الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحامضة مثل ماء الحصرم والرمان ونحوها.) اهـ. وقد نقل هذا الكلام من تذكرة داود ومفردات ابن البيطار والمنهج المنير، في أسماء العقاقير وغيرها كما نبه عليه في مستهل شرح الغامض، فالرواصير عند الأقدمين هو ما نسميه اليوم (ترشي أو طرشي) وهذه من تصحيف العوام للأولى وكلتا الكلمتين (رواصير وترشي) فارسيتا الأصل. فالرواصير جمع ريصار وهو الريجار تعريب الفارسية ريجار ذكر ذلك الخوارزمي في كتابه مفاتيح العلوم في ص 168 من الطبعة الإفرنجية والترشي لغة مشهورة معروفة وأما التصحيفات القبيحة أو المخطوءة أو المرغوب عنها فهي الرواضير (بالضاد المعجمة) كما وردت في بعض نسخ مفاتيح العلوم وكذلك الرواضين وجاء في مفردها ريضار وريضان وريحان وريحال إلى غيرها.
على إن (ريجار) بالفارسية لا تعني الترشي بل تعني المربى المتخذ من الأثمر المطبوخة ثم نقلوها إلى كل ما يطبخ بالحليب أو باللبن المخيض ثم توسع فيها العرب فأطلقوها على الترشي وهي بالإنكليزية وبالفرنسوية أما البغداديون في عصرنا هذا فيسمون (ريجار) والأشهر (رجل)(وزان سبب) ما كان يريد بها الفرس سابقا بزيادة معنى الحموضة لطبخ تلك الأثمار بالسكر وثمر آخر حامض كالبرتقال أو النارنج أو الليمون الحامض أي ونحن أخذنا اللفظة من الترك لأنهم يقولون رجل وهم نقلوها من الفرس على ما أومأنا إليه.
فوائد لغوية
1 -
الشهية بمعنى المشتهى أو الشهوة عامية
من الألفاظ التي أولع بها كتابنا العصريون قولهم شهية الطعام. والكلمة عامية وفصيحتها المشتهى والشهوة والشاهية كما جاءت مصرحة في كتب اللغة. على أنه جاء في تاج العروس في مادة شهو: (الشاهية): الشهوة وهي مصدر كالعاقبة) فظن بعض العوام إن فاعلة وفعيلة مما يتعاقب فيهما الإبدال كما هو الحقيقة في بعض الأحيان لكن نسوا إن فاعلة وفعيلة لا تتعقبان في المصادر إلا في ما نقل عنهم.
2 -
عصارى اليوم بمعنى عصره خطأ
ومما أكثر من ذكره الصحافيون استعمال العصارى بمعنى العصر وهو من
الغرائب. ولا اعلم كيف استدرجوا إلى هذه الغلط الفاضح اللهم إلا أن يكونوا قد أبدلوها من (الأصيل) وذلك أنهم أبدلوا الألف المهموزة عيناً على لغة قيس وتميم وأسد وكلاب وقضاعة، فقالوا: العصيل) وأبدلوا اللام راء على لغة بعضهم فقالوا: العصير ولما كان العصير والعصارة بمعنى واحد قالوا فيها لعصارة ثم عاملوا الهاء في الآخر معاملة الألف كما في العرضنة والعرضني والرعامة والرعامي والقصيرة (مصغرة) والقصيري وقد فعلوا ذلك لأن الهاء والألف هما علما تأنيث جاز لهم أن يقولوا عصارى بمعنى الأصيل وهو الوقت بعد العصر إلى المغرب أو العشى لأنهم عرفوا العصر بالعشى إلى احمرار الشمس. وفي كل ذلك من التكلف ما لا يحتاج إلى الإشارة إليه. وهذا وإن كان له تأويل على هذا الوجه وهو جائز على لغة قبائل العرب إلا أنه لا يؤخذ إلا بالمسموع إلى الصحيح أو الفصيح لاستشراء داء الإبدال في عموم الكلم.
3 -
استعمال (إذا) في محل (هل) وبالعكس في غير محليهما
من الألفاظ التي جاءتنا عن طريق لغة الإفرنج قول كتابنا المحدثين: اسأل فلاناً إذا يجئ أم لا، وأنت تعلم أن (إذا) ظرف يتضمن معنى الشرط فإن أدخلتها في عبارتك وجب أن تدخل بعدها جواب الشرط، والحال إن الشرط متحد بالجواب لأن الجواب يتوقف عليه أما ظاهراً وأما مقداراً فكيف يتحصل الجواب على الشرط في هذا التركيب المذكور ولهذا
يجب أن تضع أداة الاستفهام في موضع (إذا) وتقول أسأل فلانا هل يجئ أم لا فيصح التركيب والمعنى معا.
4 -
لفظ نطقاً فصيحا بمعنى ألقى خطابا بليغا تعبير قبيح
ومن قبيح تعابيرهم قولهم: (لفظ نطقاً فصيحا) وفيها ثلاثة أغلاط: الأول: (لفظ) بمعنى (ألقى) وهو لم يأت إلا في اللغات الإفرنجية ولا يجوز في العربية إلا من باب التأويل البعيد كما إن النطق لم يأت في العربية بمعنى الخطاب أو الخطبة وإنما أتانا هذا الكلام من الترك الذين لا يفقهون العربية تمام الفقه وإنما يتصرفون فيها وفي ألفاظها وقواعدها تصرفاً يخطئون فيه مرة ومرة يصيبون ومن جملة ما اخطئوا في استعماله هذه الكلمة التي ادخلوها بمعنى الخطاب. وأما لفظة الفصيح فهي وإن كانت عربية محضة إلا إنهم لم يستعملوها هنا في موطنها وإنما الواجب في هذا الموطن إبدالها بالبليغ لأن الكلام قد يكون فصيحاً ولا يكون بليغاً وهو لا يكون بليغاً إن لم يك في الغالب
فصيحاً. لأن البليغ ما (بلغ إلى القلب) فأثر فيه على ما يتوقع من تنسيق مبانيه ومعانيه (والفصيح ما أفصح عما في الذهن) فقد بدون أن يشرط فيه أن يكون بليغاً وعلى كل حال أن هذا التركيب السقيم هو تعريب حرفي للعبارة الإفرنجية والأولى أن يقال في العربية: ألقى خطابا بليغا.
5 -
المواطن بمعنى الوطني غير معروف
ومما كثر ذكره على ألسنة الأقلام والأنام قولهم: فلان مواطني وأولئك مواطنوه وهم يريدون فلان وطني وأولئك وطنيوه. ولم يرد واطنه وزان شاركه. ومن الغريب أننا نرى كثيرين من الراسخي القدم في اللغة يستعملون هذه اللفظة بينما هم في مندوحة عنها الوجود لفظة مرادفة لها وردت في كلام الأقدمين والمحدثين من البلغاء فليحفظ.
6 -
النجمة بمعنى النجم للكوكب ضعيف
ومن الألفاظ الفاشية بين فصحاء هذا العصر قولهم النجمة وهم يريدون النجم بمعنى الكوكب ويعتبرون النجم جمعاً مفردها النجمة من باب تمر وتمرة. وليس الأمر كذلك إنما النجم مفرد وجمعها النجوم: ولذا لم يصب صاحب الجمانة في الفصل الذي عقده في الكلام عن شبه الجمع: النجم يطلق على جماعة الأجرام الفلكية فإذا أريد الواحد منها ألحقت بها
التاء فيقال نجمة. اهـ. قلنا: وتصحيح العبارة هو: النجم يطلق على جماعة الأنبتة التي هي دون الشجر وهو ما نجم على ساق فإذا أريد الواحد منها ألحقت بها التاء فيقال نجمة.) - والظاهر أن هذا الوهم قديم لأنهم سموا: (نجمة الصبح) فرساً نجيباً وهو علم له. (راجع التاج في نجم) وقال في لسان العرب: (وقال أهل اللغة: النجم بمعنى النجوم والنجوم تجمع الكواكب كلها.) قلت فإذا كان الأمر كذلك لم يكن هناك غلط إذ يكون واحدها نجمة. وقد وردت كثيراً في أشعارهم المولدة.
7 -
الوضاء لم ترد مؤنثة بل هي مذكرة ومؤنثها الوضاءة
ومن أغلاط الخواص الشائعة قولهم: قصيدة أو قصائد وضاء وهو خطأ. لأن وضاء مضمومة الأول لا مفتوحته وهي للمذكر لا للمؤنث والهمزة أصلية لا زائدة للتأنيث) ولهذا يجب أن يقال قصيدة أو قصائد وضاءة. إذا أريد استعمال هذه اللفظة وبيت أو شعر وضاء وزان رمان من الوضوء لا أوضأ إذ لا وجود لهذه اللفظة الأخيرة في العربية.