الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ الدولة الصفوية (في إيران)
المؤلف/ المشرف:
محمد سهيل طقوش
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار النفائس – بيروت ̈الأولى
سنة الطبع:
1430هـ
تصنيف رئيس:
تاريخ
تصنيف فرعي:
إيران
الخاتمة:
أخذت إيران الصفوية في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي بالتراجع، بعد العصر الزاهي والمزدهر الذي شهدته في القرن السابع عشر الميلادي، استطاعت خلاله الأسرة الصفوية أن تعيد إلى البلاد وحدتها السياسية والدينية المذهبية، كما أخذت بأسباب التجدد والاقتباس من الغرب الأوروبي، إلا أن الدولة الصفوية لم تلبث أن أخذت تفقد قواها تدريجاً بانغماس ملوكها بالفساد، ما أدى إلى ازدياد عوامل الانحلال، وطمع فيها جيرانها. وكان الأفغان المتوثبين أول من بادر بشق عصا الطاعة بعد أن كانوا قد غلبوا على أمرهم على يد مؤسس الدولة الصفوية ودخلوا في طاعته، وأخذت، إذ ذاك، قبائل البدو المجاورة لإيران تنقض عليها من كل صوب. فغزا الأوزبك بقيادة أمير بخارى، خراسان، ورنا الروس القابعون في استراخان ببصرهم إلى الطرق التجارية بين الهند وأوروبا عبر كابل وهراة ومشهد وطهران وتبريز والتي تتوجه شمالاً إلى أرضروم وطرابزون، وجنوباً إلى ديار بكر وحلب والإسكندرون، وما لبثوا أن احتلوا تباعاً دربند (1134هـ/ 1722م) وباكو في السنة التالية، وسيطروا على الضفة الجنوبية لبحر قزوين، وداغتسان، وجيلان، ومازندران، وأستر آباد وذلك بموجب معاهدة بطرسبورغ. واغتنم العثمانيون الفرصة السانحة ليثأروا لأنفسهم عما لحق بهم في الماضي من عسف، فسيطروا على أرمينيا والعراق وأذربيجان. وراح الأمير أشرف الذي خلف مير محمود في حكم إيران، والذي ربطته بالعثمانيين وحدة المذهب، يتقرب من هؤلاء، فاعترف بفتوحهم، وأعلن ولاءه للسلطان العثماني في إستانبول، وتعهد له باستئصال شأفة الشيعة من إيران، ويدل ذلك على أن الدولة الصفوية التي أعطت إيران فرديتها المتميزة، أشرفت على نهايتها، إلا أنها وجدت خلاصها مؤقتاً، على يد زعيم بدوي تركي العرق كان يعيش في خراسان يدعى نادر خان، وقد تغلب على الأفغان، وأعاد وحدة البلاد واعترف بحكم الشاه طهماسب الثاني في عام (1142هـ/ 1730م). وكان الشاه بخاصة والإيرانيون بعامة يتوقعون منه أن يعيد الدولة الصفوية إلى سابق مجدها، لذا بادر بالهجوم، فاستعاد خراسان وهراة من الأفغان، وأجبر العثمانيين على التخلي عن العراق والانسحاب من أذربيجان وإيروان وقارص، وما استولوا عليه من قلاع في القوقاز. وبموجب معاهدة إستانبول المعقودة في عام (1150هـ/ 1737م) عادت إلى البلاد الولايات التي كانت لها من قبل، وضمنت لإيران الإشراف على أرمينيا الشرقية، وبسط حمايتها على بلاد الكرج. واضطر الروس إلى إخلاء الأراضي الشاسعة التي وقعت في أيديهم في شمالي إيران من قبل، ولكن نادر خان تمكن في عام (1148هـ/ 1736م) من خلع آخر ملوك الدولة الصفوية، ونودي به ملكاً في احتفا مهيب في سهول موقان، فنقل عاصمته إلى مشهد بحيث يتمكن من مراقبة حدود بلاده والدفاع عنها من عبث جيرانها. وفي عام (1149هـ/ 1737م) توجه على رأس جيشه إلى أفغانستان، فاستولى على قندهار وغزنة وكابل، وأخضع لسلطانه كل القبائل، ففتحت أمامه مداخل الهند، فاجتاز نهر الهندوس ودخل مدينة لاهور، وتغلب على الجيش المغولي بقيادة السلطان محمود في كرنال ودخل مدينة دلهي، ثم أعاد الحكم لهذا السلطان وتوجه إلى التركستان، فأجبر حاكم بخارى على دفع جزية فادحة، واستبدل خاناً بآخر ممن اعترفوا بالولاء له، ثم فكر في إدخال الحضارة الأوروبية إلى إيران، بعد أن خيم السلام في ربوعها، إلا أن القدر لم يمهله، فقتل في عام (1160هـ/ 1747م) على يد أحد أبناء عشيرته، ويعد من شاهات إيران العظام.
وتنافس خلفاء نادر شاه على الحكم، فدب الفساد في دولته، صحيح أنه ليس من بين خلفائه من يصلح مقارنته به، كما أن اختلاف السكان وتباين العناصر في تلك البلاد لم يكن من شأنه أن يسهل مهمة هؤلاء الملوك، والمعروف أنه اندمجت في إيران، وانضمت إليها، عروق جديدة كالعرب في لورستان، وبعض عناصر العرق الأصفر من المغول والتتار والأتراك. وهكذا بدت إيران خليطاً من القبائل والأقوام، واقتصر حكم ورثة نادر شاه على خراسان، واحتفظوا بمشهد عاصمة لهم، ونجح الأفغان في استعادة استقلالهم، وشكل التركمان الذين خرج منهم معظم قادة الدولة الصفوية؛ جماعات عسكرية سيطرت على الولايات الواقعة إلى الشمال والممتدة من أرمينيا إلى أفغانستان، وكانت أصفهان وأستر آباد وقندهار من حواضرهم الكبرى.
وحاول زعمان قبائل البختيار والزند إقامة سلطة الإيرانيين في الجنوب والغرب، فقامت في البلاد دولة وطنية قومية هي دولة الزند بزعامة كريم خان وانتزع هذا أصفهان وأذربيجان ومازندران من أيدي القوزاق الأتراك التابعين لروسيا، فحقق بذلك وحدة إيران الغربية الممتدة من شواطئ بحر قزوين حتى مشارف الخليج العربي واتخذ شيراز عاصمة له.
وما حدث بعد وفاة كريم خان في عام (1193هـ/ 1779م) من نزاعات أسرية حول العرش لم تكن قاصرة على الأسرة الزندية، بل اشتركت فيها أسرة قاجار التركمانية الخصم العنيد للأسرة الزندية، ونجح آغا محمد القاجاري من انتزاع السلطة من أيدي الزنديين وتخلص من منافسيه وأضحى أقوى رجل في إيران، وتوج نفسه شاهاً على البلاد قبل أن يلقى حتفه في عام (1212هـ/ 1797م) مقتولاً.
استمرت الأسرة القاجارية في الحكم حتى أسقطها انقلاب رضا بهلوي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتحديداً في (شوال 1344هـ/ نيسان 1926م) في ظل آخر ملوكها أحمد القاجاري.