الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما سمع الخنوص هذا الكلام وما ضاهاه وكله قارص أو جارح أخذ الحنق منه مأخذه وحاول أن يبطش به كما بطش بصاحبه القتيل ظلماً وزوراً فلم يفلح ساعتئذ وقال له: ويلك! إني لم آت ما أتيت إلا لأنال منصباً جليلاً. واستعبد قوماً ذليلاً. واذرهم من شدة سطوتي في سكرتهم يعمهون. . .
أقول: فلما رأيت ذلك الموقف الهائل وما عمل الخبيث الكنود بالأسد الجليل اضطرمت النار في قلبي أي اضطرام. فوثبت حنقاً مغادراً الغار. لا اعي شيئاً من شدة ما تولاني من الغضب المستطار. قاصداً الدنو من الخنوص المستبد لأخذ منه ثار الضرغام. وبينما أنا أسير إليه إذا بصوت أيقظني من نومتي تلك والدموع تنحدر من عيني تحدر القطر من السحب من هول ما رأيت ومن شدة ما تأثرت منه ولما نظرت إلى ما حوالي وجدت الغزالة قد ارتفعت سافرة الوجه عالية الجبين فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون. . . .
ثم لما ثابت إلي نفسي وأنعمت النظر في حالتنا الاجتماعية التي نحن عليها فهمت إن ما رأيته في الخيال، هو تصوير ما يجري في عالم المثال. وتحقت إن ما وقعنا فيه من البلاء المبين. هو نتيجة ما سعينا إليه في ماضي السنين. ولكن (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. .).
محمد فائق الكيلاني
ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي
يقولون لي (باريز) أرض مظلة
…
فقلت بعدتم فهي سابغة الظل
وكم قيل أرض فرقت جمع شملنا
…
فقلت لهم هيهات بل مجمع الشمل
أحن لها مثل (الحمامة) شاقها
…
إلى الايك أفراخ تحن إلى الوصل
فبي ما بها من لاعج الشوق والأسى
…
وما حملت من لوعةٍ للجوى حملي
فها هي تشجيني فاصفق في يدي
…
وها أنا أصيبها فتفحص بالرجل
لئن شاقها تذكار رملة عالج
…
فما شاقني ذكر الاجيرع والرمل
وما هاجني ذكر الأحبة عرسوا
…
بذي الاثل يالا ابعد الله ذا الاثل
أجل هاجني ذكر الترحل للتي
…
يروق بها قولي ويسمو بها فعلي
وما زلت في ذكرى لها كل ساعة
…
أسير جوى بين الترحل والحل
يذكرني يا (ورق) سجعك في الضحى
…
على الايك من (باريز) مقصدي الأصلي
فأصبو إليها كلما مر ذكرها
…
ببالي وكم يصبو لرؤيتها مثلي
بلاد عليً شفت مخايل عزها
…
وولت كما ذل الفرند على النصل
ولعت بها طفلاً لأني وجدتها
…
تغذى بألبان العلى فكرة الطفل
كتمت الهوى جهدي فحرره الاسي
…
بماء المآقي ذا يخط وذا يملي
لعل الصبا يهدي إليها رسالة
…
فقد تعبت ما بيننا السن الرسل
وما شغفي بالآنسات وحسنها
…
ولا بفتور اللحظ والأعين النجل
ولا بالخدود الزاهرات ورودها
…
ولا بالقدود المآئلات من الدل
ولا بنحور زينتها قلائد
…
ولا بابتسام الثغر والألسن الرتل
ولكنني أصبو لذكرى أحبةٍ
…
فلاسفة الأيام بالعقد والحل
لئن قطنت أهلي العراق فإن لي
…
(بباريز) أصحاباً أعز من الأهل
وإن حرمت (باريز) قتل أخ الهوى
…
فإن بلادي حللت في الهوى قتلي
وإن قل في أرض العراق مساعدي
…
أشد يدي منها بأذرعها الفتل
فشتان ما بين العراق وبينها
…
وبين أخ جهلٍ بري وأخ فضل
خليلي لوما إن تشاءا أو اعذلا
…
فلي إذن صما عن اللوم والعذل
فكم صدني عن نيل ما رمت معشر
…
يكلفني أن أقتل العمر بالجهل
فبين صديق ليس يعرف غايتي
…
وبين شقيق قد ألح عليّ مطلي
إذا حكموا مالوا عليّ بحكمهم
…
وإن عدلوا جاروا على سنة العدل
لقد كنت قبل اليوم أحسب أخوتي
…
كثيرين فيها غير ذي عدد قل
فصرت وحيداً لا أرى قط واحداً
…
يشاطرني وجدي ويسلك في سبلي
فيا راكبي (ظهر القطار) بعدتم
…
مدى وقربتم للمنى زمناً قبلي
ففزتم بما نلتم على شقة النوى
…
وخلفتم قلبي مراجله تغلى
وكم من رجال راقهم ما شربتم
…
على البعد في (باريز) علاً على نهل
(يحثون للمغنى الذي أنتم به)
…
ويصيبهم ذكر الأحبة والوصل