الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرقية الشافية من نفثات سموم " النصائح الكافية لمن يتولى معاوية
"
المؤلف/ المشرف:
حسن بن علوي بن شهاب
المحقق/ المترجم:
سليمان بن صالح الخراشي
الناشر:
روافد - بيروت ̈الأولى
سنة الطبع:
1429هـ
تصنيف رئيس:
تراجم
تصنيف فرعي:
دفاع عن الرسول والصحابة
خاتمة: نسأل الله حسنها. إن من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى أن فاعل السيئات تسقط عنه عقوبة جهنم بنحو عشرة أسباب فإذا كان هذا الحكم عاما في جميع الأمة فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
" السبب الأول " التوبة، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة مقبولة من جميع الذنوب: الكفر، والفسوق، والعصيان قال الله تعالى {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ} (38) سورة الأنفال {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (11) سورة التوبة وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} (10) سورة البروج قال الحسن البصري: انظروا ع هذا الكرم والجود فتنوا أولياءه وعذبوهم بالنار ثم هو يدعوهم إلى التوبة. والآيات كثيرة في هذا.
وأما المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فكثير مشهور، وأصحابه صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل قرون الأمة فهم أعرف القرون بالله، وأقوم الناس بالتوبة في حياته وبعد مماته، فمن ذكر ما عيب عليهم ولم يذكر توبتهم التي رفع الله بها دراجتهم كان ظالما لهم كما جرى من بعضهم يوم الحديبية وقد تابوا منه؟
وبالجملة ليس علينا أن نعرف أن كل واحد تاب، ولكن نعلم أن التوبة مشروعة لكل عبد: للأنبياء ولمن دونهم. وفي الأثر: لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أعظم من الذنب وهو العجب. والتائب حبيب الله سواء كان شيخا أو شابا.
" السبب الثاني": الاستغفار، فإن الاستغفار هو طلب المغفرة وهو من جنس الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب ومأمور به لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب والاستغفار بدون التوبة لا يستلزم المغفرة ولكن هو سبب من الأسباب.
" السبب الثالث: الأعمال الصالحة، فإن الله يقول {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (114) سورة هود وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل يوصيه: " يا معاذ اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" [أخرجه أحمد (5/ 153) والترمذي (1987) وقال: حديث حسن صحيح]
" السبب الرابع ": الدعاء للمؤمنين فإن صلاة المسلمين على الميت ودعاءهم له من أسباب المغفرة، وكذلك دعاءهم، واستغفارهم في غير صلاة الجنازة، والصحابة رضوان الله عليهم ما زال المسلمون يدعون لهم.
" السبب الخامس" دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستغفاره في حياته وبعد مماته كشفاعته، فإنهم أخص الناس بدعائه وشفاعته في محياه ومماته.
" السبب السادس": ما يفعل بعد الموت من عمل صالح يهدى له، مثل من يتصدق عنه، ويحج عنه، ويصوم عنه. وفي الحديث:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" الحديث.
" السبب السابع": المصائب الدنيوية التي يكفر الله بها الخطايا، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم، ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"[أخرجه مسلم (2573)]. والصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يبتلون بالمصائب الخاصة، وابتلوا بمصائب مشتركة كالمصائب التي حصلت في الفتن، فهذه كلها مما يكفر الله بها ذنوب المؤمنين من غير الصحابة فكيف بالصحابة؟
" السبب الثامن" ما يبتلى به المؤمن في قبره من الضغطة وفتنة الملكين.
" السبب التاسع " ما يحصل له في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة.
" السبب العاشر" ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
فهذه الأسباب كلها لا تفوت من المؤمنين إلا القليل، فكيف بالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟ ثم هذا في الذنوب المحققة. فكيف بما يكذب عليهم؟ فكيف بما يجعل من سيئاتهم وهو من حسناتهم؟ وهذا كما ثبت في الصحيح أن رجلا أراد أن يطعن في سيدنا عثمان عن ابن عمر رضي الله عنه فقال: إنه قد فر يوم أحد، ولم يشهد بدرا، ولم يشهد بيعة الرضوان. فقال بان عمر: أما يوم أحد فقد عفى الله عنه وأذنب عندكم فمل تعفوا عنه، وأما يوم بدر فقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على ابنته وضرب له بسهمه، وأما بيعة الرضوان فإنما كانت بسبب عثمان فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مكة وبايع عنه بيده، ويد النبي خير من يد عثمان. فقد أجاب ابن عمر بأن ما تجعلونه عيبا ما كان عيبا فقد عفى الله عنه والباقي ليس بعيب بل هو من الحسنات. وهكذا عامة ما يعاب به الصحابة هو إما حسنة وإما معفو عنه.
رضي الله عنهم أجمعين، اللهم ارزقنا حبهم، واحفظنا من سبهم، ومن علينا بحقيقة الاحترام لهم. آمين.
وهذا ما يسر الله كتابته مع انشغال بال، والميسور لا يسقط بالمعسور، وأستغفر الله العظيم، وأسأله أن يتجاوز عني ما وقع فيه من خطإ وإني من المعترفين بالقصور، وأستغفره وأسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب، وأسأله سبحانه وتعالى أيتقبل هذا العمل مني بمحض جوده وفضله وأن ينفع به. آمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. آمين والحمد لله رب العالمين.
وقد صادف الفراغ من كتابته يوم الثلاثاء عشية يوم خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية عام ثمان وعشرين وثلثمائة وألف ببندر سنغافورة.
رحم الله من قرأ ودعا للذي كتب