الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المِشَاري:
أسرة أخرى من أهل الصباخ، وكان يقال لهم قبل ذلك (الرَّزين) من الرزانة، وهم أبناء عم للسمينة.
منهم عليّ المشاري ويلقب بشريم شاعر عامي من شعره في يوم عيد الأضحى:
أحد يدور الفاس هو والسكاكين
…
واحد لقط عيده ببكَّر نهاره (1)
وحِنْا نجرَّ الحَشل ما عندنا شين
…
إلا الغمى حتحت علينا غباره (2)
عبد العزيز خلَّى الأجاويد مقوين
…
ولا تكاثرنا على الهيس كاره (3)
أبو علي بعيد عني ومنحين
…
لا نابنيِّ وأنا قصيرٍ لداره
منصور يقول الجارما يطلبن شين
…
والله لو تبغي لشطبك صهاره
وصهارة الشطب: شحمة تحمي على النار، وتوضع فوف الشطب، وهو الشق في الرجل بسبب البرد والجفاف.
ومما قال شريم بن مشاري المعروف بالرزين أيضًا:
البارحه يوم القمر شع الأنوار
…
جاني على سيد الرعابيب طاري
القلب رص الميزنه دق مسمار
…
والحال مني في توهده جار
جينا مع الصمان نمشي بالأقدار
…
من فوق هجن يأخذن باليسار
باطن حدر خفوفهن الحفا الحار
…
ولقن بنا النزيان صوب الفناري
وطبن بنا في بندر لم الأسفار
…
ومن دانس الحبر ياوقع بالخطاري
من ديرة التوحيد جينا للأمصار
…
الما يبيَّع عندهم بالمصاري
يا نوخذ السكان يا نسل الأفجار
…
تقول وين اقطكم با الوقاري
لولا ولد منصور (4) عَمَّرْ لنا كار
…
عينتنا صرنا عشا للسباري
سمعت عنك بنجد حلوات الاذكار
…
وبالله عليك اني من الهدم عاري
يا شوق من قرنه على المتن نثار
…
عمله بطيب وزعفران فخاري
نهودها لا طلع لومي الأشجار
…
وامزمن بيض الحمام الخضاري
(1) يدور الفاس والسكين، لكي يذبح أضحيته أو ذبيحته، ولقط عيده: أكل طعام العيد الذي ليس فيه لحم.
(2)
يجر خشل مثل عامي نجدي ذكرناه في كتابنا الأمثال العامية.
(3)
عبد العزيز: شخص من أهل الصباخ وكذلك الشخصان اللذان بعده.
(4)
ولد منصور البطي.
وصلاة ربي عد من الحرم زار
…
على محمد من بحور وبراري
ومنهم عبد الله بن سليمان المشاري كان صاحب سيارة نقل يقودها بنفسه ويحمل عليها الركاب بين بريدة والمدن الأخرى في مناطق المملكة سافرت معه في عام 1370 هـ من المدينة المنورة إلى حائل فبريدة، وذكرت ذلك في كتاب (رحلات في البيت).
وهو رجل كريم النفس، طيب المعشر، عرفت ذلك منه إبان سفري وسمعته من غيره من الذين يعرفونه أكثر مني.
ذكر له الأستاذ ناصر العمري قصة أثناء سفره، أنقذ فيها رجلًا كاد يموت عطشًا.
قال الأستاذ العمري:
عبد الله بن سليمان بن مشاري صاحب أسفار كثيرة في شمالي الجزيرة الشرقي وغيره من أراضي المملكة يتنقل على سيارته التي ينقل عليها البضائع والركاب وهو خبير في معرفة طرق ومسالك الصحراء التي يرتادها، قال:
توجهت من لينة إلى بريدة ومعني بضاعة وراكب واحد من البادية وقد سرت في طريق يوصل إلى حائل خطا ولاحظت أنني قد غلطت بالطريق لكن أعرف أين يذهب بي هذا الطريق ومواصلة السير أهون على السيارة من العودة منه.
وبينما كنت أسير بالسيارة في المظهور شاهدت رجلًا يسحب بندقه ويسير على قدمه لعجزه عن حمل البندق وبينما أنا أشاهده ورفيقي في السفر لاحظنا أنه سقط على الأرض سقوطًا غير طبيعي فاتجهنا إليه ووجدناه في حالة ظمأ شديد، وقد اسودَّ ما حول فمه من العطش فرشبناه بالماء وبللنا قطعة قماش وصرنا نمسح بها وجهه ونعطيه قطرات من الماء ثم مرسنا تمرًا وحقَّناه في حلقه حتى نشط
نشاطًا ضعيفًا وصار يطلب الماء ونحن نعطيه قطرات من الماء ونرش وجهه ورأسه بالماء خوفًا عليه من الموت لو أسقيناه الماء دفعة واحدة.
وقد فتن علينا يريد الماء بالقوة ونحن نسترضيه ونعده بالماء تدريجيًا، وقد قمنا بإبعاد إصبع بندقه خوفًا منه لئلا يفتك بنا طلبًا للماء، وبعد أن استراح أسقيناه الماء ثم نقلناه إلى السيارة وسألناه أين يريد؟ قال أريد تربة ولكنني عجزت عن الوصول إليها، وقد أرويناه بالماء وأطعمناه وأوصلناه إلى العاذريات وتركناه هناك عند جماعة من البادية وهو شمري ورفيقي في الطريق هو الآخر شمري، وقد أيقنت أن ضياعي في الطريق وتركي الطريق المتجه إلى بريدة وسيري في الطريق المتجه إلى حائل كان بقضاء الله وقدره لإنقاذ هذا الرجل الضائع الظمآن، والموت والحياة بيد الله آمنا بالله (1).
ومن طرائف عبد الله المشاري مع الشاعر درعان الطويان أنهما كانا في بيت في مكة فتحيل درعان بأن أحضر أنبوبًا ضيقًا وضعه عند أذن ابن مشاري، وقال فيه بصوت غريب، يا ابن مشاري تراك تبي تموت عقب شهر، لكن رح لأهلك في بريدة تموت عندهم. قالوا: فصدق ابن مشاري بذلك، وقال لدرعان:
أنا جاني علم أني أبي أموت وأبي أروح لأهلي في بريدة.
فأركبه درعان مع صاحب سيارة مسافرة إلى الطائف على أمل أن يجد سيارة إلى بريدة وقال للسائق: ترى هذا ما هوب صاحي لكن هذا حبل اربطه به وأدخله في مستشفى المجانين في الطائف.
وكاد السائق يفعل ذلك في الطائف إلَّا أنه عرف أن صاحبه ليس به بأس.
(1) ملامح عربية، ص 102.