الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طعام وشراب وصلة. وعليه قول أبي سعد الضبي:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا
…
جعلنا القنا والمرهفات له نزلا
ومنه أيضاً في سورة آل عمران: فيه نزلاً من عند الله. ونظن إن سبب سقوطهم في هذا الغلط سوء فهم نص اللغويين. وأما إذا أريد بمرادف لكلمة أوتيل أو لوكندة فللعرب كلمة فندق وهي مشهورة وكلمة (ثوي) بفتح الثاء المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء. وقالوا في
معناه: هو البيت المهيأ للضيف.
4 -
تأنيث لفظة الباب قبيح
رأيت كثيرين يؤنثون هذه اللفظة مع أن تذكيرها أشهر من كفر إبليس؛ ولعل عذرهم في تأنيث هذه اللفظة هو أن لها مرادفاً مؤنثاً وهو السدفة فيحمل تأنيث اللفظة على مرادفها. فهذا جائز، وقد قلنا أن باب التأويل والتخريج واسع وحينئذ لا غلط في العربية وبهذا القدر كفاية.
باب المشارفة والانتقاد
1 -
كتاب الطواسين
لأبي المغيث بن منصور الحلاج البيضاوي المتوفى في بغداد سنة 309هـ - 922م
وقد نشر نصه العربي للمرة الأولى لويس ماسنيون نقلاً عن مخطوطي استانبول ولندن وشفعه بنص البقلي الفارسي العبارة مع حاشيته المشروحة باللغة الفارسية أيضاً وقد حلى كل ذلك بمقدمة انتقادية وملاحظات وتعليقات وحواشٍ وطبعه سنة 1913.
ابن منصور الحلاج من أشهر المتصوفة في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع للهجرة. وقد أوغل في التصوف حتى بلغ به الأمر أن أتخذ مصطلحات اغلبها خاصة به ظنها جماعة من المسلمين أن الناطق بها هو من القوم الكافرين وكأنهم لم يجتزئوا بما فكروا بشأنه سراً فأباحوا دمه هدراً وجهراً وفي نهار الأربعاء 18 ذي القعدة أفتى القضاة بقتله وفي 22 من الشهر المذكور أثبت الخليفة تلك الفتوى فتم قتله وحرقه في 24 منه بازاء باب الطاق في بغداد. وبعد أن قضي عليه أخذ كثيرون يتدبرون أمره وهل كان الحكم عليه ظلماً أم عدلاً وهل كان من أهل الهداية أو من أهل الضلال وهل مات وهو من الهالكين أم من الناجين
فالمسلمون إلى اليوم لم يتفقوا على القطع في هذا الشأن فمنهم من هم له ومنهم من هم عليه أما حضرة صديقنا المستشرق لويس ماسنيون الذي بحث بحثاً نعما في أقوال أعدائه وأصدقائه فقد رأى أنه لم يكن لا من الضالين ولا من المضلين؛ بل إنه كان من القوم الصادقين ومات على دين مبين.
وهو لم يقل ذلك اعتباطاً بل تجشم للبحث عن هذه المسألة سفراً شاقاً إلى بغداد وسافر إلى ديار مختلفة فوجد فيها الكتب التي تبحث عن هذا الصوفي الغريب الأخلاق وبذل في سبيل تحقيق الأمر المال والصحة وطالع جميع ما كتبه المؤرخون والإخباريون والكتاب على اختلاف مذاهبهم وآرائهم وطبقاتهم وعصورهم فجاءنا بهذا الكتاب الذي قطعت فيه جهيزة قول كل خطيب بل هو فصل الخطاب في هذا الباب. وقد أفرغ فيه من كنانة السعي والجد والجهد ما لا نراه في أبناء ديارنا هذه فنحن نهنئه بهذا الفوز المبين وسبق جميع من تقدمه في هذا الميدان بل ميدان الميادين.
على أننا لا ننكر على الساعي الهمام ما ورد في طبع سفره من الأغلاط التي لا يخلو منها
كتاب، إذ العصمة لرب الأرباب، فمن هذه الأغلاط ما هي من الطبع، ومنها ما هي من النسختين الأصليتين، ومنها ما هي من ابن منصور نفسه، منها ما هي من سوء النقل إلى الفرنسية المتولدة من سوء فهم العبارة العربية.
فمن أغلاط الطبع ضبطه أعذبك بإسكان العين والأصح بفتحها. - وضبط بلى (في تلك ص) بتنقيط الياء والأصح بإهمالها. ومثل هذا كثير وقد يعكس الأمر - وضبط شئت بفتح الشين والتاء والأصح بكسر الشين وفتح التاء. - وجعل الهمزة على ألف أتى (في تلك ال ص سطر 4) بعد الكلمة، فقال: والأصح كسرها. ومثل هذا الضبط المخطوء كثير. - وضبط القدرة بفتح التاء مع أن قبلها كلمة (علوم) والأصح كسرها. ومثل هذا أيضاً كثير -. وشدد طاء فقد ظناً منه أنها مثل قط والأصح إسكانها. - وكتب مائة (ص بالياء والأصح بالهمزة كما كتبناها. - وضبط (ص تعتريه المرفوع المضارع المضاف إلى ضمير الغائب المفرد بضم الهاء وهو خطأ والأصح بكسره. - ونحن نقول هنا كلمة وهي أن ما صححه من الأغلاط في آخر الكتاب هو دون ما بقى من تصحيحها.
ومن أغلاط النسختين قوله في (ص المعرفة الأصلية التي هي أصل المقامات ومكان المشاهدات (فهي). . . والأصح (هي) وقوله ص 10 وأشرقت شمسه من تحية تهامة والأصح من ناحية تهامة وفي تلك الصفحة وأندل فحدد. والأصح دل (بصيغة المجهول) فحدد. وفي ص 12 قبل الحواديث والكواين والأصح قبل الحوادث والكوائن وفي تلك الصفحة جنسه أبوي، رفيقه رفوى، والأصح رفيقه رفوى. وهناك غير هذه الأغلاط وهي كثيرة تبلغ العشرات فاكتفينا بما ذكرناه.
ومن غلط كلام ابن منصور نفسه: نعته النيران بالشهيقة (ص 21) وفيها تكلف ظاهر. - وقوله ص 30 والذي وصل إلى دائرة الحقيقة نساني والأصح نسيني وفي ص 34 ثم دنى (كذا) كأنه دنى (كذا) من معنى ثم حاجر كعاجز (بكسر الجيم) لا كعاجز (بضم الجيم) ولا جرم أنك تقرأ أو تسمع كلاماً باللغة الهندية ومثله قوله ص 36 من زائد العورة. ومثله في ص 40 وص 42 ونحو هذه كثير. وقد جاءت أغلب أبيات الحلاج ركيكة قلقة الألفاظ سيئة الوزن تبدو عليها آثار التكلف كما في ص 133 و134 و135 و138 وفي غيرها.
ومن أغلاط ضبط الساعي في نشر الكتاب قوله في ص رقعه بخط الحلاج. وضبط رقعة
بفتح الراء إذ ضبطها بالحروف لا بالشكل أي هكذا والأصح بضم الراء أي ويكتب الشين عند نقلها بالحرف الإفرنجي بسين وهاء أي ولو جمع الحرفين بخط واحد من تحتهما لكان آمن للبس وإلا لو ضبط كلمة (أسهر) و (واشر) لكتب كلتيهما وهو نقص فاضح. ولو يضبط الشين بسين عليها علامة كالثمانية العربية أي 8 أو كالنقطة لكان أنفى للوهم. - وهو كلما أراد أن يضبط كلمة في آخرها همزة غفل عن تصويرها تصويراً تاماً بالحرف الفرنجي فهو يكتب مثلاً عطاء كما يكتب عطا أي (ص 3) وهو قصور بين لا سيما وفي إمكانه أن يدقق في الضبط. - ولا أدري لأي سبب يضبط اسم الحلاج بكسر الحاء وتخفيف اللام كل مرة يذكر هذا الاسم نقلاً عن نص فارسي راجع ص 3 مع أن العجم ينطقون به كما ينطق العرب أي بفتح الحاء وتثقيل اللام. - وضبط الغزالي بتخفيف الزاي والأفصح
بتشديدها كما ألمعنا إليه في لغة العرب غير مرة وضبط ابن شمعون (ص 15) بالحرف الفرنسوي هكذا والأصح بالشين وضبط سورة النمل بفتح الميم في (ص 25) والأصح بإسكان الميم. وضبط قوله لعظم نعمته ص 9 بفتح العين وسكون الظاء والأصح بكسر العين وفتح الظاء. وضبط قوله (ولا مقول ولا مفعول (ص 12) بتشديد واو مقول وفتحها كمكرم والأصح بفتح الميم وضم القاف وسكون الواو. وضبط (أثمرت) ص 13 على باب احمرت أي بتشديد الراء وهو غلط قبيح والأصح وأثمرت من باب أكرمت. وضبط بحره ص 13 بكسر الحاء. والأصح بإسكان الحاء. ولو أردنا أن نأتي على جميع أغلاط الطبع لاندفعنا إلى المقال، بما يضيق عنه المجال.
النقل قوله في نعت الحلاج (العالم الرباني) وفسر هذين اللفظيين بما معناه (العالم الذي ومن أغلاط سوء علمه الرب) مع إن معناه واضح أي العالم العارف بالرب والرباني باللاتينية هو - وترجم قوله: غمض العين عن الاين بقوله: أي غمض العين خارجاً عن الاين وهو خطأ والذي ساقه إلى هذا الوهم الأداة (عن) والأصح أن يقول في نقلها أو - ونقل إلى الفرنسية هذا الكلام: لا يسلم لأحد معناها إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ومعناها: لا ييسر معناها إلا للنبي عليه الصلاة والسلام وقد فسر هذه الألفاظ الأخيرة بالمعنى الغير المألوف عند المسلمين والأصح أن يقول بلغته الفرنسية هكذا:
ونقل ص 18 كلام ابن منصور (إن الله. . . لا تصوره خطرة ولا تعتريه فترة إلى الفرنسوية بقوله: وهذا يدل على أنه لم يفهم العبارة والأصح أن ينقلها إلى لغته بقوله:. . . لأن هنا الفترة هي اسم المرة من الفتور ولا تفيد هنا
معنى فترة الأنبياء البتة. ومما أساء نقله إلى الفرنسوية عدة عبارات منها ص 18 (فأي سبيل للشيطان إليهم، وأي يد للعدو عليهم) وفي ص 23 (ليتجلى عليهم فيها) وفي ص 24 هذان البيتان:
جحودي لك تقديس
…
وعقلي فيك منهوس
فما آدم ألاك
…
وما في الكون إبليس
ومما لم يحسن نقله إلى الفرنسوية كلمة الموحد بكسر الحاء والموحد بفتح الحاء وفسر التجريد ص 5 بقوله والأصح ولو أتينا بجميع ما في هذا الكتاب من الأغلاط لملانا عدة صفحات من هذه المجلة فاجتزأنا بذكر بعضها لتكون بمنزلة أمثلة يقاس عليها ما بقي ونحن نأسف كل الأسف لوقوعها فيه لما بذل المستشرق الأديب من السعي في طبعه وإبرازه في حلة تزيده حسناً. ومن مزيدات الأسف فينا حرفه العربي فإنه مشوه قديم الشكل لا يحق أن يطبع به سطر من الأسطر بل يجدر بأن يلقى في نار جهنم مع ما يذوب فيها ولا يبرز إلى عالم الوجود. إذ أنه أقبح موجود اللهم أمين.
2 -
دليل لبنان وسوريا
لمنشئه بولس مسعد، الجزء الأول. ثمنه 3 فرنكات في خارج القطر المصري. طبع في مصر سنة 1912 - 1913 في 433 صفحة بقطع الثمن.
هذا الجزء الأول من هذا الكتاب يحوي جغرافية البلاد السورية وما يدخل في هذا الباب من المباحث المتعلقة. بجوها ومناطق أقاليمها وطبيعة أرضها ومعادنها وجبالها وسهولها وأنهرها وبحورها وبحيراتها وما يتناول منها مملكتي الحيوان والنبات ويتعلق بتجارة هذه البلاد وصنائعها وفنونها وسائر شؤونها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفي سكانها وأديانها وطوائفها ولغتها القديمة والحديثة ومنشأ مدنها ونهضتها العلمية وأسباب رقيها وتأخرها وطرق إصلاحها وغير ذلك.
إنك ترى من عناوين المضامين ما لهذا الكتاب من الأبحاث الشائقة التي تفيد كل باحث
مهما كان موضوع أشغاله: ولهذا لا يستغني عنه كل أديب يحب الوقوف على ما في سورية ولبنان. والظاهر إن الكتاب اطلع على كثير من المؤلفات التي صنفت في هذا المعنى لكننا نراه قد نقل بعض النصوص بدون أدنى تدبر ولا سيما في المباحث الاصطلاحية كقوله في ص 136: وهكذا الدردار (غرغاج) والأصح قره اغاج والكلمة تركية. وقال في ص 137
وفي جنوب فلسطين. . شجر يعرف بزبزفوس وسببنا كريستي (كذا) وقارئ هذه الكلمات يظن إن هذه الألفاظ معروفة على هذه الصورة في جنوبي فلسطين. والأمر ليس كذلك. والاسم المعروف هناك هو النبق والأعراب يسمونه السدر. وكلاهما فصيح وأما زيزفوس سببنا (لا وسببنا) كريستي فهو اسمه العلمي وقال في تلك الصفحة والعرعر (سندروس). قلنا: وكان يجب أولاً أن يقال: (السندروس). لأن المفسر يكون بحالة المفسر منه. وثانياً: إن العرعر غير السندروس. وقد جاء العرعر عند العرب بمعان شتى لا سيما بمعنى ولكن لم يجئ بمعنى السندروس الذي هو إلا عند بعضهم. - وقال في تلك الصفحة أيضاً (شجر الصمغ الذي يستخرجون من قشرته الصمغ العربي) والأصح أن الصمغ يستخرج من الشجرة كلها لا من قشرتها. - وقد تطالع الصفحة بعد الصفحة وأنت تتعثر في كل منها بعدة عواثير من هذا القبيل.
والفصول التي تعرض فيها ذكر الأديان كثيرة الأغلاط راجع مثلاً الصفحة 327 تره يقول: الحرمية (كذا) فرع من الطائفة الباطلة الباطنية ينتسب إلى بابك الحرمي (كذا) الذي ظهر في خلافة (كذا) عبد الله بن المأمون بن رشيد (كذا) العباسي واستولى على بلاد همران (كذا) وعلى الجبال ثم اتهرمت (كذا) جماعته إلى بلاد الروم ويسمى اتباعه ملحدون (كذا) وهم ينزلون شمالي سوريا وعددهم هناك قليل يكاد أن لا يذكر (كذا) أهـ. وتصحيح العبارة هو: الخرمية (بالخاء المضمومة والراء المشددة المفتوحة نسبة إلى بابك الخرمي ومعنى خرم بالفارسية فرح. لأن أصحابه يحللون كل ما فيه لذة من المحرمات فيسمون دينهم دين الفرح) فرع من طائفة الباطنية (على رأي بعضهم. والأصح أنهم ليسوا منهم) ينتسب إلى بابك الخرمي الذي ظهر في سنة 201 في أيام المأمون بن هرون الرشيد العباسي واستولى على بلاد همذان وبلاد الجبال ثم انهزمت جماعته إلى بلاد الأرمن وما يجاورها وكانت تسمى يومئذ بلاد الروم. ويسمي بعضهم اتباعه ملحدين لاشتهارهم
بالإلحاد. وليس لهم اليوم بقية. وأما ما يقال أن منهم جماعة قد احتلت شمالي سورية فهو وهم محض لا حقيقة له.
وقال في تلك الصفحة متكلماً عن الوهابيين: زعيمهم محمد عبد الوهاب التميمي الذي ظهر سنة 1746 في داريا من بلاد نجد (كذا) أهـ وسماها كرنيليوس فإن ديك في كتابه المرآة الوضيئة ص 221 (ضرعية) وكلاهما غلط. والأصح الدرعية بلام التعريف (راجع مجلة الزهور المصرية 2: 292)
وأما أغلاط الطبع والنحو واللغة فكثيرة لا تخلو صفحة منها كقوله في ص 329 هيبة الله والأصح بهاء الله. وكقوله فيها: حتى أضطر للفرار والأصح إلى الفرار. وكقوله فيها: ويقيم (أي عباس أفندي بهاء الله) في عكاء حيثما صرف والده آخر أيامه. اهـ. قلنا: يقيم اليوم عباس أفندي في مصر (راجع طوالع الملوك ص 399) وقال في عدة صفحات: سميوا (منها في ص 330) والصحيح سموا. وكلامه عن الصابئين غير صحيح من أوله إلى آخره. وليس للزيدية والصابئة وجود في سورية البتة وإن قال ذلك بعض ضعفاء الكتاب.
وبالجملة فللكاتب حسنات وسيئات لكن حسناته تطمس سيئاته وبذلك كفاية فعسى أن يكون أخوه الثاني أصح منه في جميع الوجود.
3 -
كتاب معالم الكتابة، ومغانم الإصابة
إنشاء عبد الرحيم بن علي بن شيت القرشي
عنى بنشره وتعليق حواشيه الخوري قسطنطين الباشا المخلصي طبع في بيروت في المطبعة الأدبية 1913 في 192 بقطع الثمن الصغير وقيمته 12 غرشاً صحيحاً.
هذا الكتاب من أنفس كتب اللغة التي لا يستغني عنها أحد وهو وإن كان صغير الحجم إلا إنه عميم النفع يدرب الكاتب الناشئ في طرق أساليب فصح التراكيب ويعين المجيد على إتقان التعابير واختيار أحاسن الكلم وقد وضعه مؤلفه في مقدمة وثمانية أبواب وهي: مقدمة الكتاب للمؤلف. وفيها ذكر سبب تأليف هذا التصنيف. الباب الأول في ما يجب تقديمه ويتعين على الكاتب لزومه وفيه مطلب في آداب كتاب الملوك وأركان الدولة. - الباب الثاني في طبقات التراجم وأوائل الكتب وما يكون به التخاطب بين المتكالبين على
مقدارهما. - الباب الثالث في ذكر وضع الخط وحروفه وبري القلم وإمساكه مما لا يستغني الكاتب عنه. - الباب الرابع في البلاغة وما يتصل بها. - الباب الخامس في ألفاظ يقوم بعضها مقام بعض. - الباب السادس في الأمثال التي يدمجها الكاتب في كلامه ويستشهد بها. - الباب الثامن في ما لا بد للكاتب من النظر فيه والتحرز منه وكثيراً ما يسقط فيه الكاتب. وهنا توصد الأبواب.
وأنت ترى من سرد هذه الأبواب أن لا ذكر للباب السابع والمؤلف لم ينبه على إهمال هذا الباب في المقدمة بل ذكر في حاشية ص 130 في آخر الباب السادس: (هذا آخر ما في هذا الباب. وأما الباب السابع فليس منه في الأصل سوى صفحتين ولذلك عدلنا عنه.) ولم يزد على هذا القدر.
وقد ذهب الناشر إلى أن صاحب الكتاب كان شيعي وأنه طوى أيامه في القرن السادس من الهجرة في زمان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي وأخيه الملك العادل. كل ذلك من باب الاستنتاج والاستقراء. فإن كان لأحد نسخة من هذا الكتاب أو له إطلاع على ترجمة المؤلف أو وقوف على ذكره في أحد الكتب في غير كتاب صح الأعشى فنحن نشكره على كل ما يأتي به من هذا القبيل.
والكتاب حسن الطبع. لكنه ليس مضبوطاً بالشكل الكامل؛ إلا أن الواقف على إبرازه إلى عالم النشور بذل ما في وسعه لضبط بعض المواطن التي تحتاج إلى إزالة الأشكال. بيد أنه يسوءنا أن نرى فيه أغلاط طبع كثيرة. وكان يجب أن يحترز منها في مثل هذا الكتاب الجليل النفع لوقوعه في أيدي كثيرين من المتعلمين والمعلمين.
فقد جاء مثلاً في ص 146 ما حرفه: البان الياسمين. ولا نعلم كيف يكون ذلك. فلا جرم أن هناك كلماً ساقطة. وقال: الرنف الهرامج. والأصح البهرامج بباء قبل الهاء. وقال: الحلبان الياسمين. والقوف شجرة مريم. وهذا كله من الكلام الفاسد وفي غير وضعه وقد نشأ من سوء كتابة النسخة والأصح والجلسان (وزان جلنار) الياسمين والفوف شقر مريم وقال. (السنط): أم غيلان والحقيقة هي كأم غيلان لكنه ليس بها. وقال. الشوحط والنبع ما تتخذ منه القسى فإذا كان في أسفله فهو شوحط (كذا. فأنت ترى أن هنا عبارة ساقطة) والأصح النبع شجر تتخذ منه القسى وهو ينبت في قلة الجبل والنابت منه في السفح يسمى الشريان
وفي الحضيض الشوحط وقال: البطم حبة الخضراء. والأصح الحبة الخضراء. وقال: الصرد (كذا) ألاراك. والأصح الضرو الاراك. وقال: والكفة بالضم كل مستطيل وكفة الصائد من ذلك. ثم ورد في الحاشية تأويلاً للكفة (حالته) والأصح حبالته أي حبالة الصائد.
وجاء في ص 147 الصغابين: القثاية. والأصح الضغابيس القثاء. وفيها الفرفخ بقلة الرجلة. والأصح الفرفح بحاء مهملة في الأخير. وفيها: النيمة.
الطرخون وهذا غير صحيح. لأن لا مشابهة بين النيمة والطرخون: ولا جرم أنه سقط من بين هاتين الكلمتين كلمتان أخريان. وقال فيها: الطرم البلسن والحال أن الواحد غير الآخر فينتج أن هناك تشويهاً آخر أن نقصاً في العبارة وفيها السرار: الهندي والأصح الحبحب: الهندي وفيها النعنع والنعناع ليس بشيء. ولعل الأصح النعنع (وزان قنفذ): النعناع والنعنع (وزان سبسب) ليس بشيء (أي ليس في شيء من العربي الفصيح) وفيها: العثم (بالثاء المثلثة) الزيتون وهو المردقوش. والأصح العتم: (بالثاء المثناة) الزيتون والعنقز هو المردقوش. وفيها ضبط الجلوز بضم اللام المشددة والأصح بفتحها. وفيها: الدبا: القرع والأصح الدباء (بالمد) القرع. وفيها: والدرق الحندقوقي والأصح والذرق (بذال معجمة) الحندقوق لا الحندقوقي لأن هذا نبت آخر ليس بالذرق وفيها: والجرجار نبت طيب الريح يرى أنه السوسن والأصح يروي وإن كان يجوز أن يقال هنا يرى. وفيها: الجاد الشاهسفرم والأصح الجادي: الزعفران. هذا ما رأيناه من أغلاط الطبع في صفحتين. فما القول إذا تصفحنا عدة صفحات من هذا الكتاب فيا للأسف على وقوعها في مثل هذا المصحف وخلوه مع ذلك من فهرس الأغلاط وتصحيحها: نعم إن الناشر قال في خاتمته: بذلنا جهدنا حتى لا يكون غلط في طبع الكتاب ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. إلا أن هذه الألفاظ لا تخفى على اللبيب إذا دقق النظر فيها.) لكن الأمثلة التي سردناها تخفى على كثيرين حتى على الالباء ولهذا نتوقع أن تكون الطبعة الثانية أصح وأوفى بالمراد والله الموفق للسداد.
4 -
ديوان إبراهيم منيب الباجه جي
الجزء الأول. طبع بمطبعة الآداب في بغداد سنة 1331 في 135 صفحة
إبراهيم منيب أفندي الباجه جي من شبان شعراء بغداد يستحق كل إكرام لأنه لم يتلق اللغة
العربي وآدابها عم معلم وإنما درسها بنفسه وأخذ ينظم الأشعار على ما توحيه قريحته وتفيض به سليقته. وهو في غضاضة الاهاب، وعنفوان الشباب، وقد وقف القراء على بعض منظوماته التي نضدت في لغة العرب. واليوم أهدانا حضرته الجزء الأول من ديوانه فوجدناه شاعراً عصرياً وقد نحا في جميع قصائده مناحي أبناء هذا القرن وخلع عنه أطمار الأقدمين التي لا يليق بأحد من أبناء زماننا أن يلبسها معانيه لعتقها وبلاها وتهرؤها. ولهذا نهنئه بنظمه ونتمنى له معارج
الرقي؛ إذ وقد وضع أقدامه على أوائلها كيف لا وهو القائل في وصف ليلة في دجلة:
رعى الله ساعات تقضت من العمر
…
بدجلة والأرجاء تزهر بالبدر
وزورقنا إذ ذك طيراً تخاله
…
يمد جناحيه من الشوق كالنسر
ودجلة تجري في مذاب مفضص
…
يمازحه ضوء المقاصير بالتبر
يلاعبه نفح النسيم فتنجلي
…
مويجاته عن نسج درع من الدر
ويطرب سمعي من بعيد خريره
…
إذا أنحط من عال إلى اسفل يجري
تعوم به من كل فج زوارق
…
فمنهن ما يرسو ومنهن ما يسري
إلى غير هذه الأبيات مما يدل على إن الشاعرية مطبوعة فيه. - على أننا كنا نود أن نرى طبعه قليل أغلاط الطبع ليكون احسن قالب لأحسن شواعر القلب. إلا أن الواقع يخالف ما في الأمنية وهي كثيرة تعد بالعشرات ولكثرتها وشهرتها لا نتعرض لذكرها. لكن نذكر بعض أغلاط فرطت من الشاعر على غير انتباه منه لكثرة ارتجاله الأبيات بدون أن يراجعها كقوله في ص 90 ما حرفه:
تحكي بلين القد غصن النقا
…
ونفحة الورد براياها
فالنقا هو القطعة من الرمل تنقاد محدودبة. وما كان كذلك لا ينبت شيئاً لعدم وقوف الماء في رمله ولا حديدابه. فكيف جاز له أن ينبت فيه شيئاً. وأما الرايا بمعنى الريا فلم ترد في كلامهم. وكقوله في ص 91:
أنت المليكة في الملاحة بينهم
…
وهمو لديك بمنزل المملوك
فالمملوك راجعة إلى (هم) وهم صغير للغياب فكيف جاز له أن يقول المملوك بالمفرد. نعم إن هناك الروي وبعض التوجيه لكن هذا كله لا يرفع نظم الشاعر ولا شعره ولا يجيده يعده
من الكلام الفصيح. ومن هذا القبيل ما جاء في ص 102 قال:
فيا له عقد سعيد سرت
…
به المحبون وكل الآل
فقد أنث فعل الفاعل وهو المحبون وليس هناك وجه يجيز له هذا الاستعمال القبيح المنحط الذي لم يأت بمثله إلا العوام. - وانشد في ص 104
يا ناعياً أرخ (على قبره
…
لقد توفى مصطفى الباجه جي)
قلنا: حق توفى هنا أن تكون بصيغة ما لم يسم فاعله. فإذا فعلنا ذلك ثار بوجهنا جواز شعري من أقبح الجوازات وهو إسكان آخر المتحرك في وسط الشعر وهو مكروه أشد الكراهية وإن ورد منه في شعر الأقدمين. وورد في تلك الصفحة