الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات
المؤلف/ المشرف:
أحمد بن عبدالرحمن بن عثمان القاضي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار العاصمة - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1416هـ
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
أسماء وصفات - تأويل وتفويض وتعطيل
الخاتمة
بعد هذا التطواف التاريخي والمناقشة لمذهب أهل التفويض في نصوص الصفات يمكن أن نلخص أهم نتائج البحث في النقاط التالية:
1 -
سلامة الأمة الإسلامية من الانحراف في باب الإيمان بالله – تعالى – وأسمائه وصفاته طوال القرن الهجري الأول، وتلقي النصوص بالقبول والتسليم والفهم والتعظيم.
2 -
سلامة الأمة الإسلامية من مقالة التفويض طوال القرون الثلاثة الفاضلة وعدم ظهور هذه المقالة رغم ظهور الاتجاهات المنحرفة الأخرى كالتمثيل والتعطيل.
3 -
التفويض بالمعنى الأعم عند الفرق – موافق لدلالته اللغوية بمعنى الرد إلى الشيء والتحكيم فيه والتوكيل. والتفويض في باب أسماء الله وصفاته، الحكم بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة، لا يعلمها إلا الله وحده.
4 -
القائلون بالتفويض صنفان:
أ – صنف يزعمون أن ظاهر نصوص الصفات تقتضي التمثيل، فيحكمون بأن المراد بها خلاف ظاهرها. ثم لا يعينون المراد.
ب – صنف يقولون: تجرى على ظاهرها. ولها تأويل لا يعلمه إلا الله خلاف الظاهر منها وهؤلاء متناقضون.
5 -
ظهرت بوادر التفويض في مطلع القرن الرابع الهجري، لأسباب أبرزها:
أ – الفهم الخاطئ لمذهب السلف، وهو إثبات المعنى وتفويض الكيفية. فظنوا أن مذهبهم تفويض الأمرين.
ب – الأصول العقلية المستمدة من الفلسفة اليونانية التي أخذ بها أهل الكلام مثل شبهة نفي حلول الحوادث، وشبهة التركيب ونفي الجسمية والتحيز والجهة.
جـ - دعوى الخوف على عقائد العوام.
6 -
ساعد على تطور مقالة التفويض وانتشارها ما يلي:
أ – بروز تقسيم أهل السنة إلى قسمين: متقدمين، ومتأخرين لكل قسم طريقة.
ب – وقوع مقالة التفويض في كلام بعض المشهورين برواية الحديث كالخطابي والبيهقي وأبي يعلى مما أدى إلى نشرها والاطمئنان إليها.
جـ - انحياز علم من أعلام التأويل – التحريف – المتبوعين: أبي المعالي الجويني إلى مذهب التفويض في آخر عمره.
د – الفتيا بوجوب التزام العامة بمذهب التفويض، وأنه لا يسعهم إلا ذلك.
هـ - استفاضة نسبة التفويض إلى السلف وتقريره في كتب الملل والمقالات عند المتأخرين.
7 -
تغلغل مذهب التفويض منسوباً إلى السلف عند مختلف فئات الأمة من المتأخرين من متكلمين في العقائد ومفسرين وغيرهم وامتد هذا الأثر إلى الكتاب المعاصرين.
8 -
عمدة أهل التفويض في استدلالهم بالقرآن الوقف على قوله (وما يعلم تأويله إلا هو) في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} .
وقد بنوا شبهتهم على مقدمتين:
أ – آيات الصفات من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله.
ب – التأويل المذكور في الآية هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر والنتيجة: لآيات الصفات معنى يخالف الظاهر لا يعلمه إلى الله.
وقد غلطوا في المقدمتين:
أ – فآيات الصفات من المحكم معناه، المتشابه في كيفيته وحقيقته.
ب – التأويل المذكور في الآية – على قراءة الوقف – هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام فإن كان خيراً فهو عين المخبر به في الخارج وإن كان طلباً: فهو نفس الفعل المأمور به.
أما على قراءة الوصل فالتأويل بمعنى التفسير الذي يعلمه الراسخون في العلم وهو معاني الألفاظ في اللغة.
وليس التأويل على القراءتين هو اصطلاح المتكلمين الذي أراد المفوضة نفيه.
9 -
براءة السلف من وصمة التفويض، وأن ما يحتج به المفوضة من عبارات السلف حجة عليهم لا لهم. والمنقول عن السلف في الإثبات المجمل والمفصل متنوع، صريح صحيح لا حصر له.
10 -
التفويض الذي يقره السلف نوعان:
أ – تفويض الكيفية.
ب – التفويض الخاص في نص معين من شخصٍ معين في زمن معين.
11 -
فقدان مذهب التفويض لمزية (السلامة) المزعومة وأنه إلى الخطر والهلكة أقرب لما يتضمنه من الحيرة والجهل. والسلامة تحصل حقاً بمنهج الإثبات مع التنزيه – مذهب السلف – المتضمن للعلم والحكمة.
12 -
العقل غير محجور عن النظر في باب أسماء الله وصفاته، بل هو أداة للفهم والتدبر لمعانيها، والتفكر في آثارها ومقتضياتها، ونصب الأدلة العقلية الصحيحة على إثباتها وإبطال الأقيسة العقلية الخاطئة.
13 -
يلزم على مذهب التفويض لوازم باطلة لا محيد عنها، من القدح في حكمة الرب تبارك وتعالى، والوقوع في تعطيل دلالة النصوص، وسد باب التدبر والتفكر، والطعن في بيان القرآن، وتجهيل الأنبياء والسابقين الأولين من الصحابة والتابعين وسلف الأمة ومخالفة طريقهم. وفساد اللازم دليل على فساد الملزوم.
14 -
مذهب التفويض مصادم للأدلة السمعية القاضية بوجوب التدبر والتعقل الواصفة للنصوص بالبيان والتيسير، والذامة لمن لا يفهم وكان حظه مجرد السماع.
15 -
مذهب التفويض مصادم للأدلة العقلية القاضية باستحالة إهمال النبي صلى الله عليه وسلم تعليم أمته أسماء الله وصفاته، والمانعة لتأخير البيان عن وقت الحاجة، كما أن مذهب التفويض متناقض. والتناقض دليل الفساد.
16 -
أثر الاتجاه التفويضي بصورة مباشرة أو غير مباشرة على انحسار مذهب السلف، لنسبته إليه، وتهوين قيمة النص الشرعي في النفوس مما حفز أهل التحريف على طرح آرائهم، وقد امتد هذا التأثير إلى أسلوب التربية في الدعوة الإسلامية المعاصرة.
ومن التوصيات المهمة لمعالجة هذا الانحراف ما يلي:
1 -
التوعية العامة لجمهور المسلمين في تحقيق الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، وعرض العقيدة السلفية عرضاً واضحاً بعيداً عن التعقيدات الكلامية.
2 -
تصنيف الكتب والرسائل في هذه القضية، وبيان وجه الحق فيها.
3 -
التواصل بين الجامعات ذات الخط السلفي، والجامعات والمؤسسات العلمية الأخرى على مستوى الكليات والأقسام المختصة بالعقيدة بغية توضيح هذا الجانب وتصحيحه عبر الزيارات المتبادلة واللقاءات العلمية والتبادل الثقافي.
4 -
الحرص على إخراج تراث السلف وآثارهم، وتحقيقه ونشره، لأن ذلك من أقوى الأسباب الداعية إلى فهم العقيدة، وقطع الطريق على المبلسين.
هذا والله المسؤول أن يصلح آخر هذه الأمة كما أصلح أولها، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، وأن يهب لنا من لدنه رشداً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورنبيه محمد وآله وصحبه أجمعين.