الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ صالح المقبلي حياته وفكره
المؤلف/ المشرف:
أحمد عبدالعزيز أحمد المليكي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء ̈بدون
سنة الطبع:
1425هـ
تصنيف رئيس:
تراجم
تصنيف فرعي:
ترجمة مفردة - دراسة شاملة أو جزئية
الخاتمة:
بعد هذا التجوال في عصر المقبلي وحياته وآثاره وفكره – يمكن إجمال أهم النتائج التي تم التوصل إليها فيما يأتي:
1 -
كانت اليمن في عصر المقبلي عامرة بـ (هجر) العلم ورباطاته ومعاقله، وشهدت استقراراً سياسياً ورخاء اقتصادياً نِسْبِيين، وازدهاراً ثقافياً كبيراً.
2 -
كانت مكة المكرمة في ذلك العصر غير مستقرة في الغالب سياسياً، وشهدت استقراراً اقتصادياً نسبياً، وازدهاراً ثقافياً كبيراً، أسهم فيه كثير من العلماء سواء كانوا من أهل مكة الأصليين أو المجاورين بها من غيرهم.
3 -
ولد الشيخ المقبلي في سنة 1040هـ/ 1630م على أرجح الأقوال، ونشأ نشأة صالحة، وعاش ورعاً تقياً متنسكاً زاهداً متواضعاً، وتيسر له طلب العلم على أيدي ثلة من العلماء الأعلام، وحصل كثيراً من العلوم، وبرز فيها.
4 -
هاجر من اليمن إلى مكة المكرمة في سنة 1080هـ/ 1669م، واستقر هنالك حتى وافته المنية في سنة 1108هـ/ 1696م.
5 -
تتلمذ عليه تلاميذ كثيرون في اليمن ومكة، وتجاوز تأثيره هذين القطرين إلى أقطار نائية في العالم كـ (داغستان) وغيرها، وظل ذلك التأثير حتى هذا القرن.
6 -
تعرض لإيذاء وكيد شديدين من المقلدين والمتعصبين في اليمن ومكة، فصبر واحتسب، وواصل جهاده في الإصلاح والتغيير بحسب استطاعته دون أن يعبأ بما لحق به.
7 -
حمل هموم عصره وعاش واقع مجتمعه بما فيه من صراع فكري ومذهبي، فكانت مؤلفاته وأبحاثه مرآة لذينك العصر والمجتمع، وصورة للقضايا والمشكلات التي كانت مستأثرة باهتمام الناس آنذاك، ودلت تلك المؤلفات والأبحاث على سمو مكانته العلمية، ودقة أنظاره، وعمق أفكاره، وموضوعية تحليلاته، ورحابة آفاقه، وغزارة ثقافته، وسعة إطلاعه.
8 -
ترك التمذهب ونفر منه، ونفر غيره عنه، فلم يتقيد بمذهب مخصوص لا في الأصول ولا في الفروع، وكان في الفروع أكثر استقلالاً منه في الأصول التي بدا تأثره في بعض مسائلها بالمعتزلة – واضحا.
9 -
دعا إلى العودة بالإسلام إلى أصوله الأولى وما كان عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم والسلف الصالح رحمهم الله تعالى، قبل ظهور الخلاف والفرق، بعيداً عن الغلو والتشدد والفهوم الخاطئة والأوضاع الفاسدة، وحث على تنقيته مما علق به من البدع والضلالات والخرافات والتقاليد والعادات الراكدة والوافدة.
10 -
ناقش مقالات الفرق والمذاهب الإسلامية، وكشف عما أصاب بعض أفكارها من انحرافات، وذهب إلى أنه ليس الحق عند فرقة معينة، أو مذهب معين، والباطل عند الباقين، بل عندَ كلٍ حق وباطل، وصواب وخطأ، وسنة وبدعة، وإن اختلف ذلك قلة وكثرة وصغراً وكبراً، ولكن الحق لم يخرج عن مجموعهم – والحمد لله – فعند كلهم كل الحق، وهم – إن شاء الله – إلى خير، إذا حسنت نياتهم وسلمت مقاصدهم؛ ودعا إلى العدل والإنصاف في تقويم هذه الفرق والمذاهب، والرجوع في ذلك إلى مصنفاتها، وعدم الاعتماد على نقول الخصوم والأجانب.
11 -
دعا إلى فتح باب الاجتهاد، وترك التقليد إلا فيما دعت الضرورة إليه، ونبذ الجمود، ووأد التعصب المذهبي، والتسليم للدليل، فإن لم يستبن، لزم الرجوع إلى أهل العلم ووضعهم موضع الأمارة على الحق، والأخذ من كل قول أحسنه، واقتفاء ما يعتقد أنه الأقرب إلى الصواب دون انتساب إلى عالم معين.
12 -
ودعا أيضا إلى الفهم الحيوي والواقعي للإسلام، وترك الإفراط والتفريط في قصد الأمور، وتمثل مفهوم الوسطية واليسر في الدين، والاهتمام بما تعبدنا الشارع وكلفنا به وترك ما لا يعنينا.
13 -
ندد بما تفعله بعض الفرق الإسلامية من تكفير مخالفيهم بالإلزام أو التأويل أو نحوهما، أو تكفير العامة لغلطهم في بعض المسائل العقدية الدقيقة، أو لغفلتهم عنها؛ وأكد على عدم جواز تكفير المسلم إلا بقاطع، وأنه لا يكفي في ذلك الظن بله الوهم والخيال.
14 -
سلط الأضواء على خطر الخلاف، وبين أسبابه ومسبباته، وأرشد إلى سبيل النجاة منه، وعاب على الفرق الإسلامية تعدادهم الفرق ليبلغوا بها ثلاثا وسبعين فرقة بحسب ما جاء في الحديث النبوي، وحكم كل منهم لنفسه ومن وافقه بأنه الفرقة الناجية، ورفض الحكم على فرقة إسلامية معينة بالهلاك أو بأنها الفرقة الناجية، بل وسع مفهوم الفرقة الناجية حتى شمل كل المُعْتَزِين إلى جملة الإسلام ظاهراً أو بحسب التحقيق اجتهاداً أو تقليداً، وهم الجماعة والسواد الأعظم، وأما المبتدعة فنزر قليل بالنسبة إليهم.
15 -
وقف مواقف شديدة من الفلسفة والفلاسفة وعلم المنطق، وعلم الكلام والمتكلمين، والتصوف والمتصوفة لاسيما الغلاة، إلا أن بعض هذه المواقف يبدو معتدلاً إلى حد ما إذا ما قورن بمواقف علماء آخرين من هذه العلوم وأهلها، ونظر إليه في سياق الظروف التاريخية التي شهدها المقبلي، والصراع الفكري والمذهبي الذي عاشه وتفاعل معه.
16 -
أحسن تقدير العقل، فوضعه في موضعه الطبيعي، ووقف منه موقفاً وسطا بين الإفراط والتفريط، فلم يبخسه مكانته التي رفعه الله إليها، ولا جاوز به الحد الذي حده له.
17 -
حظيت مسألة التحسين والتقبيح العقليين ومسألة الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى ومسألة الفعل الإنساني – بنصيب وافر من اهتمامه، وقد أثبت التحسين والتقبيح والحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى وأحكامه، وأثبت للإنسان في فعله قدرة مؤثرة فيه وإرادة له وعلماً به وباعثاً عليه.
18 -
أكد على أهمية الإمامة الكبرى، وذهب إلى أن السعي لنصب الإمام أو الخليفة كسائر التكاليف الشرعية المأمور بها، ورفض كثيراً من الشروط التي اشترطت في الإمام أو الخليفة؛ ورأى أن العبرة فيه بما يقوم به المقصود وهو تقويم أمر العامة دون منصب خاص أو شرط لا يعود على ما ذكر.
19 -
اهتم بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحض على القيام به بشروطه، ومارسه في حياته العملية وفق ضوابطه الشرعية.
20 -
حض على الالتزام بالضوابط الشرعية في مسألة الخروج على أهل الجور والفسق من الأئمة والأمراء، والصبر عليهم ما لم ير كفر بواح فيه من الله برهان، ومحاذرة الفُرْقَة والخلاف، وتحقيق الائتلاف بين المسلمين ما وجد إليه مدخل، وتقديم مصلحة الإسلام العامة على ما سواها.
21 -
حث على مخالطة العلماء للحكام والأمراء إذا انضبطت بالضوابط الشرعية وكانت تتسبب في حصول مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخَلُصَتْ تلك المصلحة عن المفسدة، فإن لم تنضبط تلك المخالطة بالضوابط الشرعية، أو عارض المصلحة التي تسببت في حصولها مفسدة، أو تولد عن تلك المصلحة مفسدة أخرى أعظم – حَرُمَتْ، وقد راعى المقبلي تلك الضوابط والشروط في مخالطته للحكام والأمراء على نحو ما مضى بيانه.
22 -
اتسمت مواقفه من القضايا السياسية التي ناقشها بالاعتدال والتوازن والواقعية إلى حد كبير؛ لخطورة تلك القضايا، ولما يترتب عليها من آثار جسيمة في حاضر الأمة ومستقبلها.
23 -
ظهر بالاستقراء أن الجهود التي بذلها المقبلي في الإصلاح والتجديد والتغيير كانت بفعل مؤثرات داخلية تمثلت في الأوضاع التي كان يعيشها المجتمع الإسلامي آنذاك من الضعف والجمود والتقليد التعصب الطائفي والمذهبي عقديا وفقهيا؛ إذ آمن بضرورة السعي الدؤوب المخلص لإصلاح تلك الأوضاع وتغييرها نحو الأفضل، حتى تنهض الأمة المسلمة، وتستعيد مجدها الغابر وعزها السليب، وتقوم بمهمة الاستخلاف، وتؤدي الدور الحضاري المنوط بها بين الأمم على أتم وجه.