الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم الدكتور ناصر بن إبراهيم بن صالح المحيميد مؤلف كتاب (الإنهاءات الثبوتية بالمحاكم الشرعية بالمملكة العربية السعودية) وهو رئيس محاكم منطقة عسير، خبير الفقه والقضاء بجامعة الدول العربية والآن عضو هيئة التمييز بالرياض.
وأخيرًا هذا تنويه بأحد العلماء من (المحيميد) ذكره الشيخ صالح العمري:
الشيخ صالح بن إبراهيم الرشيد بن محيميد:
ولد رحمه الله في البصر من ضواحي بريدة، عام 1300 هـ وتعلم القراءة والكتابة على مقرئ، ثم بدأ يطلب العلم على العلماء، فأخذ عن الشيخ عبد الله بن
محمد بن سليم، والشيخ عمر بن محمد بن سليم، وفي الرياض أخذ عن الشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ صالح بن عبد العزيز، كما أخذ عن الشيخ محمد المقبل العلي المقبل، وغيرهم من العلماء حتى أدرك وعُدَّ من العلماء.
وقد سافر للهند فأخذ عن الشيخ شمس الحق وأجازه وكان الشيخ عمر بن سليم يخلفه في مسجده إذا غاب، وقد عين أول ما عين قاضيًا في الفوارة من بلدان حرب بالقصيم، وأمضى فيها مدة طويلة، وجلس للتدريس في جامعها، وقرأ عليه عدد غير قليل من الطلبة هناك، لكن لم تصلنا أسماؤهم عدا عبد الله بن عتقا، ثم نقل في عام 1369 هـ إلى قضاء الحريق، وتوفي هناك رحمه الله في 19/ 6 عام 1370 هـ (1). انتهى.
وهذه نصيحة للشيخ إبراهيم بن محمد بن محيميد:
في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمحافظة على الصلاة وأدائها مع المسلمين في المساجد، والنهي عن بعض المحدثات، وحسن الرعاية للأهل والأولاد، وغير ذلك من التوجيهات القيمة للعلامة الشيخ إبراهيم بن محمد المحيميد رحمه الله تعالى:
من إبراهيم بن محمد المحيميد إلى من يسمعه ويراه من إخواننا المسلمين، وفقني الله وإياهم لما يحب ويرضى، وجعلنا من المتواصين بالبر والتقوى، المتبعين لرسوله بالدعوة على بصيرة إلى سبيله، ومنَّ على الجميع بفهم الحق بدليله، ونشره على وفق قيله.
(1) علماء آل سليم، ص 257.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن من أهم ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إليه، وأمر به، ورغب فيه، وحذر من التهاون به، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه من ضروريات الدين، وقواعده، وأسسه العظام، ودعائمه الجسام التي لا يستقيم الدين إلا عليها، ولا يحصل الأمن والسلام والاستقرار الأمة بدونه، لهذا أمر الله عباده به أمرًا إيجابيًا، ورتب الفلاح عليه، فلا فلاح الأمة تركت الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
فدل الحديث الشريف على وجوب الأمر بالمعروف النهي عن المنكر على جميع المكلفين من المسلمين، كل بحسب حاله وقدرته واستطاعته، فلو أن المسلمين من الخاصة والعامة قاموا بهذا الواجب حسب هذه المراتب المذكورة في الحديث، وتصدوا للمنكرات، وقاموا بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعاونوا وتساعدوا كما أمرهم الله، لما حدث من المنكرات التي عمت وطمت، وانتشرت في القرى والأمصار، ولزالت هذه المنكرات، أو خفت على الأقل، وصلح المجتمع الإسلامي بإذن الله، وحصلت الخيرات والبركات.
ولكن لما حصل التهاون والتساهل بهذا الواجب العظيم، ورأى العصاة إغماض أهل الخير عنهم، وعدم المبادرة بالإنكار عليهم، قوي جانبهم، فجاهروا بالمعاصي وأعلنوا فعل الرذائل والقبائح، غير هائبين ولا مكترثين، ولا مبالين بهم، وهذه نتيجة الإهمال وعدم القيام بالواجب.
من ذلك التهاون في الصلاة، وتأخيرها عن وقتها، وعدم المحافظة على صلاة الجماعة، وهذه من أخص صفات المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل
من النار، قال تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} .
إلى أن قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} .
وقال عليه الصلاة والسلام: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبوًا).
ومن ذلك العكوف على الملاهي والمعازف، وآلات اللهو، واستماع المزامير والأغاني، وحلق اللحى، وإعفاء الشوارب، وشرب الدخان، وسفور بعض النساء، والإسبال في الملابس.
قال صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار).
وقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، أو كما قال عليه السلام.
وكل هذه تفعل علانية، وهي من كبائر الذنوب، ومرتكبها فاسق ساقط العدالة، معرض نفسه لعقوبة الله وعذابه، ما دام على ذلك.
وإن السكوت عن هذه المنكرات مع العلم بها، والقدرة على إزالتها المؤذن - بالخطر العظيم من حلول النقم، وارتحال النعم، لأن المنكر إذا خفي لم يضر إلا صاحبه، وإذا ظهر ولم يغير مع القدرة على تغييره ضر العامة، قال تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .
وقال عليه الصلاة والسلام: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليبعثن الله عليكم عقابًا من عنده).
ولا يخفى ما حل ببني إسرائيل من اللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله لما فعل شرارهم المنكرات، وسكت خيارهم ولم ينكروا عليهم، قال تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} .
وإن لنا في البلدان الأخرى لعبرة وعظة لمن وفقه الله، فإنهم منذ زمن قريب كانوا في أمن ونعمة، ورغد من العيش، فلما طغى فجارهم، وانتهكوا المحرمات، وأعلنوا المنكرات، وسكت خيارهم عنهم، ولم ينكروا عليهم، سلط الله عليهم جبابرتهم، فساموهم سوء العذاب، واستلبوا جل أموالهم، وأذلوهم وأهانوهم، وانتابتهم المخاوف والفتن من كل جانب، وأصبحوا في غاية من الذل والهوان، والجوع والعري، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض، وصاروا في حالة لا يأمن الإنسان على أهله وماله يومًا واحدًا.
وكانوا قبل ذلك يسافر إليهم أهل هذه المملكة للتجارة والكسب، وطلب المعاش، فما أسرع انعكاس الأمر، وتغير الأحوال.
حتى صاروا يسافرون لهذه المملكة بالأجرة القليلة للنفقة عليهم وعلي أهليهم، وأخشى إن دمنا على هذه الحال من ظهور المنكرات، وعدم إنكارها والسكوت عن أهلها، أن يصيبنا ما أصاب القوم، ويحل بنا ما حل بهم، من ارتحال النعم، وحلول النقم.
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} .
وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته).
ولا يخفى ما حل بالمسلمين اليوم من الأمراض الفتاكة العظيمة، التي لم تكن في أسلافهم، ومن دخل المستشفيات، ورأى ما فيها من المرضى والمصابين بالأمراض المتنوعة التي يعسر علاجها، وبعضها ليس له علاج، عرف ذلك، وكفى به واعظا لمن وفقه الله، وما أصيبوا به من نقص الحبوب والثمار، وغور المياه، وشدة المؤنة، وغير ذلك مما يخوف الله به عباده، ويعظمه لعله ينجع بهم، فيتعظون وينيبون وينزجرون عن المخالفات، ويرجعون إلى طاعة الله، فإن هم فعلوا ذلك تاب الله عليهم، ورفع عنهم النقم، وأدر عليهم الأرزاق والنعم، وزادهم من واسع فضله الذي لا يدخل تحت حد ولا انحصار، وإن لم يتعظوا ولم ينجع بهم ذلك، فإن الله للعصاة بالمرصاد، ويخشى علينا من مفاجئة العذاب، وزوال النعم، قال الله تعالى:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} .
فعلينا جميعا أن نقوم بهذا الواجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله على ضوء قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .
فإن كل فرد منا مطالب بالقيام بهذا الواجب، فيجب عليه امتثال أمر الله، والقيام بحسب قدرته، واستطاعته، وعليه أن يبدأ بنفسه وأهل بيته، فيحرص على نصحهم، وتعليمهم وتوجيههم التوجيه السليم، وغرس الفضيلة في قلوبهم، وإبعادهم عن الرذائل، وسفاسف الأخلاق، ومنع آلات اللهو من دخول بيته المفسدة لقلوبهم، وأخلاقهم وعقائدهم، فهي عون للشيطان على إضلالهم،