الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب
المؤلف/ المشرف:
محمد بن عبدالله السلومي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مجلة البيان ̈الأولى
سنة الطبع:
1426هـ
تصنيف رئيس:
سياسة عالمية
تصنيف فرعي:
الإرهاب
هكذا يتضح حجم التحولات الكبيرة التي يعيش العالم بدايتها بعد 11/ 9/2001م والتي يراد فيها تقليص دور الشعوب والأمم والمجتمعات ومنظماتهم وحقوقهم في الحرية والكرامة والتعبير وذلك على أيدي بعض الزمر المتعصبة من رجال السياسة والدين والاقتصاد وتجار الحروب في أمريكا الجديدة وبوسائل متنوعة ودعاوى أو مزاعم متعددة معلنة وغير معلنة وكثير من تلك المزاعم والذرائع لا يمثل الحقيقة التي يراد لها أن تكون غائبة.
ورد في الإنجيل (يجب أن تعرف الحقيقة والحقيقة هي التي ستحررك) هذه حكمة إنجيل ((يوحنا)) مكتوبة في مدخل وكالة المخابرات الأمريكية في لانجلي / فرجينيا على أبواب واشنطن. ومن العدل قول الحقيقة عن حقيقة هذه القضية ولعلنا نلخص هنا من الحقيقة كنتائج كما فصلنا في ثنايا الدراسة:
أولا: أن القضية الكبرى في وقتنا الحاضر هي (الأمن العالمي) الذي هو مسؤولية الجميع حيث يمكن أكبر مصدر محتمل لعدم الاستقرار في كوكبنا اليوم فقدان الأمل واليأس اللذين يجلبهما الفقر إلى العديد من الأمم ومحاولة صرف العالم عن قضاياه الرئيسية والحقيقة يعتبر من مقوضات الأمن العالمي
…
حتى أن الرئيس الفرنسي ((شيراك)) دعا إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الفقر على غرار التحالف الدولي السابق لمكافحة الإرهاب في مؤتمر مونتيري وقال: ((إن ما هو ممكن ضد الإرهاب يمكن أن يكون ممكنا ضد الفقر
…
!!)) وقد دعا البنك الدولي إلى ما يجب فعله قائلا: ((إن تحسين الاستقرار في الدول الخارجية من النزاعات وفي الدول الفقيرة التي تعاني من اليأس والإحباط مهم الآن بقدر ما كان قبل (60) سنة عندما كان العالم يجاهد لكي يستعيد السلام ويجدد حياة الملايين من البشر فوجود مساندة أقوى عالميا لمكافحة الفقر هو الاستثمار الأفضل الذي يمكن أن يجعل العالم أكثر سلاما وأكثر أمنا لمستقبل أطفالنا)) ويقول: ((فالاستثمار في التنمية هو شيء خال من الأخطار ويجعل أمريكا والعالم أكثر أمنا ويزيد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي العالمي ويقلل من الإحباط الذي يمكن أن يقود إلى العنف)).
ويؤكد رئيس البنك الدولي على أن الحاجة إلى المنظمات غير الحكومية ومنها الإنسانية والإغاثية أصبحت تتأكد أكثر من قبل!! قائلا: ((خلال العقود الثلاثة المقبلة سينضم أكثر من ملياري نسمة إلى سكان الكوكب 97% منهم سيكونون في الأمم الأشد فقرا وسيولد الكثيرون لينشؤوا في الفقر وينظروا إلى العالم على أنه جائر وظالم وينشأ عدم الاستقرار غالبا في الأماكن التي يرى فيها السكان الشباب – المتزايدون بشكل سريع – أن الأمل هو: تهكم أكثر من كونه وعدا بحياة مستقرة .. ).
فهل يعي العالم ماذا تعني مصادرة أو تهميش أو إقفال أو تجميد الأعمال التنموية المساهمة في الوقاية والعلاج والتي تقوم بها مؤسسات القطاع الخيري الإسلامي كغيرها من المؤسسات العالمية الإغاثية؟
ثانيا: أن الأعمال الأمريكية غير القانونية تحت مسمى (الحرب على الإرهاب) وباسم إحلال الأمن أصبحت مقوضا من مقوضاته وقد أصبحت تلك الأعمال وقودا للحرب وغذاء للعنف ومبررا لبقاء واستمرار ظواهر الإرهاب من الأفراد والجماعات بل إن الإرهاب من الأفراد والجماعات له الاستمرار حسب هذه الرؤية لأن الواقع السياسي والهيمنة العسكرية الأمريكية والإرهاب الحكومي الدولي بنظرية الصراع الحضاري وصراع الأديان.
إن نظرة سريعة على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الصادر في أبريل (2004م) عن الهجمات ((الإرهابية)) من جهة النظر الأمريكية الرسمية تعطي دلالة واضحة على أن ضحايا الإرهاب رقم لا يذكر مقابل ضحايا المدنيين للحروب التي شنتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان على سبيل المثال لا الحصر فالتقرير المذكور الذي يرصد الهجمات وضحايا الإرهاب في عام 2003م يشير إلى وقوع (190) هجمة تصنفها كما أن القتلى من تلك الهجمات كانوا فقط (307) من الأشخاص عام 2003م مقابل (725) شخصا قتلوا عام 2002م وتعلق مجلة ((المجتمع)) الكويتية على هذه النقطة في التقرير قائلة: ولو وقعت المقارنة بين ضحايا الإرهاب الدولي كما جاء في تقرير الخارجية الأمريكية والضحايا الأبرياء المدنيين الذين قتلوا في الاعتداءات الأمريكية على العراق وأفغانستان لا تضح أن الإرهاب ليس تحديا أو مشكلة تهدد الأمن الدولي بقدر ما هي عارض تحاول الإدارة الأمريكية عولمته لتحقيق أطماع خاصة بها.
الكاتب الفرنسي (إيمانويل تود) – الذي توقع في وقت مبكر بانهيار الاتحاد السوفيتي وحطم كتابه (ما بعد الإمبراطورية – الأمريكية) الأرقام القياسية في المبيعات – يقول: ((الأرجح أن أمريكا لن تقتل تقليص آلهتها العسكرية ووقف نشطاتها الجيو – إستراتيجية فهي باتت متعددة على العالم اقتصاديا وهذا يتطلب حدا أدنى من الفوضى العالمية لتبرير وجودها السياسي العسكري في العالم القديم)) وتتساءل صحيفة ((الوسط السياسي)) قائلة: هل تفكيك الأمم المتحدة جزء ضروري من هذه الفوضى الضرورية لأمريكا؟
ثالثا: إن ما يعتبره البعض (الجهاد الأمريكي) العسكري والسياسي والاقتصادي هو الذي زرع الكراهية بل الحقد على أمريكا وذلك على مستوى معظم الدول والمؤسسات والشعوب حتى أصبحت معالجة تلك الآثار أمرا شاقا وقد يكون مستحيلا لأن تلك الكراهية صنعتها المبادئ الأمريكية الجديدة (الحرب الاستباقية) و (حرب الإرهاب) ولم تفعلها المؤسسات الخيرية الإسلامية أو المناهج الدينية الإسلامية – حسب المزاعم الأمريكية – التي قد تم إلصاق التهم بها وبأنها تنشر الكراهية ليكون تجميدها أو استبدالها أو إلغاؤها!! ولقد تحطمت طموحات العلماء والمفكرين من الشعب الأمريكي وغيرهم في أنحاء العالم في مطلع هذا القرن الجديد عن استقرار أفضل للعالم وحريات أوسع بل عن الحوار الحضاري والتواصل الثقافي والسياسي مع العالم الإسلامي وغيره نتيجة الحروب الاستباقية الأمريكية
رابعا: لقد أصبح معظم الشعب الأمريكي ضحية أخرى من ضحايا (الحرب على الإرهاب) حينما أفاق بعد صدمة الحادي عشر من سبتمبر ليجد أن الحدث كان نوعا من الانقلاب على الدستور الأمريكي ثم الدساتير العالمية حيث أن قوانين الحريات المدنية قد قلصت على حسابه وأن الديمقراطيات قد تم اختزالها في النمط السياسي الروتيني بين حزبين وأن المظاهرات والاعتراضات وصوت الرأي العام أصبح أقوى في الانتحاب منه في الانتخاب وخلال ذلك قامت الحرب الأمريكية في أفغانستان ثم العراق لتشكيل نزيفا اقتصاديا مستمرا بعشرات المليارات من الدولارات وعلى حساب رفاهية أو حقوق الشعب الأمريكي ومع هذا فإننا نعتقد أن الشعب الأمريكي يعتبر الإحصائيات الرسمية فقط التي أصدرها البنتاغون نهاية شهر فبراير عام 2005م مؤشرا على أنه وموارده المالية ورفاهيته وجيوشه وعائلاتهم ضحايا أخرى لتلك الحرب الجديدة فالإحصائيات تقول: (1500) عسكري أمريكي قتيل (11) ألف جريح منذ بداية الحرب على العراق وفوق هذا ليس هناك مهزوم أو منتصر داخل نفق مجهول النتائج لا سيما (أن الخيار العسكري أصبح يحقق عزلة أكبر للولايات المتحدة عن العالم) حسب تعبير الرئيس بوش في 4/ 3 /2005م
لقد عبر الكاتب أندروجي باشيفيتش عن نتائج حرب الإرهاب والحروب الاستباقية الأمريكية حينما قال في صحيفة ((لوس أنجل تايمز)): لم يعد هدف إدارة بوش اليوم تحقيق النصر ولكن همها الأكبر هو تخليص نفسها من مسؤولية شن حرب لا تستطيع وضع نهاية لها والجدل الذي يدور في دوائر الأمن القومي يتركز على كيفية تخليص أنفسنا قبل أن تتعرض قواتنا لأضرار لا يمكن إصلاحها .. فهل أصبح الجيش الأمريكي والشعب الأمريكي من الضحايا وفق هذا الواقع.
خامسا: إننا نعتقد أن مؤسسات العمل التطوعي الإسلامية خير مساهم في ضبط الأفراد وتجاوزاتهم وأمريكا تعلم ذلك حق العلم. فالمؤسسات خير مساهم في ترشيد إنفاق المال وفق قنواته المشروعة والواضحة كما أنها تؤصل حقوق البشرية في الأمن والسلامة (أرواحهم وأموالهم) في عالم تضطرب أقطابه كالبحار في مضارب الأعاصير – بما لديها من مبادئ وقيم إسلامية – وتعمل على حماية المجتمع من خلال دوافع الثواب والعقاب وتؤصل لإعطاء كل ذي حق حقه يإيجاد الضمائر الواعية والقلوب الرحيمة وسلبيات وأخطاء المؤسسات الخيرية الإسلامية ليست المعلنة بالآلة الإعلامية الدعائية الأمريكية حسب نتائج البحث والحملات عليها بسبب أنها منافس ديني (أيدولوجي) لحضارة الغرب ولاسيما في ميادين نشر الإسلام والقيم والمبادئ والأخلاقيات والثقافة الإسلامية.
إن قضية المنظمات غير الحكومية ومنها المؤسسات الخيرية العالمية بشكل عام تتعرض للتسييس وإضعاف استقلاليتها وفرض بعض الأندات الحكومية عليها كما أن المؤسسات الخيرية الإسلامية بشكل أخص تتعرض لنوع من الاضطهاد والحرب بدعوى دعمها للإرهاب ولكن البحث العلمي يؤكد أن هناك منظمات ومؤسسات أمريكية غير حكومية تستفيد من المناخ الرأسمالي والضرائب والتبرعات الأمريكية وتقوم بدعم حركات التمرد والإرهاب وإشعال الثورات في أنحاء متفرقة من العالم وقد تأكدت أكثر بحق المنظمات الأمريكية غير الحكومية العاملة تحت ستار دعم الديمقراطية أحيانا في دول جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا ولاسيما في أوكرانيا وقرقيزستان وجورجيا وكازاخستان حسب الكاتب بوكالة الاسوشيتد برس (ستيف قوترمان) وهذا كنموذج ومثال فقط وكما هو واقع المنظمات الأمريكية اليهودية وغير اليهودية في دعم إسرائيل ومنظماتها الإرهابية التي تقوم بشتى صنوف الإرهاب على الشعب الفلسطيني وذلك كما ورد في الفصل السادس من هذا الكتاب. وهذا الواقع المؤلم كله يتطلب لجنة أو لجان دولية مستقلة تستقصى من خلالها جميع وسائل التحريات والتحقيق للوصول إلى الحقيقة عن المنظمات الإسلامية وغير الإسلامية وقد تكون الأمم المتحدة المرشح الأول بحكم استقلاليتها المطلوبة ومرجعيتها ومسؤوليتها عن هذا النوع من العمل وقد يكون غيرها والمهم هو الإخلاص والمصداقية في فتح هذا الملف دوليا دون احتكاره لدولة واحدة وذلك لإغلاق أبواب الدعاوى والمزاعم والإثبات أو النفي بحق الجميع.
سادسا: إن كل هذه الضجة التي تثار على المؤسسات الخيرية الإسلامية عالميا والسعودية بشكل أخص انطلقت بحمى التعميم الأعمى ولا تستند إلا إلى واقعة واحدة وهي أن فرعين من إحدى هذه المؤسسات أغلقا بإجراء سياسي أمني على أنهم قد أقدموا على تصرف غير مرغوب فيه.
إن نتائج هذا البحث قد اتضحت في الفصول السابقة بشكل عام وفي الفصل الرابع والخامس بشكل خاص وتأكدت في الفصل الثالث حيث المرافعة العلمية لتقرير الكونجرس الذي خلا من ذكر أدلة أو وقائع محددة بالاتهام واتضحت النتائج بشكل أكثر في الفصل السابع حيث الدوافع والأهداف ومن خلال أقوال شخصيات غربية وأمريكية ليكتشف الباحث عن الحقيقة بإخلاص حقيقة تلك المزاعم. إن العقلاء في الحكومة ومن يمثل الشعب الأمريكي في مؤسساته عليهم أن يدركوا عواقب التعميم والمكارثية الجديدة وأن لا ينساقوا وراء اليمين والمتطرف واللوبي الصهيوني الذي يجر العالم إلى صراع الأديان والحضارات فإن التعميم توسيع للدوائر وبالتالي إشعال للفتيل ولعب بالنار مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة وإلى هذا أشار جيرولد بوست الأستاذ بجامعة جورج واشنطن مؤتمر مدريد الدولي لمكافحة الإرهاب قائلا: (عندما تتخلى الدولة عن المبادئ الأخلاقية تتضاعف احتمالات الإرهاب).
سابعا: إن هذه الدراسة وبقدر ما يظهر أنها دفاع عن المؤسسات الخيرية الإسلامية وبقدر ما ظهر من النتائج وأنها إدانة لتلك الدعاوى وتعرية لمركز القوى اليمينية المتطرفة في أمريكا التي تجر الشعب الأمريكي والعالم إلى صراع الحضارات – بقدر ذلك كله وبرغم أهميته – إلا أن هدفها الحقيقي والأسمى بعد نتائج البحث هو إطلاق صيحات تحذير قوية لما قد تنتهي إليه الأمور إن استمرت تلك السياسات الحمقاء فالبشرية مهددة في ازدهارها ونموها وأمنها بل في بقائها واستمراريتها إننا نتمنى أن نسمع الخوف على مستقبل البشرية وتعمل على إبقاء حرية التنافس والمنافسة والحيلولة دون الصراعات والحروب.
وأخيرا وأنا أرى الضحايا البريئة في الحرب على الإرهاب تزداد يوما بعد يوم وتتنوع بشكل يدعو للدهشة مخلفة المزيد من الفقر والجهل والمرض والموت والدمار بل إن هذه الحرب بدوافعها وأهدافها ووسائلها ونتائجها المرعبة قد تجاوزت كل الأعراف والقيم والحقوق الإنسانية بحق الشعب الأمريكي وشعوب ودول العالم وأنا أرى ذلك كله شعرت بدافع يدفعني إلى تأمل كلمة للرئيس الأمريكي بوش الابن وردت في خطابه للشعب عشية الحادي عشر من سبتمبر 2001م (نحن منارة الحرية الأسطع ضوءا والأعظم إشعاعا) وكيف يكون ذلك والواقع لا يصدق ذلك وقد وجدت أن كلام الله أصدق وأبلغ من أي كلام والمؤمنون في كل مكان يؤمنون بكلام الله حيث قال جل من قائل في القرآن الكريم: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)[الصف: 8].
(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض)[الرعد: 17]. فنور الحقيقة لن تطفئه القوة مهما بلغت لأن الحق أكبر من القوة بل هو القوة الحقيقية.