكران لا تسمع نصح الصديق

هوت بك النفس ولم تعصها

إلى مكان من هواها سحيق

نبذت ما قد يرتضيه الحجي

واخترت من جهلك مالا يليق

رفيقك الجهل وكأس الطلا

فبئس ما اخترت وبئس الرفيق

إلى م والعمر انقضى جله

وأنت لا تصحو ولا تستفيق

يكفيك تجديد المعاصي هوىً

يا أيها الشيخ بحمرٍ عتيق

حسبك شيباً قد بدا منذراً

أن واسع العمر غدا في مضيق

يا ويح شيخ قد قضى عمره

وهو في بحر المعاصي غريق

يلقى الذي يرشده عابساً

وذا الغوايات بوجه طليق

تباً له من بغنٍ مدمن

زاغ ضلالاً عن سواء الطريق

إبراهيم منيب الباجه جي

ص: 186

لواء السليمانية

1 -

مدخل البحث

لما كنت مغرماً بالبحث عن آثار بلادي وأحوالها، وما بلغته في سابق الأزمان، من الرقي والتقدم والعمران، مما جعل الأجانب يتحملون المشقات، ويبذلون الألوف من الليرات، فيأتون من بلاد نائية، وربوع قاسية، لرؤية ما أبقاه لنا أسلافنا من الآثار، والوقوف على ما كانت وصلت إليه تلك الربوع والديار، من التقدم المادي والأدبي، رأيت أن أسطر هنا مجمل ما علمته عن لواء السليمانية، الذي كان سابقاً مهبط الأمم الكبيرة، ومقر الأقوام التي شادت صروح العلم، وأعلت شأن الآداب، وما فيه اليوم من الآثار، والأبنية الفخمة، التي لم يبق منها سوى أطلال دارسة، وآثار مندثرة، تنطق بعظمة بانيها، ومدنية قدماء ساكنيها، بل أريد أن أبحث عما فيه من المعادن والمناجم الطبيعية، التي لو بذلت الهمة في استخراجها من بطون الأرض، لعادت على هذه الأمة التي تشكو الفقر المدقع، في بلاد هي أغنى بلاد الله، بمال وفير، وخير كثير، ورفاه وسعادة.

وليعلم القابضون على زمام الملك إن هذه البلاد لا ينقصها شيء سوى الأقدام والثبات والتساهل مع أغنياء البلاد على استثمار مناجم بلادهم، وتخفيف وطأة الرسوم التي تضربها على المنقبين والضامنين للمناجم المعدنية. خذ مثالاً على ذلك (حمام العليل أو حمام علي) بجوار الموصل ذلك الحمام الذي اتفق الأطباء المهرة، من أجانب، ووطنيين، وسياح وآثريين، على أنه لا نظير له في العالم، وهو يفوق كثيراً حمامات (مارينباد) في النمسا التي تقصدها، من كل فج وصقع الملوك، والقياصرة، والنظار، والأعيان والأغنياء من كل أمة وملة، للاستحمام به وقضاء عطلة الصيف فيه، فلو أن الحكومة اتخذت الوسائل المطلوبة، للاعتناء به، وتنظيمه على النحو ما هو جار في أوروبا لدر على الخزينة الذهب الوهاج، ولحصل الشعب على فوائد كثيرة، منها هذه المياه التي هي أحسن ما جاء من نوعها، يستشفى بها أرباب الأمراض، والعاهات الجلدية، وكم من أمثال هذه الحمامات في سليمانية وأطرافها وفي غيرها، مهجورة، متروكة، وهي تستغيث من بوارها فلا تغاث.

ص: 187

2 -

حدودها وتقسيماتها الإدارية

السليمانية واقعة في كردستان العثمانية، وهي إحدى الألوية التابعة لولاية (الموصل) الشهيرة، مقحمة بين بلاد إيران شرقاً، وسنجق شهر زور غرباً وتبعد عن كركوك 73 ميلاً إلى شرقيها، وتقسم إدارياً إلى خمسة أقضية وإحدى عشرة ناحية 353 قرية على الوجه الآتي:

الأقضية النواحي القرى

1 -

السليمانية (مركز القضاء): سراشيز شرق، سراشيز غرب، قره طاغ، بلغ وادا 104 قرى

2 -

بازيان: سنكاس - كلك سيوكا 54 قرية

3 -

كل انبار: قزلجا - سروجيك 95 قرية

4 -

شهر بازار: موات 40 قرية

5 -

مرغا أو (معمورة الميد): يشتر - سور طاش 60 قرية

المجموع 353 قرية

وسيأتي البحث عن كل من هذه الأقضية مفصلاً كما ستراه.

3 -

عدد سكانها وأخلاقهم

يبلغ عدد سكان لواء السليمانية 51. 600 نسمة موزعة في الأقضية الخمسة وفي 353 قرية، فسكان السليمانية بما فيها من النواحي والقرى 26. 000 وقضاء بازيان بما فيه من النواحي والقرى 5. 400 نسمة وكل انبار 7000 نسمة. وشهر بازار 6. 600 ومرغا 6. 600 فالمجموع 51. 600 وأما من جهة العناصر والأديان والملل فالعدد 51. 600 مقسوم تقريباً على هذا الوجه: 48. 600 مسلمون 900 نصارى و2. 100 يهود. وأما أخلاق سكانها فحسنة وهم معروفون باللطف وطيب المعاشرة، يلتذ الإنسان بمحادثتهم، ومسامرتهم، وأكثرهم خليط من الأكراد المختلفة النسب والمشرب. والعرب هناك قليلون وهؤلاء أتوا للتجارة والأمتيار.

4 -

قضاء السليمانية وأحواله

يشتمل مركز هذا القضاء على 4 نواح و104 قرى، وقصبة (سليمانية) وهي مركز المتصرف، وله مجلس إدارة على طريقة سائر الولايات، وفي القصبة مفتٍ، وقاضٍ، وجاب، وحاسب، ومدير برق، وآخر للديون العمومية ولحصر التبغ، وموظفون للضرائب، على اختلاف درجاتهم، وطبيب محجر (كرنتينة). وفيه محكمتا استئناف وكلتاهما في السليمانية، الأولى مدنية، والثانية

ص: 188

جنائية، ويساعد رئيسيهما نائب مدعي العموم، ومستنطق، وتدبر أمور المدينة دائرة البلدية، ويتألف أعضاؤها من السكان بالانتخاب، على نوع ما تفعله سائر الولايات والألوية.

وحامية سليمانية، تتألف من الطابور الأول والثاني من الالاي 46، والجندرمة (والمبذرقة) الموجودة هناك هي عبارة عن بلوكين بلوك (فرقة) راجلة وبلوك راكبة وهما عبارة عن 16 ضابطاً و50 خيالاً و80 راجلاً، وعدد سكان هذه المدينة 26 ألف نسمة منهم 24. 825 مسلماً كردياً و175 نصرانياً كلدانياً و1. 000 يهودي.

5 -

خطورة تجارتها وعمرانها

سليمانية ذات مركز تجاري خطير، وليس في كردستان العثمانية بلدة تماثلها بكثرة الحاصلات وسعة التجارة، وخطورة المركز، لأنه مقام وحيد لتردد القوافل التجارية إليها، تلك القوافل الواردة من العراق والذاهبة إلى طهران وكردستان، ولا أغالي إذا قلت إنها بمنزلة مخزن التجارة بين تركيا وإيران. ومن صادراتها الغنية الكثيرة، وتنقل إليها من إيران، عدا ما فيها من تجارة التبغ الواسعة وغناها منها.

وهي تحتوي على 5 آلاف دار تقريباً وعلى ما يزيد عن 500 حانوت و7 حمامات، وجملة مدابغ، وعلى أكثر من 20 مدرسة ابتدائية، وفيها مدرستان إعداديتان إحداهما ملكية، والأخرى عسكرية، أنشأتهما الحكومة في هذا العهد الأخير، حرصاً على تمدين أهلها الذين لا يزال أكثرهم حتى الآن في دور الجهل، وليس لنصارها ويهودييها مدرسة.

أما المباني العمومية ففيها 40 جامعاً وكنيسة كلدانية صغيرة، وكنيس صغير لليهود، وفيها دار كبير للحكومة رصينة مبنية بالصخر أو الحجر الصلد على نوع ما عليه البلاد الشديدة البرد، وهناك ثكنة يقيم فيها جند الحكومة وضباطها.

6 -

لغاتها وصنائعها ومناخها ووصفها

اللغة المستعملة فيها هي الكردية، وهي وإن كانت لغة أهلها، فإنهم يتقنون أيضاً العربية، وأكثرهم متضلعون منها، حتى ظهر منهم علماء أعلام وكتاب، وشعراء، ولغويون، وفقهاء وقد تدرج منهم إلى المناصب الرفيعة جماعة في خدمة الدولة، والبعض أحرزوا ملكة الإنشاء، والبلاغة، والفصاحة،

ص: 189

والتكلم بعدة لغات أجنبية كالفرنسوية والفارسية، والتركية. وهذه اللغة الأخيرة يتكلم بها موظفو الحكومة، وسائر أصحاب الدواوين، إلا إن اللغة العربية أكثر اللغات هناك شيوعاً وانتشاراً بعد اللغة التركية.

أما صنائعها فخاملة لا تكاد تذكر، إلا أن بعضها نجحت بعض النجاح في سليمانية لا سيما نساجة الأصواف والدباغة، والصياغة، وصناعة البنادق المرغوبة في هذا السنجق، وفي شهر زور وكركوك.

وأما مناخها فموافق للصحة، والهواء في موسم الشتاء بارد جداً، وفي الصيف معتدل لطيف، ويكثر في فصل الشتاء تساقط الثلوج حتى إنك ترى أكثر جبالها في ذلك الوقت قد لبست حلة بيضاء. وهي مشهورة بعذوبة مائها واعتدال مناخها، وخصب تربتها، وكل بيوت المدينة مبنية بالطين كبيوت اغلب القرى، وموقعها حسن طيب، والمياه تجري فيها دافقة، ولهذا يرى بجانب كل بيت حديقة صغيرة، فيها أشجار مثمرة، وحوض في الوسط، يتجدد ماؤه في كل ليلة، والماء الذي يغزر في سليمانية يأتي بطريقة فنية صناعية غريبة بديعة خاصة بذلك القطر، وبديار أربيل وكركوك، وهذه الطريقة متوقفة على أن يحفر عدد من الآبار، يتصل بعضها ببعض من قعرها، فيصب الواحد في الأخر، ويجتمع هناك كمية وافرة، تساوي كمية نهير وهو ما يسمونه عندهم بالكاريز.

8 -

حاصلاتها وخيراتها

جميع أهل تلك الديار مولعون بالزراعة والفلاحة ورعاية المواشي وبساتينهم وكرومهم تدل على همتهم ونشاطهم وإقدامهم؛ إلا أن الزراعة عندهم لا تزال على الطريقة القديمة. التي لاحظ لها من العلم في شيء. وآلاتهم التي يستعملونها لحراثة أرضهم من أخس الأدوات إذ هي أيضاً لا تزال على العادة القديمة. ولو كان لديهم آلات وأدوات زراعية حديثة. ولهم علم وخبرة بالأصول المتبعة في البلاد المتمدنة لأصبحت من أغنى أراضي الدولة العثمانية. ومع هذا كله فإن كثرة غلاتها مما يباهي بل ويفتخر بها. ومن حاصلاتها السهلية المشهورة الحنطة والشعير والأرز وزراعة التبغ عندهم متقدمة جداً وصادراتها منه وفيرة تقدر بعشرين ألف ليرة. يرسل نصفها إلى بغداد عن طريق كركوك واربيل. وحاصلاتها الجبلية هي العنب والليمون والرمان والتين والفستق.

ص: 190

ويقدر العارفون ما يخرج منها من هذا النوع الأخير بألفي ليرة كمية وافرة. هذا عدا ما يصرف منه في البلدة نفسها. ومن محصولاتها الجوز وقد اشتهر هذا الجنس بلطافة قشوره حتى أن الطفل ليكاد يكسر الجوزة بيده من دون أن يحتاج إلى الحجر يستعين به على كسرها. وأهم صادراتها الشهد الذي لا نظير له في الدنيا. وهم يعملون للنحل خلايا (كواثر) وفي موسم الشتاء يشتغل الناس بجمعه على طريقة فنية. وأصول غريبة معروفة عندهم.

8 -

جبالها ومنظرها

أرض السليمانية جبلية. والجبال محيطة بجميع جهاتها. وهي عبارة عن سلاسل متصلات بعضها ببعض ولا يزيد ارتفاعها على ألف متر. ويعلوها الثلوج على الدوام. وفي أيام الشتاء عند اشتداد حرارة الصيف يسيل ماء الثلج من على الجبال فيهدم الدور ويتلف المزروعات. ويحصل من جراء ذلك أضرار في النفوس والقرى والبساتين لعدم اتخاذ الحكومة الوسائل الناجعة لوقاية أهل البلاد من هذه المصائب التي تتوالى عليهم كل حين التي منها ما جرى سنة 1327هـ عند انحدار المياه من شواهق الجبال. فإنها دمرت أكثر من ثمانين داراً وأخرجت عدة بساتين وقرى. وبقيت عدة أسر من أرباب الغنى تتضور جوعاً وتطلب الصدقات دع عنك الأضرار في النفوس. وصقع السليمانية مشهور بحسن منظره الطبيعي. ومواقعه الجبلية التي تأخذ بمجامع القلوب فهو يمتد بين سلسلتين من الجبال. وإذا أتيت سليمانية وأنت قادم من كركوك تتجلى لك في وسط أشجار خضراء ومروج غناء. كأنها بيضة في روضة.

9 -

عقائد السكان وآدابهم

سكان سليمانية المسلمون كلهم شديدو التمسك بالطريقة النقشبندية (وهي طريقة الشيخ خالد النقشبندي). وبالقادرية (نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلي) وهم أخذوا هذه الطريقة عن الشيخ أحمد كاكا. ولهاتين الطريقتين عندهم قوانين ونظامات وآداب لا يتعدونها. وزعماء يتوارثون الرئاسة فيها على أصول متبعة عندهم فيديرون شؤون تكاياهم وزواياهم على حد ما تدار مثل هذه الزوايا لتلك الطرائق في مصر وأواسط بلاد أفريقية.

أما آدابهم فهي لا تختلف كثيراً عن آداب سائر الكرد، وفيهم شيء من

ص: 191

التعصب المذموم، وكثيراً ما كانوا يضطهدون وطنييهم من سائر الملل، ولذلك ترى النصارى هناك قليلين، ولهؤلاء قسيس واحد يرجع إلى مطران يقيم في (سنا) من بلاد إيران على بعد 7 أيام من سليمانية، وليس فيه ما يجعله من رؤساء الأديان المعدودين، المدافعين عن رعاياهم. هذا فضلاً عن إن الفرمان الذي بيده هو من الشاه لا من السلطان ولهذا لا يجل إجلالاً عظيماً عند موظفي الدولة.

10 -

تاريخها ووصفها المجمل

كانت أرض سليمانية في سابق العهد من مملكة آشور، وأما اليوم فلا شان لها يذكر، بالنظر إلى ما توالت عليها من الرزايا، والبلايا، فذهب منها ذلك العز والسؤدد، وانطمست تلك المعالم، واندثرت هاتيك الأمم، وصارت كاهس الدابر، وسليمانية نفسها ليست بقديمة ولهذا لا ترى في المدينة مباني قديمة تدل على قدمها ويقال إن منشئها سليمان باشا البابان قد بناها سنة 1788م. وهي واقعة على مقربة من خرائب (شاربازير) أو (شهر بازير) القديمة، وقد كانت في بادئ الأمر صغيرة حقيرة، فلم تزل في نشوء وتقدم، ونمو، حتى بلغت درجة عنيت بها الحكومة، وجعلتها متصرفية.

1 -

قضاء بازيان

في هذا القضاء ناحيتان وعدد سكانه 5. 400 نسمة، وفيه قيم مقام، يعينه مجلس إداري وقاضٍ، وجاب، ومحاسب، وفي قصبة القضاء محكمة استئناف وضابط جندرمة (مبذرقة). وقصبة قضاء بازريان هي جمجمال وهي واقعة على حدوده من جهة كركوك، وهي قريبة من دربند، ودربند هذا جبل صغير منقوب لم تنقبه يد إنسان، ويجتازه أصحاب القوافل، وفي هذه القرية دار حكومة عامرة، وثكنة، وجامع ومحل للبرق.

والهماوند يقيمون في قضاء بازيان الواقعة بين شهر زور، وسليمانية في سهل خصب لكن غير مزروع، والهماوند عشيرة من الأكراد شأنها السلب والنهب، وطالما شقت عصا الطاعة على الحكومة، فسيرت هذه عليهم الجنود فيدحرونها وتدحرهم، وهم أولو بأس شديد، وشجاعة خارقة للعادة.

ص: 192

12 -

قضاء كل انبار

كانت كل انبار في أول الأمر قصراً بناه سلطان ال عثمان سليمان الكبير حينما أتى لفتح بغداد، ليكون قصراً للباشوات الأتراك، وفي بدء القرن السابع عشر أخربه الشاه عباس عند فتحه تلك الأنحاء وانتصاره على جيوش الدولة، إلا إنه بعد 20 سنة أي في سنة 1630م كان الصدر الأعظم للسلطان مراد الثاني معسكراً في شهرزور مع جماعة من جلسائه فقال لو لم يكن هذا القصر في هذا الموضع مفيداً للدولة من الوجهة العسكرية لما بناه السلطان سليمان ولو لم يكن مضراً بالأعداء لما أخربه الشاه عباس ولهذا يجب إعادة بنائه؛ وبعد أن قال هذا بناه في سبعة أسابيع، وبعد ذلك أقيمت وبنيت حوله البيوت فتألقت بمدة قصيرة بلدة عامرة حصينة.

وفي هذا القضاء ناحيتان و95 قرية، ويبلغ عدد سكانه كلهم 7. 000 نسمة تقريباً، وقصبة هذا القضاء (هليجا) ويقيم فيها الباشا وهو رئيس قبيلة كردية كبيرة اسمها (الجاف) ويبلغ سكان هذه البليدة 3000 نسمة، ثلثهم يهود والثلثان الآخران مسلمون، وحاصلات هذا القضاء مهمة وهو غني بخيراته والتجارة فيه واسعة، ويعتني اغلب سكانه بتربية الماشية والمتاجرة بأصوافها، ولهم دراية عظيمة بزرع التبغ.

13 -

قضاء شهر بازار

في هذا القضاء ناحية واحدة و40 قرية، وسكانه 6600 نسمة، وقصبته المهمة هي (شيوكل)(بكسر الشين وضم الياء ضماً خفيفاً بعدها واو يليها كاف مضمومة وفي الأخر لام) وهي جليلة بحاصلاتها كالتبغ والارز والعنب والكثيراء، وعدد سكانها 1. 500 نسمة كلهم مسلمون ولهم جامع واحد، وهذا القضاء خامل الذكر، والذي يعرف من أهاليه إنهم يعنون بزراعة الكرم والأرز والتبغ والأشجار المثمرة.

14 -

قضاء مرغا أو مركا

مرغا كلمة أرامية معناها (المرج) ومنها اسمها بالعربية سابقاً (مرج الموصل) لقربها من الحدباء وقد اشتهر فيها رجال علماء قبل الإسلام وبعده، وقد

ص: 193

جاء في ياقوت ما نصه: مرج الموصل ويعرف بمرج أبي عبيدة عن جانبها الشرقي موضع بين الجبال في منخفض من الأرض شبيه بالغور، فيه مروج وقرى، ولاية حسنة واسعة على جبال وقلاع. . . ينسب إليها أبو القاسم نصر بن أحمد بن محمد الخليل المرجى سكن بعض آبائه الموصل وولد أبو القاسم بها يروى عن ابي يعلي الموصلي وغيره، روى عنه جماعة أخرهم أحمد بن عبد الباقي بن طوق اه. ومن نصارها عبد يشوع الأسقف.

وفي هذا القضاء ناحيتان و60 قرية وسكانه يقدرون بما يزيد عن 6600 نسمة كلهم مسلمون. واغلب سكانه يعتنون بتربية النحل واستخراج العسل وهم ماهرون بهذه الصناعة النفيسة، واغلب حاصلاته جبلية من أحسن ما يكون من جنسها، وفيه أراض كثيرة خصبة موافقة لزرع أنواع الأشجار المثمرة، واغلب سكانه من قبيلة الهماوند، وهم الذين كانوا السبب لتأخير هذا القضاء وانحطاطه، ولذلك ترى إلى الآن البعض منهم يقلقون راحة الزراعين ويسلبونهم حاصلاتهم.

15 -

الآثار في ديار سليمانية

قلنا في المقدمة إن في السليمانية آثاراً كثيرة تدل على عظمتها السالفة، وعزها الباذخ. وهنا نذكر طرفا من هاتيك الآثار مما وصل إليه تنقيبنا وبحثنا فنقول: على مقربة من سليمانية اخربة (شاربازير أو شهر بازير) القديمة المعروفة عند مؤرخي الإفرنج باسم (سيازوروس - وكانت عاصمة بلاد الكرد في العهد العهيد، وكانت قد سميت (على ما يرويه لنا التاريخ القديم) أولاً باسم (شهر فيروز) باسم بانيها قباذ بن فيروز من الدولة الساسانية، وفي أقصى المضيق الذي تحرسه (شهر باريز) كانت مغارة مفتوحة باسم معناه: مغارة الحارة الزرقاء: وبين يدي هذه المغارة على صخرة قائمة كانت قلعة حصينة، مبنية بالصخر ذات سبعة أبراج فيها آلات الحصار القديمة تعرف باسم (سليم علي قلعة سي) وهي اليوم أنقاض لم يبق منها إلا بقايا دوارس تدل على وجودها. وكان يرى قريباً من المدينة طاق خرب يقال إن جثة الإسكندر الكبير دفنت فيه قبل أن تنقل إلى الإسكندرية، والآن لا يبلغ إليها أحد.

وكان قد ذهب إلى سليمانية منذ مدة عدة من السياح الأوربيين لمشاهدة هاتيك الأنقاض وتلك الخرائب، وللتفتيش على بعض كتابات ورقم علهم

ص: 194