الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المزيني:
بإسكان الميم وفتح الزاي فياء ساكنة ثم نون مكسورة فياء نسبة أخيرة.
على لفظ النسبة إلى (مزينة) القبيلة العربية المشهورة التي كانت تسميتها قديمة منذ العصر الجاهلي.
وقد دخلت مزينة في قبيلة حرب فصارت تعتبر من بني سالم من حرب.
وربما كان ذلك بسبب هجرة كبيرة جعلت من بقي منهم في ديارهم التي كانت غير بعيدة من المدينة المنورة قليلي العدد فحالفت قبيلة حرب ثم عرف عند الأعراب بأنهم منها مع أن (مزينة) أعرق في سكنى المنطقة من (حرب) بمعنى أنهم كانوا في مساكنهم تلك قبل أن تصل (حرب) إلى تلك المنطقة من جهة بلاد اليمن الساحلية كما هو معروف.
وأسرة المزيني من أهل بريدة، وفيهم أناس في القصيعة إضافة إلى آخرين هاجروا إلى أماكن أخرى في القصيم حيث لوحظ كثرة نسلهم وتفرقهم في البلدان بسرعة.
ومنهم أناس انتقلوا من بريدة إلى الكويت فأصبحوا من كبار الأثرياء.
أذكر منهم اثنين من أسرة المزيني مروا ببريدة حجاجًا في عام 1365 هـ وكان شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قد عهد إليَّ بإدارة مكتبة جامع بريدة عند تأسيسها فعرضت عليه أن يطلب منهم التبرع للمكتبة لشراء الكتب وفرشها فذكر لهم ذلك على عزة نفسه وكراهيته لطلب العون من أحد، ولكنه يعرف أن ذلك ليس لنفسه وإنما لمصلحة عامة.
وقد سارعوا بالتبرع بفرش المكتبة بالبسط والتبرع بثمانمائة ريال وهي تساوي الآن أكثر مما تساوي ثمانون ألف ريال فاشترينا بها كتبا كثيرة من مكة
المكرمة حيث أرسلني الشيخ عبد الله بن حميد بهذه النقود ونقود أخرى معها إلى مكة المكرمة فاشتريت الكتب وشحنتها على ناقلة (لوري) إلى بريدة.
منهم صالح بن رشيد بن صالح بن رشيد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الله ولد عام 1345 هـ في عنيزة آخر عمل له: ملحق ثقافي في قطر، وتقاعد عام 1405 هـ والده ولد في الهلالية.
وجدهم (عبد الله) هو الذي ذهب إلى الكهفة وأثبت نسبه - فيما يقولون - عام 1242 هـ في وثيقة موجودة.
وقد تفرقوا في القصيم فمن أهل عنيزة الدكتور خالد بن صالح المزيني وكيل كلية التربية بجامعة الملك سعود.
ومن أهل بريدة: الدكتور أحمد بن علي بن عبد العزيز لواء في سلاح الحدود.
والدكتور خالد بن سليمان المزيني مدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم.
وصالح بن علي بن عبد العزيز من أهل بريدة كان مدير الشئون الثقافية في أرامكو، مات عام 1404 هـ.
وأخوه عبد الله من أهل بريدة مدير قسم في إمارة المنطقة الشرقية، وتقاعد منذ عام 1412 هـ.
ومنهم صالح بن رشيد المزيني قاض في تبوك، ثم في المنطقة الشمالية.
ومنهم الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم المزيني تولى القضاء في الرين في بلاد قحطان ثم في أملج ثم تقاعد وأصبح من رجال الأعمال، ثم مات في حادث سيارة.
وكانت أسرة المزيني موجودة في أكثر بلدان القصيم وما حوله.
ومن ذلك ضرية فكان فيها
…
المزيني الذي ذكره الشيخ ابن بليهد في صحيح الأخبار.
وذكره ربيح وذكر ابنته (نورة) في شعره الذي خاطب فيه محمد بن عبد الله بن رشيد حاكم نجد في وقته.
ومنهم سليمان بن إبراهيم بن صالح المزيني شاعر من أهل القصيعة ويحفظ أشعارًا عامية كثيرة، وينظم الشعر الفصيح وقد أكثر من ذلك، وشعره من أشعار طلبة العلم التي ينصحون بها العامة، ويأسفون فيها على ما يرونه من خروج بعضهم عن العادات والسنن الدينية والدنيوية التي اعتادوا عليها، وسأورد نماذج من شعره لأنها تدل على ذلك.
أبيات في المسكرات والمخدرات قالها سليمان بن إبراهيم المزيني من أهل القصيعة:
تبارك من أعطى العباد بفضله
…
عقولًا فهم فيها حظوظًا تقسّم
وأشرف هبات الله للمرء عقله
…
فلا عاقل في الناس إلَّا يكرّم
يميّز بين الطّيبات وضدّها
…
ويعلم ما الباري عليه يحرّم
متى ما استقام العقل فالخير حاصل
…
وكل أمور الدين منه تُقَسَّم
فكيف بمن يجني على عقل نفسه
…
فيوهنه بالمسكرات ويُؤْلِم
فتبًا له هل باع بالرّخص نفسه
…
فينقض في عالي بناها ويهدم
تعامى عن التحريم أو هو جاهل
…
وأما الهوى فعنده المتقدم
حرام علينا كل سُكْر ومفترٍّ
…
بنصّ كتاب الله والله أحكم
وما حُرِّمَت إلَّا لأجل فسادها
…
وإفسادها في الجسم والعقل فاعلموا
* * * *
فيا مولعًا بالمسكرات ومثلها
…
مخدرة الأعصاب والقلب مغرم
خسرت حياة العزّ والمجد والعلا
…
إلا إنهاغي ونكْرُ ومأثم
تعال معي وانظر رفاقك ما الذي
…
يعانون من بؤس لعلك تندم
فكم في حبال الأسر منهم مكتف
…
يساق إلى سجن مهان ويلطم
وكم نكبة ساقوا بها الموت عاجلًا
…
لأنفسهم والمال فيها يحطَّم
وكم ازهقوا فيها نفوسًا بريئة
…
فاتقلهم من ذاك إثم ومغرم
أما بعضهم قد كان كلَّا وعيلة
…
على غيره أمسى يعال ويطعم؟
وزوجته كم تشتكي سو فعله
…
وتبغى خلاصًا أو تفر فتنَعمُ
يهدّدها في كل سوء ببيتها
…
ويفزعها والليل داج ومظلم
له سوء أخلاق وسوء تصرف
…
وفي كل أمر تافه يَتَبَرَّمُ
وأيضًا فإن الخوف لازم قلبه
…
فلا أمن للعاصي عليه مُحَرَّمُ
فحالتهم يرثي لها كل عاقل
…
وأفعالهم منها القلوب تألم
* * * *
فهذا أخي بعض لظاهر أمرهم
…
وما اعتقد يرضى بذلك مسلم
أيرضى بهذا الحال شخص لغيره
…
يكون لها ضدًا يهين ويظلم
فكيف بمن يرضى بذاك لنفسه
…
فأفكاره حول الرَّذائل حُوَّم
قد انعكست منه المفاهيم كلها
…
ويصلح منها فاسدًا ويُقوّم
وواجبه يسعى إلى عز نفسه
…
يرى من بعزّ التنفس عن ذا توسّموا
فيا ليته يلقي على الغير نظرة
…
صبورًا على نيل الفضائل يقدم
ومن جد في نيل المكارم والعلا
…
وأهل الثنا والمدح ما كان منهم
يرى أنه في الناس نال مَذمّة
…
من الرشد يرجع للرّشّاد ويَسْلمُ
عسى وعسى إن كان فيه بَقيَّة
…
له الحمد يبلى من يشاء ويعصم
ويا ذا المعافي كن لربك شاكرًا
…
فإن سقيم الحال يعدي ويسقم
وجانب جليس السوء واحذره دائمًا
…
بعلم وإيمان بهذا يتمّم
وحافظ على العقل الثمين وقوه
…
وفي دارك الأخرى تقال وترحم
لتحيا بذي الدنيا حياة سعادة
…
وأسعدها، إذْ بالسرور تنعمُ
فلله ما أحلى حياة أولي التّقى
…
ليبغض منا الباطلَ القلبُ والفمُ
فيا رب فاعصمنا ونور قلوبنا
…
عليه نصلي دائما ونسلم
وصل على المبعوث للناس رحمة
…
وأتباعهم ختمًا به القول نختم
أبيات في تبرج النساء وخروجهن إلى الأسواق، قالها سليمان بن إبراهيم المزيني من أهل القصيعة:
أنّي أقولُ لْعَلَّ قوْلي يُقبَلُ
…
فلقدْ دَعاني لِلْمقَالِ المُشْكِلُ
إنَّا دهَتْنَا فِتْنَة لا تُحْمَلُ
…
مِنْهَا يَخَافُ العَارِفُونَ وَتُنْفَلُ
* * * *
كَمْ قَدْ أصِيب المُسْلِمُونَ بشُؤْمِهَا
…
مِنْ أقْدَمِينَ وَحَاضِرينَ رَضُوا بهَا
بمَصَائِبٍ وكَوارثٍ ضُربُوا بهَا
…
فالله جل جلاله لا يَغْفُلُ
* * * *
كم بُدّلتْ نَعْمَاؤهُمْ في فاقةٍ
…
وَمَسَرَّةٍ كَانُوا بهَا بمَسَائَةٍ
وَقُلوبُهُم عَنْ أمْنِهَا بمَخَافةٍ
…
وَلِغيْرهِمْ أمْثالُهَا إنْ يَفْعَلوُا
* * * *
هِيَ فتْنَة إبْلِيسٌ يَفْرحُ إذْ يَرَى
…
مَنْهَا البَوَادِرُ حَيْث كَانَتْ مُنْكَرا
يَصْطَادُ فيِهَا مَنْ لَهُ لن يَدْحَرَا
…
نِعْمَ المَصَائِدُ لِلْخَبيثِ وَأحْبُلُ
* * * *
إنَّ النِّسَاءَ تَبَرَّجَتْ بَيْنَ الرجالْ
…
وتَعَطَّرَتْ وتَجَمَّلُتْ بئْسَ الجمالْ
مَلْعُونَة مِنْ أجْلِهِ حَتَّى يُزَالْ
…
لَعْنَا لهَا، قال النَّبيّ المُرسْلُ
* * * *
أسْوَاقْنَا من النِّسا مَزْحُومَة
…
بَيْنَ الرّجَالِ مِنَ الحَيا مَنْزُوعَة
مِنْهَا المَحَاسِنُ قدْ بَدَتْ مَعْرُوضة
…
للِنَّاظِريِنَ فأيْنَ زَوْجٌ يَعْقِلُ
* * * *
أمَّا الحَيا فعَلى الرجالِ مَحَتَّمَا
…
الخَائِفِينَ من الذُّنُوبِ تأثما
لا يَقْرَبُون السُّوقَ إلَّا حِينَمَا
…
تَدْعُو الضَّرورةُ إن ذلك مخجلُ
* * * *
إلَّا الَّذي قدْ كَانَ ذا قلْبٍ سَقِيمْ
…
يَأتي إلى الأسْوَاق حَاجَتُهُ الحَريمْ
يأتي ويَنْهَبُ شُغْلُهُ هذا مُديِمْ
…
أنْظُرْ تَراهُ مُولّيا أو يُقْبلُ
* * * *
مَا فِتْنَة قدْ خَافَهَا خَيْرُ الْعِبَادْ
…
إلَّا النِّسَاءَ عَلى الرّجَالِ ذوُي السَّدَادْ
لو كان ذا دِينِ فَقِيهَا قدْ يُصَصادْ
…
هِيَ واللَّعِينُ وَشَهْوَةٌ قدْ تُحْمِلُ
* * * *
قالَ الرَّسُولُ عَن القْريبِ لِزَوْجِهَا
…
يَخْلُو بهَا فهُوَ القْريبُ لِمَوْتِهَا
حفظًا لها وَحِمِايَة مِنْ شَرِّهَا
…
حَتَّى نَعِيش وَلا مَفَاسِدَ تُفْعَلُ
* * * *
كَيْفَ النِّسَاء وَيَخْتَلِطْنَ بفَاسِقِ
…
وَمَريض قلْبٍ طامِع وَمُنَافِقِ
بَلْ كَافِرٍ وَعَدُوّ دِينِ حَانِق
…
مِنْ كُلّ جِنْسٍ فَانْظُرُوا مَا يَحْصُلُ
* * * *
هَذا رَضِي مِنَ ذَاكَ بالنَّظَرِ الحَرَامْ
…
والآخَرُون تَحَيَّنُوا فُرَصَ الكَلامْ
أوْ لُمْسَةٍ أدَّتْ إلى وَصْلِ المَنَامْ
…
هَذَا جَزَاءً لِلْوَليّ إذْ يُهْملْ
* * * *
يَسْرَحْنَ في مَرْعَى المَخَاوِفِ وَالشِّعَابْ
…
وَرُعَاتُهَا أمِنُوا عَلَيْهِنَّ الذئَابْ
أيْنَ الصِّيَانَةُ لِلِنِّسَا أيْنَ الحِجَابْ؟
…
شَعْرُ الوُجُوهِ وَلَحْمُهُا هَلْ يُهْمَلُ؟
* * * *
يا مُسْلِمُونَ بذَاكَ أعْنِي كُلنَا
…
مَنْ هَؤُلاءِ نَقُول هَذي بنْتُنَا
أوْزَوْجَةٌ وَقْريَبة أوْ أخْتُنَا
…
نَحْنُ الحُمَاة وَهُنَّ حُلْوٌ يُؤكَلُ
* * * *
نضع النُّقُودَ بَدَاخِل الحُصْن المَتِينْ
…
خَوْفَ البُغَاةِ وَأهْلُنَا أمْرٌ مَهينْ
مَا العَارُ في فَقْدِ الجَوَاهِر وَالثَّمِين
…
العَارُ مِنْهَا عَارُهَا لا يُغْسَلُ
* * * *
يا إخْوَتي إنَّ الشَّوَارع قدْ شَكَتْ
…
فَعْلَ النِّسَا وَبقَاعُ أرْضِ لَوْ حَكَتْ
وَعُيُونُ أهْلِ الدِّين مِنْ ذَا قدْ بكَتْ
…
خَوفَ العِقَابِ بأيّ يَوْم يَنْزلُ
* * * *
إنَّ النِّسَاءَ خُروجُهَا مِنْهُ الشُّرورْ
…
كَمْ حُرَّةٍ مَقْصُورَةٍ وَسَطَ القُصُورْ
بَعْدَ الخُرُوج تَطَلَّعَتْ تَبْغِي السُّفُورْ
…
في كُلّ يَوْم لِلْخرُوج تَجَمَّلُ
* * * *
فَتَّانَةٌ مَفْتُونَةٌ في نَفْسِهَا
…
بَيْنَ الأجَانِبِ هِي وأبْنَا جِنْسِهَا
اللهُ أكْبَرُ لَوْ تُصَانُ بحَبْسِهَا
…
قعْرٌ البُيُوتِ لهُنَّ أحْليَّ مَنْزِلُ
* * * *
يَا ذا الحُمَاةُ لِذي المُحَارم وَالأسُودْ
…
إنْ لمْ تَصُونُوا لحْمَكُمْ هذا يَعُودْ
نَهْبًا وَأكلًا للكِلاب بلا نُقُودْ
…
هُنَّ القوَاصِرُ عَلَّ سِتْرًا يَشَمُلُ
* * * *
قُو أهْلكُمْ وَنُفُوسَكُمْ شَرَّ العَذَابْ
…
وَتَفَيَّدُوا فِيهنَّ تَعلِيمَ الكِتَابْ
قالَ الرَّسُولُ وَقُوْلهُ فَصْلُ الخِطَابْ
…
كُلُّ الرُّعَاة عَن الرَّوَاعي تُسألُ
* * * *
مَنْ تَحْتَ أيْديِكُمْ فعَنْ ذا اقْصُرُوا
…
أمَّا البَعِيدُ فَنَاصِحُوهُ وَأنْكرُوا
وَتَخَوّفُوا شُؤْمُ الفَوَاحِش واحْذرُوا
…
قْوْلَ الرَّسُول بقَوْلِه إلَّا ابْتُلوُا (1)
* * * *
هذي نَصِيحَةُ مُشْفِقٍ يَرْجُو لَكُمْ
…
عَفْوَ الإلْهِ وَسِتْرُهُ لِنِسَائِكُمْ
ويَخَافَ مِنَ فِتَن الذُّنُوبِ تَعُمَّكُمْ
…
يا إخْوَتي هَذي النَّصِيحَةُ فاقْبَلوُا
* * * *
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلى النَّبيِّ المُصْطَفَى
…
مَعْ آلِهِ وَصَحَابَةٍ وَمَن اقْتَفَى
آثارَهُمْ فَهُو الطَّريقُ بلا خفا
…
صَلُّوا عَلَيْه وَسَلِّمِوُا لا تَبْخَلُوا
* * * *
(1) إشارة إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ظهرت الفاحشة في قوم إلَّا ابتلوا بالموت).
أبيات في التحذير عن الإسبال في اللباس قالها سليمان بن إبراهيم المزيني:
أيا مُسبل الأثواب هل أنت سامع
…
لقول نصوح في قبولك طامع؟
ويا من يعادي نص سنّة أحمد
…
ويرجوه يوم الحشر إذ هو شافع
هديت أعَبْدٌ أنت للنّفس والهوى
…
فامرك لا الله بل لك راجع
فتفعل ما تهوى بنفسك دونما
…
ترى الحلّ والتّحريم عَلَّ تراجع
أخي أنت عبد الله طوعًا لأمره
…
تدين بما ربّ البرية شارع
فهذا كلام الله مع قول أحمد
…
طريق إلى العليا منير وساطع
فحدَّ نبيُّ الله طولَ لباسنا
…
إلى مبلغ الكعبين للحسن جامع
وأسفل من هذا فسَمَّاه مسبلًا
…
وأوعده بالنار هل أنت قانع؟
أخي هل ترى الإسبال فيه رجولة
…
وإلَّا لأفعال النّسَا أنت تابع
وإلَّا تُجرُّ الثوب كبرًا ومعجبًا
…
بنفسك والإعجاب للشر جامع
أتُرضِي الهوى والنفس والله ساخط
…
عليك فهذا منك والله واقع
وحالك في الإسبال حال مشقة
…
كأنك في قيد عن المشي مانع
تعثر بالأثواب حين تجرّها
…
وتمسكها حينًا لها أنت رافع
فلو أن شرع الله أوجب جرها
…
عليك لقلت الأمر في ذاك واسع
أفصّلُ أثوابًا عليَّ ثمينة
…
وأسحبها في الأرض ما ذاك واقع
ولكنما الشيطان حَسَّن فعلها
…
بعينك حتى للمعاصي تواقع
فتب يا أخي قبل الممات فرُبَّما
…
خرجت ولا تدري متى أنت راجع
وَصَلّوا على الهادي لكل فضيلة
…
نبيّ الهدى يوم القيامة شافع
ولجد المزيني أهل القصيعة قصة مشهورة عندهم وهو أنه كان يعول أيتامًا مع أولاده، على ما كان في وقته من الفقر والحاجة، فجاء ليلة من صلاة المغرب، وبدأ ما كتب الله له من النافلة في البيت، وقد وضع أهله عشاءه عند مصلاه على عادتهم، حتى إذا انتهى من صلاته تناوله، فجاء الأيتام وكشفوا غطاء العشاء ليأكلوه وهو في صلاته فنهرهم أحد أبنائه وقال لهم: انتظروا
حتى ينتهي من صلاته وشأنكم وإياه، فغضب إبراهيم غضبًا شديدًا على ولده، وقال له: لماذا تكسر خواطر الأيتام من أجل عشاي؟ فقال ابنه: إنهم قد أكلوا عشاءهم، وأخاف أن يفسدوا عليك عشاعك فاقسم إبراهيم رحمه الله أن لا يذوق عشاءهم هذه الليلة، حتى لا يعودوا لمثل هذا التعامل مع الأيتام، فبات تلك الليلة طاويًا من دون عشاء.
فلما قام من آخر الليل - كعادته - للصلاة، وأوقد النار، دخل عليه من فرجة صغيرة من أعلى غرفة القهوة طير كبير على ضوء النار، فمسكها وذبحها وأتى بالقدر وطبخها، ولما انتهى من صلاته تعشى منها قبل ذهابه لصلاة الفجر، ولما رأى أبناؤه ما بقي منها في القدر سألوه: ما هذا؟ فقال: إن الله خلف عليَّ عشاءكم البارحة.
ومن هذه الأسرة إبراهيم بن صالح المزيني المتوفى في
22/ 1/ 1417 هـ فهو من نوادر الرجال في الغيرة على دين الله، فلا يشغل باله إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحذير من البدع المضلة، حتى إن أهل البلد كلهم يخافون منه، لما له عندهم من القدر والاحترام، ولما عنده من الصدق مع الله، وحسن النية - كذا نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا - فربما حصل من أحدهم بعض المخالفة الشرعية فما يرده عنها إلا خوف أن يعلم بذلك المزيني، بل ربما جاءه أحد وقال له: لا يدري المزيني، إلى ذلك كان يقضي حوائج الناس ويقوم بأعمالهم، ويبذل ماله، فقهوته (مكان إيقاد النار وشرب القهوة، كما مر مفتوحة لمن يأتي يقضي حاجته، ويشرب عنده القهوة، ويقدم له التمر، وذلك مع الفقر وحاجة الناس إلى مثل ذلك، وربما أتاه الآتي وليس له حاجة تذكر، إلا ليحصل عنده على شيء يأكله، كما حكاه لنا بعضهم عن نفسه، وكثير من الموجودين الآن يعرفونه ويذكرون مواقفه، فرحمه الله رحمة واسعة.