المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الزواج عند يهود بغداد - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٣

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 25

- ‌سنتنا الثالثة

- ‌صفحة من تاريخ خليج فارس

- ‌الراديوم

- ‌زكاة النصح

- ‌عصام الدين العمري

- ‌رحلة إلى شفاثا

- ‌نظرة في الاحساء

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 26

- ‌البصرة وأنهارها

- ‌بيت علم في العراق

- ‌نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

- ‌رجال السفينة العراقية

- ‌إقامة أتون طاباق عمومي

- ‌سورة الخيل

- ‌مشارفة سد الهندية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 27

- ‌كدرُلعومَر في أقاصيص العرب

- ‌الطريق من الاحساء إلى الرياض إلى مكة

- ‌أسماء الأرياح عند أهل السفن العراقية

- ‌البصرة وأنهارها

- ‌الكلكسة

- ‌تطواف في جوار بغداد والمدائن

- ‌نصرانية غسان

- ‌الفكر سياح

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌ألفاظ عوام العراق

- ‌مريم

- ‌العدد 28

- ‌الجرامقة

- ‌الشيخ عثمان بن سند البصري

- ‌الشيخ السكير

- ‌تصرف العرب في الألفاظ الأعجمية

- ‌رؤية أدبية

- ‌ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 29

- ‌جزيرة العرب

- ‌لغة العرب

- ‌الكرد الحاليون

- ‌خلد أثراً

- ‌أفعال تتعلق بأهل السفن

- ‌أسرة بدروس آغا كركجي باشي

- ‌كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي المصري

- ‌سياحة في النوم

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارقة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 30

- ‌سياسة لا حماسة

- ‌المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك

- ‌أيها العربي

- ‌أمراء السعود في جزيرة العرب

- ‌الشيب والشباب

- ‌مستقبل قضاء الحلة

- ‌الحياة خيال

- ‌الأكراد الحاليون

- ‌حكم

- ‌الهيلاج ومعانيها

- ‌بحر النجف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌الحالة العلمية والحركة الفكرية في النجف

- ‌لا همز في كلامهم

- ‌الدول

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 31

- ‌كتب تواريخ بغداد

- ‌على الأرض وفي السماء

- ‌أقسام إمارة السعود

- ‌الأدب خير نسب

- ‌أربع أسر بلا أثر

- ‌السائح الغربي في العراق العربي

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 32

- ‌طاق كسرى

- ‌خاتمة البحث في إمارة السعود

- ‌برس نمرود

- ‌أيها الأمل

- ‌طوب أبو خزامة

- ‌المال حاكم

- ‌الذرعة

- ‌أربع أسر بلا أثر

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب التقريظ

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 33

- ‌خرافات عوام البغداديين

- ‌الزواج عند يهود بغداد

- ‌الرّماحية

- ‌الطيارون في الشرق

- ‌ارتفع أسعار الأرضين في بغداد

- ‌النخل في العراق

- ‌بقايا بني تغلب

- ‌الكلمات الكردية في العربية الموصلية

- ‌التجارة في بغداد

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المراجعة والمكاتبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 23

- ‌الباب الوسطاني

- ‌نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

- ‌منارة سوق الغزل

- ‌نُبوةُ أديب

- ‌أنا والدنيا

- ‌إمارة الرشيد

- ‌حالة التجارة في بغداد في سنة 1913

- ‌اللسان

- ‌الرطب والارطاب

- ‌صادق وفتحي

- ‌مكتبات النجف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب التقريظ

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 34

- ‌منافع بيع البواخر

- ‌بيت النمنومي أو بيت جرجية

- ‌الحيدرية

- ‌وقفة تجاه السن

- ‌الأسطول الطيار

- ‌نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

- ‌باب المذاكرة والمكاتبة

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌إصلاح بعض الأغلاط واستدراكها

الفصل: ‌الزواج عند يهود بغداد

‌الزواج عند يهود بغداد

1 -

تمهيد

تختلف مناهج وأساليب الزواج عند يهود بغداد اختلافاً يذكر عن وطنييهم المسلمين والمسيحيين حتى أن اغلب أبناء الزوراء يجهلون اليوم جل عاداتهم إن لم نقل كلها ولهذا أحببنا أن نطلع قراء مجلة (لغة العرب) الكرام بهذه النبذة على عادات زواجهم فنقول:

2 -

انتقاء الزوجة ومسألة الصدق

إذا وطن الشاب نفسه على الاقتران يطلع والديه على ما يدور في خلده (هذا إذا كان له والدان وإلا فيكاشف بما في صدره أقرباءه أو أحد معارفه) فيستدعي الأبوان أحد دلالي الفتيات (وما أكثرهم عند اليهود!) ويعرضان عليه مسألة ولدهما فيأخذ الدلال ويصف لهما حالاً بعض الفتيات اللواتي يعرف أسماءهن ويذكر منيني (دوطة) كل منهن واسم أبويها ولقب أسرتها ويثني على مناقبها ومحاسنها فإذا صادفت إحداهن حظوة وراقتهما يخبران عنها أبنهما ويأخذانه معهما إلى دار والديها حتى يراها بعينه. وكان يحظر على الفتى في السنين السالفة أن يرى الفتاة قبل عقد النكاح أما الآن فقد خرقت تلك العادة السيئة المغبة ولم يبق حكمها جارياً إلا عند طائفة من المتعلقين بأهداب العوائد القديمة. فإذا رآها الشاب وأعجبه حسنها وآدابها يخبر والديه بأنها قد وقعت في نفسه فيأخذان بمساومة الدلال في أمر الصداق (الدوطة) فيعرض عليهما الرجل قدراً من الدنانير فإذا وجداها زهيدة بالنسبة إلى مقام أبنهما يقولان له بكل تصريح إن ثمن ولدنا لأكثر مما دفعت له فيذهب الدلال إلى أهل الفتاة ويقنع والديها أن يزيدا نقود المهر لأن الفتى من زهرة الشبان النجباء ومن نخبة الفتيان الأدباء النبلاء وأهل لكل المحامد والفضائل وهو جدير بأن يدفع له مبلغ يجذبه إلى الابنة. هذا فضلاً عن أنه وجيه بين أقرانه عظيم عند معارفه وأخدانه ويأخذ بالثناء على همته ومروءته وما له من المنزلة الرفيعة عند التجار والأغنياء إلى أن يغوي الدلال سامعيه في اغلب الأحيان بنا يبذل من شقشقة لسانه حتى يبلغ مناه وينال

ص: 454

اسماً رفيعاً ومالاً طائلاً من الحلوان الذي يتقاضاه ولا يهمه البتة شيء آخر

وبعد أن يتم الوفاق بين أهل الفتى والفتاة تعلن الخطبة على رؤوس الأشهاد وتختلف البائنة (الدوطة) بحسب تفاوت الدرجات فلا يكون مهر ابنة الغني كمهر ابنة التاجر أو الصانع بل تختلف اختلافاً عظيماً فالفقراء منهم يدفعون غالباً من عشر ليرات إلى ثلاثين ليرة وأما المتوسطون فمن خمسين ليرة إلى ثلاثمائة وأما التجار والأغنياء فمن خمسمائة إلى ألف أو ألفين وأكبر صداق دفع في حاضرتنا هو سبعة آلاف ليرة عثمانية أي 1. 680. 000 فرنك دفعته السيدة (ن) كريمة المثري الشهير منشي مثلون إلى الخواجا اخضوري بن شماش.

والشيء الذي لا بد من ذكره هو أن الفقراء الذين لا يملكون شروى نقير يكرهون نساءهم على أن يجلسن في باحة الكنيس وأروقة المجامع وقوارع الطرق وفارق الشوارع ليستعطين من المارين وليجمعن بائنة لبناتهن ولا تسأل عن صورة جمعها فإنها تجمع بطرق تشمئز منها النفوس الأبية فتقعد الأم وعيناها شاخصتان إلى المارة وهي تستعطفهم وتوجه أنظارهم إلى ذلها ومسكنتها وفقرها المدقع وبعض الوالدات يذهبن إلى رئيس الحاخامين ليكتب لهن رسالة وصاة يحملنها إلى سراة القوم ووجوه الأمة ليمدوا إليهن يد المساعدة. فبهذه الصورة وبغيرها تجمع الدراهم المطلوبة وتقدم إلى الشاب كلقمة سائغة وطعام مريء هنيء. فإذا اعترض أحد عقلاء الأمة على هذا العمل المخالف للشهامة وعزة النفس يجاب حالاً أنه لا يجوز شرعاً في الدين اليهودي أن تطلق الفتاة من دار والديها صفر اليدين ويستشهدون إدعاماً لرأيهم بما ورد في سفر التثنية 15: 12 من أن العبد إذا خدم سيده ست سنوات ففي السنة السابعة يعتق ويطلق سراحه مزوداً بالمال فكيف لا تزود الفتيات اللاتي قد خدمن والديهن منذ صغرهن. ولقد فات المعترض أن ذلك يعمل إذا كان الإنسان ذا سعة ولا واجب عليه إذا ضاقت حاله بحيث يضطر إلى أن ينتهك مبدأ التعاون والتعاضد الحقيقي. ويخيل إلينا إن منشأ هذا الإكراه هو الاعتقاد الجازم بصحة الزواج الباكر فالفتاة إذا تجاوزت الثامنة عشرة أو العشرين باتت منبوذة كإحدى الثيبات لا يمد أحد إليها يداً. أما الآن فقد تغيرت الحال قليلاً بواسطة المدارس والمكاتب فأصبح الشاب المتهذب لا يرضى شريكة لحياته إلا التي تكون كاملة السن حائزة صفات الأمومة ملمة بأغلب

ص: 455

فروع المعارف العصرية كتدبير المنزل والخياطة والقراءة والكتابة ونحوها.

3 -

تزوير الخطبة

عند نفر من رعاع يهود بغداد عادة ذميمة جداً ألا وهي إذا رأى أحدهم غادة حسناء بديعة الجمال فريدة الخلال والخصال وهام بها لكنه لا يصل إليها لأنها أرفع جاهاً وأسمى نسباً أو حسباً فلا يستطيع أن يقدم على خطبتها جهراً لئلا يلحقه من الذل والهوان وقوارص الكلام ما لا تطيق على حمله الأطواد الراسيات يعمد إلى اختلاق الحيل فيغويها بنفثات لسانه. فإذا أفلتت من كيد فخه ونجت سالمة من شركه، احتال عليها بوسيلة أخرى. والوسائل في شرع اليهود عديدة ناجعة تساعد الأوباش على نيل بغيتهم وقضاء وطرهم. فمنها: إنه إذا أهداها أحدهم خاتماً أو نفحها بصرة من الدنانير أو بقطعة من النقود الدارجة بشرط أن تكون من الذهب أو الفضة بمرأى ومسمع من الناس وقال لها: يا فلانة لك أقول خذي هذه الهدية مني عربوناً على عقد خطبتي لك (وغالباً يتلفظ بتلك الكلمات بصوت منخفض جداً بحيث يتمتم ولا يسمع كلامه بجلاء) فالفتاة المسكينة تذهل طبعاً من تلك المباغتة فتأخذ بأن تتفرس بوجه الصبي وبيدها تقدمته لأنها لا تعرف من أمره شيئاً ولا لأي شيء قدم لها تلك الهدية فإذا خطت ثلاث خطوات وهي حاملة خاتمه أو نقوده تعد خطيبته له شرعية ولا يقدر أن ينازعه فيها منازع؛ أما إذا ألقت من يدها في الحال هديته فلا يعتد بفعله بل ولا يحفل بما أتاه؛ بيد أن اغلب الفتيات المسكينات يعتريهن شيء من الذهول فلا يفطن لما في أيديهن ولا يدرين بماذا يجبن فيهربن من أمام ذلك الحيوان الضاري لا يلوين على شيء كالظبي النافر من وجه الأسد فيعد فرارهن هذا حجة ساطعة عليهن ودليلاً راهناً على رضاهن وكم جرت هذه العادة الذميمة - التي لم ينزل بها الله من سلطان - من الويلات والمنازعات فعلى شبان العصر ورجال النهضة الحالية أن يجعلوا حداً لتلك الموبقات المعدودة من فظائع الهمجية. ومما يزيد الطين بلة إن بعض المتشردين والمشعوذين يستأجرون طائفة من أرباب المفاسد لهذه الغاية السافلة فإذا تم لهم ما قصدوه يذهبون بهم إلى الربانيين فيستنطق هؤلاء أولئك الواحد بعد الأخر فإذا وجدوا أن الشهود يؤيدون دعوى الشاب يصرحون على رؤوس الملأ إن الفتاة باتت خطيبتة شرعية للمدعي ومما

ص: 456

هو أنكى من ذلك إن كثيرين من أغبياء اليهود يذعنون لحكم الحاخامين ذلك الحكم الذي لا يجحف بحقوق الفتاة فقط بل بحقوق الوالدين وبمن يلوذ بهم أيضاً إذ كيف يجوز

في شرع العقل إن فتاة سامية المناقب حميدة السجايا كريمة المحتد ترغم فتقترن بفتى لئيم خبيثٍ فاجر دنئ الأصل من سفلة الناس وطغامهم لكون سنة الشيوخ تحتم ذلك. وقد حدثت واقعة من قبيل ما أوردناه فويق هذا منذ نحو سنة وهو أن أحد الرعاع البدالين (البقالين) في سوق حنون سولت له نفسه أن يقوم بهذا الفعل الفظيع فلما طرق خبر تلك الجراءة مسامع أبوي الفتاة قاما وقعدا لتلك الوقاحة بل الفظاظة الغير معهودة في عصر الحرية والعدالة وأهانا الربانيين كافة لتأييدهم دعوى سخيفة كل السخافة وحجة باطلة يمجها الذوق السليم ولا يأتيها إلا فريق من الطغام اللئام. فلما رأى رؤساء الدين وتحققوا أن لا طاقة لهم على مقاومة والدي الفتاة وأخوتها وأنسبائها وإرغامهم على ما رسموه، فتق لهم عقلهم إذ ذاك أن يتواطئوا سراً مع أحد الشهود على أن ينكر بتاتاً ما فعل ويقول أن المدعي قد رشاني لا شهد زوراً فأتيت ما أتيت من شدة فقري وهاءنذا أعترف أمام الحضور بعظم جريمتي طالبا الصفح والغفران عن زلتي.

لقد فعل الربانيون ما فعلوا خوفاً من هياج الجمهور لئلا يخالفوا سنة الشيوخ ويتعدوا على تقاليد الأباء حسب زعم السذج منهم وادعاء البلداء فناشدتك الله يا صاح هل سمعت في عمرك عن عادة أجحف بحقوق ذوات الحجال من هذه. فيا ليت يقوم اليوم عقلاء اليهود وأدباؤهم ويلغون هذه العادة القبيحة المار ذكرها لكي لا يسري داؤها العياء إلى ما بينهم ويصبحوا مضغة في أفواه ناشئة العصر الذين قد وقفوا نفوسهم وأقلامهم لقلع زوان الظلم والاستبداد ويكونوا في الوقت ذاته قد خدموا طائفتهم خدمة جليلة لا يقدرها حق قدرها إلا ذووها.

4 -

عقد الخطبة

عقد الخطبة ويعرف عند اليهود باسم (التقديس)(واللفظة غير عربية بهذا المعنى) معروف عندهم. ويقولون فلان قدس فلانة وفلان مقدس وفلانة مقدسة إلى آخر ما هنالك من هذه الألفاظ. بمعنى خطب ومخطوبة وخطيب. وتتم الخطبة على هذا الوجه:

يحضر العروسان مع الوالدين والأقرباء والأصحاب والمدعوين إلى ردهة

ص: 457

فسيحة الأطراف فيقوم الحاخام ويأخذ بيده قدحاً من الشراب الفاخر ويباركه ثم يناوله الخطيب فيشرب نصفه ثم يقدمه إلى الخطيبة فتكرع ثمالته ثم ترده إلى خطيبها فيأخذه ويكسره أمام الحضور دلالة

على أن الوفاق قد تم بينهما ولم يعد في طاقة أحدهما رفض صاحبه أو رفض عقد الخطبة بلا مسوغ شرعي فإذا ألقى القدح تتلقف الحضور كسره وكل من يحصل على كسرة منه يعد نفسه سعيداً لأنه يعتقد أنها بمنزلة آنية مقدسة ويتيمن بها فإذا تم ذلك تقدم أطباق الحلوى إلى الجمهور وبعد أن يأكلوا منها ينتثر عقد المحفل ويذهب كل منهم إلى داره داعياً للخطيبين بالسعد والفلاح.

وفي اليوم التالي يرسل الخطيب إلى خطيبته عقداً ثميناً أو حجراً كريماً أو غيرهما من الهدايا النفيسة والحلويات مع دلال الفتيات وعلى الدلال أن يتقاضى نقوداً من الخطيب باسم جعل الحمال تختلف قيمتها باختلاف الدرجة والمقام.

5 -

رسوم الزواج

عندما يتم جهاز العروسة ويدنوا أوان الاقتران تدفع البائنة إلى العروس بعد أن انفق منها جزءاً في مشتري حلي وثياب للعروسة وأثاث للبيت فإذا كان صاحبنا غنيا ضمها إلى دراهمه وإذا كان تاجراً أضافها إلى رأس ماله وإذا كان مفلساً أصبح ذا رأس مال يتاجر به. بيد أنه يؤخذ من الصداق مبلغ معلوم يخصص لدار السكنى ويسمى بلسانهم (مشكنتي) ولا يجوز للزوج أن يتصرف فيه اللهم إلا إذا مست الحاجة إلى ذلك.

وقبل أن تكون ليلة الزفاف يرسل العروس بدراهم إلى العروسة من جيبه الخاص لتنفقها على نفسها وصويحباتها في الحمام. وفي تلك الليلة تخضب النساء بنان العروسة وأنامل أكثر المدعوات والنسيبات بخضاب يعرف بالحناء وقبل بضع سنوات كانت تحنأ كلتا اليدين ولم تزل تلك العادة جارية عند الكثيرين من سكان الزوراء حتى يومنا هذا. وفي ليلة الحناء يقرع أهل العروسة الدنبركة

ص: 458

من المساء حتى الصباح ويوقدون شمعتين بالتناوب تركزان في وسط لقن مملوء قمحاً وتوقد الشمعة الأولى إلى نحو نصف الليل ثم تليها الأخرى حتى الفجر. فتطرب النساء والصبيان ويسكر الرجال حتى يعربد بعضهم وفي وسط أفراحهم تأتي الحوانئ (المحنئات) وهن حاملات أطباق الحناء فيحنئن أطراف أصابع العروسة بقموع فترفع أصابعها إلى فوق إلى أن يجف الخضاب ثم تنقض عليها الفتيات ويخطفن القموع من أصابعها لأنهن يعددن ذلك تبركاً وسعادة واغلب الخاطفات يكن من الصبايا العذارى وفي اليوم التالي وهو يوم عقد الزواج يذهب العروس ومعه المدعوون

والأقرباء والرفقاء إلى بيت العروسة فيجلس في صدر الردهة وعن يمينه (الشبين) وفي لسانهم يدعى (اشبنيم) والعروسة في حجرة أخرى خاصة بالنساء ومما يحتم على والدي العروسة ليلتئذٍ أن يحضرا آلات الطرب كالموسيقى والجالغي والدف والدنبك ونحوها لتطرب الحضور بألحانها الشجية. وبعد أن يمضي بضع ساعات يقوم الحاخام ويعقد عهد الزواج ثم تدار أقداح الشراب وأطباق المرطبات والحلوى على الحضور فيأخذ العروس المدعوين إلى داره وتأخذ النساء معهن العروسة ويرافقها إلى قرينها ثم يرفض المجلس وهم يدعون للعروسين بالرفاه والبنين.

من العادات التي لا توجد عند غير يهود بغداد: هي أنه عند زفاف العروسة إلى عروسها أي في الليلة التي يبنى الزوج على زوجته (ليلة الدخلة) تختلي معهما عجوز لتكون شاهدة عياناً على ثوب عفاف العروسة أو بعبارة أصرح لتكون خير شاهد على بكارة الفتاة ولهذه العجوز مشاهرة تتقاضاها من المجمع أو الكنيس في غرة كل شهر قياماً بمهنتها هذه وهناك بضع عجائز قد أقمن لهذه الغاية وإذا اعترض أحد على هذه العادة الذميمة الغير اللائقة بروح العصر يفحمونه بما ورد في هذا المعنى في سفر التثنية 22: 13 إذ يقولون إن مثل هذا الاحتياط يحفظ الشابين من كل ما لا تحمد عقباه. ومن خرافاتهم في مثل هذه الليلة إنهم لا يسمحون ببقاء الماء في حجلة العروسة

ص: 459

والعادة عند الأغنياء والمتوسطين منهم هي عندما يبنى الزوج على زوجه أن تصدح الموسيقى بألحانها المطربة هذا وتقف والدة العروسة وبعض النسيبات عند باب مقصورة العروسين أو بالقرب منه وهن يهلهلن هلاهل تمزق جلباب الفضاء من شدتها وبعد أن يدنوا الزوج من زوجه لا يجوز له بعد ذلك أن يتقدم منها إلا بعد مضي سبعة أيام وأحيانا خمسة عشر يوماً لأنهم يعتقدون إن ذلك لا يخلو من فوائد طبية وفي أثناء هذه المدة لا تترك العروسة وحدها في خدرها لكي لا تكون فتنةً لرجلها قبل المدة المضروبة للملاقاة الثانية. ومن عاداتهم القديمة أن العروسة تجلس في الوسط ومن عن يمينها وشمالها تقعد امرأتان وعلى رأس كل منهما أزار ولكن هذه العادة قد بطلت عند المتنورين منهم لأن القدماء وكثيرين من العوام يعتقدون إن المرأتين تطردان الأرواح الخبيثة عن العروسة.

وفي اليوم السابع يدعو الحم صهره وابنته معاً إلى داره ويعد لهما وليمة وهم يدعونها في

اصطلاحهم (فتح الوجه) ذلك لأن العروس لا يذهب إلى بيت حميه حياء وتأدباً ما لم يدعه دعوة خصوصية وإذ لم يأدب له مأدبة. فلا أقل من أن ينفحه بصره من الدنانير تكون بمثابة الدعوة.

ومن العادات الراسخة في الأذهان والمعدودة من قبيل وحي الأديان أن الشاب لا يجوز له شرعاً أن يتزوج أرملة أو مطلقة وإذا اقترن بها لداعٍ من الدواعي وأصبحت حليلته يحتم عليه أن يتزوج بعد حين بفتاة عذراء لم يعرفها رجل قط.

ويجوز للرجل في شرع اليهود أن يتخذ ابنة أخته زوجةً له وأما عند المسلمين والنصارى فلا يجوز البتة لأنهم يعتقدون أن ابنة الأخت هذه هي بمقام أخته أما اليهود فيذهبون إلى أن ابنة الأخت تعد غريبة النسب لكون والدها غريباً ويوردون لخصمهم ما جاء في سفر اللاويين 18: 6 من أنه لم يرد نهي عن اتخاذ ابنة الأخت زوجة للخال غير أنه وإن لم يرد شيء من قبيل ذلك إلا أنه مما تنفر منه الطباع العفيفة والعقول السليمة لقرب صلة الرحم بينهما وكثيرون من الإسرائيليين لا يقدمون على ذلك تشاؤماً من الموت الباكر وتطيراً من انقضاض غراب البين واختطاف أحد الزوجين

ص: 460