المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌اللجوء السياسي في الإسلام

- ‌المشاركة في البرلمان والوزارة عرض ونقد

- ‌المصالحات والعهود في السياسة الشرعية

- ‌النظام العام للدولة المسلمة – دراسة تأصيلية مقارنة

- ‌حقوق الإنسان في الإسلام (معاملة غير المسلمين في الإسلام)

- ‌تحكيم الشريعة ودعاوى العلمانية

- ‌عقد الذمة في التشريع الإسلامي

- ‌فقه الاحتساب على غير المسلمين

- ‌فقه المتغيرات في علائق الدولة الإسلامية بغير المسلمين – دراسة تأصيلية تطبيقية مع موزانة بقواعد القانون الدولي المعاصر

- ‌لماذا يكرهون حماس

- ‌معوقات الجهاد في العصر الحاضر تحليلاً وتقويماً

- ‌مفهوم الطاعة والعصيان

- ‌نظرية السيادة وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية

- ‌سياسة عالمية

- ‌أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية

- ‌البحر الأحمر والجزيرة العربية في الصراع العثماني البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى

- ‌السياسة الصهيونية تجاه مدينة القدس

- ‌المؤامرة الكبرى على بلاد الشام

- ‌المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر (1856 - 1886)

- ‌النخب السعودية - دراسة في التحولات والإخفاقات

- ‌ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب

- ‌علاقة سلطنة لحج ببريطانيا

- ‌فلسطينيو العراق بين الشتات والموت

- ‌مؤامرة الغرب على العرب

- ‌محاولات التدخل الروسي في الخليج العربي 1297 - 1325هـ/ 1880 - 1907م

- ‌سيرة وشمائل محمدية

- ‌السيرة النبوية في الصحيحين وعند ابن إسحاق (دراسة مقارنة في العهد المكي)

- ‌الواقدي وكتابه المغازي منهجه ومصادره

- ‌خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء

- ‌تاريخ

- ‌أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري

- ‌إمارة (أبو عريش) فترة الحكم المصري وإعلان التبعية العثمانية

- ‌الحرف والصناعات في الحجاز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الحملة العثمانية على إمارة (أبو عريش) والسواحل اليمنية

- ‌الحياة العلمية في نجد

- ‌الخراسانيون ودورهم السياسي في العصر العباسي الأول

- ‌الخلافة الراشدة والدولة الأموية من فتح الباري

- ‌الرحلات العربية مصدر من مصادر تاريخ المملكة العربية السعودية في الفترة (1338هـ - 1373هـ / 1920م – 1953م)

- ‌الرحلات المغربية والأندلسية مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في القرنين السابع والثامن الهجريين - دراسة تحليلية مقارنة

- ‌السياسة العثمانية تجاه إمارة (أبو عريش) والسواحل اليمنية

- ‌التيار الإسلامي في الخليج العربي – دراسة تاريخية

- ‌المهمشون في التاريخ الإسلامي

- ‌النقل والترجمة في الحضارة الإسلامية

- ‌النقوش الإسلامية على طريق الحج الشامي بشمال غرب المملكة العربية السعودية (من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري)

- ‌اليهود والدولة العثمانية

- ‌جبل إلال بعرفات تحقيقات تاريخية شرعية

- ‌جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين

- ‌حضرموت في المؤلفات العربية والأجنبية

- ‌حملة خليل باشا على إمارة (أبو عريش)

- ‌خميني العرب حسن نصر الله والرافضة الشيعة الشر الذي اقترب

- ‌تاريخ الخليج وشرق الجزيرة العربية المسمى إقليم بلاد البحرين في ظل حكم الدويلات العربية (469 - 963هـ/ 1076 - 1555م)

- ‌تاريخ الدولة الصفوية (في إيران)

- ‌تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام

- ‌تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الطبري

- ‌عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي في العهد السعودي

- ‌قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين التحالف الصليبي الماسوني الاستعماري وضرب الاتجاه الإسلامي

- ‌كرد العراق منذ الحرب العالمية الأولى 1914 حتى سقوط الملكية في العراق 1958م

- ‌كتب الرحلات في المغرب الأقصى مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين

- ‌من قتل الحسين رضي الله عنه

- ‌منهج كتابة التاريخ الإسلامي

- ‌مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية

- ‌مواقف المعارضة في عهد يزيد بن معاوية (60 - 64ه

- ‌نهاية التاريخ دراسة شرعية تأصيلية جادة

- ‌وثائق قرية العليا (1365 - 1380هـ/ 1945 - 1960م) – المحفوظة بمكتبة الملك فهد الوطنية – دراسة وثائقية

- ‌وقفات هادئة مع أشرطة قصص من التاريخ الإسلامي

- ‌تراجم

- ‌أعلام الشناقطة في الحجاز والمشرق- جهودهم العلمية وقضاياهم العامة من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الهجريين

- ‌أمراء وعلماء من الكويت على عقيدة السلف

- ‌الرقية الشافية من نفثات سموم " النصائح الكافية لمن يتولى معاوية

- ‌الشيخ صالح المقبلي حياته وفكره

- ‌الفرائد على مجمع الزوائد

- ‌المؤرخ عباس العزاوي وجهوده في دراسة تاريخ العقيدة والفرق المعاصرة في العراق

- ‌النظرية السياسية عند ابن تيمية

- ‌دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب

- ‌دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد

- ‌عبدالرحمن بدوي ومذهبه الفلسفي ومنهجه في دراسة المذاهب عرض ونقد

- ‌منهج ابن تيمية في الإصلاح الإداري

- ‌تربية وتعليم

- ‌أصول التربية الحضارية في الإسلام

- ‌الاختلاط في التعليم – النشأة والآثار

- ‌المدارس الأجنبية في الخليج – واقعها وآثارها

- ‌دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات الثقافية للعولمة

- ‌دور القضاء السعودي في الإصلاح التربوي في المملكة العربية السعودية

- ‌معلم الفقه الإسلامي وطالب الفقه الشرعي (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌تفسير

- ‌آيات آل البيت في القرآن الكريم - الدلالات والهدايات

- ‌آيات الصفات عند السلف بين التأويل والتفويض من خلال تفسير الإمام الطبري

- ‌أسماء سور القرآن وفضائلها

- ‌استدراكات ابن عطية في المحرر الوجيز على الطبري في جامع البيان، عرضا ودارسة

- ‌الإجماع في التفسير

- ‌العهد والميثاق في القرآن الكريم

- ‌المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف للزمخشري في ضوء ما ورد في كتاب الانتصاف لابن المنير (620 - 683ه

- ‌في ظلال القرآن في الميزان

- ‌مدخل إلى ظلال القرآن

- ‌توحيد وعقيدة ومنهج

- ‌آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد

- ‌آراء أبي الحسن السبكي الاعتقادية – عرض ونقد في ضوء عقيدة السلف الصالح

- ‌آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية عرض ونقد

- ‌أحكام لعن الكافرين وعصاة المسلمين دراسة عقدية

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌أشراط الساعة

- ‌أصول الدين عند الإمام الطبري

- ‌أقوال التابعين في مسائل التوحيد والإيمان

- ‌أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية

- ‌الآثار المروية عن السلف في العقيدة في كتاب تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر

- ‌الآثار المروية في صفة المعية

- ‌الآثار الواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد من كتاب (سير أعلام النبلاء) للإمام الذهبي جمعاً وتخريجاً ودراسة

- ‌الآيات البينات في تحريم دعاء الأموات

- ‌الأدلة الباهرة على نفي البغضاء بين الصحابة والعترة الطاهرة (محاولة للتقريب بين أهل السنة والشيعة وفقاً للأسس العلمية)

- ‌الأسماء والصفات في معتقد أهل السنة والجماعة

- ‌الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة

- ‌الإيمان حقيقته وما يتعلق به من مسائل

- ‌الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين

- ‌الاستقامة لابن تيمية تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم تصويبات وتعليقات "بحوث علمية محكمة

- ‌الاعتقاد القادري دراسة وتعليق "بحوث علمية محكمة

- ‌الانحرافات العقدية والعلمية في القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمم

- ‌البيهقي وموقفه من الإلهيات

- ‌الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه

- ‌الجوائز والصلات من جمع الأسامي والصفات

- ‌الحق الدامغ

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله أحواله وأحكامه

- ‌الحكم والتحاكم في خطاب الوحي

- ‌الحياة الآخرة - ما بين البعث إلى دخول الجنة والنار

- ‌الدواهي المدهية للفرق المحمية (في الولاء والبراء)

- ‌الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين

- ‌الرد الشامل على عمر كامل

- ‌الرد على المخالف من أصول الإسلام

- ‌الردة والحرية الدينية

- ‌السحر دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية

- ‌السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار

- ‌الشرك في القديم والحديث

- ‌الشفاعة عند أهل السنة والرد على المخالفين فيها

- ‌الصارم البتار على شاتم سيد الأبرار

- ‌الصفات الإلهية تعريفها - أقسامها

- ‌التأويل في غريب الحديث من خلال كتاب النهاية لابن الأثير

- ‌التبرك أنواعه وأحكامه

- ‌التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان

- ‌التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية

- ‌التقليد والتبعية وأثرهما في كيان الأمة الإسلامية

- ‌التكفير في ضوء السنة النبوية

- ‌التكفير وضوابطه

- ‌التنجيم والمنجمون وحكمهم في الإسلام

- ‌العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

- ‌العقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية

- ‌العقيدة الصافية للفرقة الناجية

- ‌العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط

- ‌العلمانيون والقرآن الكريم

- ‌الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة

- ‌الفتنة وموقف المسلم منها في ضوء القرآن

- ‌القاسمي، محمد جمال الدين القاسمي، وآراؤه الاعتقادية

- ‌القبورية نشأتها آثارها موقف العلماء منها (اليمن نموذجا)

- ‌القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه

- ‌القواعد الكلية للأسماء والصفات

- ‌المباحث العقدية في حديث افتراق الأمم

- ‌المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد

- ‌المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة

- ‌النفي في باب صفات الله عز وجل بين أهل السنة والجماعة والمعطلة

- ‌الوسطية في ضوء القرآن الكريم

- ‌بدع الاعتقاد وأخطارها على المجتمعات المعاصرة (الإرجاء - الغلو في الدين (التطرف) التصوف)

- ‌براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة دراسة تأصيلية تفصيلية عن مراد السلف بدخول العمل في مسمى الإيمان

- ‌براءة الأئمة الأربعة من مسائل المتكلمين المبتدعة

- ‌براءة السلف مما نسب إليهم من انحراف في الاعتقاد

- ‌بعض أنواع الشرك الأصغر

- ‌جزء فيه امتحان السني من البدعي

- ‌جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية

- ‌جهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير توحيد الأسماء والصفات

- ‌جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف

- ‌جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في توضيح توحيد العبادة

- ‌جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية

- ‌حقيقة الإيمان بين غلو الخوارج وتفريط المرجئة

- ‌حقيقة التوحيد والفروق بين الربوبية والألوهية

- ‌حقيقة الكفر بالطاغوت وعلاقته بالإيمان بالله

- ‌حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله

- ‌دراسات في أهل البيت النبوي

- ‌دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجا وأسلوبا

- ‌دليل الفطرة والميثاق

- ‌رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

- ‌زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه

- ‌شبهات التكفير

- ‌شرح أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته الواردة في الكتب الستة

- ‌صفة الغرباء - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة - 000

- ‌صفة النزول الإلهي ورد الشبهات حولها

- ‌صلة الغلو في التكفير بالجريمة

- ‌صيحة نذير بخطر التكفير لحق بكتاب التحذير من فتنة التكفير وتنبيه وتذكير

- ‌ضوابط التكفير مستقاة من المصادر السلفية

- ‌ضوابط تكفير المعين عند شيخي الإسلام ابن تيمية وابن عبدالوهاب والدعوة الإصلاحية

- ‌ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث

- ‌تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات

- ‌تدوين علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة

- ‌تعليقات على شرح العقيدة الطحاوية مع بيان مصادر الشرح "بحوث علمية محكمة

- ‌تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة

- ‌تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة

- ‌عارض الجهل وأثره على أحكام الاعتقاد عن أهل السنة والجماعة

- ‌عالم السحر والشعوذة

- ‌عبودية الكائنات لرب العالمين

- ‌عصر الدولتين الأموية والعباسية وظهور فكر الخوارج

- ‌عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام

- ‌عقيدة الإمام ابن عبدالبر في التوحيد والإيمان

- ‌عقيدة ختم النبوة بالنبوة المحمدية

- ‌علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة (المبادىء والمقدمات)

- ‌فتح العلي الحميد في شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد

- ‌فتنة التكفير

- ‌قدم العالم وتسلسل الحوادث بين شيخ الإسلام ابن تيمية والفلاسفة مع بيان من أخطأ في المسألة من السابقين والمعاصرين

- ‌قواعد في بيان حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌كتاب ابن عربي الصوفي في ميزان البحث والتحقيق

- ‌مباحث المفاضلة في العقيدة

- ‌مختصر كتاب تصحيح المفاهيم العقدية في الصفات الإلهية

- ‌مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات

- ‌مسألة الإيمان في كفتي الميزان

- ‌مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة

- ‌مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر الأسباب - الآثار - العلاج

- ‌مصادر التلقي وأصول الاستدلال العقدية عند الإمامية الاثني عشرية عرض ونقد

- ‌مظاهر الأخطاء في التكفير والتفسيق أسباب ذلك وعلاجه

- ‌من أصول السنة – ضوابط في التكفير، بدعة التوقف والحكم بغير ما أنزل الله

- ‌من عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين بمنهج أهل السنة والجماعة

- ‌من مفاهيم عقيدة السلف الصالح - الولاء والبراء في الإسلام

- ‌مناهج اللغويين في تقرير العقيدة إلى نهاية القرن الرابع الهجري

- ‌منهج أهل السنة والجماعة في تدوين علم العقيدة (إلى نهاية القرن الثالث الهجري)

- ‌منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى

- ‌منهج ابن تيمية في مسألة التكفير

- ‌منهج الإمام ابن القيم في شرح أسماء الله الحسنى

- ‌منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة

- ‌منهج الإمام الشوكاني في العقيدة

- ‌منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب في مسألة التكفير

- ‌منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة

- ‌منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه (فتح الباري)

الفصل: ‌المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة

‌المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة

‌المؤلف/ المشرف:

عبد العليم عبد العظيم البستوي

‌المحقق/ المترجم:

بدون دار ابن حزم - بيروت ̈الأولى

‌سنة الطبع:

1420هـ

‌تصنيف رئيس:

توحيد وعقيدة ومنهج

‌تصنيف فرعي:

المهدي المنتظر - أعمال شاملة ومنوعة

سرد موجز لما ثبت بالبحث والتحقيق

اشتمل هذا القسم على ثلاثين حديثاً وستة عشر أثراً موزعاً على بابين:

(1)

الأحاديث والآثار الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وهي ثمانية أحاديث مرفوعة وأحد عشر أثراً.

(2)

الأحاديث والآثار الثابتة غير الصريحة في ذكر المهدي. وهي اثنان وعشرون حديثاً وخمسة أثار.

وهو مجموع ما ثبت عندي- بالصحة أو الحسن- من أحاديث المهدي التي اطلعت عليها.

أما الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة فسأذكرها في القسم الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.

وهكذا نرى أن من مجموع ما ثبت من الأحاديث ثمانية أحاديث وأحد عشر أثراً صريحاً في ذكر المهدي. والباقي لم يقع فيه التصريح بذكر المهدي ولكن ذكره العلماء في أبواب المهدي لأجل القرائن والأوصاف الدالة على ذلك.

نتيجة البحث:

وبعد النظر في الأحاديث الواردة في المهدي ودراستها سنداً ومتناً وصلت إلى ما يلي:

(1)

إن خلافة المهدي في آخر الزمان حق ولا يمكن إنكارها لثبوت هذه الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، ولورود أحاديث أخرى كثيرة وهي ضعيفة في تفاصيلها ولكنها تشارك الصحيحة في أصل الفكرة وهي (وجود خلافة المهدي) وهكذا يصبح هذا الأمر متواتراً تواتراً معنوياً.

(2)

إن الكثير أو الأكثر من الأحاديث والآثار الواردة في موضوع المهدي ضعيف أو موضوع لا يمكن الاعتماد عليه والأخذ به. ولذلك فلا يمكن أن تقبل هذه الفكرة على علاتها. بل لا بد من تمحيص القول وأخذ ما صفا وترك ما كدر.

شخصية المهدي وأوصافه من خلال الأحاديث الثابتة المرفوعة:

أما شخصية المهدي وملامحها وأوصافها التي تبينت لي من خلال الأحاديث المرفوعة الثابتة فهي كما يلي:

(1)

اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 21، 22، 23، 24، 25، 26.

(2)

اسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 25، 26.

(3)

يكون من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 1، 4، 9، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 28، 30، 31، 33، 34.

(4)

يكون من ولد فاطمة الحديث: 8.

(5)

يكون أجلى الجبهة، أقنى الأنف. الأحاديث:30.

(6)

يصلحه الله في ليلة. الحديث: 1.

(7)

تملأ الأرض قبل خلافته ظلماً وجوراً. الأحاديث: 4، 20، 26، 30، 31، 32، 33،.

(8)

فيملأها بعد خلافته قسطاً وعدلاً. الأحاديث: 4، 5، 8، 20، 26، 30، 31، 32، 33.

(9)

يرى الإمام ابن حبان وغيره أنه الرجل الذي يبايع له بين الركن والمقام. الحديث: 29.

(10)

يملك سبع سنين الأحاديث: 4، 6. وقد وقع في بعض الروايات بالشك (سبع أو ثماني أو تسع). والظاهر أن هذا الشك أتى من الرواة، فيحمل على اليقين. الأحاديث: 3، 5، 31.

(11)

يلي في آخر الزمان. ولا تقوم الساعة حتى يملك ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك. الأحاديث: 3، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 33.

(12)

يخرج في راياتٍ سودٍ من قبل خراسان. الأحاديث: 2، 7.

(13)

يسقيه الله الغيث (تمطر السماء قطرها). الأحاديث: 5، 8.

14 -

تخرج الأرض نباتها. الأحاديث 3، 5، 8.

15 -

تكثر الماشية. الحديث: 3.

16 -

تعظم الأمة. الحديث: 3.

17 -

تنعم الأمة في ولايته نعمة لم تنعمها قط. الحديث: 8.

18 -

يعطي المال صحاحاً. الحديث: 3.

19 -

يحثي المال حثياً. الأحاديث: 36، 38.

20 -

يعطي المال بغير عدد (ولا يعده عداً). الحديث: 36.

ص: 349

21 -

ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي ورائه. وهذا يقتضي أن الدجال يخرج في عصره، لأن عيسى ينزل فيقتل الدجال. والأحاديث: 27، 34، 39.

22 -

يرى أبو داود وغيره أنه من الخلفاء الأثنى عشر الذين ورد فيهم الحديث: 40.

23 -

يرى ابن حبان وغيره أن الجيش الذي يخسف به هو الجيش الذي يخرج لمحاربة المهدي. الحديث: 41.

مع المنكرين لفكرة المهدوية

لقد ذكرت في مقدمة هذا الكتاب قائمة بأسماء وآراء الذين وجدتهم من المنكرين لفكرة المهدوية إنكاراً مطلقاً. ولقد ثبت لنا الآن بعد البحث والتحقيق أن الفكرة لها أصل، ولا يمكن إنكارها على الإطلاق. إذن فما هي العوامل التي حملتهم على إنكار هذه الفكرة؟

عوامل الإنكار:

نستطيع أن نحدد تلك العوامل في أمرين أساسيين:

(1)

المحاولات المتكررة لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى المطامع الشخصية من الملك والسلطة وغيرهما. وقد بدأت هذه النزعة من قديم الزمان، فالمختار بن أبي عبيد الثقفي يدعي مهدية محمد بن الحنفية ويتستر ورائها للتمكن من السلطة والحصول على الرئاسة.

ومحمد بن عبد الله النفس الزكية يدعي المهدوية ويطلب الحكم له والمنصور العباسي يحاربه بالسلاح نفسه فيلقب ابنه بالمهدي ويُظهر أنه هو المراد بالأحاديث الواردة. والفرق الشيعية المختلفة تختار لها مهديين. والحركة الباطنية الإلحادية تتقمص بهذه الفكرة وتثير الفتن والقلاقل وتعيث في الأرض فساداً. وتنتج أرض المغرب مهديين، وفي السودان مهدي، وفي الهند مهدي، وفي إيران مهدي وأبواب المهدي.

وهكذا قامت حركات كثيرة عبر التاريخ الإسلامي، وقد تقدم ذكرها بشيء من التفصيل في مقدمة هذا الكتاب. وكل هذه الحركات استغلت هذه الفكرة للوصول إلى أهدافها ومطامعها ووراء كل حركة من الحروب والقتال والفساد ما لا يعلمه إلا الله تعالى.

(2)

تصوير المهدي بصورة وهمية خيالية يستبعدها العقل ويأباها القلب. فكانت هناك نزعة أخرى تحارب استغلال فكرة المهدوية وهي تصدق بأصل الفكرة إلا أنها لما رأت كثرة أدعياء المهدوية في كل عصر ومصر وما يثير هؤلاء من القلاقل والفتن أصبحت تبحث عن أمور تبين أن هؤلاء الأدعياء ليسوا من المهدي الحقيقي في شيء. فوجدوا روايات ضعيفة وموضوعة مختلفة كثيرة تتعلق بالمهدي وتصفه بأوصاف بعيدة عن العقل والواقع فأوردوها ليثبتوا أن هؤلاء الأدعياء لا يتصفون بهذه الصفات ولا توجد فيهم تلك الأمارات، وعلى سبيل المثال ذكروا أن المهدي تخرج معه كف معلمة من السماء وينادى باسمه من السماء، وتخضر له الأغصان اليابسة في أرض يابسة وتهبط الطير على يديه بإشارته، وأنه يخرج التوراة والإنجيل من أنطاكية. وسمي المهدي لأنه يهدي إلى أسفار التوراة ويخرجها من جبال الشام وأن جبرائيل على مقدمته وميكائيل على ساقته. وأنه يفتح مدينة القاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل فيها مائة سوق وفي كل سوق مائة ألف سوقي. وأنه يخرج تابوت السكينة ومائدة بني إسرائيل ورضراض الألواح وعصى موسى وخاتم سليمان. وما إلى ذلك (1).

ولكن هؤلاء قد أفرطوا في اعتمادهم على هذه الروايات الواهية وقد أساءوا إلى الحقيقة الصحيحة. فهم وإن كان قصدهم الوقوف في وجه الأدعياء قد نفروا الكثير أيضاً من الصواب (2).

(1) انظر القول المختصر (124 ب) وكذلك مختصر تذكرة القرطبي والبرهان لعلي المتقي. في ذكرهم لعلامات المهدي المنتظر.

(2)

انظر ما تقدم من كلام محمد فريد وجدي وغيره من المنكرين في مقدمة هذا الكتاب.

ص: 350

وكثير من الذين لم تكن لديهم قدرة كافية للبحث في الأحاديث الواردة وتمييز صحيحها من سقيمها أو كانت عندهم القدرة الكافية لكنهم لم يتجشموا مشقة البحث والتحقيق لما رأوا تلك الفتن والمشاكل من جهة وهذه الخرافات من جهة أخرى أعلنوا بدون تردد أن حديث المهدي حديث خرافة. ونظروا في الروايات الواردة في المهدي نظرة عابرة فتبدت لهم بعض الشبهات فزعموا أنها تقوي رأيهم.

شبهات المنكرين

(أ) أحاديث المهدي لم يخرجها البخاري ومسلم:

وقد ردد هذه الشبهة كثير من الذين كتبوا في إنكار فكرة المهدي. فقال السيد محمد رشيد رضا:

(لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها)(1).

وقال الأستاذ أحمد أمين: (ولم يرو البخاري ومسلم شيئاً عن أحاديث المهدي مما يدل على عدم صحتها عندهما)(2).

وكذلك سعد محمد حسن في كتابه المهدية في الإسلام (3).

وغيرهم.

وظن هؤلاء أن الشيخان لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها عندهما. ولكن هذا الظن ليس بصحيح. وذلك لأمور:

(1)

إن الشيخين لم يحيطا بجميع الأحاديث الصحيحة ولا ادعيا ذلك فقد قال البخاري: (ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول)(4). وقال مسلم: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا- يعني كتابه الصحيح- إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه)(5).

(2)

هناك أحاديث كثيرة جداً استدل بها العلماء وعملوا بها ولا توجد في الصحيحين، حتى في أمور العقائد ومنها الحديث المشتمل على العشرة المبشرين بالجنة. والحديث الدال على أن نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة. وحديث البراء بن عازب الطويل في أحوال القبر حتى البعث وحديث وزن الأعمال وغيرها (6). فمن الخطأ أن يظن أن عدم إخراج الشيخين أحاديث المهدي يدل على أنها لم تصح عندهما.

(3)

إن كلامهم هذا ليس بصحيح على إطلاقه. بل في الصحيحين أحاديث تتعلق بالمهدي وإن لم تكن صريحة في ذكره. إلا أن الأحاديث الأخرى تبين أن المراد بها هو المهدي المنتظر. فراجع الأحاديث: 27، 36، 38، 39 من هذا الكتاب.

(ب) هل هناك أحاديث تنكر وجود المهدي؟

لقد زعم بعض الناس أن أحاديث المهدي معارضة بحديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم)(7). إلا أن هذا الحديث ليس بصحيح كما سيأتي بتفصيل في القسم الثاني لهذا الكتاب إن شاء الله. ولذلك فلا يمكن الاستدلال به. وحتى ولو صح الحديث فلا يبطل تلك الأحاديث الكثيرة الواردة في ذكر المهدي غير عيسى. فيتعين الجمع بينهما. فيقال: (لا مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهدياً كما يقال: لا علم إلا ما نفع ولا مال إلا ما وقي وجه صاحبه.

كما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى بن مريم يعني المهدي الكامل المعصوم) (8).

(ج) هل أحاديث المهدي كلها ضعيفة؟:

ولقد حاول ابن خلدون تضعيف أحاديث المهدي كلها واستند في رأيه على هذا إلى كلام العلماء (إن الجرح مقدم على التعديل) ثم ذكر بعض ما ورد في الطعن في رواة أحاديث المهدي. والحقيقة أن المحدثين حينما يقولون: (إن الجرح مقدم على التعديل) لا يريدون منه الإطلاق. بل لابد أن يكون الجرح مفسراً حتى يتمكن الباحث من النظر فيه وهل هو جرح حقيقة أم لا؟ فقط يضعفه الجارح بسبب يراه قادحاً بينما هو ليس بقادح عند غيره (9).

(1) تفسير المنار (9/ 499).

(2)

ضحى الإسلام (3/ 277).

(3)

المهدية في الإسلام (ص70).

(4)

مقدمة ابن الصلاح مع التقييد والإيضاح (ص26).

(5)

المصدر السابق (ص26).

(6)

انظر تفصيل هذا المبحث في رسالة الشيخ عبد المحسن العباد (عقيدة أهل السنة والأثر)(ص156/ 157).

(7)

انظر الإحسان (294 ب)، منهاج السنة (4/ 211)، تاريخ ابن خلدون (1/ 575).

(8)

المنار المنيف (ص148).

(9)

انظر الكفاية للخطيب البغدادي (ص178 - 186) لتفصيل هذه المسألة.

ص: 351

قال ابن حجر في شرح النخبة: (الجرح مقدم على التعديل وأطلق ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبيناً من عارف بأسبابه لأنه إن كان غير مفسراً لم يقدح في من ثبتت عدالته وإن صدر من غير عارف بأسباب لم يعتبر به أيضاً. فإن خلا المجروح عن التعديل قبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب إذا صدر عن عارف على المختار)(1).

وكذلك نص عليه النووي والصخاوي والسيوطي والسندي غيرهم (2).

وحتى لو ثبت الجرح في الراوي فليس كل جرح يسقط الرواية بل من الجرح ما هو شديد ويستلزم ترك الرواية، ومنه ما ليس كذلك بل يعتضد الراوي المتصف به بغيره من المعتبرين فيحتج بروايته.

فأما الجرح الشديد هو الناشئ في الراوي من قبل كونه مهتماً في دينه وعدالته أو كونه سيئ الحفظ جداً فاحش الخطأ فحين ذاك تترك روايته بالمرة ولا يحتج به ولا يعتبر به.

قال الترمذي: (فكل ما كان متهماً في الحديث بالكذب أو كان مغفلاً يخطئ الكثير فالذي اختار أكثر أهل الحديث من الأئمة أنه لا يشتغل بالرواية عنه)(3) وروى الخطيب بسنده عن ابن مهدي أنه قال: سمعت شعبة وسئل: من الذي يترك حديثه؟ قال: (الذي إذا روى عن معروفين ما يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه. وإذا روى حديثاً غلطاً مجمعاً عليه فلم يتهم نفسه في تركه طرح حديثه. وإذا كثر الغلط يترك حديثه. وما كان غير ذلك فارو عنه)(4).

فإن لم يكن الجرح شديداً كأن يكون ناشئاً من ضعف الراوي بسبب سوء حفظ غير فاحش أو وهم يسير في بعض رواياته أو التدليس أو الاختلاط في آخر العمر وما إلى ذلك فمثل هذا يكتب حديثه ويعتبر به. فإن رواه غيره أو وجد ما يشهد لمعناه علم أنه لم يهم في روايته تلك.

قال الحافظ ابن حجر: (ومتى توبع السيئ الحافظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه كذا المختلط الذي لم يتميز والمستور والإسناد المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسناً لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع. لأن مع كل واحد منهم احتمال كون رواياته صواباً أو غير صواب على حد سواء. فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين. ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول)(5).

فابن خلدون كما قال أحمد شاكر: (لم يحسن قول المحدثين: الجرح مقدم على التعديل ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئاً مما قال)(6).

لذلك رد على ابن خلدون كثير من العلماء ومن بينهم العلامة صديق حسن خان في (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة) والشيخ المحدث شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود. والشيخ العلامة عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي في باب المهدي من كتابيهما. والشيخ المحدث أحمد شاكر في تعليقاته على مسند الإمام أحمد (7). والشيخ المحدث أحمد ناصر الدين الألباني في تخريجه لأحاديث فضائل الشام ودمشق (8) والشيخ عبد الله بن محمد الصديق في كتابه إبراز الوهم المكنون.

(1) نزهة النظر (ص75).

(2)

الرفع والتكميل (ص58) وقد ذكرته بشيء من التفصيل في مقدمتي لكتاب الشجرة في أحوال الرجال، للإمام الجوزجاني.

(3)

العلل للترمذي مع السنن (10/ 483).

(4)

مسألة الاحتجاج بالشافعي (ص 388) من مجلة البحوث العلمية.

(5)

نزهة النظر (ص 26).

(6)

مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (5/ 197).

(7)

المصدر السابق (5/ 197 - 1998).

(8)

فضائل الشام ودمشق للربعي (ص 100).

ص: 352

وابن خلدون لم يحصي الأحاديث الواردة في المهدي وإنما ذكر جزءاً قليلاً منها. ومع محاولته لتضعيفها لم يجد بداً من الاعتراف بصحة بعضها فقال: (فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه)(1).

(د) هل روايات المهدي من وضع الشيعة؟:

يزعم بعض الناس أن الأحاديث الواردة في المهدي كلها من وضع الشيعة أو أنها على الأقل يوجد في روايتها من رمي بالتشيع ولذلك فلا تقبل هذه الروايات. لأنها تأيد بدعتهم فوقعت التهمة فيها عليهم.

ولكن هذه الشبهة ليست بصحيحة لما سيأتي.

رواية أهل البدع:

وللعلماء في قبولها أو عدمه أربعة أقوال:

(1)

لا تقبل مطلقاً. وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله (2) فقد قال: لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئاً. وإن منهم لمن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافاً فمنهم من كان كذاباً في غير علمه تركته لكذبه. ومنهم من كان جاهلاً بما عنده فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله ومنهم من كان يدين برأي سوء (3). وقال أشهب: سئل مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون (4). وهو قول أبي بكر الباقلاني وأتباعه ونقله الآدمي عن الأكثرين وجزم به ابن الحاجب (5).

(2)

تقبل مطلقاً. وإن كانوا كفاراً وفساقاً بالتأويل. وبه قال جماعة من أهل النقل والمتكلمين (6).

(3)

تقبل إن لم يعرف باستحلال الكذب. وهذا قول الشافعي رحمه الله فقد قال: تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم (7).

وحكي هذا عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، وأبي يوسف القاضي (8).

(4)

لا تقبل من الداعية وتقبل من غير الداعية. وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله وهو مروي عن عبد الرحمن بن مهدي ويحي بن سعيد القطان وغيرهم. قال أبو داود: قلت لأحمد: يكتب عن القدري؟ قال: إذا لم يكن داعياً (9). وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي لما رويت عن أبي معاوية الضرير وكان مرجئاً ولم ترو عن شبابة بن سوار وكان قدرياً؟ قال: لأن أبي معاوية لم يكن يدعوا إلى الإرجاء وشبابة كان يدعو إلى القدر (10). وقال عبد الرحمن بن مهدي: من رأى رأياً ولم يدعو إليه احتمل ومن رأى رأياً ودعا إليه فقد استحق الترك (11).

(1) تاريخ ابن خلدون (المقدمة)(1/ 574).

(2)

التمهيد (1/ 33)، معرفة علوم الحديث للحاكم (ص 135)، المخل في أصول الحديث للحاكم (ص 16).

(3)

التمهيد (1/ 66)، معرفة علوم الحديث (ص 135).

(4)

ميزان الاعتدال (1/ 27 - 28).

(5)

التقييد والإيضاح (ص 149)، فتح المغيث (1/ 304)، توضيح الأفكار (2/ 233).

(6)

الكفاية (ص 195)، فتح المغيث (1/ 306).

(7)

الكفاية (ص 194، 195).

(8)

المصدر السابق (ص 195).

(9)

الكفاية (ص 205).

(10)

فتح المغيث (1/ 306).

(11)

كتاب المجروحين (1/ 68)، الكفاية (ص 203).

ص: 353

فالمبتدع إذا لم تتوفر فيه صفات القبول فلا شك أن روايته ترد، كالمبتدع الذي كفر ببدعته وتأكد خروجه عن الإسلام. قال ابن الصلاح:(اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر ببدعته)(1) وهذا يعني أن الذي كفر ببدعته فليس في محل خلاف. وقال ابن كثير: المبتدع إن كفر ببدعته فلا إشكال في رد روايته (2). وقال ابن حجر: لا يقبل صاحبها الجمهور (3). وقال المعلمي: لا شبه أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الإسلام لم تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية الإسلام (4). حتى حكى النووي الإجماع على أن روايته لا تقبل. وتعقبه السيوطي فقال: قيل دعوى الاتفاق ممنوعة فقد قيل أنه يقبل مطلقاً وقيل إن اعتقد حرمة الكذب (5).

وقال ابن حجر بعد ذكر القولين: (والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه من روعه وتقواه فلا مانع من قبوله (6).

وكذلك المبتدع الذي يستحل الكذب ولا تقبل روايته أبداً. قال أحمد شاكر: (وهذا القيد -أعني عدم استحلال- الكذب- لا أرى داعياً له، لأنه قيد معروف بالضرورة في كل راوٍ، فإنا لا نقبل رواية الراوي الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى أن نرد رواية من يستحل الكذب أو شهادة الزور)(7).

فأما إذا توفرت فيه صفات القبول فما الحكم؟ الذي يظهر لي من خلال الأقوال المذكورة أن الجمهور قد اتفقوا على أن رواية المبتدع -إن لم يكن داعياً إلى بدعته- تقبل (8).

وانفرد الجوزجاني وابن قتيبة فاشترط شرطاً آخر، وهو أن لا يكون في روايته- أي المبتدع حتى غير الداعية- ما يؤيد بدعته. قال الجوزجاني:(ومنهم زائغ عن الحق -أي عن السنة- صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكراً إذا لم تقو به بدعته)(9).

(1) علوم الحديث (ص 103).

(2)

اختصار علوم الحديث لابن كثير (ص 99).

(3)

نزهة النظر (ص 52).

(4)

التنكيل (1/ 42).

(5)

تدريب الراوي (1/ 324).

(6)

نزهة النظر (ص 52).

(7)

الباعث الحثيث (ص 100).

(8)

أما قولهم برد رواية المبتدع الداعية فقد اعترض عليه. قال ابن كثير: (وقد قال الشافعي أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. فلم يفرق الشافعي في هذا النص بين الداعية وغيره. ثم ما الفرق في المعنى بينهما. وهذا البخاري قد خرج لعمران بن حطان الخارجي مادح عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي. وهذا من أكبر الدعاة إلى البدعة. والله أعلم. اختصار علوم الحديث (ص 100).

قال الخطيب: (إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة خوفاً أن تحملهم الدعوة إلى البدعة والترغيب فيها على وضع ما يحسنها). الكفاية (ص 205) وذكر نحوه ابن حجر (نزهة النظر ص 52) والسيوطي تدريب الراوي (1/ 325) ومثل هذا لم تثبت له العدالة أصلاً فلا داعي لهذا القيد أيضاً.

(9)

نزهة النظر (ص 53).

وعلق عليه ابن حجر فقال: (وما قاله متجه لأن العلة التي لها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية. والله أعلم).

وقد سبق عن ابن حجر ما يخالف هذا كما سيأتي.

وقد ناقش الجوزجاني الشيخ عبد الرحمن المعلمي بما ملخصه: إن الجوزجاني نفسه مبتدع منحرف عن علي وأصحابه ولهذا فهو شديد النقد في أهل الكوفة وهو مولع بالطعن في المتشيعين ويظهر أنه إنما يرمي بكلامه هذا إليهم. فإن في الكوفيين جماعة من جلة من الذين اتفق أئمة السنة على توثيقهم. فأراد الجوزجاني أن يتخلص من مروياتهم فيما يتعلق بفضائل أهل البيت. التنكيل (1/ 45، 46، 47).

ثم وفقني الله لدراسة (حياة الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل) بتفصيل وتبين لي أن ما يتهم به هذا الإمام من النصب لم يثبت عنه وأنه لا يرى ترك رواية المبتدع إذا وافقت بدعته مطلقاً بل بشروط لا يختلف فيها عن بقية الأئمة: وقد ذكرت كل ذلك في كتابي (الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل مع تحقيق كتابيه الشجرة في أحوال الرجال، وأمارات النبوة) وقد طبع في عام 1411هـ فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.

ص: 354

وقال ابن قتيبة: (إنما يمنع من قبول قول الصادق فيما وافق نحلته وشاكل هواه أن نفسه تريه أن الحق فيما اعتقده وأن القربة إلى الله عز وجل في تثبيته بكل وجه. ولا يؤمن مع ذلك التحريف والزيادة والنقص).

ويناقش كلٍّ منهما بما يلي:

(1)

إن جمهور الأئمة لم يشترطوا هذا الشرط.

(2)

إن وقع الكذب لصالح العقيدة أو التحريف أو الزيادة أو النقص من قبل بعض أهل الأهواء، فهذا لا يكفي لاتهام الجميع بذلك فقد وجد مثل ذلك بين أهل السنة أيضاً حتى في أهل المذاهب لتأييد مذاهبهم فهل هذا يستلزم أن يرد كل ما يرويه الحنفي أو الشافعي مثلاً وفيه تأييد لمذهبه. ومن ثبت عنه تعمد ذلك لما ثبت له العدالة أصلاً فترد جميع مروياته.

(3)

إن أئمة الحديث يشترطون في قبول رواية أي رجل أن يكون عدلاً ضابطاً. والعدالة هي الملكة في النفس تمنع الناس من اقتراف الكبائر ومنها الكذب مع السلامة من خوارم المروءة فإذا ثبتت هذه الملكة في رجل ما بشهادة أئمة الحديث والنقد الذين هم عليهم مدار الجرح والتعديل فوجب قبول روايته ولا وجه للفرق بين ما يقوي بدعته وما لا يقويها فإن العدل عدل في كل. فإن هناك شك في عدالته وجب أن ترد جميع مروياته بدون تفريق بين بعضها دون بعض. ولو كان الأمر كما قالا لما صح أن يروي أحد ما يؤيد رأيه ومذهبه سواء كان من أهل السنة أو المبتدعة.

فالخلاصة أن المدار في قبول الراوي هو العدالة والضبط بغض النظر عن عقيدته أو مبدئه -إلا إذا خرج عن الإسلام- وعلى هذا جرى عمل كثير من العلماء قديماً وحديثاً. ولعل الأئمة الذين نهوا عن الأخذ عن المبتدعة إنما نهوا للمصلحة لأن في الرواية عنهم رفعاً لشأنهم وتقديراً لهم ولا شك أن له ضرراً كبيراً على العامة لا سيما إذا كان الرجل من الدعاة.

وقد احتج البخاري بعمران بن حطان الداعية الخارجي. واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء (1).

وقال الخطيب البغدادي: (والذي يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج بأخبارهم (أي أهل البدع والأهواء) ما اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهاداتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك. لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب وحفظهم أنفسهم من المحظورات من الأفعال وإنكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم للأحاديث التي تخالف آرائهم ويتعلق بها مخالفوهم في الاحتجاج عليهم. فاحتجوا برواية عمران بن حطان وهو من الخوارج وعمرو بن الدينار وكان ممن يذهب إلى القدر والتشيع وكان عكرمة إباضياً وابن أبي نجيح وكان معتزلياً

في خلق كثير يتسع ذكرهم دون أهل العلم قديماً وحديثاً رواياتهم. واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالإجماع منهم. وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقاربة الصواب (2).

وقد ذكر الخطيب عدة أقوال لأئمة الحديث في هذا الباب منها:

(1) وقد أجاب العراقي عن هذا فقال: قال أبو داود ليس من أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج مسلم بعبد الحميد الحماني إنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين. التقييد والإيضاح (ص 150). وهذا يقوي ما قلنا أن المدار على الثقة والعدالة لا على كونه داعية أو غير داعية.

(2)

الكفاية (ص 201).

ص: 355

قال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد القطان إن عبد الرحمن بن مهدي قال: أنا أترك من أهل الحديث كل ما كان رأساً في البدعة. فضحك يحيى بن سعيد فقال: كيف يصنع بقتادة، كيف يصنع بعمر بن ذر الهمذاني، كيف يصنع بابن أبي رواد، وعدّ يحيى قوماً أمسكت من ذكرهم. ثم قال يحيى: إن ترك عبد الرحمن هذا الضرب ترك كثيراً (1).

وقال علي بن المديني: لو تركت أهل البصرة لحال القدر ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي -يعني التشيع- خربت الكتب. يعني مذهب الحديث (2).

وقال البغوي: اختلفوا في رواية المبتدعة وأهل الأهواء فقبلها أكثر أهل الحديث إذا كانوا فيها صادقين فقد حدث محمد بن إسماعيل عن عباد بن يعقوب الرواجني. وكان محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: حدثنا الصدوق في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب (3).

وقال ابن دقيق العيد: الذي تقرر عندنا أن لا نعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي في الشريعة فإذا اعتبرنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل معتمد الرواية (4).

وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي: شيعي جلد لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. ونقل توثيقه عن أحمد وغيره ثم قال: فلقائل أن يقول: كيف صاغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان فكيف يكون عدلاً وهو صاحب بدعة. وجوابه أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع أو التشيع بلا غلو ولا تحرق. فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة.

ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة أيضاً فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموماً، بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله حاشا وكلا.

فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه وتعرض لسبهم والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين فهذا ضال مفتر (5).

وابن حجر وإن قال في رأي الجوزجاني أنه (متجه) ولكنه قد سبق من قوله بأنه قال: فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً

فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه من روعه وتقواه فلا مانع من قبوله (6).

وقال ابن حجر في التهذيب: فالتشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل عليّ على عثمان وأن علياً كان مصيباً في حروبه وأن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن علياً أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان معتقد ذلك ورعاً وديناً صادقاً مجتهداً فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافض الغالي ولا كرامة (7).

وقال أحمد شاكر بعد ذكر الأقوال الأربعة في المسألة: وهذه الأقوال كلها نظرية والعبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته والثقة بدينه وخلقه والمتتبع لأحوال الرواة يرى كثيراً من أهل البدع موضعاً للثقة والاطمئنان وإن رووا ما يوافق رأيهم. ويرى كثيراً منهم لا يوثق بأي شيء يرويه.

وقد ذكر كلام ابن حجر السالف قريباً كلام الذهبي فقال: والذي قال الذهبي من ضميمة ما قاله ابن حجر فيما مضى هو التحقيق المنطبق على أصول الرواية (8).

(1) الكفاية (ص 205/ 206).

(2)

الكفاية (ص 206).

(3)

شرح السنة (1/ 250).

(4)

فتح المغيث (1/ 310).

(5)

ميزان الاعتدال (1/ 5).

(6)

نزهة النظر (ص 52).

(7)

تهذيب التهذيب (1/ 94).

(8)

الباعث الحثيث (ص 101).

ص: 356

أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي لا يوجد في روايتها من رمي بالتشيع:

لقد علمنا من المبحث السابق أن الراوي الذي رمي بالبدعة إذا تبين أنه ثقة ضابط بشهادة أئمة الجرح والتعديل تقبل روايته على الأرجح. ولكن مع ذلك فليس المدار في روايات أحاديث المهدي على من رمي بالتشيع. فالروايات الثابتة عددها ستة وأربعون رواية، منها أحد عشر رواية فقط في رجالها من رمي بالتشيع ومنها أربعة آثار. أما الروايات السبعة المرفوعة فيها روايتان فقط في قسم الأحاديث الصريحة، وهذا يعني أن الأحاديث المرفوعة الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وعددها ثمانية أحاديث فيها حديثان فقط يوجد في رواتها من رمي بالتشيع. وإليك تفاصيل هذه الروايات:

1 -

الحديث: 2. إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي. وفيه حنان بن سدير. وقال فيه الدارقطني: أنه من شيوخ الشيعة، ولكن لروايته هذه طرق أخرى.

2 -

الحديث: 7. وفي بعض طرقه عبد الرزاق بن همام الصنعاني. وقد رمي بالتشيع، وعبد الرزاق ذلك الإمام الجليل لا يتهم في روايته أبداً. وقد سمع محمد بن إسماعيل الفزاري أن أحمد ويحيى تركا حديث عبد الرزاق فوجدا ابن معين في الموسم فسأله. فقال له ابن معين:(يا أبا صالح لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه). ومع ذلك فعبد الرزاق لم يكن غالياً ولا داعية فقال: ما انشرح صدري قط أن أفضل علياً على أبي بكر وعمر. رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان. من لم يحبهم فما هو مؤمن. وقال: أوثق أعمالي حبي إياهم. ثم إن عبد الرزاق لم ينفرد بهذه الرواية. بل لقد رويت من طرق أخرى كما تقدم في موضعها.

3 -

الحديث: 20. فيه أبو نعيم الفضل بن دكين، قال فيه الذهبي: حافظ حجة من غير غلو ولا سبة. وفيه أيضاً فطر بن خليفة المخزومي وقد رمي بالتشيع لكنه ثقة أيضاً. وقد ورد هذا المعنى من غير طريقهما أيضاً بطرق كثيرة عن ابن مسعود (حديث 26) وابن سعيد الخدري (4، 5، 31، 32 وغيرهما).

4 -

الحديث: 25. وفيه عبيد الله بن موسى ثقة من رجال الشيخين وقد رمي بالتشيع ولكن الطريق الآخر عند أبي نعيم وابن أبي شيبة ليس فيهما عبيد الله بن موسى. ولكن فيهما فطر بن خليفة وقد رمى بالتشيع. إلا أنه لم ينفرد به فقد تابعه زائدة بن قدامة وكان متشدداً في السنة حتى أنه ما كان يحدث رجلاً إلا بعد ما يعرفه أنه من أهل السنة.

5 -

الحديث: 26. وفيه أيضاً عبيد الله بن موسى وفطر بن خليفة. وهما في إسناد أبي داود ولكن إسناد ابن حبان ليس فيه أحد منهما ولا غيرهما ممن يرمى بالتشيع.

6 -

الحديث: 32. وفيه عوف الأعرابي وهو ثقة من رجال الشيخين وقد رمي بالتشيع ومع كونه ثقة يحتج به لم ينفرد بهذا المعنى. فقد ورد من طرق كثيرة عن أبي سعيد (4، 5، 31 وغيرها).

7 -

الحديث: 33. وفيه أيضاً عوف الأعرابي ولكن معناه قد ورد أيضاً من طرق أخرى.

وأما الآثار فهي أربعة، وهي:

رقم 10: وهو أثر علي بن أبي طالب وفيه عمار الدهني. وقال سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبه في التشيع. ولكنه ثقة وقد نص على توثيقه أحمد وابن معين وآخرون. ولم أعرف من تكلم فيه أحد منهم.

رقم 11: وهو أثر ابن عباس والظاهر أنه في المهدي العباسي وفيه فضيل بن مرزوق رمي بالتشيع وفيه لين من جهة حفظه أيضاً ولكن الرواية قد وردت من طريق آخر.

رقم 13: وهو أثر عبد الله بن عمرو وفيه الأجلح الكندي وعمار الدهني وقد رميا بالتشيع.

رقم 45: وهو أول أثر ابن سيرين وفيه أيضاً عوف الأعرابي وقد وثقه الأئمة كما سبق.

ص: 357

وهكذا عرفنا أن أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي ليس في أسانيدها من رمي بالتشيع والروايات التي فيها من رمي بالتشيع فأكثرها لها شواهد من طرق أخرى. فزالت هذه الشبهة أيضاً. ولله الحمد.

(هـ) هل روايات المهدي من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه؟:

جرت عادة بعض الناس أنهم إذا سئلوا عن هذه المسائل التي تتعلق بأشراط الساعة والفتن والملاحم أجابوا بدون دراسة وتحقيق أنها من وضع كعب الأحبار وأمثاله من مسلمي اليهود (1).

ولكن الحقيقة أن الأمر خلاف ذلك في مسألة المهدي. فكل ما صح عندي من الأحاديث والآثار ليست فيها رواية واحدة لكعب الأحبار، ولا رواية عن طريقه. وأما الآثار التي رويت عنه فلم تصح أسانيدها إليه. ورواية واحدة فقد رويت عن طريق وهب بن منبه (الحديث: 6) وهو وإن كان من علماء التوراة والكتب السابقة لكنه ثقة في روايته ولم يتهم فيها وثقه العجلي والنسائي وأبو زرعة وابن حبان ولم يرد تضعيفه إلا من الفلاس وحده. ولم يذكر سبباً فهو جرح غير مفسر فلا يقبل بمقابل توثيق جمهور الأئمة ولذلك لم يلتفت العلماء إلى قوله. فقال ابن حجر: (ثقة) وقال الذهبي: (كان ثقة صادقاً كثير النقل من كتب الإسرائليات) فلا شك أنه حجة في روايته وأخباره. أما إذا نقل عن الإسرائليات فحكمه كحكم غيره.

(و) هل فكرة خلافة المهدي تخالف العقل السليم؟:

قال الأستاذ أحمد أمين: (حديث المهدي هذا حديث خرافة. وقد ترتبت عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين نسوق لك أهمها: ثم أضاف قائلاً (أحيط المهدي بجو غريب من التنبؤات والأخبار المغيبات والأنباء بحوادث الزمان. فعند آل البيت علم توارثوه عن أخبار الزمان إلى يوم القيامة وهناك الجفر وهو جلد ثور صغير مكتوب فيه علم ما سيقع لأهل البيت مروي عن جعفر الصادق في زعمهم. وهناك أخبار زعم مسلمة اليهود أنهم رأوها في كتبهم الدينية مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه في أحداث الدول وأعمارها إلى أن قال: (وكان لكل ذلك أثر سيئ في تضليل عقول الناس وخضوعهم للأوهام)(2). وقال أيضاً: نظرية المهدي وهي نظرية لا تتفق وسنة الله في خلقه ولا تتفق والعقل الصحيح. ولعل تقدم الناس في عقلهم ومعارفهم وتقدمهم في الحكم ونظامه وما ينبغي أن يكون، يقضي على البقية الباقية من هذه الخرافة (3).

ولكن قد تبين لنا من خلال دراستنا أن هذه الخرافات والتنبؤات التي يستبعدها العقل ويأباها القلب كلها مما لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا إلى الصحابة ولا إلى غيرهم من التابعين وأئمة المسلمين وهم برآء منها. فمنها ما هو ضعيف ومنها ما هو موضوع مختلق اختلقه القصاص أو المغرضون أو المتزلفون أو فئة دون فئة.

(1) انظر ما قاله السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9/ 53، 54).

(2)

ضحى الإسلام (3/ 244).

(3)

المصدر السابق (3/ 245).

ص: 358

وأما ما صح عندنا نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى أصحابه فليس فيه شيء واحد يستبعده العقل والقلب ولا يحتاج التقدم العلمي والاجتماعي والسياسي إلى إنكار ذلك. بل التقدم في حاجة ماسة إلى مثل هذه القيم والأخلاق في الساسة والحاكم. وهذه الأمور ليست محصورة في المهدي بل يجب أن يكون كل حاكم مسلم متصفاً بهذه الصفات النبيلة عملاً بقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وليس المهدي إلا أحد أولئك الذين يتأسون بأسوة النبي صلى الله عليه وسلم. إذاً فليس المهدي عجيبة من عجائب الدهر. وأي غرابة في أن أقول: (سيتولى أمر المسلمين في أواخر الأيام رجل من عترة النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله فيحكم بالعدل فيبارك له الله تعالى في حكمه وتعيش الأمة الإسلامية في عصره في نعمة ورخاء). ولا أرى فيه شيئاً يخالف سنة الله في خلقه. أما ما ثبت من نزول عيسى وقتله الدجال فهو من الحوادث الزمنية المختصة بذلك العصر وقد ثبت نزول عيسى وقتل الدجال بأدلة متواترة قطعية بحيث لا يبقى فيه مجال للشك أبداً.

(ز) هل روايات المهدي متعارضة؟:

قال السيد محمد رشيد رضا: (وأما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر

) ثم ذكر بعض ما يرى من التعارض في الأخبار والآثار الواردة فيه. فمنها ما تدل على أنه محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله ومنهم من يرى أنه محمد بن الحسن العسكري ومنهم من يرى أنه محمد بن الحنفية وكذلك منهم من يزعم أنه علوي حسني ومنهم من يزعم أنه علوي حسيني ومنهم من يظن أنه عباسي. والكل يتشبث بآثار وأخبار (1). وذكر بعض الأمور التي اضطربت واختلفت فيه الروايات الواهية والموضوعة.

ولا غرابة في ذلك فإن علامات الخطأ أو الكذب أن يكون متعارضاً مختلفاً ونحن لا ننكر أن كثيراً من الأحاديث والآثار الواردة في هذا الموضوع ضعيف أو موضوع وإن تعارضت هذه الأخبار فلا تضر شيئاً تلك الروايات الثابتة فإنها ولله الحمد لا نجد فيها أي تعارض.

وليس من التحقيق والإنصاف أن ننكر كل ما ورد بدون تمييز. بل الحق أن ننزل كل شيء منزلته فننكر الخطأ ونقبل الصواب.

(ح) هل نظرية المهدي أنتجت الفتن والقلاقل؟:

قال الأستاذ أحمد أمين: (وكان من أثر ذلك الثورات المتتابعة في تاريخ المسلمين. ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة كلهم يزعم أنه المهدي المنتظر ويلتف حوله طائفة من الناس .. ولو أحصينا عدد من خرجوا في التاريخ الإسلامي وادعوا المهدوية وشرحنا ما قاموا به من ثورات وما سببوا من تشتيت للدولة الإسلامية وانقسامها وضياع وقتها لطال بنا القول. ولم يكفنا كتاب مستقل)(2).

(1) تفسير المنار (9/ 501) وانظر أيضاً ما قاله الأستاذ أبو الأعلى المودودي في كتابه (ما هي القاديانية)(ص 159، 160).

(2)

ضحى الإسلام (3/ 244).

ص: 359

ولا شك أن كثيراً من الفتن قامت من جراء أدعياء المهدوية في عصور مختلفة وقد ذكرت كثيراً منهم في مقدمة هذا الكتاب، ولكن ليس الذنب فيه ذنب هذه الفكرة السليمة. بل العهدة فيه على أولئك الذين حاولوا استغلال هذه الفكرة من الطامعين في السلطة والحكم وعلى أولئك الغوغاء المتبعين لهم لجهالتهم وبعدهم عن التعاليم الإسلامية الصحيحة. فالعلاج ليس هو في إنكار هذه الفكرة من أساسها مع ثبوتها علمياً كما أن وجود أمثلة من الذين ادعوا النبوة كذباً وزوراً لا يحملنا على إنكار النبوة من أساسها. فالعلاج الحقيقي هو تثقيف الناس وتبيين الحقائق لهم كما هي في الواقع منزهة عن الشوائب العالقة والأكاذيب المدرجة والافتراءات الدخيلة وذلك لكي يكونوا على علم بالحقائق فلا يغتروا بمثل أولئك الأدعياء الذين يريدون أن يظهروا للناس كرامتهم وخوارقهم المزعومة لكي يثبتوا أن لهم عند الله تعالى منزلة عليا، وأن الملائكة والجن والرسل كلهم تحت أمرهم أو معهم. فلا شك أن معرفة الرجل المسلم بحقائق دينه وعقيدته كفيلة بأن تنقذه من كل هذه التضليلات والأكاذيب.

(ط) هل فكرة المهدوية تحمل الناس على التواكل وترك العمل؟:

يرى بعض المؤلفين أن من الآثار السيئة التي وجدت في المجتمع الإسلامي من جراء نظرية المهدي أن المسلمين مالوا إلى التواكل وترك العمل والتذمر والبكاء والعويل بدلاً من أن ينهضوا ويجتهدوا لإنشاء مجتمع إسلامي يسود فيه العدل والحق ولا يظلم فيه الضعيف ولا يطغى فيه القوي (1).

ولكن الواقع أن التاريخ الإسلامي الزاهر مليء بالحركات الإسلامية الصحيحة التي بذلت جهوداً عظيمةً لإعلاء كلمة الله في المجتمع وهذا باب واسع ولا أريد أن أدخل في تفاصيله ولا يخفى على من له إلمام بالتاريخ الإسلامي، وأرى أن فكرة المهدوية يمكن أن تكون من الحوافز والمشجعات لمثل هذه الحركات التي تريد رفع راية الحق والعدالة فإن كانت الشريعة الغراء يمكن أن تنفذ في عصر المهدي المنتظر فكذلك يمكن أن تنفذ قبل ذلك. فيجب على المسلمين أن يحاولوا ويبذلوا جهودهم في سبيله. ولئن وجد في المسلمين أناس أساءوا فهم هذه الفكرة فخطؤهم راجع إليهم وليس إلى الفكرة ذاتها.

(ي) هل خرافات المتصوفة صادرة عن فكرة المهدوية؟:

يرى الأستاذ أحمد أمين أن الصوفية إنما أخذوا خرافاتهم وأساطير مملكتهم الوهمية من الأقطاب والأوتاد والأبدال من نظرية المهدي (2).

ولا شك أن كثيراً من هذه الخرافات وغيرها يوجد لدى الصوفية، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنهم تعلموها من فكرة المهدوية. فمصادر المعرفة في زعمهم كثيرة فمنهم من يزعم أنه يأخذ من الخضر عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يأخذ من اللوح والكرسي مباشرة. وتخيلاتهم في هذا الباب عجيبة ولا نستطيع أن نتهم فكرة المهدوية بهذه الأشياء. نعم إن بعضهم قد حاول استغلال هذه الفكرة وادعاء المهدية له لفرض سيطرته على عقول وقلوب الأتباع تحت شعار من القدسية والولاية. وسيأتي كلامنا معهم ومع غيرهم من المستغلين.

مع المستغلين لفكرة المهدوية:

لقد علمنا من خلال دراستنا لمقدمة هذا الكتاب أن محاولات كثيرة جرت في التاريخ لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى أغراض مختلفة وقد قامت على إثرها فتن واضطرابات كثيرة، حتى مال بعض الناس إلى إنكار هذه الفكرة من أساسها، وقام آخرون فحاولوا تعقيدها وإبعادها عن واقع الناس حتى أصبحت وكأنها قضية خيالية. وكلا الفريقين في تفريط أو إفراط.

كيف نقاوم هذا الاستغلال؟:

(1) تفسير المنار (9/ 499) وما بعده، ضحى الإسلام (3/ 245).

(2)

ضحى الإسلام (3/ 245).

ص: 360

ولكن الصواب في نظري أن الطريقة الوحيدة للتخلص من هذه المشاكل هو إيجاد الوعي الشامل في صفوف العامة والخاصة وعرض الحقائق في حلتها القشيبة بعيداً عن أي إفراط أو تفريط، فلو قدمت للجماهير الإسلامية الأصول الصحيحة الثابتة لما استطاع أدعياء المهدوية وطلاب النفوذ والسلطة التوغل في نفوس الناس وأدمغتهم حتى يجروهم إلى هذه الفتن. ويمكن أن تلاحظ في سبيل ذلك أمور تبينت لي من خلال دراستي هذه الفكرة وهي كما يلي:

(1)

لم أجد أي دليل في السنة الثابتة على أن المهدي يدعو الناس إلى الإيمان بمهديته.

(2)

لم أجد أي دليل صحيح على أنه يجب على المسلمين أن يؤمنوا بمهدية رجل معين كما يجب عليهم الإيمان بنبوة الأنبياء المعينين.

ومثال ذلك أننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم. ولكن مع ذلك لا أعرف أحداً من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص معينين. والأمر لا يعدو أن يكون المهدي واحداً من أولئك الذين يحيون شريعة الإسلام.

(3)

لا حاجة لمن يريد أن يخدم الإسلام ويرفع رايته إيماناً واحتساباً أن يورط نفسه في مثل هذه الدعاوي، فإنه يستطيع أن يخدم دين الله بجهوده المخلصة إذا وفقه الله بدون هذه الدعاوي وأجره على الله وإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

(4)

كما أن المسلمين ليسوا في حاجة إلى معرفة المهدي بالذات، بل يجب عليهم أن ينصروا الحق والعدل أياً كان مصدره وليس هذا الأمر خاصاً بالمهدي دون غيره.

(5)

إن الأحاديث الثابتة في الباب لا تثبت أن المبشر به يلقب نفسه بالمهدي أو أنه يخاطب بالمهدي. ولذلك فمن الممكن جداً أن تكون الكلمة أُريد بها معناها اللغوي أي أنه يكون رجلاً صالحاً هداه الله إلى الحق كما ورد في بعض الروايات (وإمامهم رجل صالح).

وعلى هذا فلا يمكن الجزم بالمراد الحقيقي من هذه الأحاديث إلا بعد ظهور بعض العلامات التي لا يمكن أن تتكرر كخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام. فكل من يدعي لنفسه المهدوية أو يوافق على ذلك فإن دعواه خير دليل على كذبه وتنم عن نواياه السيئة. فمن سولت له نفسه أو سول له الشيطان أن يدعي هذه الدعوى فعليه أن يُخرج الدجال ويُنزل عيسى بن مريم من السماء وإلا فهو كذاب أفاك.

وينبغي للمسلم الواعي الملتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخدع بالشعارات الجوفاء والهتافات البراقة، لأن أعداء الإسلام لا يتركون باباً ولا حيلةً لتضليل المسلمين وإثارة الفتن والمشاكل بينهم لتفريق كلمتهم وتمزيق وحدتهم ليضرب بعضهم بعضاً وتذهب ريحهم وتنتهي قوتهم وشوكتهم. وإن وسائل الإعلام العالمية المرئية والمسموعة والمقروءة والتي يسيطر على أكثرها من يُكن للمسلمين كل حقد وعداء، والتي تصل إلى كل بيت بل إلى كل أذن وكل عين، تسعى جاهدة لقلب الحقائق وتضليل المسلمين فتجعل الصادق كاذباً والكاذب صادقاً، فلا عجب إن حاول الأعداء استغلال فكرة المهدوية وحمل بعض المفسدين على ادعاء ذلك كما فعلت في الماضي مع القاديانية والبهائية. فلا ينبغي للمسلم أن يكون إمعة يتبع كل ناعق ويجري وراء كل كاذب.

وخاتمة القول:

إن خلافة المهدي حق. وإنه لابد أن يملك قبل قيام الساعة ولكن كثيراً من الأساطير والحكايات التي تحكى عنه باطلة ولا نصيب لها من الصحة فيجب على المسلم أن يكون على حذر من دينه وعقيدته ولا يترك للخرافات منفذاً للوصول والسيطرة على أفكاره ومبادئه.

كما يجب عليه أن لا يبادر بإنكار شيء بسبب بعض حوادث الاستغلال وسوء الفهم إلا بعد البحث والتحقيق. وإنما يقاوم الاستغلال بالتوعية الصحيحة الشاملة وعرض الحقائق كما هي والوقوف أمام الأطماع والأغراض السيئة.

والله أعلم وعلمه أتم وهو ولي التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 361