الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات البينات في تحريم دعاء الأموات
المؤلف/ المشرف:
علي بابكر
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1418هـ
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
ألوهية - دعاء غير الله وتعظيم القبور
خاتمة: وفي ختام هذا الكتاب أذكر سؤالين مهمين يتحتم على الجميع معرفتهما:
السؤال الأول: ما حكم قول القائل: اللهم إني أسألك بجاه العيدروس هل هو شرك؟ الجواب: قال أهل العلم: هذا ليس بشرك لأنه دعا الله وحده ولم يدع معه غيره ولكنه أخطأ لأنه توسل إلى الله بطريقة مبتدعة لم تثبت في الكتاب والسنة، والتوسل المشروع في الكتاب والسنة مثل التوسل بأسماء الله الحسنى قال تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180].
وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء عظيماً فيه التوسل بأسماء الله الحسنى فقال: (ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً قال: فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها). ومن التوسل بأسماء الله الحسنى أن تقول: يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا تواب تب عليّ، يا كريم اكرمني، ونحوه أو تقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي. ومن التوسل المشروع الوارد في الكتاب والسنة التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة كما في حديث الثلاثة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالا فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتاضغون عند قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليّ – وفي رواية – كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء – فأردتها على نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليه – وفي رواية فلما قعدت بين رجليها – قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أدّ إليّ أجري فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: لا استهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنّا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون).
وبمناسبة ذكر هذا الحديث أنصحك أخي القارئ أن تدخر لنفسك عملاً صالحاً جليلاً ولا تخبر به أحداً ما استطعت ينفعك إذا أدخلوك غارك وأغلقوا عليك، وأعني بـ "غارك" قبرك، وكذلك ينفعك إذا وقعت في أيّ كربة من كرب الدنيا تتوسل به إلى الله.
ومن التوسل المشروع الوارد في الكتاب والسنة التوسل بدعاء الرجل الصالح الحيّ فتختار رجلاً صالحاً معروفاً بتقوى الله وقيام الليل وصيام النوافل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر منفقاً في سبيل الله يحب المسلمين يواسيهم ويعود مريضهم ويرحم ضعيفهم فتقول له يا شيخ ادع الله لي، كما كان الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعو الله لهم كما تقدم في حديث الأعرابي الذي قال:(يا رسول الله ادع الله أن يغيثنا، وحديث أم سليم قالت: يا رسول الله أنس خادمك ادع الله له، قال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) متفق عليه. وحديث المرأة السوداء التي كانت تصرع وتتكشف قالت: يا رسول الله إنّي أصرع وإنّي أتكشف فادع الله لي) الحديث. والمقصود أن هذا الدعاء "اللهم إنّي أسألك بجاه فلان" ليس شركاً لأنه دعا الله فقال: اللهم، ولم يشرك معه غيره في النداء، أما لو قال: مدد يا عيدروس أو قال: يا الله ويا عيدروس فهذا هو الشرك بعينه. وأما حديث: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد حكم عليه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ حديث رقم 22 بأنه حديث لا أصل له، وقال: قد نص ذلك شيخ الإسلام، راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/ حديث رقم 22، 23، 24، 25. السؤال الثاني: ما معنى قول الفقهاء في متون الفقه المختصرة في باب صلاة الاستسقاء (ويباح التوسل بالصالحين)؟ الجواب: المعنى أي التوسل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياء، فتقول للرجل الصالح الحيّ: ادع الله أن يغيثنا، ويوضح هذا كتب الفقه الموسعة والمبسوطة، قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي في فقه الإمام الجليل أحمد بن حنبل: ويستحب أن يستسقي الإمام بمن ظهر صلاحه لأن عمر استسقى بالعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستسقى معاوية والضحاك بيزيد بن الأسود الجرشي، وروي أن معاوية أمر يزيد بن الأسود فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية:"اللهم إنّا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنّا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله فرفع يديه ورفع الناس أيديهم، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس وهب لها ريح فسقوا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم" انتهى.
هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
اللهم يا حيّ يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السموات والأرض يا رب العرش العظيم اللهم يا سامع الصوت ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت اللهم من أضله الشيطان في مسألة الاستغاثة بالأموات أو حمله على ذلك التعصب أو العناد اللهم فاهده إلى صراطك المستقيم ورده إليك رداً جميلاً، اللهم وحد صفوفنا واجمع كلمتنا يا رب العالمين اللهم إنا نعوذ بك من شر الخلاف والشقاق والنزاع والفشل إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. كتبه: علي بابكر. الرياض ص. ب: 4612 الرمز البريدي 11412