أقوى من السراج، وكان أكثر اجتماعهم في بيت أهل دماح، - معجم أسر بريدة - جـ ١٩

أقوى من السراج، وكان أكثر اجتماعهم في بيت أهل دماح، حيث عنده غرفة خاصة له وفيها جهاز راديو مع الباكم.

وكانوا يستمعون إلى اسطوانات الأغاني على الباكم وأحيانًا من الراديو وهم مبسوطين، في إحدى الليالي بعد صلاة العشاء، مجتمعين في بيت أهل دماح يستمعون إذاعة الأحواز العربية، وفيه أغنية لنجاح عبده ورفع دهيف صوت الراديو وبدأت الشلة تغني مع الأغنية مع بدايتها.

أهلي خذوا مني الحبيب

…

وزاد في قلبي اللهيب

وبلاها عيشي ما يطيب

…

أيه ذا الظلوم ياهلي

أهلي أرادو لي التعب

…

حتى القلب مني التهب

أخذوا حبيبتي بليّ سبب

…

أيه ذا الظلوم ياهلي

فجاء ثلاثة من المطاوعة يطرقون الباب على الشلة بقوة وقصَّر دماح صوت الراديو وقال اسكتوا أكيد إنهم المطاوعة، قال ديهف لا تفتح لهم يدخلون علينا ويضربوننا، طلع أحد الجيران وعرفهم وقال لهم وش عندكم قال واحد منهم سمعنا أغاني بهذا البيت والعياذ بالله قال الجار الله يهديكم امشوا في طريقكم واتركوا الخلق للخالق الله ما وكلكم على عباده ونهاكم عن التجسس على عباده، ولا أمركم تاقفون وتسمعون الأصوات داخل بيوت الناس، وكلنا نعرف بعضنا ولا عاد أشوفكم تمرون مع هذا الشارع. انتهى.

‌

‌المبيريك:

على لفظ سابقه:

أسرة أخرى أصلها رجل واحد، ولكنه ليس رجلًا معتادًا في عمله، بل هو أمير منطقة القصيم، وهو الأمير مبارك بن ناصر بن مبيريك من أهل الرياض، كان الملك عبد العزيز آل سعود قد عينه أميرًا على القصيم الذي يراد به مدينة بريدة

وما يتبعها، وتسمى وظيفته أمير منطقة القصيم، وأحيانا أمير القصيم؟

وقد وجد أهل بريدة في الأمير مبارك بن مبيريك الأمير الذي ينشدونه فهو متواضع وهو حازم في أمر إمارته وبخاصة ما يتعلق بتنفيذ الأحكام الشرعية، وذلك هو الذي يطلبونه فهم بطبيعتهم - يحبون من يحافظ على تنفيذ الشرع، ولا يعمل عملًا يخالفه، وقد ولاه الملك عبد العزيز الإمارة مرتين الأخيرة منهما هي التي عرفتها وعايشتها وأنا صغير.

وقد عرفت الأمير مبارك معرفة جيدة رغم ذلك، إذ كان بيته الذي فيه نساؤه في شمال بريدة قريب من بيتنا الذي بناه جدي وسكنه حتى مات فاشتراه والدي من بعده في قصة سيأتي ذكرها قريبا في الكلام على أسرة المسفر بإذن الله، وسكنه حتى توفي فيه عام 1370 هـ فاشتريته من تركته.

وعرفت ابنًا للأمير مبارك كان يلعب معنا.

وللأمير مبارك بن مبيريك غير ذلك البيت محل إقامة في قصر بريدة الشهير وقد رأيته أكثر من مرة يسير وحده في الشارع يدخل إلى بيته ويخرج منه من دون مرافق، فضلًا أن يكون له حراس، وذلك لبعده عن ظلم الناس أو عسفهم، ولذلك لم يكن يبغضه أحد، وقد تزوج الوجيه الثري بل الزعيم الثري في وقته عبد الله بن عبد العزيز المشيقح بنتًا للأمير مبارك المبيريك فرزق منها بأولاد ظهروا نجباء أكبرهم الدكتور عبد الرحمن الذي شغل وظائف رئيسية عديدة ومنها رئاسة الغرفة التجارية في القصيم وعضوية مجلس إدارة منطقة القصيم، وأخيرًا - 1424 هـ - عضوية مجلس الشورى في المملكة.

ومن الطريف أن عبد الله المشيقح كانت أسرته تسمى المبيريك قبل أن تكون المشيقح، والأمير مبارك أسرته اسمها المبيريك، ولكن لا قرابة بين الأسرتين من قبل.

هذا وقد توفي الأمير مبارك بن مبيريك في عام 1388 هـ، وعندما نقل عن الإمارة بقيت أسرته في بريدة وعاشت فيها من بعده.

قال الشيخ إبراهيم بن عبيد في حوادث سنة 1350 هـ:

هذا وقد كان أمير بريدة إذْ ذاك (مبارك بن مبيريك) الورع الحليم العاقل المتعفف جزاه الله خيرًا، وكان هذا الرجل يستر العورات وينصح للأمة فأعيد في إمارة بريدة للمرة الثانية بعدما عزل عنها الأمير (تركي بن ذعار) ولما أن كان في شوال قدم الشيخ عمر إلى بريدة عائدًا من الحجاز فابتهجت به وجوه الأهالي (1).

كان الأمير ابن مبيريك رجلًا سمحًا رفيقًا بالناس، حكي مرة أنه خرج في وقت متأخر من الليل من قصر الإمارة في بريدة إلى بيته وإذا به يصادف أناسًا مهربين بضائع من الخام وغيره، وإذا به يقابلهم لا يستطيع أحد منهم أن يترك الآخر فصار يضرب حمل البضاعة المهربة بعصاه ويقول: هذا كرمع؟

وش لون الأمير ابن مساعد عساه طيب، يوهمهم أنه يظن أنهم جاءوا من حائل، مع أنهم كانوا قادمين من العراق.

والكرمع هو ثمر شجر الأثل، ويكثر في الأثل في حائل لذلك يأخذه أناس منها يتاجرون به، لأنه تدبغ به الجلود وهو أفضل أنواع الدباغ.

وقد عمر مبارك المبيريك إلى سن مائة وثمان سنين.

لقد اعتاد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله إذا عين شخصًا في منصب مهم له توابع مثل إمارة القصيم أن يبلغ رجالات القصيم وأمراء النواحي بذلك، وهذا أنموذج لذلك بالنسبة إلى تعيين الأمير مبارك بن مبيريك لا ينقصه إلا أنه غير مؤرخ:

أنموذج من رسائل الملك عبد العزيز آل سعود إلى الأمير مبارك بن مبيريك:

وأنموذج من رسائل الأمير مبارك بن مبيريك إلى رؤساء القبائل وأمراء القرى في القصيم:

وهذه رسالة موجهة من الأمير مبارك بن مبيريك أمير منطقة القصيم إلى غزو أهل القصيم أي الغزاة الذين جندهم أمير القصيم وأهلها للإشتراك في حرب اليمن التي كانت أندلعت بين المملكة وبين الإمام يحيى حميد الدين آنذاك.

يبلغهم ابن مبيريك فيها أنه عين عليهم الوجيه عبد الله بن سليمان بن عيسى أميرًا عليهم ويوصيهم بوصايا مهمة.

وهي مؤرخة في 15 محرم من عام 1353 هـ.

ومن المبيريك هؤلاء صالح بن الأمير مبارك بن ناصر المبيريك من أهل بريدة، كان يساعد والده مبارك في بعض الشئون الخاصة بإمارة القصيم، كما كان بعد ذلك من كبار موظفي الخاصة الملكية في عهد الملك سعود رحمه الله.

توفي في يوم الثلاثاء 7/ 3/ 1427 هـ ونشر نعيه في الصحف ومنها جريدة الرياض في يوم الجمعة 10/ 2/ 1427 هـ.

ومن أخبار الأمير مبارك بن مبيريك ما نقله الأستاذ ناصر بن سليمان العمري، قال:

مبارك الناصر المبيريك تولى إمارة بريدة بالوكالة، فبعد وفاة أمير بريدة مشاري بن جلوي تولى الإمارة عبد العزيز بن مساعد بن جلوي فترة يداوم في قصر الإمارة في بريدة ثم تولى الإمارة بالوكالة مبارك بن ناصر بن مبيريك حتى تعين عبد الله بن فيصل آل فرحان أميرًا، وقد جاء إلى مبارك بن مبيريك فلاح من أهل المنسي بالخبوب، يشكو سرقة ثمرة نخلة واحدة فبعث الأمير